”نساء الأنقاض”.. نساء شمّرن سواعدهن لإنهاء دمار الحرب
الأكثر مشاهدة
المرأة التى تتحمّل ألم خروج كائن آخر من بين أحشائها، ثم ترحب به بابتسامة حمد على وصوله سالمًا، هى بالطبع قادرة على تحمل أي شئ آخر، حتى ولو كان هذا الشئ إعادة بناء دولة تحوّلت إلى حطام.
عام 1945 تحديدًا عقب انتهاء الحرب العالميّة الثانية، كانت ألمانيا وشعبها أحد ضحايا تلك الحرب البشعة، فقد تحولت ألمانيا إلى أرض مدمرة، وتحوّل سكانها إلى مشردين دون مأوى، وبعد أن وصلت مساحة الدمار إلى 400 مليون متر مكعب من الأنقاض، كان احتمال نهوضها من جديد أمر مستحيل، لكن من قال أن النساء غير قادرات على تحقيق المستحيل؟
فى ظل هذا الظلام وقفت "لويزا شرودر" الناشطة السياسية فى الحزب الاشتراكى، حاملة شعلة أمل، تبث الحماس في نفوس النساء الألمانيّات، الناجيات من الموت، ولكن بجروح فى نفوسهن بعد تعرضهنّ لأبشع طرق الإهانات بالاغتصاب، وقتل رجالهن أمام أعينهن، ورغم كل هذا الألم أجابوا نداء "لويزا" الناجية هي الأخرى من حوادث الاغتصاب.
بعد أن وصل عدد القتلى من الرجال إلى حوالي 5 مليون رجلًا، وغيرهم من الأسرى والجرحى، أصبح هناك نقص شاسع في أعداد المواطنين الألمان من الرجال، وذلك كان أحد أسباب قيام "لويزا" بإنشاء حركة "نساء الأنقاض" التى هدفت إلى تخليص شوارع ألمانيا من الحطام الذي خلّفته الحرب.
من برلين كانت انطلاقة حملة "نساء الأنقاض" والتى انضمت لها أكثر من 80 ألف امرأة من كافة أنحاء ألمانيا، 80 ألف امرأة ألمانيّة إما مريضة، أو ثكلى، أو أرملة، أو يتيمة.. وقفن غير مباليات بأحزانهن، وقررن إعادة بناء ألمانيا من جديد.
باستخدام معدّات بدائيّة قامت المشاركات في حركة "نساء الأنقاض" في خلال 9 أشهر بتحطيم ما يقرب من 18 مليون مبنى، وإعادتهم إلى 750 ألف متر مكعب من التراب، ثم تكويمها على هيئة جبال من الأتربة في كل أنحاء ألمانيا، ولا تزال بعض هذه الجبال موجودة في ألمانيا حتى الآن.
خلّدت ألمانيا ذكرى شجاعتهن بإقامة النصب التذكارية في شوارع ألمانيا، لتشهد على بطولتهنّ التي كانت السبب في رد الحياة إلى شريان ألمانيا، بعد أن قطعته الحروب.
الكاتب
أمينة صلاح الدين
الأحد ١٠ ديسمبر ٢٠١٧
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا