”سما رامي” أيقونة تغيير الصورة النمطية لـ”متلازمة داون”
الأكثر مشاهدة
فتاة يغلب على ملامحها الطابع الملائكي، تجمع بين أكثر من موهبة منذ نعومة الأظافر، تترك الأذى اليومي الذي تتعرض له خلف ظهرها، مركزة على تحقيق أهدافها، لم تقف مكتوفة الأيدي أمام الصورة النمطية السائدة عن متلازمة داون، بل تصححها من خلال صفحتها الرسمية على الفيسبوك التي تحمل اسم "سما رامي".
في صباح يوم 16 يوليو 2001 ولدت "سما رامي"، استقبلتها والدتها بفرحة الطفلة البكر "كانت نازلة جميلة بشكل مش طبيعي"، وبعد مرور أسبوعين على ولادة الطفلة لاحظت الأم تحليل مأخوذ من ذراع طفلتها، وبدأت تتحرى عن السبب وراء ذلك.
صمم الوالد على إخفاء خبر إصابة الطفلة بمتلازمة داون على الوالدة، بينما عرفت السيدة سوزان البالغة من العمر آنذاك 22 عامًا، واستقبلت الخبر بالصدمة في بداية الأمر وبعد ذلك، بدأت رحلة الذهاب إلى الأطباء، وصدمت من أول تشخيص قيل لها "الداون ساندرم دول زي حتة القماشة مش هتحس بحاجه توكلي على الله وهاتي غيرها".
وقف القدر بجانب الطفلة ووالدتها، بمقابلة الدكتورة نجوي عبد المجيد ،أستاذ الوارثة البشرية بقسم بحوث الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة بالمركز القومي للبحوث، ونصحتها بالتعامل مع الطفلة بشكل طبيعي لأنها لا تختلف في شيء عن قريناتها، ومن ثم بدأت الأم في برنامج التدخل المبكر بعد ولادة الطفلة بـ 40 يومًا.
بعد مرور ثلاثة أشهر من عمر الطفلة، لاحظت والدة سما تعرضها لنوبات مرضية مستمرة دون سبب واضح، وبعد الذهاب إلى المتخصصين، وجد أن الطفلة تحتاج إلى جراحة قلب مفتوح على الفور، وأجرت العملية ومارست بعدها الطفلة الحياة بشكل طبيعي "خرجت من العملية كويسة جدا".
وبدأت تنمية المهارات، وأنجبت طفلها الثاني "من أحسن الحاجات اللي حصلت لأن سما كانت بتقلد أخوها وكانت بتتعلم منه كل حاجة".
اتخذت الوالدة طريق مغاير، وأدخلت الطفلة حضانة ومدارس عادية بدلا من مدارس التربية الفكرية، وبنبرة صوت يغلب عليها الرضا ذكرت السيدة سوزان دعواتها الدائمة التي اتكأت عليها في تربية سما "يارب مش عايزة حاجة منك غير أنها تفهمني"، وانتقلت بالحديث عن الأفعال التي تصدر من المحيطين بها وتسبب الأذي لطفلتها من قبيل نظرات اللوم والعطف من الجيران "نظرة حد من قريبك بيتباهى بابنه شوفي أنتي جايبة إيه وأنا جايبة ايه".
رغم ما تتعرض له الطفلة نتاج الجهل المجتمعي بمتلازمة داون، تفوقت دراسيًا بالاعتماد على نفسها "لما كان الموجه بييجي كانت سما هي اللي بتقوم تجاوب وجابت الدراجات النهائية"، وخلال المرحلة الإعدادية حملت الرياح ما لا تشتهيه نفس سما، وأصيبت فيروس التهاب الكبد C "سما أخدت 52 حقنة إنترفيرون".
ونتيجة حقن الكورتيزون زاد وزنها 20 كجم ووصلت إلى 75 كجم، لم تستسلم سما وكتبت على صفحتها على الفيسبوك "كنت تخينة وكان وزني أكتر من 20 كيلو، مكنتش راضية عن نفسي خالص، وكنت دايمًا أتمنى أتخلص من الوزن الزيادة اللي كان عندي، وقررت بيوم أني أعمل دايت وأخس وبقيت أشرب قبل ما أنام كل يوم ميه مع عصير ليمون"، وبعد مرور شهرين فقدت الفتاة 20 كجم من وزنها بالاعتماد التام على نفسها دون الذهاب إلى طبيب.
تزامنا مع التفوق الدراسي تمتلك الفتاة، التي تبلغ من العمر 17 عامًا، مواهب متعددة منها السباحة وكرة السلة، بينما تفضل بشدة الغناء وفن الباليه وتمارسهم بشكل مستمر، والتحقت بالقسم الحر بالمعهد العالي للباليه في شهر سبتمبر الماضي.
ركزت السيدة سوزان خلال حديثها مع "احكي" على قدرة الأطفال من ذوي متلازمة داون على التفوق في مناحي الحياة كافة، ونصحت الأمهات بعدم الخوف واستمرارهم الدائم على تنمية قدراتهم، ملقية اللوم على الدولة التي لا تمنح أدنى اهتمام لأطفال متلازمة داون، كما انتقدت الصورة النمطية المتكونة لدى المجتمع عن مصابي متلازمة داون "لسه بيقولوا عليهم منغوليين".
مستشهدة بالرسالة المصورة التي أرسلتها سما إلى وزير التربية والتعليم "طارق شوقي"، قائلة فيها: "إحنا طبيعيين وكويسين وبنعرف نفكر، وأنا بأتعلم حلو وبأغني وكمان في معهد الباليه للتعليم الحر، فأرجو صوتي يوصل لمعاليك، لاتخاذ خطوات سريعة لتغيير المنهج وبالتالي تغيير نظرة مجتمع بيدرس أننا بلهاء وعُبط."
ونتيجة لذلك استجاب وزير التربية والتعليم لشكوى الطالبة بالصف الثاني الثانوي وحذف كلمة "البله المغولي" من كتاب الأحياء بالصف الأول الثانوي.
الكاتب
سمر حسن
الأربعاء ٢٤ يناير ٢٠١٨
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا