14 فنانة يعدن الحياة لجدران حديقة الحيوان
الأكثر مشاهدة
في مشهد غير مألوف للمارة أمام سور حديقة حيوان الجيزة، وتزامنًا مع الإقبال الشديد للزوار في إجازة نصف العام الدراسي، عسكر 14 طالبة من كلية التربية الفنية جامعة حلوان؛ لتجميل جدران الجنينة وتحوليها للوحات فنية تسرُ الناظرين، تواصل (احكي) مع الطالبات للتعرف على كواليس عملهن.
الفكرة
في إحدى زيارات الطالبة "هبة محمد" لجدتها تطرقت لإزمة اختيار فكرة مشروع تخرجها من كلية التربية الفنية، فاقترحت عليها الجدة تزيين جدران حديقة حيوان الجيزة، لسببين إحداهما شخصي، فخالتها من ذوي الاحتياجات الخاصة، ومعتادة على زيارة حديقة الحيوان "جدتي بتحب حديقة الحيوانات عشان خالتي من ذوي الاحتياجحات الخاصة ودايما بتروحها"، والآخر لكون المكان ذو إقبال شديد من قبل فئة الأطفال.
عرضت الطالبة بقسم شعبة التثقيف بالفن الفكرة على باقي فريق العمل والمشرفة، وكان التردد حول الفكرة هو رد الفعل الأول "البنات كانت خايفة من المضايقات اللي ممكن نتعرضلها"، وحسمت المشرفة على المشروع الدكتورة "تغريد يحيي" الأمر بالاتفاق على الفكرة عقب ذهاب "هبة" في بداية شهر أكتوبر2017 إلى إدارة الحديقة، والحصول على الموافقة من قبل اللواء محمد رجائي ،رئيس حدائق الحيوان، والعميد رشاد رحيم رئيس الإدارة المركزية لحدائق الحيوان.
رحبت إدارة الحديقة بالفكرة "إحنا ممكن نساعدكم بكل حاجة"، وتكفلت الإدارة بكافة نفقات المشروع عقب الانتهاء من اللوحة الأولى "جدارية الشمبانزي" التي استمر العمل عليها من قبل الفتيات الـ14 لمدة 12 يوما متفرقين.
كانت سمة التعاون السائدة بين الطالبات، فقالت هبة: "كل بنت في الفريق ليها ميزة وكلنا بنكمل بعض اللي شاطر في حاجة بيعملها"، فتم اختيار تصميم الجدارية الأولى، نتيجة البحث عن صور مختلفة تبرز جمال السور لحيوانات مختلفة "حبينا نعمل حاجة تستمر مع الزمن".
الموقع
ظلت إحدى طالبات المشروع "سمر القماحي" تفكر في اختيار المكان المناسب داخل الحديقة لتنفيذ الفكرة، والذي يتميز بالإقبال الشديد، فتم الاستقرار على المكان الخلفي لـباب الرحلات "الباب دا بيدخل منه أكبر عدد من الزائرين وخاصة تلاميذ المدارس والجامعات والجمعيات الخيرية".
استقبلت "سمر" الانتقادات الأولى؛ نظرا لكونها الفتاة الأولى التي تستخدم "السقالة الخشبية" للوصول إلى أعلى الجدارية الأولى أمام "بيت القرود"، التي استمر العمل عليها من العاشرة صباحًا حتى السابعة مساءًا، خلال الشهر الدراسي الأولى "كانوا بيقولولي الله ينور يا أُسطه".
شرحت الفتاة التي تبلغ من العمر 22 عامًا أن هذا المشروع ضمن مادة التدريب العملي والميداني لفن التصوير الجداري، الذي يعود إلى سنوات ما قبل الميلاد "الفن دا من أيام الفراعنة"، وكانت الجدارية الثانية التي قامت بتنفيذها بشكل كامل، تحتوي على مشهد الغروب في الخلفية إلى جانب الأشجار والحيوانات على مساحة -7 متر طول في 8 متر عرض-، وكان تهدف من خلال هذه الجدراية، التي أخذت عمل 10 أيام بداية من التصوير حتى خروج اللوحة إلى النور، إبراز الاختلاف وجذب الانتباه.
"أنتي أحسن من رجالة كتير" عبرت الفتاة التي تميل إلى فنان الانطباعية "فان جوخ" وفنان المدرسة السيريالية "سلفادرو دالي" بهذه الكلمات لتعكس فرحتها العارمة بما نفذته، متمنية أن تكون قبلتها القادمة نجوع وكفور صعيد مصر من أجل تزيينها "صعيد مصر التراث بتاعنا كله بينتمي لصعيد مصر".
الجداريات الثمان بداية الإنطلاق
لم تكن حديقة الحيوان المكان الأول لفتيات المشروع، بل قررن خلال تدريب نفس المادة الميدانية العام الماضي الذهاب إلى مستشفى 57357 لإدخال البهجة لنفوس الأطفال، وتخفيف عبأ المرض بالفن، وإنطلاقا من ذلك لفتت الطالبة "إسراء الشيمي"، أن الاختيار كان بين النوادي والمصالح الحكومية، ولكن تم الاستقرار في نهاية المطاف على تجميل حديقة الحيوان بتقنية التصوير الجداري بنفس فريق عمل العام الماضي، مثنية على توفير عامل الأمان من قبل إدارة الحديقة "وفرلنا كل الخامات اللي إحنا عايزينها".
وفيما يتعلق بعدد جدريات المشروع، وضحت "إسراء" أنهن انجزن ثمان جداريات جميعهم خلف باب الرحلات رقم 5 تحمل الحيوانات المختلفة مثل (الفيل والغزالة والزرافة) "أول ما تدخلي من بوابة 5 هتلاقيهم، وممكن تشوفيهم كمان من برا الجنينة"، لافتة إلى أن الجداريات الأخيرة أخذت وقت كبير "فضلنا نشتغل طول فترة الإجازة".
"أكتر تعليق بحبه، لما أب بيقول لبنته يارب أشوفك زيها"، عبرت الفتاة التي تريد أن تجمل مجمع التحرير بفخر عن عملها، لافتة إلى أن الفن أصبح له دور أساسي في المجتمع المصري، بخلاف دوره السابق المرتكز على المعارض الفنية "الفن مبقاش مجرد لوح في معارض".
التعاون..الروح السائدة
لخصت المشرفة على المشروع الدكتورة "تغريد يحيي" خطوات العمل في اختيار مكان التنفيذ حسب رغبة الطالبات، مع الحرص على ملائمة المكان لقواعد العمل، ثم تم بدء العمل بجلسات النقاش حول اختيار التصميم المناسب لكل جدارية، ومن ثم توزيع المهام على فريق العمل حسب المهارات المتوفرة لدى كل فتاة "كلهم عندهم روح التعاون والجماعة".
أيدت المشرفة بشدة على فكرة اختيار "باب المدبح" كمرحلة أولى للمشروع "المكان كان سئ جدا قبل الجدريات"، مبينة أن مكان الجدريات لا يتم اختيارها بشكل عشوائي، بل لابد من توافر مجموعة من المعايير اللازمة لإتمام العمل الفني منها المساحة والعوامل الطبيعية.
وعن الخطوة القادمة، بينت الدكتورة التي اثنت على فريق العمل الذي يتسم بروح التعاون والمسئولية، بأن نهاية مارس هو موعد ختام المشروع، متمنية إنجاز عدد أكبر من الجدريات بإدخال عناصر جديدة "البنات زعلانين أنهم في سنة 5 ومش هيعرفوا يكلموا".
الكاتب
سمر حسن
الثلاثاء ٠٦ فبراير ٢٠١٨
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا