ما بين” الفضة أحلى” و ”الدهب أغلى” تعيش جوازات وتموت أخري !
الأكثر مشاهدة
يضع المجتمع على كاهل أفراده الكثير من العادات والتقاليد، التي تتحول إلى موروثات عبر الأجيال، وعليهم الالتزام بها، ومن يغرد خارج السرب، ويتمرد على تلك العادات، يتم جلده بالسوط المجتمعي، ويبدأ التصارع بين المفروض والواجب، وبين ما يريده ويتقبله العقل والمنطق، وتعتبر "شبكة العروسة" من تلك العادات، وبعد أزمة ارتفاع أسعار الذهب، خلال الفترة الأخيرة، ووصول سعر جرام الذهب عيار "18" إلى 380 جنيهاً، وعيار 21 إلى 450 جنيهاً، وعيار 24 بقيمة 510 جنيهاً، أصبح يشكل شراء "شبكة ذهب" عبء كبير على كاهل الشباب المقدمين على الزواج، بل من الممكن أن تقف "شبكة العروس" حائط سد أمام "إتمام الزواج".
(شيرفوبيا) تطلق حملة " مش عاوزة شبكة دهب الفضة أحلى"
ولمواجهة الارتفاع الجنوني لأسعار الذهب، دشنت صفحة (شيرفوبيا) حملة " مش عاوزة شبكة دهب الفضة أحلى" ووصل عدد المهتمين باللإفنت 82 ألف، ولكن أثارت تلك الحملة الكثير من الجدل بين معسكري التأييد والرفض.
وتواصل موقع "احكي" مع "أدمن" الصفحة التي دشنت الإفنت، وقال أن الفكرة تولدت من رحم المعاناة التي يعيشها الشباب، في توفير نفقات الزواج وتأتي الشبكة لتزيد حمل الشباب بل تصل إلى حد أنها تكون السبب الرئيس لعدم إتمام الزواج، والذهب يرتفع والبني آدم بيقل، و"الشبكة" ما هي إلا عادات وتقاليد "تافهة" بتبوظ قصص كثيرة، والذهب عمره ما يضمن البنت وحقوقها.
وأكد على أن التمسك بالشبكة الذهب ما هي إلا مظاهر اجتماعية، وهم لا يحاربون الذهب في حد ذاته بل يحاربون التمسك بالعادات التي تعيق الحياة والسعادة.
وفيما يتعلق بنتائج الحملة، وضح "الأدمن" أن ردود الأفعال كانت مميزة جداً، ونتج عنه حماس كبير، بل وصلت إلى حد تطبيقها على الواقع، وعلى صعيد آخر تحمس العديد من الشباب إلى نشر الفكرة في أوساطهم الاجتماعية.
واختتم الأدمن حديثه مؤكداً على استمرار الحملة رغم العوائق، ومتمنياً تغيير تلك العادات والتقاليد التى تقف عقبة أمام تحقيق أحلام الشباب نحو السعادة وتكوين الأسرة.
"الشبكة" عادة فرعونية
وعن التأصيل التاريخي لـ(شبكة العروسة)، قال الأثرى والكاتب "سامح الزهار"، في مصر القديمة كان يقدم العريس دبلة مصنوعة من الذهب والتي كان يطلق عليها “حلقة البعث”، وكانت ترتديها العروس في اليد اليُمنى وتُنقل بعد الزواج إلى اليد اليسرى كرمز لدوام العشرة والإخلاص.
بينما في العصر العباسي، بين "الزهار" أن زواج العامة كان مبالغ في تفاصيله و ما يقدمه العريس لعروسه على كل المستويات خالصة فى العصر العباسي الاول ، كما أن زواج (قطر الندي )أسماء بنت خمارويه بن أحمد بن طولون من الخليفة العباسي (المعتضد بالله) قد ظهر فيها مظاهر الترف و المبالغه، فقد كان موكب العروس محمل بما لم تره عين ففيه على سبيل المثال لا الحصر ، أربع قطع من الذهب عليها قبة من ذهب مشبك، في كل عين من التشبيك قرط معلق فيه حبة من الجواهر، وأيضاً دكة من الذهب، تضع عليها قدمها، كلما دخلت إلى حجرتها، وجدت مائة هاون من الذهب يدق فيها العود والطيب، وألف مبخرة من الذهب.
وفي العصر المملوكي، قال "الزهار" أن الشبكة كانت تقدم على هيئه حلي ذهبيه، بينما فى العصر العثماني زادت مظاهر الترف في تقديم الهدايا الذهبية للعروس و والدتها في محاوله للتقرب من أهل العروس من خلال الأم.
الحركات النسوية ترفض إلغاء الشبكة الذهب
وعلى الصعيد النسوي، عبرت الناشطة النسوية " غدير أحمد" في مقال بعنوان " ماذا يأخذ العريس مقابل "الشبكة؟" على موقع "فيمنستا"، بأن الشبكة في مضمونها هي تقليد أصولي، يُكرِّس لنمطية الأدوار الاجتماعية، فمنظومة الزواج الاجتماعية تشبه المسرحية ولكلٍ دوره في الحفاظ عليها، فالزوج يهتم بالأسرة ماديًا -مايتطلب وجوده خارج المنزل- والزوجة تعتني بالأسرة داخليًا، وهو ما يتطلب وجودها داخل المنزل.
موضحة أن الشبكة في رمزيتها تأصّل لدور الرجل كعائل للأسرة منذ البداية، وبشكل أكثر وضوحًا، فالعائل دائمًا هو صانع قرار مَن يعولهم، ولذا؛ فيمكننا إعتبار الشبكة قبول ضمني لهيمنة الزوج على الأسرة، وتأكيد على ثنائية أدوار كلًا من الزوج والزوجة، وأكدت أن التنازل عن الشبكة، هو خطوة في طريق تنازل الزوجين عما تفرضه عليهما منظومة الزواج.
فتيات: الشبكة الذهب حق العروسة وضمان لحقها
ورفضت الصحفية داليا عبدالرحمن فكرة تغيير "الشبكة " من ذهب إلى فضة قائلة: "أنا بشوف إن الشبكة حاجة أساسية لأنها تعتبر مهر العروسة، والتنازل عنها يعتبر تنازل عن حق من حقوق البنت، زمان كان فى جوازات بتفركش بسبب الشبكة ودا صح لأنه كان بيحس أن البنت غالية"
وفيما يتعلق بالعادات المجتمعية أكدت "داليا" على أن كل بلد لها عاداتها وتقاليدها، وشرعاً أن الشبكة بتتحدد للبنت زيها زىي البنات إللي حواليها، وهذا عرف لكل بلد بس طبعاً مش موافقة أنها تتلغى تماماً.
مختمة حديثها قائلة: "بعدين الرجال اليومين دول مش بيقدروا البنت إلى بتضحى عشان الظروف، وبيترجموا دا على أنه تنازل، وأنها بعد كدا هتتنازل على طول"
وسارت المترجمة "سميرة سيد" على نفس نهج الرفض،راوية تجربتها لـ(احكي) قائلة: "أنا عندي كلمتين كده ولأول مرة هتجرأ واحكي تفاصيل تجربة تخصني أول ما قررت أفسخ خطوبتي، كان أول رد اتقالي: "أنا عاوز دهبي وإلا هقتلك أنتي وأهلك، انتوا متعرفونيش في الخناق"
مستكملة حديثها بأنه:" في حين أن الدهب ده يوم شراؤه كنت راكنة والدتي على جنب، وقاعدة جنب والدة الطرف التاني بختار أرخص وأخف حاجة لدرجة إن الدبلة متكتبش عليها كما هو منتشر لأن ده كان ممكن يكسرها".
وبنفس عميق ونظرات إلى الوراء، قائلة :"بس كل ده في الآخر لم يحميني،لأن للأسف التيسير إللي أغلبنا كبنات مؤمن بيه ومستعد يقدمه عن طيب خاطر ومش في الشبكة بس، بقى في بعض الحالات فعلا بيتفهم على أنه "رخص"، ومع الوقت بيبقي فيه حقيقة ضمنية كده في عقولهم أن هي دي قيمتها المادية والمعنوية".
فتيات: قيمة العريس مش بالشبكة قيمة العريس باحترامه للست
وعلى الصعيد المؤيد للحملة، " المفروض ميكنش فيه اختراع اسمه الشبكة أصلاً، لا ذهب ولا فضة"، بهذه الكلمات عبرت "منة أحمد" عن الدفن فى كهف العادات والتقاليد، مقترحة أن المال الذي يتم دفعه في الشبكة من الممكن أن يتم دفعه في حاجات أكثر فائدة، لأن الشبكة شيء" مقزز" على حد وصفها.
"حبه ليا هي شبكتي، أنا لا عايزة شبكة ذهب ولا فضة، قيمة العريس مش بالذهب والفضة قيمة العريس باحترامه ليا"، لخصت إسراء جمال نظرتها إلى "الشبكة" بهذه الكلمات.
وعن مواجهة الأهل، رفضت "إسراء" الانحياز خلف رأى الأهل؛ مبررة ذلك بأن كل شخص يتحمل نتيجة اختياره، موجهة نصيحتها إلى من تلخص الشبكة في أنها ضمانة لحق البنت:" حق ايه يابنتى، ممكن تدفعي الذهب دا في الجري على المحاكم".
واعترضت "رانا يوسف" المسئول الإعلامي بمدرسة الاستقلال العسكرية، على فكرة "الشبكة" ووصفتها بأنها مجرد شكليات و لا تكن مقياس لأي شيء، وما هي إلا مجرد هدية من العريس للعروسة، لافتة إلى أن من شروط الهدية بأنها غير محددة الحجم والشكل والنوع.
في حين اقترحت المدونة والكاتبة " ياسمين مدكور" عبر حسابها الرسمي على الفيس بوك، في حالة تنازل العروسة عن االشبكة، يبقى على الناحية الآخرى كل شىء مناصفة بين الزوجين و "العصمة تكون مشتركة بينهم"، موضحة أن العصمة المشتركة هي الضمانة الأساسية للحفاظ على حقوق المرأة:" لو عاوزه ضمانة حقيقية في نظري للشخص اللي بيتجوزك، شاركي معاه العصمة وميمنعكيش من الشغل".
الكاتب
سمر حسن
الثلاثاء ٠٢ أغسطس ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا