وحدهن في ”العاصمة الصاخبة”.. لاستقلال الفتيات وجوه كثيرة
الأكثر مشاهدة
نشئن في كنف مجتمع تقبع في ركن ما من ذاكرته صورة "الست أمينة" التي لم تترك بيت أبيها إلا لبيت زوجها في رواية نجيب محفوظ الشهيرة بين القصرين، حتى وإن ردد أفراده خلف سعاد حسني "البنت زي الولد" وجعلوه "جرافيتي" على جدران الثورة، مازال يرى في حياة البنت بعيدًا عن بيت الأهل/الزوجية ما يريب أو كما تقول ليلى في فيلم "الباب المفتوح": "راديو الحكومة والكتب بيقولوا للبنت روحي أنتِ حرة. وإن صدقت البنت تبقى مصيبة، تبقى سمعتها زفت وهباب.. بالذمة ده وضع؟!".
معظمهن قررن المجئ إلى العاصمة سعيًا خلف أحلامهن، منهن جاءوا بحثًا عن حرية محكومة بتقاليد الأهل والمجتمع، وكثيرات جئن للعمل أو التعليم الذي تفرضه "مركزية" العاصمة، التي تمثل الطرف الثالث في هذا القرار، لكون بعض الكليات والمجالات العملية حكرًا على القاهرة الكبرى.
إحداهن "هيام علي" –مصورة صحفية- جاءت إلى القاهرة من قلب صعيد مصر حلمًا بكلية الإعلام، حاربت خوف الأهل وتقاليدهم الصارمة إلى أن استقرت بها حتى بعد إنهاء دراستها الجامعية. تعبر "هيام" عن رؤية المحيطين بها لقرارها قائلة "النظرة في الصعيد للبنت اللي جت مصر أنها خرجت عن طوع أهلها، أو بيبصوا لأهلها أنهم رميين بنتهم في الشارع"
وتضيف أن تلك النظرة والضغوط المجتمعية تفرض على الكثير من البنات "التحويل من الكليات" أو إنهاء الدراسة والعودة للمكوث في المنزل.
وترى "هيام" في القاهرة مدينة الفرص رغم صعوبة الحياة فيها إلا أنها كما يقول عمر طاهر "السجن الذي اخترناه بأيدينا".
قادمة آخرى من أقصى الصعيد وتحديدًا من الأقصر، هي "سوزان عبد الغني" التي تعيش في القاهرة منذ الأعوام السبعة تقريبًا، تعمل كصحفية، تقول أن والدها اعترض على العمل في القاهرة لكن والدتها وقفت بجانب حقها في اجتياز التجربة، مما عرض الأم لتعليقات من نوع "نزلي بنتك علشان تتجوز"، لكن الأم تصدت لكل ذلك من أجل حق ابنتها في بناء ذاتها وشخصيتها.
لكن "سوزان" ترى أن الاستقلال عن الأهل لابد أن يكون لسبب إما التعليم أو العمل ولكن ليس من أجل الحياة وحيدًا دون هدف، وتؤكد على ذلك بأنه لو توفر العمل بالصحافة في بلدها لآثرت الانتقال.
"بعمل كل حاجة لوحدي تمامًا، ده في الأول كان متعة بس مع الوقت بقى حمل وبدأت احتاج أهلي جنبي في أوقات كتير"
هكذا عبّرت "نورهان عماد" –مهندسة ديكور- عن تجربتها في الاستقلال عن أهلها الذين يعيشون بالمملكة العربية السعودية، تصف نورهان القاهرة بمدينة "التنوع والصخب" مقارنة بحياتها السابقة في المملكة، وأن الحياة في القاهرة فرصة لتكوين الشخصية في مدينة صعبة وصاخبة تعلم القوة والاعتماد على النفس.
بينما "رويدا أحمد" –طالبة بكلية الطب- تقول أنها تفكر في الاستقلال لكن نظرات المجتمع صعبة أو "مابيسبوش حد في حاله" على حد تعبيرها "واحتمال يقولوا إن فيا عيب مثلُا"، أما الأهل "هيعارضوا، طبيعي إنهم يعارضوا بس هيقبلوا بشكل تاني إني يجيلي شغل بعيد فلازم أروح.. بس كلمة استقلال بتعصبهم".
نوع مختلف من الاستقلال تتحدث عنه "شروق غنيم" –صحفية- فتقول أنه "فكرة" ولا يشترط أن يكون ماديًا بالإنفصال عن الأهل في المسكن ولكنه استقلال في القرارات والأفكار وحتى استقلال في الأمور المالية. وترى أن كثيرات يخضن معركة الاستقلال الفكري في صمت، وأنها حققت استقلالها هذا دون صعوبات بسبب دعم والدتها.
وهناك من سعين نحو الاستقلال بسبب الخلافات العائلية أو التقييد من قبل الأهل الذي وصل بالبعض إلى الطرد من المنزل،
Femi-Hub ويعرض جروب
على فيسبوك لعدد من تلك التجارب، فقد تأسس الجروب ليساعد الفتيات ويقدم معلومات عن الوظائف الشاغرة وأماكن السكن المتاحة للفتيات.
من ضمن تلك التجارب "سهيلة محمد" –تعلم بمنظمة نسوية- والتي عانت مع تشدد أهلها دينيًا، ورفضهم المستمر لسفرها إلى أي مكان مما أدى بها لـ "لم شنطتها" والذهاب إلى القاهرة وبعد أيام صعبة وجدت عمل بأحد المنظمات النسوية.
ومن ناحية رجال الدين، فقد قال الدكتور "أحمد كريمة" أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر –خلال مداخلة في برنامج صباح دريم- بأن استقلال البنت عن أسرتها تقليد أعمى للمجتمع الغربي، وأمر مرفوض ولا يعد تحريرًا للمرأة كونه لا يجعلها آمنة.
تختلف التجارب وتتنوع الأسباب لكن كل الفتيات اللاتي يعشن وحدهن يتغلبن يوميًا على حاجز الخوف ويحققن نجاحًا
كونهن مازلن قادرات على العيش بهذه المدينة الكبيرة التي تبتلع صغارها.
الكاتب
ندى بديوي
الأربعاء ٢٤ أغسطس ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا