فاطمة خير تكتب :احكي .. سر الوصفة لاختصار الطريق
الأكثر مشاهدة
احكي..
بقدر سهولة انسياب الكلمة،بقدر صعوبة تنفيذ الفعل.
تعرف كل النساء أنهن يجدن الدعم اللازم من محيطهن الأنثوي،بمجرد الحاجة إليه مُلَخصاً في كلمة واحدة "احكي"؛ لكن السؤال هنا: هل فعلاً كل امرأة قادرة على الحكي؟.
تعتقد النساء أنهن قادرات على الحكي،ويعتقد الرجال أن النساء "يحكين" أكثر من اللازم،ويتواطء المجتمع معتبراً أن "الفضفضة" بين النساء هي بمثابة علاج لآلامهن ..وكفى؛ لكن عزيزاتى "الحكي" مختلف عن "الفضفضة"،بالفعل تلعب الفضفضة دوراً كبيراً في الدعم النفسي لأي شخص،ولأن النساء يجدن بشدة اللجوء إلى هذه الآلية بعفوية شديدة،لا تعطلهن عنها مخاوف الرجال من الظهور بمظهر الشخص الضعيف؛ فقد استطعن بالفعل الصمود في وجه الصعاب الكبيرة والمتجذرة التي تواجههن في المجتمعات المختلفة،وخاصة مجتمعاتنا الشرقية التي لا تزال تتصف بقدر كبير من "التخلف" في التعامل مع النساء على كل المستويات .
إلا أن محور الحديث هنا ينبغي أن يقودنا إلى مرحلة "الحكي"والتي أعتبرها أعمق بكثير من مجرد "الفضفضة"، ربما أن الأخيرة هي أولى مراحلها، لكن "الحكي" يعني أن تمارس النساء السرد والتوثيق والتفاعل ، سرد كل تفاصيل حياتهن التي يتقاطع فيها الخاص مع العام دون حتى أن تدري النساء أنفسهن ذلك، وتوثيق الصعاب التي تمر بهن كل واحدة فيهن لأن هذا هو الطريق الذي توصل نهايته إلى إيجاد الحلول ،والتفاعل مع الأخريات للحصول على الدعم والخبرة وضمان الاستمرار في هذه الحياة بكرامة ودون عناء.
أعتبر نفسي محظوظة حيث حظيت بمساحة ثرية من الحكي في حياتي، من نساء في نطاق العائلة والعمل المهني والعمل العام ، كنت أمتن لكل حكاية، وأستمتع بها، ثم كبرت ونضجت أكثر لأدرك أن المسألة تتجاوز ذلك،فقد كانت تلك الحكايات محفزاً قوياً لي للاستمرار في الحياة دون التنازل عن أحلامي،وداعماً لي للبحث عن الأفضل والثقة في أهليتي للحصول عليه؛لذا فأنا لا أهدر فرصة للحكي، أسمع من غيري،وأُسمع غيري، وأشجع النساء على ممارسة الحكي والتفتيش عنه .
وبشكل واضح كان هذا هو الدافع المباشر لتأسيس "شبكة نساء من أجل الإعلام"،لتحريض النساء العاملات في مجال الإعلام على تبادل الحكايات، ومن قبلها أحد الدوافع لإصدار كتابي "أنثى مع سبق الإصرار" ، لتحريض النساء على الفخر بأنوثتهن والحكي عنها.
قابلت كثيراً من العقبات في حياتي المهني،وأثناء ممارستي للعمل العام ، وفي أحيان كثيرة خِفت ألا تكون أحلامي وحدها كافية للاستمرار، كنت أسترجع "الحكايات" ،تماماً كما يجتر الجمل غذاءه في الصحراء ، ولا أخفيكن سراً: كانت هذه سر الوصفة للنجاح ، ولأن أكون الآن ها هنا .
احكي .. مهما كانت العقبات
احكي ..مهما ازدحمت الحياة
احكي ..مهما بدت الحياة ورطة كبيرة
احكي..لتستمري
الكاتب
فاطمة خير
الخميس ٢١ يناير ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا