دينا مصباح تكتب : الفيل ملك الغابة !
الأكثر مشاهدة
قلادات للفيلة، لوحات بصورهم، ألعاب وأشكال مختلفة تجسدهم، وجدت الكثير من أصدقائى يقتنوها ويتفاءلون بها، ويرددون ان صفات الفيل شبيهه لصفات الإنسان المثالى الذى يبحثون عنه فى كل مكان مما أثار فضولى للبحث عن السر وراء هذا الحب لشخصية الفيل التى تتصدر صفة الكسل والخمول فى أذهان البعض عند ذكر اسمه، لكن الواقع والدراسات تقول إنه يحمل من الصفات الحميدة والمثالية الكثير مثل الذكاء والحنان والتضحية، ويتميز بالذاكرة القوية التى تعى الأشياء والأماكن لسنوات عديدة، بالإضافة إلى حاسة الشم القوية التى تمكنه من شم الرياح للتعرف على مصادر المياه وكذلك الأعداء، فضلا عن القوة التى تجعله لا يخشى أحدًا حتى الأسود ملوك الغابة، ومع كل هذه الصفات تجده من أكثر الحيوانات التى يوجد بينها وبين بقية السلالات الحيوانية ألفة.
وبعد إيجاد كل هذه الصفات التى حببتنى أنا أيضًا فى الفيل استوقفنى منشور للصديقة نسمة الجلاد على موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك قالت فيه "فى حديقة الحيوان والفيل صغير بيربطوا رجله بحبل على مقاس رجله، وبيربطوا الحبل من الجهة الأخرى بحديد السور لكى يحجموا حركته ويقيدوه ويعرفوه إن دى المساحة بتاعته فقط، بيفضل الفيل يرفس ويحاول يخرج من الحبل ده ومبيعرفش وهو صغير.. وتفشل محاولاته وييأس ويوصل لمرحلة إنه خلاص دا مكانه ودى مساحته.. وتمر السنون والفيل يكبر ويبقى حجمه كبير جدًّا بس مربوط بنفس الحبل ونفس المساحة بس أصبح عنده قناعة إن دا مكانه وإن كل محاولاته زمان مجابتش نتيجة فيستسلم للوضع الموجود فيه بالرغم من حجمه وقوته!".
هذا المنشور جعلنى أتساءل ماذا لو أطلق العنان للفيل حتى داخل قفصه؟ هل كان من الممكن أن يصبح ملك الغابة بكل ما يحمله من صفات حميدة بديلًا للأسد الذى يأخذ حريته من البداية ويولد ملكًا للغابة؟، وهل الصفات المتقاربة بين الفيل والإنسان سبب فى تشابه سلوك التربية عند البعض فى المجتمع الشرقى؟
ففى مجتمعنا الشرقى تتشابه تربية الفتاة مع تربية الفيل فى فرض القيود وتحجيم الإمكانيات وتظل الفتاة تحارب من أجل التحرر من تقاليد واهية، فالبعض ينجح فى التخلص منها والبعض الآخر يرضى بالأمر الواقع ويتأقلم معه مثل الفيل.
تعيش الفتاة فى بعض الأحيان كأنها داخل لعبة إلكترونية تحتاج إلى اجتياز مراحلها بسرعة ومهارة لتستطيع الفوز ومقابلة الشبح فى النهاية، فتولد الفتاة وتتربى على عدم التحدث إلى هذا أو ذاك، و عليها أن تحافظ على التقاليد والمسميات التى تهم الشكل الخارجى للمجتمع لينظروا إليها نظرة فاضلة ثم تكبر وتصل إلى سن الزواج الذى يحتم عليها المجتمع فيه أن تحصل على شريك لحياتها سريعًا لكى لا تنعت بلقب العانس وتجلب سوء الحظ والحزن لأهلها، ثم تتزوج وعليها أن تسرع فى الحمل لتنجب طفلًا لتتفادى كلام الأقارب والجيران والأصدقاء، وعليها أن تظل تصارع حتى إن اختارت كسر القيود و اجتياز طريق تحقيق أحلامها، لتواجه كلام الناس الذى يدور حول "الشغل هيعملها إيه، مش كانت لحقت تتجوز، اللى أدها مخلفين اتنين وتلاتة، أكيد فيه حد شاغلها" إلى أخره من كلمات هادمة للأحلام والآمال لتعرقلها وتعيقها من الوصول لهدفها.
ماذا لو تركت المساحة للفيل؟ وماذا لو تركت المساحة للفتاة؟ سؤال يحمل الكثير من الإجابات المتضادة لكنه أيضا قد يحمل الكثير من النجاحات والاهتمامات التى تكبتها القيود، فكونى فى صفات الفيل لكن لا ترضى بالقيود.
الكاتب
دينا مصباح
الخميس ٢١ يناير ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا