أحمد بكر يكتب : عيد الحب بين الامل واليأس والحب
الأكثر مشاهدة
الصف الخامس الابتدائي- الحصة الاولى في الترم الثاني
ارقد في سريري تحت بطانيتي السوداء الناعمة الجميلة، اقرأ فلاش قبل العشاء ، وأنهي يومي بمجلة ميكي، أحضر ورقتي وقلمي الرصاص ، أعتدل واضع المجلة أمامي، أفتح اّخر صفحة لأقرأ نصوص الشعر المرسلة، امسك قلمي وأبدأ في رص كلمات بجانب بعضها تعبر عما بداخلي وتكون قريبة من ايقاع تلك الاشعار المرسلة... انتهي ثم اضع الورقة في جواب واضعه في شنطة المدرسة داخل كتاب الحساب.
اليوم التالي في الفصل، بين الحصة الثانية والثالثة بعد ان اتناول سنداوتش حتى يكسبني الشجاعة، أخرج الجواب من كتاب الحساب وأتجه به الى جهة البنات، في الصف الثالث على اليسار أترك لها الجواب أمامها وأطلق العنان لساقي ليعانقا الريح، أستمر على هذا سنة بأكملها.
كانت والدتي هي وكيلة مدرستي الابتدائية ،أخرج معها في المرواح ذلك اليوم لنعود الى البيت مرة اخرى بعد انتهاء اليوم ، اراها ووالدتها، تقف والدتها لتشتكيني لامي "اني بعاكس بنتها" !
تنتهي قصة حبي بـ"علقة سخنة" تكبدها جسدي في الغرقة، اتحطم من داخلي ولكن اذكر نفسي بأني"لسه صغير والعمر قدامي طويل"
واتعلم اول درس: هناك ما هو اهم من الكلمات حتى وان كانت تحمل في طياتها صدقا وحبا، ثمة اشياء اخرى
بداية الترم التاني في الصف الثالث الثانوي – درس الفيزياء
لا استمع الى ثلاثة ارباع ما يقوله هذا الرجل، مدرس الفيزياء بلحيته الطويله وكرشه المستدير، اغرق في كراستي، اخط خطوطا لتصنع نسيج من الاشكال غير المفهومة، انتبه لنفسي وانظر للمدرس وافعل مثلما يفعل الطالب المثالي، اقلب الورقة حتى ابدأ صفحة جديدة.
اتجه بنظري الى الباب، ثمة من يطرق طرقات خفيفة تكاد تكون مسموعة، بالتأكيد ليست المرأة الجالسة بالخارج لتحصل ثمن الحصة، تدخل كالديناصور فتهتز الارض من تحتها وينخلع الباب، يسود عقلي صمت مهيب، اردد في ذهني " يا الهي" ، تقدمت الى الباب فتاة ذات وجه ابيض طويل وعينان خضراوتان وحواجب برتقالية مرسموة بيد الخالق بمنتهى الدقة لتبرز عيناها.
صارت هي درس فيزياء ذلك اليوم، وكنت انا الطالب النجيب المنتبه المثالي، ظللت اذهب الى درس الفيزياء حتى اقتنص فرصة محادثتها واخبارها بحبي لها، اي مخلوق يجب ان يقع في حب تلك الفتاة من اول نظرة. نجحت محاولاتي معاها في النهاية واربتطنا
قبل الامتحانات بقليل اتصل العديد من المرات دون اي اجابة، يتحطم قلبي مرة اخرى ، اجد صديقتها تحادثني هاتفا لتشرح لي لماذا انتهت العلاقة، لا استمع الى معظم كلامها وافكر .... يا الهي لا يجب اختزال حياتها وحياتي في حياة واحدة، لم يكن علي بالتأكيد ان اوثق الحل حتى اخنقها .... الفراشات خلقن للطيران، وانا خلقت بلا جناحان .... ثمة اشياء اخرى وجب علي فعلها لكني لم افعلها حتى لا تموت الفراشة وتحتفظ بحريتها وتحتفظ بحبي وحبها.
شعرت بتحطم قلبي وتبعثر اشلائه بين البلاد، احسست اني بلا قلب ، فلم اذهب مجددا الى مركز الدروس هذا وضحكت على الكثير من البنات انتقاما وغضبا
*ان اعرف رقم هاتف بنت ما وارتبط بها اسبوعين لا نكف عن الخروج فيهما كان اشد مفاهيمي عن الانتقام وقتها*
انعزلت بعدها واهتمت باشياء اخرى وكانت الكتب خير صديق في ذلك الوقت مما جعل فكرة الحب تتبلور داخلي وقتها بأن لا وجود لتلك الفكرة، هي حالة لا اكثر ولا اقل، ندخل فيها ثم نخرج، ونعيشها بتفاصيلها لاننا نريد هذا، واقتنعت الى ان ان اقتربت من نكران وجود الحب بالاساس
عامي العشرون ، الفن ميدان يوم السبت ، بداية شهر مارس ليلا
نجري هربا من العالم، نجري في الشارع المجاور للفن ميدان، نترك كل ما للناس للناس وننجو بأنفسنا، نجلس في الحديقة، اخبرها قصيده كتبتها لها، انظر اليها في عينيها، لا استطيع الصمود ، اتوه.... اظل محدقا بها ومحلقا فيها ، انظر اليها ثم اخبرها اني احبها ، تبتسم فاعرف انها وافقت، لم اكن اعترف بالحب ، اكن احسب خططواتي ، مبعثرا كما انا القي بنفسي في حجرها، اجد بيتا ومأوى بعد الكثير من السفر والترحال..... يمر الوقت ، ينقضي ما يقرب من السنة ثم تنتهي العلاقة وانتهي معها
في النهاية كبرت، وبدأت مداركي في ان تستوعب كما اكبر من الاحداث والمفاهيم، اكتبست بالوقت قرة اكبر على تحليل الامور، اجد ان كل مرحلة يختلف فيها مفهوم الحب وكيفيه استيعابه ، ولا بأس من ذلك ان استمر ، ولا ادري تحديدا اذا كان هناك مفهوم اشمل للحب بعد المرور بما يكفي من المراحل ام اننا سوف نتعثر دوما وحتما في ادراك الحب بطرق مختلفه اعمق وانضج بمرور السنوات ولكني سعيد بما آلت اليه الامور.
في النهاية لم اجد الحب فيما اقرأ على الورق في روايات او كتب، فلسفات او تاريخ، لم اجد الحب في المسلسلات، ولم اجد الحب ايضا في علاقاتي السابقة، ولا محاولاتي الاخيرة الكثيرة التي لا استطيع مجارات الاحداث فيها ولا الاحتفاظ بالوصل حتى، وجدت اشكالا كثيرة منه جعلتني استطيع النظر بامعان اكثر، لاعرف ان كل تلك المرات كانت جوانب ناقصة غير مكتملة، ادركت ان لا حب بلا شغف، ان الشغف لا يختفي بالوقت ولا يموت، بل يتحول من صورة لاخرى، ما يجعل العلاقات حية هو مقدار مواكبة ادراك تحول هذا الشغف من صورة لاخرى، العلاقات لا يمكن ان تسند على القلب فقط ولا على العقل فقط، ولا حتى على الاثنين ، لا قوانين هنا ، هو هكذا، فجأة دون حسابات مسبقة.
ليست حياة واحدة، ولا روح واحده ، روحين وحياتين مختلفين، لا يكتملا ولا يتقاطعا، روحين يستكينان الى بعضهما البعض... استكانة... ينضجا ويحتوى كل منهما نضج الاخر ولا شئ اخر.
في النهاية ربما يجب ان تيأس وتحطم ويتبعثر قلبك مرات ومرات لينبعث بريق امل من جديد، لا لعلاقة اخرة ولكن لبداية فهمك لماهية الحب.
الكاتب
أحمد بكر
الأحد ١٤ فبراير ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا