نورهان بدوى تكتب : فليسقط عيد الأم!
الأكثر مشاهدة
أردت أن أتكلم عن عيد الأم قبل موعده بفترة حتى أتمكن من تغير نظرتك له هذا العام .فليسقط هذا العيد إن استمرينا فى فهمه بشكل خاطئ،فليسقط هذا العيد الذى لطالما جرج امى !
قرر مصطفى أمين عمل مبادرة من خلال جريدة أخبار اليوم لتحديد يوم للاحتفال بالأمهات بعد ان جاءت له سيدة تشكو من جفاء ابنها تجاهها،إنهالت علي أمين رسائل التشجيع والترحيب إلا رسالة واحده من شاب امه متوفية رفض فيها الفكرة.
أنا ضد هذا العيد رغم احتفالى به ولى أسباباً كثيرة مقنعة ؛ حيث أن جدتى توفيت عندما كانت أمى فى الثالثة من عمرها ، أمى لم تقل أبداً "ماما" ،لم تبكِ سيدة عجوز فى فرحها وهى تراها تذهب إلى بيتها الجديد ، لم تَعش كل ما عشته أنا بسببها ، بل والادعى انها لم تسلم من قساوة المجتمع على كل من فقد امه !
عندما كانت أمى فى المرحلة الابتدائيه ،تكلمت مُدرسة ما عن أقتراب عيد الأم ،قالت فى منتصف حديثها "أن الامهم ميته دول معقدين" لتقف أمى الطفلة بكل شجاعه لتواجهها بأن"الرسول كانت امه ميته يا ابله ازاى بتقولى على الرسول كده؟" لترد مُرببة الاجيال "احنا "بنى ادمين يا حبيبتى مش رُسل".
بكت أمى فى أحضان جَدى فور عودتها فذهب مسرعاً ليشكو المُدرسة فى وزارة التربية والتعليم ، لتُنقل مُربية الأجيال من الادارة التعليمية التابعة لمدرسة أمى بأكملها .
انتابنى شعور رهيب بالذات عندما أخبرتنى أمى انها تخطت كونها يتيمة لأول مره عندما انجبتنى،وأتضح ان سماع كلمة "ماما" أكثر روعة من قولها.
ولأن الله يَعط كل منا نصيبه كاملا فى هذه الدنيا ،أمى كانت تُحسد على أبيها ، كانت تدلل بشكل خرافى ،لو وُضعت قصص جَدى مع أمى فى كتاب سيُصنف على انه خيال علمى .
شَرِبَت أمى اسلوب أبيها معها فهى تعاملنى كما تربت وليس كمعقدة كما قيل لها . يكفينى أن رغم تدليلها الشديد لى وتبذيرها حتى تجلب لى "لبن العصفور"كما يقولون ؛ فأن أقيم وأقرب هداياها الى قلبى كانت مخروط مثلجات ثمنه جنيه ونصف احضرته لى فى الثالتة فجراً منذ عشرة سنوات لمجرد اننى قلت "نفسى فى أيسكريم يا ماما" ، ايعقل ان المعقدين حساسون هكذا ؟! .و ياليت كل المعقدين أمى .
لما قًولبنا الأمر على الأمهات فقط ؟ لما لا نجعله يوم للشخصية المؤثرة فى حياتنا ؟ . رأينا جميعنا من قبل سيدات فى حياتنا ليسوا بأمنا البيولوچيه ولكن قيمتهم اخترقت كل الالقاب . رأينا كُلنا من قبل عم او خال كان بمثابة العائلة بأكملها .لما يجب علينا ان نُقولب الامر فى انثى ، ام بيولوچيه ، يقال لها "ماما" ونحرم كل من فقدها بأن يعيش شهراً طبيعياً دون حدوث مواقف مؤلمة له ؟! . فلنجعل هذا العيد لمن شاركونا حياتنا فقط ، بدون القاب او مُسميات او صلة رحم .
أنا أريد ان أُهدى هذا العيد الى أمى ليس لأن العيد موجه لها فى الاساس ولا لأنها سيده على الأطلاق ولكن أريد ان اهديه الى صديقتى قبل أمى وابنتى قبل كل شيئ ،
التى علمتنى أن العطاء كنز وأن التواضع يرفع ،
أن الكلمة اقوى من إيصال الأمانه ،
أنها بجانبى فى سقطاتى قبل صوابى ،
وفى فشلى قبل نجاحى ،
التى علمتنى ان ما بيننا بيننا نحن فقط!
وأن فردا واحداً يمكنه أن يكون عائلة
أن الامهات التقليديات يربين اولاداً مملين،
أن الطبيعيون لا يصنعون شيئا
وأن الاستثمار فى العقول أهم من الانفاق على المظهر
أن قيمتى الحقيقيه فى اخلاقى لا فى شيئا اخر .
التى علمتنى ان اقفز دون ان انظر ،وألا انتظر اللحظة المناسبة لأنها ببساطة جعلت كل اللحظات هى الأنسب .إلى رفيقتى وشريكتى فى الحياة "مها"
الكاتب
نورهان بدوي
السبت ٠٥ مارس ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا