نورهان بدوي تكتب : أنتى والنصيحة!
الأكثر مشاهدة
ملحوظة الكاتبة : كل نصائح ومحتويات المقالة موجهة لى قبل ان توجه لكى عزيزتى ، فأنا رغم كرهى الشديد للتعرض للإنتقاد إلا ان انتقاداتى لاذعة حتى وان كانت بينى وبين نفسى وقد جاء الوقت أن اتوقف ، ولانك صديقتى المقربة فعليكى أن تتوقفين معى عن كل هذا الهراء .
ككل النساء نحن نلتفت للتفاصيل أكثر من غيرنا من البشر ، ثم ينم ذلك عن انتقادنا ، انتقادنا لكم ضيق هذا البنطال وكم قصيرة هى "البلوزة" تلك ، وكأن الله قد وكلنا ان نكون نائبيه على الأرض -وقد تعالى الله عن اى تشبيه- . وأنا من النوع شديد الملاحظه ، البادى لاراءه بلا خجل خصتاً فى أمور الحجاب . حقاً يثير غضبى ذلك الاختراع البائس الذى يطلقون عليه "التربون" ! ، فى كل مرة أراه أصيح تلقائياً : حبيبتى تغطية الرقية من شروط الحجاب ، أرجوكى بعض الرحمة . ثم غيرت حياتى كلمة قرأتها على موقع التواصل الإجتماعى "فيس بوك" لا اعرف من مصدرها تقول "إن لم تكن على ثغر فلا تكن الثغرة" . يا الله على رقة وقساوة التعبير فى نفس الوقت . ربما كل من أصحت فى وجههم يصارعون داخلياً فى مسألة الحجاب ، كم انهم يبدون اجمل من دونه ؟ ، كم ان كل صديقاتهن قررن انتزاعه ؟ كم ان جهاد النفس ليس بالشيء الأسهل ؟ .
قرأت من قبل عن شروط وآداب النصيحة فى الإسلام وكان مرجعى هنا موقع "الإسلام سؤال وجواب" . وآداب النصيحة كالآتى :
النصيحة معلم بارز من معالم الأخوة الإسلامية ، وهي من كمال الإيمان ، وتمام الإحسان ، إذ لا يكمل إيمان المسلم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه ، وحتى يكره لأخيه ما يكره لنفسه ، وهذا هو دافع النصح .
روى البخاري (57) ، ومسلم (56) عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ : " بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى إِقَامِ الصَّلَاةِ ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ، وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ " .
وروى مسلم (55) عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " ( الدِّينُ النَّصِيحَةُ ) ، قُلْنَا لِمَنْ ؟ ، قال : ( لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ ) " .
قال ابن الأثير رحمه الله :
" نَصيحةُ عامّةِ المسلمين : إرشادُهم إلى مصالِحِهم " انتهى من "النهاية " (5 /142) .
وللنصيحة آداب عامة ينبغي أن يتحلى بها الناصح الشفيق ، منها :
- أن يكون دافعه في النصيحة محبة الخير لأخيه المسلم ، وكراهة أن يصيبه الشر ، قال ابن رجب رحمه الله :
" وأما النصيحة للمسلمين : فأن يحب لهم ما يحب لنفسه ، ويكره لهم ما يكره لنفسه ، ويشفق عليهم ويرحم صغيرهم ، ويوقر كبيرهم ، ويحزن لحزنهم ، ويفرح لفرحهم ، وإن ضره ذلك في دنياه ، كرخص أسعارهم ، وإن كان في ذلك فوات ربح ما يبيع في تجارته ، وكذلك جميع ما يضرهم عامة ، ويحب ما يصلحهم ، وألفتهم ، ودوام النعم عليهم ، ونصرهم على عدوهم ، ودفع كل أذى ومكروه عنهم . وقال أبو عمرو بن الصلاح : النصيحة كلمة جامعة تتضمن قيام الناصح للمنصوح له بوجوه الخير إرادةً وفعلاً " انتهى من "جامع العلوم والحكم" (ص 80) .
- أن يكون مخلصا فيها ، يبتغي بها وجه الله ، فلا يريد بها إظهار العلو والارتفاع على أخيه .
- أن تكون تلك النصيحة خالية من الغش والخيانة ، قال الشيخ ابن باز رحمه الله :" النصح هو الإخلاص في الشيء وعدم الغش والخيانة فيه .
فالمسلم لعظم ولايته لأخيه ومحبته لأخيه: ينصح له ويوجهه إلى كل ما ينفعه ، ويراه خالصا لا شائبة فيه ولا غش فيه . ومن ذلك قول العرب : ذَهَبٌ ناصح ، يعني سليما من الغش . ويقال عسل ناصح ، أي : سليم من الغش والشمع " انتهى من "مجموع فتاوى ابن باز" (5/ 90) . - ألا يريد بالنصيحة التعيير والتبكيت ، وللحافظ ابن رجب رحمه الله رسالة خاصة في : " الفرق بين النصيحة والتعيير " . - أن تكون النصيحة بروح الأخوة والمودة ، لا تعنيف فيها ولا تشديد ، وقد قال الله تعالى : ( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) النحل/ 125. - أن تكون بعلم وبيان وحجة ، قال السعدي رحمه الله : " من الحكمة الدعوة بالعلم لا بالجهل والبداءة بالأهم فالأهم ، وبالأقرب إلى الأذهان والفهم ، وبما يكون قبوله أتم ، وبالرفق واللين ، فإن انقاد بالحكمة ، وإلا فينتقل معه بالدعوة بالموعظة الحسنة ، وهو الأمر والنهي المقرون بالترغيب والترهيب . فإن كان المدعو يرى أن ما هو عليه حق . أو كان داعية إلى الباطل ، فيجادل بالتي هي أحسن ، وهي الطرق التي تكون أدعى لاستجابته عقلا ونقلا . ومن ذلك الاحتجاج عليه بالأدلة التي كان يعتقدها ، فإنه أقرب إلى حصول المقصود ، وأن لا تؤدي المجادلة إلى خصام أو مشاتمة تذهب بمقصودها ، ولا تحصل الفائدة منها بل يكون القصد منها هداية الخلق إلى الحق لا المغالبة ونحوها " انتهى من " تفسير السعدي" (ص 452)
. - أن تكون في السر ، فلا يجهر بها أمام الناس إلا للمصلحة الراجحة . قال ابن رجب رحمه الله : " كان السَّلفُ إذا أرادوا نصيحةَ أحدٍ ، وعظوه سراً ، حتّى قال بعضهم : مَنْ وعظ أخاه فيما بينه وبينَه فهي نصيحة ، ومن وعظه على رؤوس الناس فإنَّما وبخه . وقال الفضيل: المؤمن يَسْتُرُ ويَنْصَحُ ، والفاجرُ يهتك ويُعيِّرُ" انتهى من "جامع العلوم والحكم" (1/ 236) . وقال ابن حزم رحمه الله : " إِذا نصحت فانصح سرا لَا جَهرا ، وبتعريض لَا تَصْرِيح ، إِلَّا أَن لَا يفهم المنصوح تعريضك ، فَلَا بُد من التَّصْرِيح .... فَإِن تعديت هَذِه الْوُجُوه فَأَنت ظَالِم لَا نَاصح " انتهى من "الأخلاق والسير" (ص 45)
. على أنه إذا افترض أن في الجهر بالنصح مصلحة راجحة : فلا حرج على الناصح أن يجهر بنصحه ، كأن يرد على من أخطأ في مسائل الاعتقاد أمام الناس ، لئلا يغتروا بقوله ويتبعوه على خطئه ، وكمن ينكر على من أباح الربا ، أو ينشر البدعة والفجور بين الناس ، فمثل هذا نصحه علانية مشروع ، بل قد يكون واجبا ، للمصلحة الراجحة ، ودرء المفسدة الغالبة . قال ابن رجب رحمه الله : " إن كان مقصوده مجرد تبيين الحق ، ولئلا يغتر الناس بمقالات من أخطأ في مقالاته : فلا ريب أنه مثاب على قصده ، ودخل بفعله هذا بهذه النية في النصح لله ورسوله وأئمة المسلمين وعامتهم" انتهى من "الفرق بين النصيحة والتعيير" (ص 7) . - أن يختار الناصح أحسن العبارات ، ويتلطف بالمنصوح ، ويلين له القول . - أن يصبر الناصح على ما قد يلحقه من أذى بسبب نصحه . - كتمان السر ، وستر المسلم ، وعدم التعرض لعرضه ، فالناصح رفيق شفيق محب للخير راغب في الستر .
- أن يتحرى ويتثبت قبل النصيحة ، ولا يأخذ بالظن ، حتى لا يتهم أخاه بما ليس فيه .
- أن يختار الوقت المناسب للنصيحة . قال ابن مسعود رضي الله عنه : " إِنَّ لِهَذِهِ الْقُلُوبِ شَهْوَةً وَإِقْبَالًا ، وَإِنَّ لَهَا فَتْرَةً وَإِدْبَارًا ، فَخُذُوهَا عِنْدَ شَهْوَتِهَا وَإِقْبَالِهَا ، وَذَرُوهَا عِنْدَ فَتْرَتِهَا وَإِدْبَارِهَا " .
رواه ابن المبارك في "الزهد" (1331) .
- أن يكون الناصح عاملاً بما يأمر الناس به ، وتاركاً لما ينهى الناس عنه ، قال الله تعالى- موبخاً بني إسرائيل على تناقض أقوالهم مع أفعالهم-: (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ) البقرة/44 ، وقد جاء الوعيد الشديد في حق من يأمر الناس بالمعروف ولا يأتيه ، وينهاهم المنكر ويأتيه .
بمعنى ان النصح بشيء وفعل عكسه قد نهى الله عنه ! ، بمعنى ان المعايرة فى صورة النصح قد نهى الله عنه ! ، بمعنى ان النصح بدون تمنى الخير للمنصوح وتمنى صلح حاله قد نهى الله عنه ! بمعنى ان النصيحة فى العلن فضيحة ودنب قد نهى الله عنه ! . أتتخيلين عزيزتى كم نحن لسنا فقد قساة القلوب فى النصيحة بل قليلات الدين نطن اننا القوم الأعلى وكل من دوننا هالكون لا محال .فلنتغير سوياً ، فإن كنا ندعو إلى خير فلنكن نحن خيراً ايضاً .
الكاتب
نورهان بدوي
الأربعاء ١٣ يوليو ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا