سارة بيصر تكتب : سر قوتك
الأكثر مشاهدة
هي (طموحة)، تنسج من أحلامها خيوط نور لتضيء لها عثرات الطريق، وترتقي بها القمم.
هي (ناجحة)، كفجرٍ رقراق قهر جيوش الظلام الناعقة بضعفها، وعدم قدرتها، ليولد من رَحِمه شمس الضياء، وتشرق اِشعاعات النجاح في أفق حياتها.
هي (إيجابية)، لا ترضى بالمفروض، والمطلق، والمُسلم به، هي طاقة تغيير تُشع بعلمٍ ووعي وثقافة، وتُسقي بذور التنمية في مجتمعها.
هي (حرة)، صوتها ثورة يسقط عروش الطغيان، وإرادتها لا تعرف المستحيل، فلا تستمع لأبواق اِستعبادها، ولا تستسلم لتابعيتها، ولا تعتنق أفكار نقصها وضعفها.
هي (جريئة)، لم يقهر الخوف يوماً كلمة حق تخرج من ثغرها، ولم تترك حقها يهدر بين براثن من يمتهنها، ويقلل من شأنها.
هي (مبدعة)، تصيغ من الكلمات لآلِئُّ تزين أكاليل القصائد، وتلون لوحات الكون بألوان السحر والبهجة، هي مبدعة بخيالها الآخاذ، ولمساتها الفنية الراقية.
هي (جميلة)، كزهرةً تأبى الذبول، وكنجمٍ يأبى الأفول.
هي الحياة...
بألحانها العذبة، المروية بشذى عطر الربيع، وقوتها النابعة من إيمانها بذاتها، وبأنها هي في نفسها بداخلها مصدر قوتها، وينبوع إرادتها، بما تمتلكه من طاقات، ومهارات، ومواهب، من شأنها أن تستوي بها على ناصية العمل العام والمجتمعي.
لكن، يبقى الطريق ليس ممهداً بالشكل الكافي في المجتمع أمام تمكين المرأة لتنال مكانتها التي تستحقها، ولتفعيل قدراتها بالشكل المطلوب.
فمنذ فترة يسكن عقلي هاجس، أن عبادة الأصنام والأوثان لم تنته في تلك البلدان التي اعتنقت الأديان السماوية (كما نظن)، أو بذاك المشهد الذي كان فيه الأنبياء يحطمون الأصنام، معلنين انتصار دين التوحيد.
فقد حطمت الأديان الأصنام والأوثان الحجرية. لكن، بقيت ليومنا هذا تلك الأصنام التي تسكن العقول، والتي يقدسها الناس، ويقدمون لها قرابين الطاعة والولاء، دون أن يقربوها بمعولٍ للهدم.
الأصنام في أحيان كثيرة قد تكون أفكاراً تسكن العقول، أوعادات وتقاليد - ما أنزل الله بها من سلطان - يتخذها بعض الناس مأخذ العبادة والتقديس، دون أن يمسوها بنقاش أو تفكير قد يسقطها، ويظهر وهميتها.
وكثير من الأفكار التي تعتنقها المجتمعات الذكورية عن المرأة، هي من قبيل تلك الأصنام الحجرية التي تسكن العقول، وتقدم لها فروض التقديس، وصلوات الطاعة (بعيداً عن أطر العقل والمنطق، أو أن تمس بتفكيرٍ واع ومدرك، من شأنه أن يحطمها، ويسقط حجيتها)، وإن كان الأولى بالتقديس هي الحقيقة، التي هي أن المرأة قادرة، وليست ضعيفة وناقصة إلا بقدر ما يريد لها المجتمع وثقافته، وبقدر قبولها لهذا.
يقول الفيلسوف الفرنسي (روجيه جارودي): إن أول اضطهاد عرفه التاريخ هو اضطهاد النساء، مما يجعل نسف الأسس التي يقوم عليها ذلك الاضطهاد، خطوة ضرورية لنسف كل اضطهاد آخر.
والذكورية، وإهدار حقوق المرأة، واِضطهادها لا يغذيها فقط رجل يجد ضالته المنشودة في امتهان المرأة، والتقليل من عقلها، وقدراتها، ليفرض وصايته على إرادتها، ويتعامل معها كقطعة شطرنج يحركها كيفما يشاء، دون أن يكون لها رأي أو هوية.
وغالباً ما يكون هذا الرجل تهاوت عروش قوته، وثقته في نفسه، في معاركه المجتمعية الطاحنة، التي فشل أن يثبت فيها تميزاً فكرياً، أو إبداعاً عقلياً، أو نجاحاً عملياً، ليستعيض عن هذا ببسط سيطرته على آخر ممالكه المسلوبة (وهي المرأة)، فيستميت لأن تبقى قابعة تحت حكمه، متفنناً في استخدام كافة أساليب العنف المعنوية والجسدية إمعاناً في قهرها، واِغتيال شخصيتها ورأيها، وإرادتها، ليستمد قوته من شعوره بضعفها، وإحساسه بتملك زمام أمورها.
لكن، الفكر الذكوري قد تغذيه أيضاً امرأة لا تؤمن بنفسها، وقدراتها، امرأة تظن أن الوصاية تمنحها حماية لا تستطيع أن تمنحها لنفسها، أو تهديها لفكرٍ وعقل هي قاصرة في الوصول إليه.
فالعادات التي تمثل إهداراً لقيمة المرأة، تدعمها بعض النساء، بدءاً من التمييز وعدم المساواة في المعاملة بين أطفالهن من الذكور والإناث، وتزكية الذكر على الأنثى في المعاملة، وتربيته على أن الرجولة تأتي كلما أظهر قوةً وعنفاً تجاه الإناث، أو تربية الفتاة على أنها خلقت لغرضٍ واحد تدور في فلكه، وهو الزواج، والمطبخ، وأواني الطهي الفارغة، وتنظيف المنزل... دون أن يكون هناك إعطاء لأي أولوية لتعليمها وتثقيفها، ومنحها الثقة في نفسها، لتكون عنصر ذو فاعلية وتأثير في المجتمع.
والحقيقة ، أنه ليس هناك فرق كبير بين وأد المرأة في الجاهلية، ووأد دورها وفكرها وكيانها في مجتمعاتنا العربية الذكورية ، بل أنهم بوأدهم للمرأة في الجاهلية كانوا يميتونها مرةً واحدة، أما بوأد دورها وفكرها وكيانها فهي تموت آلاف المرات تحت براثن الجهل والموروث من الأعراف المجتمعية البالية ، ويموت معها جيل كامل من النشء لم يتربى على استنشاق نسيم الحرية والفكر والإبداع.
إن خطر عدم تمكين المرأة لا يكمن فقط في إهدار دورها وكيانها . لكنه ، مؤشر سلبي على مجتمع لا يساوي بين جميع أفراده، وبالتالي مجتمع تمييزي، لا يحقق المساواة، ويهدر طاقاته وموارده البشرية، مما يعود سلباً عليه.
فليس من المتصور أن هناك مجتمعاً يصل إلى التقدم ، بدون تمكين نسائه بإعطائهن دوراً أكبر في المشاركة الفعالة في جميع مناحي العمل العام والسياسي، وتعزيز قدراتهن، والارتقاء بواقعهن الثقافي والتعليمي والمجتمعي.
فتمكين المرأة هو تمكين للمجتمع؛ بالإضافة إلى أن من شأنه أن يؤدي لإنتاج أسرة متجانسة وقوي بنيانها ، يحترم كل فرد فيها الآخر، ويؤمن بدوره ومكانته، مما ينشئ جيلاً واعياً، سوياً في فكره، ومعتدلاً في رؤاه، ومستقراً نفسياً.
وختاماً: سلاماً على من رأين نور الله في قلوبهن، وعلمن أن روحهن من روحه، وبأن تكريمهن كلمة من الله في كتابه.
سلاماً على من رأين أنفسهن إنساناً خلق لأن يكون خليفة الله في أرضه.
سلاماً على من تعلمن، وقرأن، وتطوعن بعطائهن، وعملن، وأبدعن.
سلاماً على من أدركن سر قوتهن.
هي (طموحة)، تنسج من أحلامها خيوط نور لتضيء لها عثرات الطريق، وترتقي بها القمم.
هي (ناجحة)، كفجرٍ رقراق قهر جيوش الظلام الناعقة بضعفها، وعدم قدرتها، ليولد من رَحِمه شمس الضياء، وتشرق اِشعاعات النجاح في أفق حياتها.
هي (إيجابية)، لا ترضى بالمفروض، والمطلق، والمُسلم به، هي طاقة تغيير تُشع بعلمٍ ووعي وثقافة، وتُسقي بذور التنمية في مجتمعها.
هي (حرة)، صوتها ثورة يسقط عروش الطغيان، وإرادتها لا تعرف المستحيل، فلا تستمع لأبواق اِستعبادها، ولا تستسلم لتابعيتها، ولا تعتنق أفكار نقصها وضعفها.
هي (جريئة)، لم يقهر الخوف يوماً كلمة حق تخرج من ثغرها، ولم تترك حقها يهدر بين براثن من يمتهنها، ويقلل من شأنها.
هي (مبدعة)، تصيغ من الكلمات لآلِئُّ تزين أكاليل القصائد، وتلون لوحات الكون بألوان السحر والبهجة، هي مبدعة بخيالها الآخاذ، ولمساتها الفنية الراقية.
هي (جميلة)، كزهرةً تأبى الذبول، وكنجمٍ يأبى الأفول.
هي الحياة...
بألحانها العذبة، المروية بشذى عطر الربيع، وقوتها النابعة من إيمانها بذاتها، وبأنها هي في نفسها بداخلها مصدر قوتها، وينبوع إرادتها، بما تمتلكه من طاقات، ومهارات، ومواهب، من شأنها أن تستوي بها على ناصية العمل العام والمجتمعي.
لكن، يبقى الطريق ليس ممهداً بالشكل الكافي في المجتمع أمام تمكين المرأة لتنال مكانتها التي تستحقها، ولتفعيل قدراتها بالشكل المطلوب.
فمنذ فترة يسكن عقلي هاجس، أن عبادة الأصنام والأوثان لم تنته في تلك البلدان التي اعتنقت الأديان السماوية (كما نظن)، أو بذاك المشهد الذي كان فيه الأنبياء يحطمون الأصنام، معلنين انتصار دين التوحيد.
فقد حطمت الأديان الأصنام والأوثان الحجرية. لكن، بقيت ليومنا هذا تلك الأصنام التي تسكن العقول، والتي يقدسها الناس، ويقدمون لها قرابين الطاعة والولاء، دون أن يقربوها بمعولٍ للهدم.
الأصنام في أحيان كثيرة قد تكون أفكاراً تسكن العقول، أوعادات وتقاليد - ما أنزل الله بها من سلطان - يتخذها بعض الناس مأخذ العبادة والتقديس، دون أن يمسوها بنقاش أو تفكير قد يسقطها، ويظهر وهميتها.
وكثير من الأفكار التي تعتنقها المجتمعات الذكورية عن المرأة، هي من قبيل تلك الأصنام الحجرية التي تسكن العقول، وتقدم لها فروض التقديس، وصلوات الطاعة (بعيداً عن أطر العقل والمنطق، أو أن تمس بتفكيرٍ واع ومدرك، من شأنه أن يحطمها، ويسقط حجيتها)، وإن كان الأولى بالتقديس هي الحقيقة، التي هي أن المرأة قادرة، وليست ضعيفة وناقصة إلا بقدر ما يريد لها المجتمع وثقافته، وبقدر قبولها لهذا.
يقول الفيلسوف الفرنسي (روجيه جارودي): إن أول اضطهاد عرفه التاريخ هو اضطهاد النساء، مما يجعل نسف الأسس التي يقوم عليها ذلك الاضطهاد، خطوة ضرورية لنسف كل اضطهاد آخر.
والذكورية، وإهدار حقوق المرأة، واِضطهادها لا يغذيها فقط رجل يجد ضالته المنشودة في امتهان المرأة، والتقليل من عقلها، وقدراتها، ليفرض وصايته على إرادتها، ويتعامل معها كقطعة شطرنج يحركها كيفما يشاء، دون أن يكون لها رأي أو هوية.
وغالباً ما يكون هذا الرجل تهاوت عروش قوته، وثقته في نفسه، في معاركه المجتمعية الطاحنة، التي فشل أن يثبت فيها تميزاً فكرياً، أو إبداعاً عقلياً، أو نجاحاً عملياً، ليستعيض عن هذا ببسط سيطرته على آخر ممالكه المسلوبة (وهي المرأة)، فيستميت لأن تبقى قابعة تحت حكمه، متفنناً في استخدام كافة أساليب العنف المعنوية والجسدية إمعاناً في قهرها، واِغتيال شخصيتها ورأيها، وإرادتها، ليستمد قوته من شعوره بضعفها، وإحساسه بتملك زمام أمورها.
لكن، الفكر الذكوري قد تغذيه أيضاً امرأة لا تؤمن بنفسها، وقدراتها، امرأة تظن أن الوصاية تمنحها حماية لا تستطيع أن تمنحها لنفسها، أو تهديها لفكرٍ وعقل هي قاصرة في الوصول إليه.
فالعادات التي تمثل إهداراً لقيمة المرأة، تدعمها بعض النساء، بدءاً من التمييز وعدم المساواة في المعاملة بين أطفالهن من الذكور والإناث، وتزكية الذكر على الأنثى في المعاملة، وتربيته على أن الرجولة تأتي كلما أظهر قوةً وعنفاً تجاه الإناث، أو تربية الفتاة على أنها خلقت لغرضٍ واحد تدور في فلكه، وهو الزواج، والمطبخ، وأواني الطهي الفارغة، وتنظيف المنزل... دون أن يكون هناك إعطاء لأي أولوية لتعليمها وتثقيفها، ومنحها الثقة في نفسها، لتكون عنصر ذو فاعلية وتأثير في المجتمع.
والحقيقة ، أنه ليس هناك فرق كبير بين وأد المرأة في الجاهلية، ووأد دورها وفكرها وكيانها في مجتمعاتنا العربية الذكورية ، بل أنهم بوأدهم للمرأة في الجاهلية كانوا يميتونها مرةً واحدة، أما بوأد دورها وفكرها وكيانها فهي تموت آلاف المرات تحت براثن الجهل والموروث من الأعراف المجتمعية البالية ، ويموت معها جيل كامل من النشء لم يتربى على استنشاق نسيم الحرية والفكر والإبداع.
إن خطر عدم تمكين المرأة لا يكمن فقط في إهدار دورها وكيانها . لكنه ، مؤشر سلبي على مجتمع لا يساوي بين جميع أفراده، وبالتالي مجتمع تمييزي، لا يحقق المساواة، ويهدر طاقاته وموارده البشرية، مما يعود سلباً عليه.
فليس من المتصور أن هناك مجتمعاً يصل إلى التقدم ، بدون تمكين نسائه بإعطائهن دوراً أكبر في المشاركة الفعالة في جميع مناحي العمل العام والسياسي، وتعزيز قدراتهن، والارتقاء بواقعهن الثقافي والتعليمي والمجتمعي.
فتمكين المرأة هو تمكين للمجتمع؛ بالإضافة إلى أن من شأنه أن يؤدي لإنتاج أسرة متجانسة وقوي بنيانها ، يحترم كل فرد فيها الآخر، ويؤمن بدوره ومكانته، مما ينشئ جيلاً واعياً، سوياً في فكره، ومعتدلاً في رؤاه، ومستقراً نفسياً.
وختاماً: سلاماً على من رأين نور الله في قلوبهن، وعلمن أن روحهن من روحه، وبأن تكريمهن كلمة من الله في كتابه.
سلاماً على من رأين أنفسهن إنساناً خلق لأن يكون خليفة الله في أرضه.
سلاماً على من تعلمن، وقرأن، وتطوعن بعطائهن، وعملن، وأبدعن.
سلاماً على من أدركن سر قوتهن.
الكاتب
احكي
الخميس ٠٨ ديسمبر ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا