هيا حسن تكتب : الجنس وأنا
الأكثر مشاهدة
«أخاف ألا أقيم حدود الله» ترددت هذه الجملة كثيرًا في أذني عندما كُنت في المرحلة الإبتدائية، قالتها الفنانة «داليا البحيري» أمام قاضي المحكمة كسببًا منطقيًا لقبول دعوة «الخلع» التي رفعتها ضد زوجها، قد عُرض المشهد في فيلم «محامي خلع 2002»، وكُنت أحاول تفسير تلك الجملة لكي استوعب المشهد عند كل مشاهدة له على مدار تسع سنوات، حيث كانت خانة عمري تزيد رقمًا تلو الآخر كل عام، بينما لم تزيد خانة ثقافتي الجنسية أكثر من الصفر حتى بلغت عقدي الثاني.
حينها تبين لي أن هناك عالم شائك، مُخيف، مغلق لأجل غير مسمى، من تقترب منه «الساقطة»، بينما كُنت أرى الذكور من نفس عمري، يجاهرون بمعرفتهم الجنسية الخاطئة، يشاهدون أفلام إباحية، يتحرشون بالنساء سواء لفظيًا أو جسديًا، عالم ممتع، مباح طوال الوقت، ويُلقب من له علاقات نسائية سواء كانت جنسية أو عاطفية بـ «بالدنجوان».
الجنس بالنسبة لي كان لغزًا كبير، يجب فك شفاراته قبل أن أقع في فخٍ أكبر مني، لم أتعلم شيئًا عنه في مدرستي الراهبات غير المختلطة؛ علمونا حينها أن الرجال أشرار، خوفونا منهم في الشوارع، كانوا دائمًا يحذرونا إن حدث لنا شيئًا ما نحتفظ به لأنفسنا، كانوا مُعتقدين أن هكذا تُبني القيم والأخلاق داخل عقول الفتيات، لم تشرح مدرسة العلوم درس «الأعضاء التناسلية» لنا، واكتفت بإلغاء هذا الفصل من الامتحان حتى لا نسألها عن شيئًا محرج، أكبر من عمرنا!
لم استوعب الثقافة الجنسية كاملة إلا بعد عُمر العشرين، لم أكن أعلم الكثير عن جسدي، وعملية الإنجاب، وعن سبب البلوغ الحقيقي عند الفتاة، لم اكتشف أن هناك أنواع لغشاء البكارة إلا منذ عام واحد فقط، بالإضافة إلى أنني كُنت على علم أن ختان الإناث شيئًا يضر السيدات لكن سبب ضرره كان غير معلوم، وكثير من المعلومات الشائكة التي لا يجب أن تسأل الفتاة عنها حتى وإن كان من باب العلم بالشئ، اعترفت لي أحدى صديقاتي منذ فترة أنها لم تكن تعلم شيئًا عن الجنس، وعن جسدها، إلا بعد ليلة الدخلة، حيث مدها زوجها بالمعلومات الكافية بالنسبة له، وسألتني صديقة أخرى، تبلغ من العمر 23 عامًا، عندما قرأت بوست لي على موقع «الفيس بوك» عن «ختان الإناث»، حيث أرسلت لي «هو يعني إيه ختان إناث وإيه ضرره»!
إذا كان يخشي المجتمع المصري مبدأ الفضيحة إلى هذا الحد، وإذا كانت المرأة بالنسبة لكم عورة، ومعرفتها بالثقافة الجنسية ستؤدي إلى كوارث كونية، وإذا كانت غرائزها بالنسبة لكم لا قيمة لها، فتقطعوا من لحمها وجسدها حتى لا تفضحكم غريزتها تعجب بأحدهم فتخطأ معه، فلماذا إذن توقفتوا عن وأدهن أحياء؟، لماذا تتمنون إنجاب الفتيات؟ الفتاة ليست إشباع غريزة، وليست ملك يمين الرجل.
أتعلمون أن عدم تثقيف الفتيات خاصًة في مرحلة متقدمة من العمر، هي التي قد تدفعها للانحراف وتفضحكم؟.. الفضول ياسادة، الفضول سيدفعها لاكتشاف ذلك العالم الشائك الذي تخشاه ولا تتحدث فيه جدتها وأمها وخالتها وعمتها، وغالبًا ذلك ما يحدث الآن، سمعتُ قصص كثيرة عن فتيات صغيرات لا يتعدوا الـ 15 عامًا، فقدوا عذريتهم، بل ويتباهون بذلك، وقصص هروب مع صديقها والإقامة معه، كُلها أفكار غربية لا تمت لنا بصلة، تحقق حلم التحرر عند هؤلاء الفتيات، تُشبع رغباتهم في المعرفة حتى إن كانت معرفة عملية.
في وجهة نظري وصف الشاعر «نزار قباني» لهذه القضية بـ «الخرافة» هو أفضلما قيل عنها:
«حين كنا في الكتاتيب صغارا، درسونا، ركب المرأة عورة، ضحكة المرأة عورة، صوتها من خلف ثقب الباب عورة، صوروا الجنس لنا غولا بأنياب كبيرة، يخنق الأطفال، يقتات العذارى، خوفونا من عذاب الله إن نحن عشقنا، هددونا بالسكاكين إذا نحن حلمنا، شوهوا الإحساس فينا والشعور، فصلوا أجسادنا عنا عصورا وعصورا، فنشأنا ساذجين ..وبقينا ساذجين، نحسب المرأة شاه أو بعيرا، ونرى العالم جنسا وسريرا»
أرجوكم.. لا تبخلوا على أطفالكم بالمعلومات الصحيحة في وقتها المناسب، لا تُنشئوا جيلًا جديد عديم الثقافة الجنسية، كثير المعاصي، الجنس أمرًا طبيعيًا وغريزة إنسانية وضعها الله – عز وجل - عند المرأة قبل الرجل، لا تنجبوا نسخ جديدة من جيلنا الذي لا يعلم شيئًا عن أي شئ في هذه المنطقة، والذي يجمع المعلومات كلها من الإنترنت صحيحة كانت أم خاطئة، ويصدم عند الزواج أو يقرر الإنحراف، صدقوني المعرفة ستحميهم أكثر من عدمها، من المهم أن تفهم الفتاة الكثير عن جسدها، لا تبخلوا على الفتيات بمعلومات مثلها مثل طريقة عمل «المكرونة بالبشاميل» التي تحرصن على تعليمهن إيها لتكون «ست بيت شاطرة».
الكاتب
احكي
الخميس ٢٦ يناير ٢٠١٧
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا