هاجر بلال تكتب : أخي فقط من يحتفل بالعيد
الأكثر مشاهدة
منذ ثلاثة عشر عاما، في أول أيام العيد، إستيقظت علي صوت أختي الصغيرة تخبرني بأننا تأخرنا فقد تجاوزت الساعة الحادية عشر صباحا، إبتسمت لها ونظرت علي المنضدة فوجدت ملابس العيد كما أحضرتها بالأمس، لمستها بيدي ثم ذهبت لتناول الفطور وفور إنتهائي ركضت مسرعة للإستعداد. لا أذكر أين ذهبت تحديدا لكني اذكر جيدا سعادتي بهذا اليوم، تمنيت لو كان بإمكاني إيقاف الوقت حتي لا ينتهي العيد ،سألتني أمي في نهاية اليوم "ألا تشعرين بالتعب؟!" هززت رأسي بالرفض ثم ركضت لكي أكمل اللعب...كان هذا عيدي الأخير.
في العام التالي مباشرا و إلي الآن أصبح العيد مجرد روتين سخيف،أصبحت أجلس أمام التلفاز الممل أستمتع بصحن الكعك و كوب من الشاي بالحليب،تسري الحياه بالخارج بينما أنا أتجول في أرجاء المنزل الذي يزداد كأبه كل عام أكثر من العام السابق. ذات مرة قرأت مقال بعنوان "كيف تقضون عيد سعيد داخل المنزل" ولم أجد فيه كلمة مفيدة تنتشلني من ضجري فدعوت علي صاحبه وتمنيت له عيدا سخيف كمقاله، لم يعد الوقت يسير مسرعا كالسابق، علي العكس تماما، عقارب الساعه تتباطأ لكي تؤكد لي بان العيد إنتهي منذ سنوات. ما يأتي كل عام مجرد شبح يدعي بأنه عيد، ينتهي اليوم ببطء شديد مع أغنية تتر النهاية "العيد فرحة"
أتساءل كل خمس دقائق "ماذا يفعل أخي الآن؟" اتخيله يجلس برفقة أصدقائه في إحدي المقاهي أو ربما يشاهد فيلم في السينما، و ربما يتجول بشوارع القاهرة ليلا لا أدري أين هو، لكني علي يقين تام بأنه يقضي العيد كما ينبغي أن يكون، لان أخي فقط من يحتفل، لأن أخي مذكر، لأن الفتيات في مصر لا تحتفل بالأعياد خارج منازلهن، فقد إعتدنا علي سماع جملة "مفيش خروج في العيد" البعض منا تقبل الأمر الواقع بما فيه من سخافة و البعض الأخر رفض وقرر خوض التجربة، فمنهن من تعرضن للإيذاء و منهن من نجت بفضل معجزة إلهية.
كنت أنا من النوع الأول، سنوات عدة لم أري فيهم كيف تبدو الشوراع في العيد، كيف يحتفلون بعيد الفطر! لم أكرر مطلبي حين قال لي أبي ذات مرة "الشوارع مش أمان في العيد" فهمت مايقصد و اقتنعت تماما بإن الإحتفال برفقة جدران البيت أفضل من الإحتفال في شوارع مصر.
ففي العيد تزدحم الشوراع وكلما كثرت الأعداد كانت إحتماليه الإيذاء أكثر، إيذاء من نوع لا يحتمل، إيذاء يصل لإنتهاك أجساد الآخرين، فأصبحت القاعدة الأساسية في عقولنا "الزحمة يعني تحرش" ولإنه العيد فلا زحمة تعلو فوق زحمة العيد و لذلك فان العيد بإختصار شديد "موسم للتحرش" موسم ينتظره الكثير و يخشاه و يتجنبه الأكثر .
ورغم أن التحرش ليس بظاهرة حديثة وليس مرتبط بزمن محدد إلا أن حالات التحرش ترتفع بشكل ملحوظ في الأعياد، خاصة عيد الفطر، تتحول الشوراع لساحة تحرش جماعي، حيث يجتمع الصبية في إستقبال الفتيات للمشاركة في الحفلة ورغم التشديدات الأمنيه و الدعوات لمناهضة التحرش الإ أن الوضع يزداد سوء كل عام، فيبقي الحل الآمن للفتيات هو الإعتكاف بمنزلهن طوال أيام العيد و تبقي جملة "مفيش خروج في العيد " هي الأفضل علي الإطلاق
الكاتب
احكي
الأربعاء ٢٨ يونيو ٢٠١٧
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا