أحقاً الألم له لذة ؟!
الأكثر مشاهدة
بقلم / مريم أنيس
" غداً في الشط تجمعنا ليالي الصيف والنجوى ، وفوق رماله الفرحى سننسى الحزن والشكوى ، نعانق فيه أحلاما تركناها بلا مأوى ، وقد ألقاك في سفر وقد ألقاك في غربة ، كلانا عاش مشتاقا وعاند في الهوى قلبه" فاروق جويدة
تمر علينا جميعاً الأوقات العصيبة ونحارب سيل الذكريات الأليمة لكي نمضي قدماً في تلك الحياة الواعرة المليئة بالتحديات والصعوبات والآلام . نتغلب على مرير التجارب أحياناً وفي بعض الأوقت يكسرنا هياج الذكريات لتلك اللحظات الحرجة !
نتمنى أن نهرب إلى الأحلام القابعة في خيالتنا ، نأمل أن نسبح في عكس تيار الواقع حتى لا نكابد ما نعانيه من الآلام الفراق واليأس والفشل والضياع . تتصدع جدران رغابتنا بفعل قسوة الأزمات ، تربكنا غزير العقبات في ممشى الأيام ، فنتعرقل أحياناً ونتوقف ونصدق أنه لا حيلة لنا .
لكن قد تكون المفاجأة أن لالآلم لذة ، نعم ! الألم بكل تفاصيله الموجعة و عواقبه المبرحة له لذة نجني ثمارها بينما نفوت في نيرانها . لسنا من أنصار الماسوشية أو السادية حتى نؤمن بلذة الآلم لكن النيران التي تعبر من خلالها تعطيك لذة لن تقدر على إقتناها بأي طريقة أخرى .
فعندما يمتزج وجدانك بمشاعر الحزن ، تختلج كيانك نظرة واقعية للحياة لن تقدر أن تكتسبها في أوقات سعادتك وتفاؤلك . عندما يدق الضيق بابك ، يدركك الصمت ويدنو إليك التأمل كصديق مقرب يمد يده ويمنحك بعض مدخراته من كنوز الحكمة والهدوء . عندما تعبر في الكهف المظلم المخيف ، تفقد الرؤية لدقائق بعدما كنت ترى ما يجول حولك وحينئذ تبدأ عينيك في التأقلم على الظلام ، فتعود وتنظر حقائق الأمور والاشخاص من حولك . ترى من يقف بجانبك ليسندك وتتيقن من يريد أن يطعنك بخنجر في ظهرك بعدما أتخذ من الظلام ستار ليحجب عنك الرؤية ظناً أنه لن يفتضح أمره .
ترى بوضوح رغم إنعدام النور لكنك ترى الكل على حقيقته ، تكشف كل من يريد أن يختفي في دهاليز الظلام المدقع .
الألم يعطيك نشوة الانتصار على الخوف بعدما كنت تحسب أنك لن تقوى على مواجهة أحزانك وتظن أنك غير جدير بمنازلة ألامك و يخيل لك أنك غير قادرعلى الصمود أمام أزماتك . فالألم يذيقك طعم الفرح الحقيقي لأانك قد تجرعت طعم المرار من قبل ، فتشعر باللذة الحقيقة بالنعم التي يمنحها لك الله .
حياتنا لن تخلو من الصعاب والألم والإحباطات ، سنتجرع اليأس والمرض والفراق والوحدة ، سنمر بلحظات حرجة وعصيبة ، ستشق العبرات طريقها على وجوهنا رغم أنفنا . حتماً سنتوجع ، سنحارب ، ستنضنينا الحياة وتنهك قوانا. وهنا تكمن الشجاعة : شجاعتنا في تقبل الواقع والتعامل معه . لا ترفض آلامك ، لا تهرب من أوجاعك ، فهي السبيل إلى نضوجك وكشف الستار عن حقائق لم تكن تدركها في طريقك .
يقول جبران "إن ما تشعرون به من ألم هو انكسار القشرة التي تغلف إدراككم وكما أن قشرة النواة الصلدة يجب أن تتحطم وتبلى حتى يبرز قلبها من ظلمة الارض الى نور الشمس هكذا انتم ايضا يجب أن تحطم الآلام قشوركم قبل أن تعرفوا معنى الحياة ".
فلتتخلص من إحجامك عن تحمل الألم وتمضي مستبسلاً ، وستكشف لك الآلام القناع الزائف عن كل ما خدعك وتريك أوجه مخنلفة للحياة .
حقاً ! أيها الألم ، لم أفهمك ، كنت في صفي وكنت أظنك ضدي .
الكاتب
مريم أنيس
السبت ١٠ فبراير ٢٠١٨
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا