5 مشاهد بين ”رضوى ومريد”.. قصة عبرت حواجز الجغرافيا لتخلد في التاريخ
الأكثر مشاهدة
(1)
امرأة ورجل، مصرية وفلسطيني، روائية وشاعر، شعرهما أبيض ويقفان بجوار بعضهما في أمسية أدبية بأحد مكتبات القاهرة، تبدأ رضوى بالكلام فينتبه مريد لشيئ ما على "الجاكت" الخاص بها فينحني قليلاً ليلتقطه.. ربما تجدها لقطة بسيطة وطبيعية لكني أرى أن العلاقة التي امتدت لحوالي نصف قرن ترتكز على ذلك "الاهتمام" المتجلي في هذه اللقطة.
(2)
على سلم المكتبة المركزية بجامعة القاهرة، سمعت رضوى لأول مرة صوت الأديب الفلسطيني مريد البرغوثي وهو يلقي على زملائه أحد قصائده، فانتبهت له وشعرت بكلماته، وتقول بعد أن سمعت مريد تركت كتابة الشعر لأن الشعر أحق بأهله وذويه.
كتب فيها مريد ما أسمته لطيفة الزيات "قصيدة حب لا قصيدة غزل" نشرت عام 1973 في مجلة الكاتب.
"إنى أقرأ فى عينيك الزمن القادم
ولهذا أتحمل عبء حياتى
نشوان
وظهرى يرزخ تحت الأحمال
أبتسم وإن ساءت كل الأخبار
وأسير وفى ظهر الخنجر
فأنا أومن أنى قادر.."
(3)
"أمي وأبويا التقوا والحر للحرة
شاعر من الضفة برغوثي واسمه مريد
قالوا لها ده أجنبي
ما يجوزش بالمرة
قالت لهم يا عبيد اللي ملوكها عبيد
من امتى كانت رام الله من بلاد برة
يا ناس يا أهل البلد شارياه وشاريني
من يعترض ع المحبة لما ربّي يريد.. " قصيدة قالولي بتحب مصر
كلمات كتبها نتاج هذا الزواج، الشاعر وأستاذ العلوم السياسية، تميم البرغوتي، في معارضة أهل رضوى لارتباطها من الشاب الذي لم يملك وثيقة سفر ولا وطن له أو مستقبل وشيك حتى جلسوا مع مريد وقبلوه زوجًا لبنتهم الوحيدة.
(4)
وكأن حكايتهما أسطورة الحب التي تتناقلها الأجيال وتضرب بها الأمثال، فتهجير مريد من مصر بعد معاهدة السلام مع إسرائيل وتشتيت الأسرة الصغيرة التي لم يبلغ وليدها سوى الأشهر الخمسة، لم يمنع سيلان حبهما كنهر جارٍ وظلت المطارات والعواصم المختلفة مكان يخطف فيه العاشقين لحظات من الزمن.
"أنتِ جميلة كوطن محرر
وأنا متعب كوطن محتل
أنتِ حزينة كمخذول يقاوم
وأنا مستنهض كحرب وشيكة
أنتِ مشتهاة كتوقف الغارة
وأنا مخلوع القلب كالباحث بين الأنقاض
أنتِ جسورة كطيار يتدرب
وأنا فخور كجدته.." من قصيدة "طال الشتات".
(5)
عاد مريد لمصر وظل بيت "العائلة الخارقة" يهتم بالوطن، اهتمامًا وهمًا، لكن رضوى بدأت تمرض وعادوا مرة أخرى للترحال حول العالم بحثًا عن علاج لمحتل سرطاني، ويكتب مُريد يومًا أثناء اشتداد المرض عليه "عودي يا ضحكتها عودي".. وترحل رضوى بعد ذلك عن دنيانا لكنها ظلت حية في كلمات شاعريها المقربين.
"افتحوا الأبواب لتدخل السيدة .. من ينشغل بحزنه على فقد المحبوب ينشغل عن المحبوب. الآن أطلب من حزنى أن يتجه إلى أقرب بوابة ويغادر هادئا كما أشاء أو هادرا كما يشاء لكن دون أن يلفت الأنظار... لست أنت المهم اليوم ولا أنا أيها الحزن، أنا منشغل بها لا بك أنت".
الكاتب
ندى بديوي
الأربعاء ٣٠ نوفمبر ٢٠١٦
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا