إليزابيث ماجي ابتكرت ”بنك الحظ” لتقضي على الاحتكار
الأكثر مشاهدة
بنك الحظ، اللعبة التي دخلت جميع البيوت، وكانت أولى فرصنا للقاء النقود والأموال، التي كنا نعدها ضخمة ونعتبر أنها من اختصاص الكبار فقط، ولكننا لم ندرك أن وراء اختراعها قصة وغاية اقتصادية حاولت نشرها إليزابيث ماجي.
ولدت ماجي في الولايات المتحدة عام 1866، والدها جيمس ماجي صاحب الميول السياسية والاقتصادية ضد النظم الاحتكارية، فنشأت ابنته على نفس منواله، فكان لها شخصيتها المتفردة، لم تتزوج حتى أتمت العقد الخامس، وكان لديها نزعة من الاستقلالية التي حاولت إبرازها بطرق دعائية مختلفة، فنشرت إعلانا في إحدى الصحف تعرض نفسها للبيع، بهدف تسليط الضوء على معاملة المرأة كتابع للرجل في المجتمع الأمريكي.
كان لماجي آراء ومواجهات أخرى في المجال الاقتصادي، فكانت ترفض السياسات الاقتصادية الرأسمالية، وطريقة تملك الراضي والعقارات، وكان لوالداه الأثر في اهتمامها ونشأتها، وأهداها كتاب لهنري جورج عالم الاقتصاد بعنوان "الترقي والفقر"، الذي ألفه عام 1879، وكان الكتاب شاراة للعبة التي أشعلت حماس البيوت وجمعت العائلة والأصدقاء حولها.
تطرق الكتاب إلى أحقية المواطنين في استخدام الأرض وتملكها "حق جليّ.. كما هو حقهم في استنشاق الهواء، وهو حق معلن بموجب حقهم في الوجود"، ولاحظ الكاتب وجود تفاوت في الطبقات الاقتصادية، نتج عنه تفاوت في توزيع الأراضي وملكيتها، وكان له رأي واضح بضرورة فرض ضرائب على عملية شراء الأرض، وأن تستثمر الدولة هذه الضرائب بما يخدم كل فرد.
اقتنعت ماجي بهذه الأفكار، ولكنها لم تتبع الطريقة التقليدية في نشرها، ولذلك اختارت أن تخترع لعبة عام 1904 تُظهر مساوئ الاحتكار، وتعبر عن أفكار هنري جوروج، فكانت "بنك الحظ"، أو كما أطلقت عليها حينها "لعبة مالك الأرض والعقارات".
في لعبة ماجي، التي كانت تلعب على ألواح حملت أسماء شوارع وأماكن في الولايات المتحدة، ويُرجح أنها في نيوجيرسي بالتحديد، كانت القواعد تنقسم وفق نظريتين الأولى "الازدهار"، وفيها يتمكن اللاعبون، الذين يصل عددهم إلى ثمانية، من نيل مكاسب كلما قام أحدهم بشراء قطعة ارض جديدة، وهو ما يجسد أفكار هنري، التي تؤمن بضرورة فرض الضرائب على تمليك الأراضي، ومن الممكن أن يشترك اللاعبون في تاجير الراضي، مما يعني أن الكل فائز.
أما النظرية الثانية للعب، هي "قواعد المحتكر" وهي الوجه السئ للنظرية الأولى، ولفكرة التملك، فكل لاعب يمكنه أن يستحوذ على أي ما يشاء من الأراضي، وأن يحصل رسوما على كل من يتوقفوا عندها، لتظهر كيف يمكن لهذه الطريقة ان تقود الجميع إلى الخسارة في النهاية، وتتاناول عيوب ومساوئ الاحتكار.
اعتبرت ماجي لعبتها "لعبة الحياة" لأنها تشير إلى كل ما يتمنى الناس تحقيقه، وهو تكديس الثروات، ولكنها لم تعلم أن لعبتها ستنشر في المستقبل فكرة مناقضة للهدف الذي صممته من أجلها، بعد أن صار الاحتفاء بمبادئ الاحتكار والرأسمالية هما أساس اللعبة، وهي الأفكار التي كانت تحاربها ماجي وترغب في التغلب عليها.
تعرضت اللعبة للتطوير والتغيير في القواعد، بعد رحيل ماجي، التي لم تكن تتوقع أن تنتشر "بنك الحظ" على مستوى العالم، وبأسماء المدن والشوارع المحلية لكل بلد.
المصدر: BBC
الكاتب
هدير حسن
الإثنين ٢٨ أغسطس ٢٠١٧
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا