عندما تصنع ”الأيدي الناعمة”، تنتج بهجة على أرض ”سوق الفسطاط”
الأكثر مشاهدة
تصوير: نورهان مُحسن
نظّم أصحاب المعارض الدائمة بسوق الفسطاط المهرجان السنوي للحرف والفنون اليدويّة، وذلك لتشجيع السيدات العاملات في تلك الحرف.
وكان من المقرر أن يقام المعرض لمدة ثلاثة أيام بدءًا من اليوم الموافق 14 ديسمبر حتى 17 ديسمبر، لكن تم مد فترة المهرجان إلى يوم 18 ديسمبر.
امتلأ السوق بألوان مبهرة، كلما ركزت الكاميرا على إحدى الطاولات التي تحمل بعضًا من بهجة تلك الألوان، زاغت الصورة إلى طاولة أخرى، ولم يقتصر الانبهار على كاميرا "احكي" فقط بل تملّك أيضًا من أعين جميع الحاضرين.
في البداية استوقفتنا طاولة تجلس بجانبها فتاة يبدو عليها صغر السن، عندما تحدثنا إليها ابتسمت ابتسامة واسعة وبعد الترحيب بنا قدمت لنا نفسها "اسمي رحاب،عندي 26 سنة، درست في معهد سينما قسم رسوم متحركة، وفكرة أعمالي اليدوية جت من خلال دراستي"حيث تقوم رحاب بصناعة اكسسوارات غير تقليدية، باستخدام "خرز الكوي" الذي تقوم باستيراده مخصوص من أمريكا "برسم الرسومات في البداية باستخدام الخرز، وبشكلها على بورد، وبسيحها بالمكوى ولما بيسيح بيمسك في بعضه" هكذا عرفتنا بطريقة صناعة اكسسواراتها التي اختارت لها اسم "سوكا اكسسوريز" وتقوم بتسويق منتجاتها عبر الانترنت.
وعن المشاكل التي تواجه "رحاب" في مشروعها قالت: "استيراد الخامات أصعب حاجة بواجهها، لإني مش بلاقي نفس الخامات في مصر، ومش حابّة أقدم في شغلي مستوى أقل من اللي اتعودت عليه".
ثم رحبت بنا سيدة أخرى تحمل نفس ابتسامة "رحاب" الجميلة لكن بأعين الأمومة، فقد كانت "صباح الخطيب" تعمل "مدرّسة" بإحدى مدارس مدينة 6 أكتوبر، وعندما تقاعدت عن العمل انتابها شعور بالملل رغم انشغال يومها بتفاصيل أبنائها، فبحثت عن عمل تقوم به من المنزل واستقرت على حرفة "الكروشيه"، "دورت على مكان يعلّمني الكروشيه لحد ما لقيت مؤسسة مُنتجي اللى اتعلمت فيها كل حاجة ليها علاقة بالحرفة دي من غير ولا ملّيم" هكذا ذكرت أولى خطواتها في عملها الجديد.
أما عن السؤال الذي دار بذهن معظم النساء الواقفات بهدف الشراء منها، المتعلّق بإن كان استخدام الكروشيه سهل أم صعب قالت السيدة صباح: "كان سهل عليّا، عشان أنا حابة شغله، وانتو لو حبيتوه هتتعلموه بسهولة".
انتقلت الكاميرا من طاولة كروشيه "صباح" إلى كروشيه السيدة الهادئة "فاطمة سليمان" التي أتت من "إريتريا" لتنفذ مشروع الكروشيه الخاص بها في مصر، بمساعدة فتيات يحملن نفس جنسيتها، مشكّلات فريق عمل نسائي غير مصري، باستخدام خامات مصريّة على أرض ترحب بأعمالهن المبهجة.
وهنا توقّفت الكاميرا عند إضاءة تخرج من بين أيدي امرأة، ظهرت وكأنها تحمل بلّورة سحريّة تكشف لنا عبرها عن خبايا وأسرار عالم الفتيات الذي علقنا فيه، ولا نريد الخروج منه.
ومن ثم كشفت لنا عن أسرار حكايتها في صنعتها ذات الطابع الفنّي فقالت لنا "ناهد المصري" التي كانت تعمل في مجال هندسة الاتصال، وتوقفت عن عملها بعد الإنجاب: "لما ولادي كبروا لقيت يومي مفيهوش أحداث وحسيت بملل، فشجعتني بنتي وقالتلي انتي بتحبي الرسم يا ماما اشتغلي في حاجة ليها علاقة بيه" وبالفعل بدأت المهندسة "ناهد" بإعادة تدوير المنتجات من حولها من زجاج، وصدف، وبلاستيك، وأقمشة مع إضافة لمستها الفنيّة عليها "لما عملت صفحة على الفيسبوك لقيت تشجيع كبير من الناس فبدأت أنزل اشتري خامات حقيقيّة وأشتغل عليها"
وعن الخامات التي تفضل العمل بها قالت "بحب الزجاج جدًا، بتبهرني شكل الألوان عليه، ويعتبر أكتر حاجة عليها طلب هو والخيش".
هكذا أعربت أعين كل واحدة منهن عن عملها الشغوفة به، قبل أن يطلق لسانها كلمات تعبر عنه، ليشكّلن مكان يطلقن فيه دعوات للعمل والكفاح، دعوات موازية لصلوات تخرج من أجراس ومآذن "مجمّع الأديان"، الملتصق بمجمّعهن "سوق الفسطاط"، على أرض مصر القديمة.
الكاتب
أمينة صلاح الدين
الأحد ١٧ ديسمبر ٢٠١٧
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا