نيفين رياض.. هوايتها ”الاسكوتر” وتركت السياحة لتعد ”الكيك”
الأكثر مشاهدة
"في طفولتي كان خالي بيوصلني المدرسة بالموتوسيكل، وكنت بفرح جدا وقتها لما الهوا يخبط في وشي".. ذكرى جعلت ركوب الموتوسيكلات حلم أصرت رغم تخطيها الأربعين على تحقيقه، ولم يثنها الانشغال بالعمل في شركة سياحية أو التفرغ لمشروع.
الاجتهاد والإصرار وعدم تقبل الأمور على أنها واقعا لا يمكن تغييره، بعض من صفات نيفين رياض، التي تؤمن أنه لا يوجد ما يمنعها أن تفعل ما تريد "طالما مش بعمل حاجة عيب أو حرام". اعتادت نيفين العمل في عمر صغيرة، فاستطاعت أن تحصل على عمل بأحد المراكب السياحية في صعيد مصر، وهي لم تتخط الـ 18 عاما بعد.
"كنت أول بنت تشتغل على مركب سياحي في الصعيد" وكانت أيضا البنت الوحيدة، بعد أن أقنعت والديها بالسفر إلى محافظة بعيدة لتبدأ مسيرة مهنية تحبها وتجتهد في أدائها، فظلت لأربع سنوات تعمل وتدرس بكلية الآداب، وأظهرت لأسرتها قدرتها على الاعتماد على نفسها "عرفت أكون قد ثقتهم فيا، رغم أنه مكنش في وسائل للاتصال زي دلوقتي"، انتقلت بعدها إلى مقر الشركة في القاهرة.
طوال 27 عاما، عملت خلالهم نيفين في مجال السياحة "كانت حياتي ما بين معارض وسفر بره مصر، وشغلي مع الفنادق"، حتى وصلت إلى منصب مدير شركة سياحة دولية، ولكن لظروف خاصة بالوضع السياحي في مصر، أُغلقت الشركة في 2016 "اتعرض علي بعدها أشتغل في شركات سياحة تانية، لكن حسيت أني محتاجة أغير وأعمل حاجة مريحة ومفيهاش ضغط".
صدفة قادتها نحو إعداد وخبز "الكيك" لإنقاذ موقف "كنت متفقة مع ناس يعملوا حلويات لحدث بنظمه، لكن متمش الاتفاق، فقررت أتعلم أنا وأعمله"، لأنها لم تعتد على الخضوع لظروف تُجبر عليها "مكنش عندي أي خبرة في عمل الكيك، وبالكتير بعمل الغدا للأولاد في البيت، فاتعلمته وقعدت أجرب في جوزي وأولادي في البيت".
بعد أن صنعت "كيك" مميز لأقاربها وأصدقائها، قررت في فبراير العام الماضي (2017) أن تبدا في احتراف صناعة الكيك بعد ستة أشهر قضتهم في التعلم ومشاهدة الفيديوهات والتعرف على الجديد في مجال إعداد الحلويات، وأنشأت صفحتها Crazy Pops، التي لا تعلم لمن أين جاء اسمها "يمكن عشان أنا حياتي كلها مجنونة أصلا".
إتقان نيفين للغة الإنجليزية ودراستها بمدراس فرنسية مكنها من تقديم منتج مميز وله مذاق خاص، فانضمت إلى مجموعات طباخي الحلويات في أستراليا وإنجلترا، واستطاعت أن تتعلم منهم تقنيات جديدة ومختلفة عن السائد، فأصبح الكيك الخاص بها فريد بشهادة عملائها وله مذاق ناضج ومحبب، فهي تعد "الكب كيك" و"تورتة" أعياد الميلاد".
"رغم أنه مجهد وممكن أقعد 6 او 7 ساعات بعمل في قطعة واحدة، بيطلع الضغط وبيخلي الأمور اهدأ"، فجعلها تكتشف في نفسها القدرة على الصبر. تتمنى نيفين أن تمتلك محل صغير يحمل نفس الاسم "عاوزة يكون المكان له طابع إيطالي، وفي ترابيزة واحدة (طاولة)"، ويرتاده الراغبون في احتساء كوب قهوة مع قطعة كيك صغيرة، مؤمنة أن الأحلام تبدأ صغيرة وتكبر مع الوقت، فهي ليست طامعة في سلسلة فروع كبيرة، وتسعى لأن تكون خطواتها واثقة وناجحة ومميزة.
لم تكن حياة نيفين تقتصر على العمل فقط، فهي زوجة وأم لأربعة أبناء أكبرهم في العشرين وأصغرهم تبدأ عامها التاسع، استطاعت بفضل مساندة والدتها وحماتها (والدة زوجها) أن توفق بينهم وعملها، بخلاف مساندة زوجها "كان عارف أني بحب شغلي، وعنده القدرة يقعد مع الأولاد لوحده، وبيعمل أكل أحسن مني كمان".
دعم زوجها وتقبله لاختلافها أمر سهل على نيفين الكثير، "أنا كملت 22 سنة متجوزة، ممكن نتخانق في اليوم 30 مرة، لكن تخطينا مشاكل كتير، وعارفين إننا بنحب بعض"، زوجها كان يعلم أنها غير عادية، وساندها في فعل ما تريد رغم انتقادات قد يواجهها "كانوا بيقولوا إننا اتنين مجانين، هنتجوز شوية ونسيب بعض".
مع مرور السنوات تشعر بالتقدير والامتنان نحو زوجها، فاستطاعا معا أن يؤسسا مبادئ لا تفرق بين الابن والابنة داخل البيت الواحد "عندنا في البيت جدول بغسيل المواعين للكل الولد والثلالثة بنات"، متعمدة أن تربي ابنها على مساعدتها وأخواته، ليصبح زوجا مساندا كما والده.
الزوج الراضي بتمرد زوجته على المجتمع، ساندها في تحقيق حلمها بتعلم ركوب الدراجات النارية "رغم أني وصلت الـ 47، معنديش مشكلة أتعلم وأعرف حاجة جديدة"، وفي 2015 قررت نيفين أن تعاود الحلم القديم بتعلم ركوب الموتوسيكل، الذي بدأته بركوب الدراجات ولكنها لم تفلح، فخضعت لتدريب لمدة خمس حصص لتتقن قيادة الموتوسيكل، ورغم ذلك لم تأتِ النتيجة كما تتمناها.
عدم اقتناعها بوجود أمر يستحيل عليها فعله، دفعها لشراء "اسكوتر" (نوع من الدراجات النارية) رغم أنها لم تتعلم كيفية قيادته بعد، "روحت معرض اشتريته مع جوزي مكناش عارفين نرجع بيه" واتصلت بابنتها لتطلب من أحد أصدقائها أن يقود لهم "الاسكوتر" إلى المنزل، وتركته في الجراج وأصبح تسلية أولادها من حين لاخر.
"ده عشقي وهوايتي الأولي، والحاجة اللي ممكن تخرجني من أي ضيق" ولذلك أصرت أن تحاول تعلمه مرة ثانية، وعلى يد أحدهم استطاعت بعد شهر أن تتعلم قيادته في محيط المنطقة التي تسكن بها، حتى تمكنت من الاشتراك في جولة بالموتوسيكلات إلى الإسماعيلية مع مجموعة من محبي قيادتها "كانا في يوم 29 مايو 2015، ومن أحسن التجارب اللي عملتها في حياتي" تتذكر اليوم كما لو شهد ولادة طفل جديد لها، فاستطاعت يومها أن تتحدى نفسها، وتثبت قدرتها على تحقيق ما تريد.
طورت نيفين "الاسكوتر"، واشترت آخر أكبر حجما بإمكانيات أكثر، فأصبح وسيلة مواصلاتها التي تعتمد عليها، غير عابئة بتعليقات هذا او تلك "مش بشغل دماغي الناس هتقول إيه"، مشيرة إلى أنها لم تتعرض لمضايقة بسبب قيادتها له "المعاكسة مش هتتغير لو كنتي سايقة عربية ولا موتوسيكل أو ماشية على رجلك"، معتبرة أن خطوتها تشجيع لغيرها من البنات والسيدات الراغبات في تجربة شئ جديد ومختلف، متمنية أن يكون كل شخص قادر على الحلم "احلموا وحاولوا تحققوا أحلامكم، سيبوا أولادكم يجربوا ويحلموا".
الكاتب
هدير حسن
الخميس ٢٢ فبراير ٢٠١٨
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا