”هاتشيكو”.. من أمنية طفل إلى مشروع يضم 3 عائلات
الأكثر مشاهدة
صداقة قوية امتدت لأكثر من 20 عاما جمعت ثلاثة رجال، ضمت بمرور الأعوام الزوجات اللاتي اتخذن نفس الدرب، فجمعتهن الاهتمامات نفسها والتفاهم والتقبل وحتى اختلافاتهن، وكان حب تربية الحيوانات القاسم المشترك بين الجميع، حتى تلاقى في "هاتشيكو Hachiko".
شريف وزوجته رشا، وهاجر وزوجها محمود، والزوجين شيماء وياسر، ومعهم 9 أبناء أكبرهم عبد الرحمن في الثانية عشرة من عمره، وأصغرهم حسين بعمر العام والنصف، ثلاثة أسر تضمهم عائلة كبيرة اجتمعت على حب الحيوانات، والحرص على توفير بيئة آمنة لهم، تبدأ من اختيار طعام صحي وطازج، ويصلح أيضا للاستخدام الآدمي.
"البداية كانت من عندنا في البيت، لما ابني كان نفسه يربي كلب" سردت رشا كيف تحولت أمنية ابنها في اقتناء كلب يعوضه عن الحظي بأخ ولد إلى مشروع يحمل اسم كلبه "هاتشيكو"، فالطفل، الذي لم يكن حينها قد تعدى التاسعة من عمره، كان متأثرا بقصة الكلب الذي كان يرافق صاحبه إلى محطة القطار في طريقه إلى العمل في اليابان، وبعد موت صاحبه ظل الكلب على العهد منتظرا لسنوات صديقه على محطة القطار حتى توفي، فأقاموا له تمثالا في اليابان تخليدا لوفائه.
اعتاد عبد الرحمن، الذي أصبح في الثانية عشرة من عمره الآن، على تربية الحيوانات بداية من السمك والعصافير والسلحفاة وحتى القطط وصولا إلى الكلب "هاتشي"، الذي مع وصوله بدأ الابن مع أبيه يفكران في تربيته بطريقة علمية وصحية، وفي طريق البحث عن طعام صحي يناسبه بعيدا عن الأطعمة المعلبة، واتت الأب شريف فكرة إنتاج الطعام الصحي في المنزل "لقينا شغف في حاجة بنحبها كأصحاب وعائلة، وكان في علامات أننا هننجح".
في خلال 24 ساعة، اجتمع شريف بأصدقائه ياسر ومحمود وقرر أن يكون طعام الكلب هو فكرة المشروع الذي سيجمعه بهم، بعد محاولات تأسيس مشروعات مشتركة من قبل ولكن لم يُكتب لها النجاح والاستمرار. "المشروع بدأ من بيتنا، كنا بنشتري الخضار بنفسنا، ونحضر الأكل بإيدينا، ونغلفه ونوصله للعملاء" فداخل منزل رشا كانت روح واحدة هدفها توفير الطعام المناسب للحيوانات كما يوفرونه لأبنائهم، ضمت أسرتي ياسر ومحمود أصدقاء زوجها، ويقول شريف "كانوا بينزلوا من بيتي الفجر، ويرجعوا على منازلهم البعيدة عني عشان يروحوا شغلهم ويرجعوا عندي مرة تانية عشان المشروع يكمل وينجح".
يعتبرون أنفسهم كالبنيان الذي يمثل كل شخص فيه عمود رئيسي وسبب في تماسكه، فالخلفيات المتعددة لكل منهم كانت عاملا في نجاح المشروع، فأحدهم متخصص في مجال البرمجيات والآخر يعمل بالتجارة والمبيعات وثالثهم يعي الأمور المالية، إلى جانب خبرات الزوجات من العمل في مجال الموارد البشرية أو هندسة الكمبيوتر مع الخبرة في مجال المشتريات، مما أمكن "هاتشيكو" في سنته الثالثة أن يكون شركة مساهمة ذات مسئولية محدودة.
كان شريف مقتنعا بضرورة أن يجمعه بأصدقائه شركة أو مشروع يوطد علاقتهم، فشراكتهم جعلت صداقتهم أقوى وأبقى، بعد أن اكتشفوا جوانب أخرى في شخصياتهم "صحوبيتنا مهما طالت مكنتش هتظهر سمات جديدة بدأنا نعرفها عن بعض"، فالتنازل عن شكل حياة معين وإدماج الأطفال في المشروع جعل علاقة الصداقة تدخلها مصلحة الشراكة، فصارت أكثر قوة وثقة.
عملاء ينتشرون في مدن العاصمة وأحيائها الكبرى، إلى جانب الإسكندرية، ومطالبات من البعض بالتواجد في محافظات أخرى كان نتيجة خدمة راقية، لا تكتفي بتقديم طعام صحي خالي من المواد الحافظة ومكسبات الطعم يقي الحيوانات من مخاطر الأكل المجفف، ولكنه يذهب إلى التعامل مع العملاء وكأنهم أصدقاء وعائلة "إحنا مش هدفنا الربح وبس، بالعكس إحنا بنقدم منتج مصنوع بحب made with love" هكذا رأت شيماء سر نجاح واستمرار "هاتشيكو".
الاهتمام بإجابة استفسارات العملاء عن طرق تربية الحيوانات، ومتابعة تفضيلات كل قط أو كلب في الطعام الذي يقدم له، والتعاون مع أصحاب هذه الحيوانات في التعامل مع حيواناتهم، ومساعدتهم في اختيار النوع المناسب من البداية، مع إرشادهم في حالات المرض وتعرض القط أو الكلب لفيروسات أو بكتيريا بعينها، فالتواصل لا يقف عند البيع والشراء، فيمكن لأي شخص سواء كان عميلا أم لا، أن يتواصل مع "هاتشيكو" من أجل أي استفسار يخص قطته أو كلبه.
توسع المشروع وأصبح "هاتشيكو" شركة ومصنع يضم 16 عاملا، يؤمنون بأهمية وجود طعام وحياة صحية للحيوانات، بعيدا عن الطعام المجفف الذي يحتوي على المواد الحافظة والأملاح التي تدمر الجهاز البولي للقطط والكلاب وتنقص أعمارهم، تؤمن شيماء أن "العلاقة بالحيوانات علاقة راقية، فيها حب ومشاعر"، وهو ما يجعل شركتهم قائمة على الإنسانية وليس تحقيق المكسب وحسب.
في "هاتشيكو" يجد العملاء الثقة والأمانة والجودة، كما تؤكد شيماء، متمنية أن تحقق الشركة أهدافها في الوصول إلى الاهتمام بكل ما يخص الحيوانات، وليس فقط الطعام، على أن تتغير ثقافة المجتمع في التعامل مع الحيوانات بطريقة عنيفة في بعض الأحيان، وعدم الاستهانة بهم وتقديم لهم الطعام الذي قد يقضي على حياتهم باعتبارهم "حيوانات لا يشعرون".
يراعي "هاتشيكو" احتياجات وتفضيلات كل حيوان، ويقدم الطعام المناسب لفترات الحمل أو وجود حساسية من طعام بعينه، وفي كل مناسبة يعرض فيها هاتشيكو منتجاته من خلال أحد المعارض أو المؤتمرات، يتواجد أغلب أعضاء فريق العمل بدءا من المؤسسين الأزواج والزوجات، وحتى الأبناء المهتمين بالتواجد "إحنا من البداية أشركناهم في المشروع عشان يدركوه ويقدروا انشغالنا" فتوضح رشا أن تربية الطفل للحيوانات تغذي لديه الشعور بالمسئولية وفهم مشاعر المحيطين به.
يعتبر شريف أن "هاتشيكو" تملك قدرا من الاحترافية في التعامل مع العملاء، يصل إلى أن يجعله شركة عالمية، وهو ما يسعون له خلال السنوات المقبلة في التوسع خارج مصر وتكوين شراكات وفروع للشركة في ألمانيا وأوكرانيا والكويت ودبي.
الكاتب
هدير حسن
الأربعاء ١٨ أبريل ٢٠١٨
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا