الفصام أسبابه وأعراضه وأنواعه وطريقة العلاج
الأكثر مشاهدة
الواقع الذي نعيشه يؤثر بطرق مُختلفة على كل منا وفقا لما يتعرض له من ظروف وبيئة مُحيطة وتختلف استجابة كل منا حسب شخصيته، لذلك يُصنف بعض الأشخاص بإصابتهم بأحد الأمراض النفسية الشهيرة التي يُفسرها الناس بطرق مُختلفة مُعظمها خاطىء والقليل منها هو الصحيح. إنه مرض الفصام! قد تسمع اسم هذا المرض ويخطر في ذهنك كل أفلام السينما التي تناولت هذا المرض على أنه يجعل الشخص يعيش بشخصيتين وكل واحدة منهم تتصرف بطريق مختلفة تماما، ولكن الأمر أشمل من ذلك بكثير حيث أن هناك أنواع للفصام وأعراض تظهر على الشخص المُصاب بهذا المرض وطرق مختلفة لعلاجه أيضا. وسنبدأ الآن رحلة علمية في مُحاول لرصد كل ما يتعلق بهذا المرض.
ما هو الفصام؟
تشخيص مرض الفصام
تكمن صعوبة مرض الفصام في كيفية تشخيصه حيث لم يستطع العلم حتى الآن تحديد أسباب واضحة لحدوث الفصام على الرغم من وجود بعض الأسباب والأعراض التي تُشير لهذا المرض ولكن يختلف الأمر من شخص لآخر. لذا يجب أولا التأكد من أن الشخص يُعاني من الفصام وليس مُجرد اكتئاب بسيط أو هلاوس ناتجة عن حالة نفسية أو حتى بسبب تعاطي المُخدرات أو أي شىء من هذا. فما الذي يفعله الطبيب لتشخيص مرض الفصام؟
- تاريخ المريض واختبارات بدنية
الخطوة الأولى هى معرفة تاريخ المريض نفسيا وعضويا وعمل فحص بدني شامل للمريض يشمل النظر والنطق وردات الفعل اللاإرادية بالإضافة لأشعة رنين MRI أو تصوير مقطعي CT Scan لكل أجزاء الجسم لاكتشاف أي نزي داخلي أو إصابات. ويطلب الطبيب أيضا تحاليل دم لتُساعده على استبعاد احتمالية الإصابة بأمراض أخرى. وبالطبع يحتاج لفحوصات للكشف عن تناول أي مواد أو عقاقير مُخدرة تُسبب الهلاوس.
- اختبارات نفسية
بعد ذلك يقوم الطبيب باختبار نفسية المريض وقدراته العقلية وذلك من خلال إخضاعه للمُلاحظة والتركيز في تصرفاته وسلوكه وكيف يكون رد فعله لمواقف مُعينة وسؤاله عن حالته المزاجية والأفكار والهلاوس والوساوس التي يُفكر فيها.
- منهج التشخيص التفريقي
من خلال هذا المنهج العلمي في البحث يبدأ الطبيب بعد كل تلك الفحوصات والاختبارات البدنية والنفسية في استبعاد جميع الأمراض التي قد تتشابه في أعراضها وأسبابها مع مرض الفصام.
الأمراض العضوية المُشابهة لمرض الفصام التي يجب استبعادها
1- الصرع: تتشابه أعراض مرض الصرع خاصةً الصرع الذي يُصيب الفص الصدغي من الدماغ ويُسبب تشنجات تظهر على المريض لفترة محدود تمتد لساعات أو دقائق ولكنها تختفي بعد ذلك، ويُمكن الكشف عن هذا المرض من خلال اختبار الدماغ الكهربي الذي يسجل النشاط الكهربي في المخ.
2- أورام الدماغ: قد يُفسر الطبيب إصابة المريض بأورام الدماغ على أنها فصام حيث تتشابه الأعراض ولكنها في حالة أورام الدماغ تكون مصحوبة بالصداع وبعض التغيرات في الشخصية. ولكن يُمكن اكتشاف ذلك بالأشعة والرنين المغناطيسي.
3- النزيف والجلطات الدماغية: تتسبب في ارتفاع ضغط الدم وضعف في الإشارات العصبية للأطراف وتظهر في الأشعة المقطعية للدماغ.
4- بعض الأمراض مثل اختلال الغدد الصماء وأمراض المناعة تتشابه أعراضها أيضا مع الفصام.
مصدر الصورة
الأمراض النفسية المُشابهة لمرض الفصام التي يجب استبعادها
1- الاضطراب الوجداني ثنائي القطب: يتشابه هذا المرض مع الفصام إلى حد كبير ولكنه أكثر انتشارا ويُمكن علاجه بالأدوية والمتابعة النفسية. وفي هذا المرض يُعاني الشخص من الشعور بالذات المُبالغ به والثقة في قدرته على الكثير من الأشياء والأعمال في وقت واحد وأحيانا أخرى يُعاني من الإكتئاب والخمول والكسل واليأس وانعدام الرغبة في إنجاز أي شىء.
2- اضطرابات الوهم: تتشابه كثيرا مع أعراض الفصام ولكنها تُصنف على أنها اضطرابات توهم حيث يتوهم المريض أشياء لا يُمكن أن تحدث يُصدقها ويتعامل معاها على أنها واقع يخاف منه دائما.
3- اضطراب المزاج: وهو الذي يُسبب اختلال فيما يشعر به الإنسان من عواطف ومشاعر قد تكون غير مُلائمة للمواقف المُحيطة حيث أنها لها علاقة بالحالة المزاجية التي تكون مُستقرة لدى الشخص مثل أن يكتئب الشخص فيشعر أم كل شىء كئيب أو أن يفرح فيشعر أن كل شىء جميل.
4- اضطرابات الشخصية: هى بعض الاضطرابات التي تُلازم الشخص طوال حياته وليست مصحوبة بهلاوس أو أوهام بعيدة عن الواقع.
أعراض مرض الفصام
1- الأوهام والضلالات
حيث يبدأ المريض في فهم الأشياء بطريقة خاطئة أو توهم أفكار وأشياء ليست موجودة في الواقع مثل أن هناك من يُطارده دائما أو أنه مُضطهد من أشخاص بعينهم أو حتى أنه شخص مُميز جدا أو أن هناك قوة خارجية تتحكم في تصرفاته أو ما يفعله عموما.
2- الهلاوس
أما بالنسبة للهلاوس فهنا يتخيل المريض أشياء لا تحدث في الواقع ولكن بالنسبة له هى واقعه الذي يتحكم فيه تماما وأشهر هذه الهلاوس هو سماع أصوات تُخبره بأشياء مثل الانتحار أو قتل أحد الأشخاص. ويُمكن أيضا أن تصور له هذه الهلاوس وجود أشياء أو أشخاص ليس لهم وجود في الحقيقة ولكنه وحده من يراهم.
اقرئي أيضا: هل نقص الفيتامينات يُسبب الإكتئاب؟
3- اضطرابات التفكير والكلام
عدم انتظام التفكير الذي ينتج عنه اضطراب في اسلوب الكلام مثل إجابات ليس لها علاقة بالأسئلة الموجهة للمريض أو عدم التواصل بشكل جيد مغ الآخرين نتيجة اضطراب التفكير والكلام حيث يشعر الشخص بعدم القدرة على التركيز بالإضافة لشعوره بكثرة الأفكار والتشويش فكأن بداخله الكثير من الثرثرة ولكن من الخارج هو لا يستطيع ترتيب الكلام والتواصل مع الناس.
4- اضطراب في السلوك
حيث يتسم سلوك الشخص الذي يُعاني من الفصام بأنه غير طبيعي فقد يصل لجلوس المريض في نفس الوضعية لفترات طويلة أو أن يكون هناك إفراط في حركته.
الأعراض السلبية للفصام
- فقدان القدرة والطاقة على مُمارسة مهام حياته وإنجاز أعماله بنفسه حيث يشعر أنه لا يستطيع فعل شىء ويُفضل الإعتماد على الآخرين.
- عدم الإهتمام بملذات الحياة وفقدان الرغبة في الاستمتاع بشكل عام حيث يستجيب المريض لحالته النفسية التي تُسيطر عليه.
- لم يعد لديه حافز لأي شىء وليس متحمس لفعل أي شىء جديد أو تغيير روتين حياته فقد استسلم لهلاوسه وضلالاته مما أفقده الرغبة في كل شىء.
- الإنسحاب من الحياة الإجتماعية حيث يُفضل مريض الإنفصام أن ينعزل ويبقى في دائرته المُنغلقة حيث يستمع فقط للهلاوس والأفكار التي تُسيطر عليه.
- يتسم مريض الفصام أيضا بأنه يتحول بشكل سريع ومُفاجىء من حالة مزاجية لحالة مزاجية أخرى مثل أن يتحول من الإكتئاب للسعادة بطريقة مُفاجئة ويصعب تحديد دوافعه وعواطفه.
- فقدان القدرة على التركيز حيث يشعر دائما بأن هناك أصوات وأشياء كثيرة تدور بداخله وبالتالي هو لا يستطيع التركيز مع العالم الخارجي.
ملحوظة: ليست كل أعراض الفصام تبدو واضحة وصريحة على الشخص ولكن في حالات أخرى يبدو الشخص طبيعي حتى يتحدث هو عن حالته. ولكي يتم تشخيص مرض الفصام يجب أن يتم مُلاحظة المريض لمدة شهر والتأكد من أنه مُصاب باثنين على الأقل من هذه الأعراض مع استمرار مستوى الاضطراب لمدة ستة أشهر.
أسباب الفصام
لم يتوصل العلم لأسباب واضحة وملموسة لحدوث مرض الفصام ولكن يرى العلماء أن هناك بعض العوامل التي تُساعد على الإصابة بالمرض مثل:
العوامل الوراثية
فمثلا لو لم يُصاب أي أحد من أفراد عائلتك بالفصام فهذا يعني أن نسبة إصابتك به 1% فقط، أما في حالة إصابة أي فرد من عائلتك فهذا يرفع نسبة إصابتك لـ 10%. وفي حالة إصابة كلا من والديك هذا يرفع النسبة لـ 40% أما لو لديك أخ توأم واُصيب بالمرض فهذا يعني أنك مُعرض أيضا للإصابة به بنسبة 50% ولكن هذه مُجرد إحتمالات تزيد من نسبة الإصابة وليست سبب مُباشرا لأن هناك أشخاص أُصيبوا بالمرض بدون أن يكون لدى عائلاتهم تاريخ معه.
العوامل البيئية
قد يحدث أن تُصاب بعدوى ما قبل ولادتك أو أنك كُنت لا تتلقى التغذية السليمة التي تحتاجها من والدتك في خلال الست شهور الأولى من الحمل وهذا يُزيد من نسبة إصابتك بمرض الفصام.
اقرئي أيضا: دليلك للتعرف على مرض التوحد أسبابه وعلاجه
أنواع الفصام
- فصام تخشبي أو جامودي (Catatonic Schizophrenia)
في هذا النوع من الفصام يميل الشخص للإبقاء على حركة جسدية مُعينة فهذا النوع يظهر في الانفعلات الجسدية للشخص والتي لا تتأثر بالبيئة المُحيطة حيث لا يستجيب الأشخاص في هذا النوع للتأثيرات التي تُحيط بهم. فمن الممكن أن يبقى الشخص في وضع ساكن لا يرغب في الحركة، وأحيانا أخرى قد يظهر الشخص سلوك حركي مُبالغ فيه مثل القيام ببعض الحركات الغريبة أو فرط الحركة في العموم.
- فصام المطاردة أو فصام زوراني (Paranoid Schizophrenia)
في هذا النوع من الفصام يتوهم الشخص أن هُناك من يُطارده ويُريد إيذاءه دائما حيث من الممكن أن يتصور أن هُناك أشخاص مُعينة تُريد تُلاحقه ويقضي الكثير من وقته يُفكر في طرق لحماية نفسه من هؤلاء الأشخاص لأنه يُصدق هلاوسه ومخاوفه ويعتبر أنها واقع.
- فصام غير منتظم (Disorganized Schizophrenia)
وهذا النوع من الفصام يعني اضطراب سلوك الشخص بشكل واضح ومُلاحظ حيث يشعر دائما بالارتباك وعدم القدرة على التواصل مع المجتمع بالإضافة لعدم ترتيب الكلام وفي بعض الأحيان يقولون كلام ليس له علاقة ببعض وهذا ناتج عن اضطراب التفكير ويظهر ذلك بشكل واضح في أدائهم للأعمال اليومية البسيطة التي لايستطيعون إنجازها بشكل سليم وبالتالي يشعرون بالإحباط وعدم وجود طاقة أو قدرة لمواصلة أشكال الحياة.
- فصام متبقي (Residual Schizophrenia)
أما هذا النوع فيُعتبر نوع فرعي من الفصام حيث تبدأ أعراض الفصام مثل الهلوسة والضلالات في التقلص عن السابق ولكن آثارها مازلت موجودة ولكن بشكل أقل من بداية المرض.
- الفصام البسيط (Simple Schizophrenia)
وعلى عكس اسمه الذي يوحي بأنه نوع بسيط من الفصام ولكنه أصعبها حيث تظهر أعراضه السلبية مُبكرا وتتطور ببطىء شديد وأعراضه الإيجابية تكاد تكون نادرة. ففي هذا النوع لا يوجد هلاوس أو اضطرابات أو ضلالات كما هو متعارف عليه في حالات الفصام ولكن تزهر على الشخص علامات الإنسحاب الإجتماعي والرغبة في العزلة وتدهور في أداء المهام اليومية.
علاج مرض الفصام بدون دواء
كيف يتم علاج الفصام؟
هُناك وجهة نظر أُخرى تُدعم العلاج بالأدوية وتُقسم طريقة العلاج لقسمين أولها العلاج من خلال تناول أدوية مُعينة والثانية العلاج النفس والإجتماعي وهذه هى أهم أشكاله...
1- المُعالج النفسي
يبدأ العلاج النفسي والإجتماعي من الطبيب المُعالج ومدى فهمه للمرض وحالة المريض، فالطبيب يلعب دور مُهم وأساسي في جعل المريض يثق به ومن هنا يستطيع البدء في رحلة علاجه.
2- توعية الأسرة
أسرة المريض لها دور هام في علاجه حيث يجب أن يتم توعيتها بالمرحلة التي وصل لها مريض الفصام وكيف يُمكن التعامل معه ومُساعدته على الشفاء.
3- التدريب على المهارات الإجتماعية
هنا يبدأ المريض في التدريب على التواصل مع الآخرين والعودة للحياة مرة أخرى حتى يستعيد مهاراته الإجتماعية يُصبح لديه القدرة على التعامل مع المجتمع بشكل طبيعي.
4- إعادة تأهيل الشخص
هنا يُحاول الطبيب المُعالج بمساعدة الأسرة والأصدقاء إعادة تأهيل المريض وتشجيعه على ممارسة الحياة مرة أخرى والتعلم والعمل وإعادة رغبته في الحياة.
انتكاسة مريض الفصام
نعم، يُمكن أن يحدث أن ينتكس مريض الفصام ويعود المرض له مرة أخرى ومن ضمن الأعراض التي تدل على ذلك:
- عودة الهلاوس وسماع أصوات مُتخيلة ولكن بشكل أضعف
- الشعور بالفشل والإحباط والرغبة في الإنعزال مرة أخرى
- الخوف الشديد من كل شىء
- الشعور بأن الناس لا يتقبلوك وأنهم يتحدثون عنك دائما
- صعوبة التركيز
ولكن في هذه المرحلة وبعد خضوع الشخص للعلاج يُمكن للمريض تفادي هذه الأعراض والاصرار على الشفاء وذلك من خلال:
- التحدث مع النفس بصراحة وتشجيعها، فهو الآن مُدرك أنه يتعافى من المرض ويُقاوم
- التواصل مع الطبيب المُعالج دائما
- الابتعاد عن تناول أي مواد تؤثر على الدماغ مثل المخدرات أو الكحوليات
- إذا كان هناك دواء فيجب المواظبة عليه
اقرئي أيضا: كل ما تُريد معرفته عن الوسواس القهري أسبابه وعلاجه
الكاتب
دينا خليل
الخميس ٢٦ يوليو ٢٠١٨
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا