هيلاري كلينتون السيدة الأولى التي نافست على الرئاسة
الأكثر مشاهدة
مع بدايات دراستها الجامعية، اندمجت في النشاطات السياسية، وتبنت عدد من المواقف التي أفصحت عن اهتمام واضح بالتأثير في السياسة الأمريكية، وإحداث تغيير فعلي، فتنبأ لها أصدقاؤها أن تكون أول سيدة رئيسة لجمهورية الولايات المتحدة، ولكن محاولات هيلاري كلينتون لم تفلح.
حياة هيلاري كلينتون
مشوار طويل من الالتحام بصناع القرار واعتلاء المناصب، والانخراط في النشاطات السياسية على مدى أكثر من 50 عاما، كانت تنتظر هيلاري كلينتون ومؤيدوها أن ينتهي بها وهي تحمل لقب أول سيدة في منصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن للسياسة، التي احترفتها كلينتون جيدا، حسابات أخرى.
كانت هيلاري الابنة الكبرى لوالدها هيو إلزوورث رودهام صاحب الأصول الإنجليزية، الذي كان يدير مصانع صغيرة للنسيج، ووالدتها دورثي إيما هول ربة منزل تحمل عددا من الأصول الإنجليزية والفرنسية والاسكتلندية، والجنسية الكندية، وولدت هيلاري في شيكاجو بيوم 26 أكتوبر 1947، وبعد إتمامها أعوامها الثلاثة انتقلت مع عائلتها إلى ولاية إلينوي.
منذ كانت طالبة في المرحلة الثانوية، اشتركت هيلاري في النشاطات الاجتماعية والتثقيفية، فحصلت على جائزة فتيات الكشافة في الولايات المتحدة، وكانت تشارك في مجلس الطلبة وتكتب أراءها في الجريدة المدرسية، وتطوعت في أثناء دراستها بحملة المرشح الرئاسي باري جولدووتر عام 1964، الذي كانت تعتبره وقتها مثلا أعلى في العمل السياسي باهتمامه بقضايا العدالة الاجتماعية، واستطاعت من خلاله أن تقابل مارتن لوثر كينج، ناشط الحقوق المدنية.
اقرئي أيضا: اعرفوا على اشهر الحركات النسوية على مر التاريخ
في مرحلة الدراسة بالجامعة، برز اسم هيلاري رودهام بصورة أكبر، فبعد أن التحقت بكلية وليسلي عام 1965 لتدرس العلوم السياسية، اهتمت بأن تنخرط في المجالات السياسية والاجتماعية، فاستطاعت أن تتولى منصب رئيسة جمهورية وليسلي للشباب، وكان لها أراؤها في الحقوق المدنية الأمريكية، وقرارات الحكومة بخوض حرب فيتنام، وكونها نشات في أسرة محافظة سياسيا، فكانت تصف نفسها بـ "القلب الليبرالي، والعقل المحافظ".
عارضت هيلاري حرب الولايات المتحدة على فيتنام، وساندت موقف يوجين مكارثي، السيناتور الأمريكي الذي عمل على رفض استمرار هذه الحرب، وخاض معارك ضد مؤيديها، وداخل كلية وليسلي تولت هيلاري منصب رئيسة جمعية الحكومة حتى عام 1969، فاستطاعت أن تخفف الإضطرابات المتتالية التي نالت الجامعات الأمريكية، بعد اغتيال مارتن لوثر كينج، ونظمت مع مجموعة من الطلاب إضرابا لمدة يومين يطالب بحقوق أصحاب البشرة السوداء في الالتحاق بالكليات والعمل بهيئات التدريس.
ولثقة أصدقائها في قدراتها الخطابية ومهاراتها التي أصقلتها نشاطاتها السياسية، كانوا يعتقدون دوما أنها ستكون أول سيدة رئيس للولايات المتحدة الأمريكية، وبعد التخرج من الكلية عام 1969 بدرجة بكالوريوس مع مرتبة الشرف، أصر الطلاب، في واقعة هي الأولى من نوعها بالكلية، أن تُلقى هيلاري خطاب حفل التخرج، الذي استمر لمدة 7 دقائق، ونُشر في مقال بمجلة لايف، وتمت استضافتها بسببه في أحد البرامج التلفزيونية.
كان الطموح هو أهم ما يميز هيلاري، التي كانت تعلم من البداية ماذا تريد، فبعد الانتهاء من دراسة العلوم السياسية، قررت ان تلتحق بجامعة ييل لدراسة الحقوق، وخلال سنوات الدراسة عملت في هيئة تحرير مجلة ييل للقانون والعمل الاجتماعي، كما عملت في مركز خاص بأبحاث الطفل تابع للجامعة، ومن هنا بدأ اهتمامها بعدد من القضايا التي تخص الطفولة.
درست هيلاري حالات إساءة معاملة الأطفال في أحد المستشفيات، وقررت أن تتطوع في مؤسسة نيو هافن للخدمات القانونية لتقديم المشورة القانونية للفقراء بشكل مجاني ودون مقابل، وتعرفت على ناشطة حقوق الطفل الأمريكية ماريان إيدلمان، ثم التحقت للعمل في أول وظيفة سياسية لها عام 1970، بعد أن تم ترشيحها لتكون مستشار سياسي في حملة المرشح لمجلس الشيوخ جوزيف دافي.
هيلاري كلينتون وزوجها
جامعة ييل ودراسة الحقوق، كانا بداية التعارف بين هيلاري وطالب الحقوق بيل كلينتون، فانضما معا إلى حملة المرشح الرئاسي جورج ماكجفرن بولاية تكساس عام 1972، وبعد تخرجها من الجامعة عام 1973، ومع تطور العلاقة عرض كلينتون على هيلاري الزواج ولكنها رفضت، وانشغلت في الإعداد لدراستها العليا والاهتمام بطموحها السياسي والمهني.
تدربت هيلاري في واحد من مكاتب المحاماة الشهيرة، وعملت على قضايا حضانة الأطفال، وركزت في الدراسات العليا على ما يخص الأطفال والطب بمركز أبحاث ييل للطفل، وجاء أول مقالاتها بعنوان "الأطفال وفق القانون"، وتم نشره بمجلة هارفارد للتربية، وكانت تناقش فيه أوضاع الطفولة وفقا للقوانين.
عملت هيلاري أيضا كمستشار لمجلس كارنيجي للأطفال، وكانت عضوة في لجنة التحقيق بواشنطن لتقديم النصيحة للجنة مجلس النواب، التي كانت تتولى قضية فضيحة ووتر جيت، وانتهى قرار اللجنة في النهاية إلى استقالة الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون في عام 1974.
انتقلت هيلاري إلى جامعة أركنساس، حيث بدأت في تدريس القانون الجنائي للطلاب، كثاني امرأة في الولايات المتحدة تُدرس الحقوق، وكانت مشهورة بالصرامة والجدية، ومع حلول عام 1975، وافقت هيلاري أخيرا على طلب كلينتون المتكرر لها بالزواج، دون أن تفرط في اسمها هيلاري رودهام، حتى لا يرتبط نجاح أحدهما بالآخر، وتُفضل أن تظل باسمها الذي يحمل مسيرة مهنية موفقة تحلم لها بالاستمرار، في خطوة رفضها المحيطون ولكن منحتها إحساسا بالقوة والاستقلال.
بدأت تتخصص في قضايا انتهاك براءة الاختراع وقانون الملكية الفكرية، إلى جانب التركيز على قضايا الطفل، وذلك بعد أن انتقلت إلى العمل بشركة روز للمحاماة، وانتشرت مقالات أكاديمية لهيلاري حول ما يتلعلق بالأطفال وحقوقهم والسياسيات التي يجب تبنيها من أجلهم، ورغم الاعتراضات التي واجهت أراءها المتعلقة بأهلية الطفل بغض النظر عن عمره، فاعتبرها بعض المؤرخين واحدة من أهم الباحثات على مدار العقدين الماضيين.
كأول امرأة تشغل مجلس إدارة شركة الخدمات القانونية، تولت هيلاري هذا المنصب عام 1978 حتى 1981، وخلال هذه المدة استطاعت أن تعمل على زيادة نسبة تمويل الشركة من 90 مليون دولار إلى 300 مليون دولار.
بعد فوز زوجها بيل كلينتون بمنصب حاكم ولاية أركنساس في عام 1978، أصبحت هيلاري السيدة الأولى للولاية، وعملت من خلال اللقب الجديد الذي حملته على الهتمام بالقضايا الاجتماعية، وتوفير المرافق وتوسعتها في المناطق الفقيرة، وفي عام 1980، لم يتم إعادة انتخاب بيل كلينتون للمنصب مرة ثانية، لكنهما رُزقا معا باينتهما الوحيدة تشيلسي كلينتون.
اقرئي أيضا: أماني عبد العال كابتن ويندو لمواجهة التحرش
أصبحت هيلاري تحمل لقب زوجها، مع إعادة انتخابه كحاكم للولاية، فعُرفت باسم "هيلاري كلينتون" خلال فترة الحملة الانتخابية، وعملت كسيدة اولى للولاية على أن تستمر في تقديم الخدمات التي يحتاجها المواطنين، فاهتمت بالتعليم، وسعت إلى وضع معايير جديدة إلزامية لاخيار المعلمين والمناهج الدراسية، واستطاعت ان تعمل على تحقيق الصالح العام، فنالت لقب امرأة العام بالولاية عام 1983، وعام 1984 حملت لقب الأم المثالية.
عملت هيلاري في عدد من المنظمات وتولت كثير من المناصب، من بينها: رئاسة مجلس إدارة مؤسسة عالم جديد في الفترى من 1982 وحتى 1988، رئيس لجنة نقابة المحامين الأمريكية من 1987 وحتى 1991، لتكون أول سيدة تتولى هذا المنصب، رئيس صندوق الدفاع عن الأطفال في الفترة من 1986 وحتى 1992، وخلال عامي 1988 و1991 تم اختيار هيلاري ضمن قائمة المحامين الأكثر تاثيرا في الولايات المتحدة الأمريكية.
بيل كلينتون رئيسا للجمهورية
عندما تم الإعلان عن اختيار بيل كلينتون ليمثل حزبه في انتخابات رئاسة الجمهورية، سعت هيلاري إلى أن تكون مساندة له على الدوام، رغم ما مر به من مواقف وإدعاءات كادت تعرقل فوزه بالانتخاببات، وتفسد حياته الزوجية أيضا، ولكن كانت هيلاري قادرة على تجاوز هذه العقبات والتعامل معها بصورة أكثر حكمة، خاصة، العقبات التي أشارت إلى علاقة كلينتون بسيدات أخريات.
تولى بيل كلينتون رئاسة الولايات المتحدة عام 1993، وأصبحت هيلاري السيدة الأولى التي تحمل تاريخا من الحياة المهنية المليئة بالإنجازات، وقررت أن تستكملها داخل البيت الأبيض، وقررت أن يكون لقبها الجديد يجمع بين اسم زوجها وعائلتها، فأصبحت "هيلاري رودهام كلينتون".
كانت هيلاري سيدة أولى لها دورها في الحياة السياسية والعامة، ورغم الضغوط التي تعرضت لها بسبب هذا الدور، استكملته هيلاري دون أن تلتفت إلى أية اعتراضات، ومع عام 1998، بدأت علاقته مع زوجها تتأثر بالتحقيقات التي دارت حول علاقته بمونيكا لي وينسكي، إحدى موظفات البيت الأبيض، ورغم ما أعلنته وقتها عن اعتبار هذه الادعاءات مؤامرة، عادت هيلاري لتعبر عن غضبها من زوجها بسبب ما حدث.
ومع حيرتها، وعن ضرورة اتخاذها للموقف المناسب، فهل تترك زوجها او تستمر معه، قررت هيلاري أن تلتزم بعلاقتها تجاه زوجها، ورغم ما أدت إليه فضيحة مونيكا وتسببه في إقالة بيل كلينتون، ذكرت هيلاري في مذكراتها عام 2003 "كنت غاضبة منه ومترددة بشأن الحفاظ على هذا الزواج.. لكن لا أحد يفهمني أو يجعلني أضحك أفضل من بيل".
تعرفي على: روان خالد نوبية تصور الأطفال لتظهر جمال المحروسة
في عام 1999، انتقلت هيلاري مع أسرتها إلى نيويورك، لتستعد لخوض انتخابات مجلس الشيوخ الأمريكي لعام 2000، التي فازت بها في السابع من نوفمبر بنسبة 55%، لتكون اول سيدة اولى تشارك في النتخابات سياسية عامة، ثم عادت لتكرر التجربة مرة أخرى عام 2006 وتفوز بنسبة 67%.
تولت خلال عضويتها بمجلس الشيوخ عدد من اللجان، منها لجنة الميزانية ولجنة الخدمات المسلحة، ولجنة الصحة والتعليم والعمل والمعاشات، ولجنة البيئة والأعمال العامة، كما كانت من مؤيدي الهجوم الأمريكي على أفغانستان، وصوتت لصالح قرار الرئيس جورج بوش بالحرب على العراق.
هيلاري كلينتون والانتخابات الرئاسية
لم تكن عضوية مجلس الشيوخ كافية بالنسبة لما تسعى إليه هيلاري، فحاولت أن تخوض السباق الانتخابي لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية مرتين، الأولى في عام 2008، عندما وصلت إلى مرحلة الانتخابات التمهيدية والمؤتمرات الحزبية في الولايات، ولكنها لم توفق لإكمال الطريق.
عندما تولى باراك أوباما رئاسة الولايات المتحدة، اختار هيلاري كلينتون لتكون وزيرة الخارجية الأمريكية منذ عام 2009 وحتى 2013، ورغم أنها لم تكن ترغب في ترك منصبها بمجلس الشيوخ، حسب قولها، اعتبرت هيلاري أن المنصب الجديد "مغامرة صعبة وشيقة".
أحلام هيلاري في تولي الرئاسة، لم تنتهِ، فأعلنت في أبريل 2016 عن قرارها بخوض الانتخابات الرئاسية، وخاضت صراع طويل ممن اجل مواجهة منافسها المرشح دونالد ترامب، ولكن بسبب قضايا استخدامها الشخصي لللبريد اللكتروني وميول المواطنين الأمريكيين خسرت هيلاري معركتها، وفاز ترامب برئاسة الولايات المتحدة.
ما زالت هيلاري تحمل الكثير من الأمل، فعلى مدار سنوات طويلة أثبتت أنها سيدة قية لم تتخل يوما عن أحلامها وسعيها، ولا تعرف اليأس، واستطاعت أن ترصد تجربتها وخبرتها في مجموعة من كتاب السيرة الذاتية وكتب الحياة السياسية، ومنها: خيارات صعبة 2014، ولماذا خسرت الانتخابات 2017، ودعوة للبيت الأبيض 2000.
اقرئي أيضا:
مارجريت تاتشر كيميائية اصبحت أول رئيس وزراء في بريطانيا
الكاتب
هدير حسن
الثلاثاء ٢٣ أكتوبر ٢٠١٨
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا