شغف سارة أنور بالتصوير التوثيقي يقودها نحو بيت جدتها
الأكثر مشاهدة
انتشرت لقطاتها من بيت جدتها على صفحات "فيسبوك"، فحملت مَنْ رأها إلى زمن آخر ما زلنا نشعر بالحنين تجاهه، فجولة في بيت الجدة التي رحلت منذ ثلاث سنوات خرجت منها سارة أنور بصور لكريم الشعر والمصحف وشرائط الكاسيت وطقم الأسنان، لتخبرنا أنهم ليسوا مجرد أدوات ولكنهم يحملون ذكريات وحكايات مَنْ تركوهم.
حب التصوير
"أوراق للكتابة.. كاميرا لتوثيق اللحظات.. ومكتبة" هكذا لخصت سارة شغفها في الحياة، ومن بينهم أكثر الأمور التي تحبها وتتقنها وهي التصوير، الهواية التي لازمتها منذ كانت طفلة تستعمل الكاميرا التقليدية التي تهتم والدتها باقتنائها، "كنت في إعدادي، وبحوش من مصروفي عشان أشتري فيلم للكاميرا وأحمض الصور"، وفي الخروجات العائلية ورحلات المصيف، كانت الكاميرا صديقة سارة التي توثق بها لحظات السعادة التي اقتنصتها أسرتها، كما تلتقط بها صورا للبحر والسماء والمناظر الطبيعية.
تعرفي على: نورهان صلاح تحيي تراث نجوم الزمن الجميل بالجرافيك
فور ظهور الكاميرات الرقمية، سعت سارة إلى شراء واحدة، كانت تستعملها في أثناء فترة التطوع مع جمعية رسالة الخيرية وفريق صناع الحياة في توثيق الفعاليات، ثم ألحقتها بكاميرا احترافية، وقررت أن تتعلم التصوير الاحترافي، ورغم رغبتها في دراسة الإعلام، ساقها مجموع الثانوية العامة نحو كلية الألسن لدراسة اللغة الإنجليزية.
آمنت سارة أن عدم دراستها للتصوير كان لصالح هوايتها "بعد سنين حبيت فكرة أنه التصوير يفضل هواية مش شغل"، فمع محاولاتها نحو التدرب كمصورة في أحد المواقع الإلكترونية اكتشفت أنها لا تريد أن تضع التصوير في إطار مهنة لها مواعيد والتزامات، وفضّلت أن يبقى الشغف والهواية التي تسعد بها، وتعتبرها مخرج للتخلص من ضغوط أخرى يومية.
انتقلت سارة بين مجموعة من الوظائف والمسارات المهنية، حتى عملت كممثلة خدمة عملاء في واحد من البنوك، ثم انتقلت إلى العمل بمجال التسويق، وخاصة التسويق الإلكتروني في أحد البنوك، واستطاعت ان تثبت جدارتها "التسويق بيحتاج يكون عندك سرعة بديهة، ومهارة التعامل مع الناس"، وفي خلال سنوات أصبحت مديرة التسويق.
التصوير التوثيقي
وإلى جانب عملها، الذي تحقق به طموحاتها بخطى ثابتة وواثقة، كانت تعمل سارة على تنمية هواية التصوير، فالتحقت بأحد تدريبات التصوير الاحترافية، وبدأت في تجربة أنواع التصوير المختلفة من تصوير الأفراح والمنتجات والأطفال، حتى استقرت على التصوير التوثيقي، الذي تجسد من خلاله الحياة الإنسانية الثابتة.
تعرفي على: مي زين الدين التي غيرت حياة ذوي الاحتياجات الخاصة
من خلال التوثيق، اكتشفت سارة مصر من جديد، فسلكت طريق التعرف على ثقافات مختلفة في محافظات ومناطق ليست ببعيدة عن القاهرة ولكنها حملت طابعا ثقافيا وحضاريا مختلفا، فوثقت حياة أهالي حلايب والشلاتين، وثقافة سكان الواحات مثل سيوة والفرافرة، ورأت جمالا مختلف في البرلس والفيوم "اكتشفت أن مصر بس بتضم 5 دول في بعض، فممكن تسافري مكان تلاقي الناس ليهم عادات مختلفة في الأكل والشرب، وبيتكلموا لغة تانية خالص".
تقبل الاختلاف والتنوع، من أهم ما تعلمته سارة "بتقدري تشوفي الاختلاف وتقدريه، وبيكون عندك خبرة إزاي تتعاملي مع كل واحد بطريقة تناسبه وتكسبي ثقته"، فكانت تشد الرحال إلى أي مكان تريد زيارته، سواء كانت بمفردها أو مع مجموعة، وتلتقط صور لطبيعته وثقافة ناسه، "بتلاقي التصوير بيفرق فعلا مع الناس لما يشوفوا صورهم ويفرحوا بها".
اقرئي أيضا: هدير ماهر من الهند ونيبال إلى كينيا من أجل كرامة الإنسان
تعتبر سارة أن التصوير التوثيقي ليس لها شعبية كبيرة في مصر "مش واخد حقه، ومفيش قنوات متخصصة في مجال التصوير الوثائقي غير الجزيرة الوثائقية أو ناشيونال جرافيك"، ولذلك تتمنى أن تعمل في مجال تصوير الأفلام الوثائقية.
بيت جدتها
منذ عامين، تزوجت سارة، وفي أثناء الفترة الأخيرة لحملها، قبل أن تلد ابنها داوود، كانت ترغب في ممارسة هوايتها المفضلة بالتصوير والتوثيق، ولكن ظروفها الصحية تمنعها من النزول والتجول في الشارع أو السفر "فكرت أصور في بيت جدتي، ومكنتش متوقعة ردود الفعل"، فاستطاعت سارة خلال صورها التوثيقية لبيت جدتها، التي نشرتها على صفحتها الشخصية على فيسبوك، أن تنقل الذكريات ومشاعر الحنين وفقدان الأحبة الذين رحلوا لكنهم تركوا متاعهم يحكي عنهم.
حظيت صورها بانتشار واسع، فتركت صور المصحف والمقص وتماثيل الزينة والديكور والصور العائلية حنينا في النفوس، واستطاعت أن تثير شجن الكثيرين، فبيت جدة سارة، التي توفت منذ ما يقرب ىثلاثة أعوام، كان اشبه بصندوق الذكريات التي يحمله كل منا "أنا مصورتش حاجة غير عادية، لكن لمست الناس لأن موجود زيها في بيوتهم، والناس بتميل للحاجات اللي شبهها".
اقرئي أيضا:
نوران إبراهيم مترجمة رافقت براندون في رحلته مع ناس مصر
روان خالد نوبية تصور الأطفال تظهر جمال المحروسة
بين جراحة العيون والغطس مشوار صنعته نرمين رفعت باجتهادها
الكاتب
هدير حسن
الإثنين ٢٦ نوفمبر ٢٠١٨
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا