جيهان السادات محاضرة ورئيسة مجلس شعبي وسيدة أولى أيضا
الأكثر مشاهدة
زيارة إلى مدينة السويس عند أحد الأقارب، ولقاء مصادفة في أحد جوانب المنزل كانا مفتاح حمل لقب السيدة الأولى، بعد أن اجتمعت بحب عمرها وحملت اسمه، فأصبحت جيهان السادات من ابنة لعائلة بريطانية تحمل جذور مصرية، إلى واحدة من سيدات مصر اللاتي خلدهن التاريخ.
البداية كانت الطفلة جيهان صفوت رؤوف، التي ولدت في القاهرة في 29 أغسطس عام 1933، لعائلة من الطبقة المتوسطة، فالأب مصري يحمل الجنسية البريطانية ويعمل جراح وأم بريطانية اسمها جلاديس تشارلز كوتريل، ولكن البداية اختلفت فور اتمامها عامها الخامس عشر، فوقتها قابلت محمد أنور السادات.
تعرفي على: صفية زغلول زوجة مناضل وأم للمصريين ومناصرة للمرأة
قصة زواج جيهان بالسادات
قبل اللقاء، كانت جيهان متلهفة ومتشوقة لرؤية بطل مصري في الجيش، كما كان يصفه لها زوج ابنة عمها الطيار حسن عزت، "حبيته من قبل ما أشوفه، وكنت بحب فيه شخصية البطل ومش في بالي الجواز"، فتربيتها في عائلة إنجليزية لم يكن له تأثير سلبي على ارتباطها ببلدها، فدوما كانت تسعد بنماذج وطنية مثل أنور السادات "كنت بحب فيه مصر، ومبهورة بشجاعته".
بعد فترة قضاها في السجن، ذهب أنور السادات إلى بيت صديقه حسن عزت في الإسماعيلية، كانت حينها جيهان في عمر الخامسة عشر، وكانت الأسرة تستعد للاحتفال بمولدها، "قالي أنا لسه خارج من السجن ومش معايا فلوس ولا وظيفة، لكن أهداني أغنية فريد الأطرش (ياريتني طير وأنا أطير حواليك)"، لتبدأ قصة حبهما في صيف 1948.
وبعد ما يقرب من عام، من استمرار محاولات جيهان بإقناع والديها لتتزوج من رجل يكبرها بضعف عمرها ومطلق انفصل عن زوجته الأولى إقبال ماضي، تم الزواج بين محمد أنور السادات وجيهان صفوت في 29 مايو 1949، وكانت هي تقترب من السادسة عشر وهو في عامه الـ 31، ولكن إصرارها جعل من زواجهما أمر مقبول.
كانت تُنهي جيهان السادات دراستها في الثانوية العامة، أو البكالوريا كما كانت تسمى وقتها، حين أتت زوجها فرصة للعمل في فرح والعريش، فتباعدا قليلا، وكانت الجوابات هي الوصال بينهما، وبعد تحسن أوضاعهما المالية قليلا، انتقلت للعيش معه، متقبلة لحياة صعبة ولكن يملؤها الحب، فانور السادات لم يحظ بفرصة الاحتفال بعيد ميلاده إلا معها.
اقرئي أيضا: هيلاري كلينتون السيدة الأولى التي نافست على الرئاسة
ثم دارت بهما الأيام، ومرت عليهما أحداث من بينها انضمام أنور السادات إلى تنظيم الضباط الأحرار، وما تبعه من ثورة يوليو، والانخراط في العمل السياسي، كانت جيهان طوال المشوار زوجة مساندة ومتفهمة ومتقبلة، فمع اختلاف الظروف والأوضاع، كانت تحرص على أن تكون حياتها الأسرية هادئة، ومُدركة لتغير المناصب التي يتولاها زوجها، فمن صحفي إلى رئيس تحرير لجريدة الجمهورية، حتى وزير دولة، ثم رئيس مجلس الأمة، حتى عُيّن نائبا للرئيس جمال عبد الناصر.
تعلم جيهان أن زوجها بطل يحمل صفات المرؤة والشجاعة، ولكن قد يكون من أبعد تصوراتها أن تتزوج من رئيس لدولة، فالضابط الذي كافحت معه، وتحملت تنقله من وظيفة إلى أخرى، تمكنت من تربية أبنائهما لبنى ونهى وجيهان وجمال، غير ناكرة لاهتمامه بهم، وحرصه الدائم على أن يقص عليهم حكايات قبل النوم، تحمل كثير من المبادئ الإنسانية، ليصبح في عام 1970 ثالث رؤساء جمهورية مصر العربية.
مع تولي أنور السادات لرئاسة الجمهورية، بدأت جيهان تظهر كسيدة أولى تحاول أن تحسن من صورة المرأة العربية، وترسخ لثقافة جديدة كانت غائبة، فساهمت في الأعمال التطوعية، والعمل على تغيير قوانين الحقوق المدنية في مصر، وحقوق المرأة التي حاولت أن تساندها في كثير من قضايا الأحوال الشخصية، وعملت على تأسيس جمعية الوفاء والأمل.
وضمن مشروعات اهتمامها بالمراة، أسست جيهان السادات جمهية تلا التعاونية، كنوع من تولية اهتمام خاص بالمرأة الريفية، فعملت من خلالها على تمكين السيدات الريفيات وتعليمهن الحياكة وإدارة الأعمال، وأقامت لهن المعارض التسويقية، كما تولت رئاسة عدد من منظمات المجتمع المدني والجمعيات الخيرية، من بينها: الهلال الأحمر، وجمعية بنك الدم، والجمعية المصرية لمرضى السرطان.
لم تنس استكمال دراستها، فحصلت على بكالوريوس الأدب العربي من جامعة القاهرة عام 1977، ثم أعقبته برسالة ماجيستير في الأدب المقارن عام 1980، ثم دكتوراة في نفس التخصص نالتها من كلية الآداب جامعة القاهرة عام 1986، ثم أصبحت ضمن أعضاء هيئة التدريس بالجامعة.
أرادت جيهان السادات أن تحفز السيدات على الانخراط في العمل السياسي، ففي انتخابات المجلس الشعبي في المنوفية لعام 1974، قامت بترشيح نفسها، وأُعيد انتخابها مرة أخرى في عام 1978 كأول سيدة تتولى منصب رئيس لمجلس شعبي في مصر.
اقرئي أيضا: مارجريت تاتشر كيميائية أصبحت أول رئيسة وزراء في بريطانيا
اغتيال السادات
لم تكن تتخيل جيهان السادات أن زوجها الذي كانت تسعد بكل ما يخصه، وكانت تحرص على الاحتفال بمولده في 25 ديسمبر من كل عام منذ تزوجا في موطنه الأصلي بقرية ميت أبو الكوم بقالب من الكيك مزين بعلم مصر، والذي استطاع أن يحقق لمصر السلام بعد استعادة سيناء، وإدارته لحرب أكتوبر بنجاح، أن يرحل برصاصات غادرة في أثناء الاحتفال بالانتصار في 6 أكتوبر 1981.
"عارفه أنه هيموت وهيتم اغتياله بسبب السلام مع إسرائيل، لكن لما حصلت كنت رافضة الفكرة" وصفت جيهان السادات يوم مقتل أنور السادات بـ "الكابوس"، ورغم قلبها المنخلع على زوجها تماسكت وتمالكت أعصابها ولم تنهار، ارتمت في أحضانه للمرة الأخيرة، واستعدت لمرحلة جديدة في حياتها، تسير فيها وحيدة الدرب دون الصديق والزوج والأخ والمعلم.
اقرئي أيضا: نادية مراد العراقية الفائزة بجائزة نوبل للسلام
استطاعت جيهان السادات أن تتعافى من فقدان زوجها، وتمكنت من استكمال دراستها للدكتوراة وحصلت عليها بمرتبة الشرف، ثم أصبحت محاضر زائر في جامعة كارولينا الجنوبية، كما أنها محاضرة في الجامعة الأمريكية، وألفت كتاب عام 1987عن مذكراتها وتجاربها في العمل السياسي وهو "سيدة من مصر"، وكتاب "أملي في السلام"، الذي نُشر في 2009، وهو عبارة عن تحليل لرؤيتها لتحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط.
نالت جيهان السادات عددا من الجوائز الوطنية والدولية، كما حصلت على ما يقرب من 20 درجة دكتوراة فخرية، وفي عام 1993 نالت جائزة المسيح للسلام الدولي، كما حصلت على جائزة بيرل إس بارك في عام 2001.
اقرئي أيضا:
ولادة بنت المستكفي شاعرة الأندلس وحبيبة ابن زيدون
تعرفوا على أشهر الحركات النسوية على مر التاريخ
الكاتب
هدير حسن
الثلاثاء ٠٤ ديسمبر ٢٠١٨
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا