فاتن حمامة وجه القمر التي بدأت مسيرتها بـ يوم سعيد
الأكثر مشاهدة
بلباقة تمتعت بها، ودبلوماسية استطاعت أن تجنبها الكثير، تركت "وجه القمر" سيرتها محفورة في وجدان المصريين والعرب، فاعتبرتها النساء العربيات فاتن حمامة سفيرة لهن، ومعبرة عن السيدة العربية التي تحمل داخلها القوة والشجاعة إلى جانب الأنوثة والجمال.
كانت فاتن أحمد حمامة الابنة الأولى لوالدها، بعد شقيقين أكبر منها، ولدت في 27 مايو 1931 في حي عابدين بالقاهرة، ولكن تعود جذورها إلى محافظ الدقهلية، تتذكر في طفولتها، حين لم يتعد عمرها الأربع سنوات، كانت تحب الفن والتمثيل، واستهوتها السينما بعد مشاهدتها لأحد الأفلام مع أسرتها.
والد فاتن حمامة كان يهتم بكل ما له علاقة بالفن، ويبدو أنها ورثت ذلك منه، فتحكي سيدة الشاشة العربية أن الأب مدرس اللغة العربية، كان يرغب في أن يكون ممثلا أو مغنيا، ولكن قيود الأسرة منعته، فقرر أن يستثمر ما حلم به في ابنته الصغيرة.
بسبب ذكائها وجمال وجهها البريء، كانت الأسرة تحرص على أن تُشرك فاتن حمامة في مسابقات الأطفال التي تقيمها المجلات، وفي مسابقة للزي، طلبوا من الطفلة التي كانت ترتدي ملابس الممرضة، أن تتخيل أن أمامها مريض وعليها أن تعالجه، فظهرت دموعا على عينيها تأثرا، ونُشرت الصورة على هذا الحال.
اقرئي أيضا: تحية كاريوكا فنانة وراقصة وظاهرة وطنية متفردة
انتشرت صورة الطفلة فاتن حمامة، ورأها المخرج محمد كريم، ووقع عليها الاختيار لتكون مشاركة بفيلم "يوم سعيد" عام 1939، وكان يقوم ببطولته محمد عبد الوهاب وعلوية جميل، فاستطاعت أن تخطف الأنظار بأدائها الطبيعي البسيط، وشقاوتها الخفيفة المحببة إلى القلوب.
لم تُنبيء هذه الشقاوة عن الرذانة والثقة التي تحلت بهما فاتن حمامة عندما كبرت، فحظيت الطفلة بشهرة واسعة، ورغم ما نالته أسرتها من توبيخ ورفض من باقي العائلة لعملها، استمر الأب في الاهتمام بمسيرة ابنته الفنية، ومع تزايد سخرية وتضييق زميلاتها لها في المدرسة لكونها ممثلة، كانت فاتن ما بين استكمال المشوار الفني او التوقف، ولكنها اختارت ما أحبته منذ البداية.
تعرفي على: "لا أنام".. القصة التي غيرت وجه فاتن حمامة الملائكي
أفلام فاتن حمامة
على مدار مشوار فني طويل مع السينما، كانت بدايته بـ "يوم سعيد" عام 1939، وآخره "أرض الأحلام" عام 1993، ذخرت مسيرة أعمال فاتن حمامة بأفلام وصلت إلى أكثر من 90 فيلم، كانت في البداية تتسم أعمالها بنمط معين للفتاة المصرية المغلوبة على أمرها، لكن تحررت في ما بعد، وأتقنت تقديم مختلف الأدوار.
تعاونت على مدى سنوات عملها بالفن، التي وصلت إلى أكثر من 50 عاما، مع المخرجين المصريين على اختلاف طريقتهم وأسلوبهم، واستطاعت أن تتعلم الكثير من كل منهم، فقدمت مع يوسف وهبي أفلام، منها: "ملاك الرحمة"، و"القناع الأحمر"، و"كرسي الإعتراف".
وأثمر تعاونها مع المخرج حسن الإمام عن أفلام، منها: "ملائكة في جهنم"، و"اليتيمتين"، و"ظلموني الناس"، و"المعجزة"، وعندما عملت مع صلاح أبو سيف قدمت "لا أنام"، و"الطريق المسدود"، و"لا تطفيء الشمس"، ويظل فيلمها "دعاء الكراوان" مع المخرج هنري بركات، واحد من أهم ما أنتجته السينما المصرية.
اقرئي أيضا: برلنتي عبد الحميد مسيرة فنانة بين السياسة والتمثيل
عملت أيضا مع المخرج يوسف شاهين، وقدما أفلام، منها: "بابا أمين"، و"ابن النيل"، و"صراع في الوادي"، وصراع في المينا"، ومن الأفلام التي لا ينساها الجمهور، والتي تم اعتبارها من علامات السينما المصرية، "الباب المفتوح" من إخراج هنري بركات عام 1963، و"الحرام" في عام 1965، و"إمبراطورية ميم" عام 1972، و"أفواه وأرانب" عام 1977، و"يوم مر ويوم حلو" من إخراج خيري بشارة عام 1988.
وكان فيلم "أريد حلا" عام 1975 واحد من الأفلام التي ساهمت في تغيير أوضاع اجتماعية وقانونية لصالح المرأة، فأشار إلى سيدة تريد أن تحصل على الطلاق من زوجها، ويمنعها القانون من ذلك، وبعدما وضح العمل معاناة المرأة المصرية في الحصول على حق طبيعي، تم تغيير القانون ليتيح للنساء بخلع أزواجهن عند استحالة الحياة بينهما.
اقرئي أيضا: مديحة حمدي سمراء النيل التي ألهم جمالها الشعراء والكتاب
في أثناء الاحتفال بمرور مائة عام على السينما المصرية، تم اختيار 18 فيلم لفاتن حمامة من ضمن أفضل 150 فيلما سينمائيا مصريا، وحازت على لقب أفضل ممثلة، وفي عام 2007 اختارت لجنة السينما للمجلس الأعلى للثقافة 8 أفلام شاركت بهم فاتن حمامة ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في السينما المصرية.
تزوجت فاتن حمامة لثلاث مرات، الأولى من المخرج عز الدين ذو الفقار عام 1947، وأنجبت منه ابنتها نادية، ثم انفصلا في عام 1954، حين رأت فاتن أن زواجهما بُني على إعجابها بعز الدين كمخرج لا كزوج، ثم تزوجت من الفنان عُمر الشريف، الذي أعلن إسلامه ليتم زواجه بها، ولكن بسبب الغيرة افترقا رغم قصة الحب التي جمعتهما في عام 1974، ورُزقت منه بابنها طارق، وكان دكتور الأسنان محمد عبد الوهاب هو آخر أزواجها، فظلا معا حتى رحيلها، واستمرا معا لما يقرب 40 عاما.
في الإذاعة، شاركت في عدد من المسلسلات الإذاعية، منها: "البراري والحامول" و"كفر نعمت"، و"ليلة القبض على فاطمة"، وللتلفزيون، قدمت فاتن حمامة مسلسل ضمير أبلة حكمت عام 1991، ومسلسل "وجه القمر" عام 2000، الذي كان آخر إطلالاتها التمثيلية، وظلت محتفظة بعده برصيد كبير من المحبة والتقدير والامتنان لدى الجمهور والنقاد حتى رحيلها في 17 يناير عام 2015.
أكملت فاتن حمامة تعليمها المدرسي في المنزل، والتحقت بمعهد التمثيل عام 1946، أتقنت العربية والفرنسية والإنجليزية، واستطاعت أن تمثل مصر في كثير من المهرجانات والمحافل الدولية، ونالت عن أعمالها ومشوارها السينمائي عددا من الجوائز وشهادات التقدير، منها: وسام الكفاءة الفكرية من المغرب، وسام الأرز من لبنان عامي 1953 و2001، وسام المرأة العربية من الرئيس اللبناني السابق رفيق الحريري، شهادة الدكتوراة الفخرية من الجامعة الأمريكية في القاهرة عام 1999.
اقرئي أيضا: مريم فخر الدين الخواجاية الفلاحة
مع بداية عام 2019، كرمت دار الأوبرا المصرية فاتن حمامة بوضع تمثال لها أمام المسرح الكبير، من عمل الفنان عصام درويش، وهو تمثال طولي يُظهرها في فترة متوسط العمر، وهي شابة لها ملامح بريئة ووجه حنون، كما عهدها الجمهور دوما.
اقرئي أيضا:
صفية زغلول زوجة مناضل وأم للمصريين ومناصرة للمرأة
الكاتب
هدير حسن
الإثنين ٢٨ يناير ٢٠١٩
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا