ملك حفني ناصف أول مصرية تنال الابتدائية وتنصر المرأة
الأكثر مشاهدة
حين كان الشعب المصري يشهد الاحتفالات بزفاف الأمير حسين كامل وقرينته الأميرة "ملك"، كان القاضي والأديب حفني ناصف ينتظر مولودته الأولى، فقرر أن يمنحها اسم الأميرة تيمنا وابتهاجا، فصارت ملك حفني ناصف، ابنته الكبرى على سبعة أبناء آخرين.
حلّ يوم ولادتها في 25 ديسمبر 1886، ونشأت في حي الجمالية بالقاهرة، وكان والدها حفني ناصف شاعر وأديب ورجل قانون وقاضي في عدد من الأقاليم المصرية، كما شارك في تاسيس الجامعة الأهلية (جامعة القاهرة) وتولى رئاستها عام 1908، كما شارك في إنشاء المجمع اللغوي، وعمل بمنصب كبير مفتشي اللغة العربية بوزارة المعارف.
تعرفي على: ريا الحسن أول امرأة عربية في منصب وزير الداخلية
الخلفية التي يملكها الأب جعلت من ملك فتاة مختلفة عن أقرانها، فكانت تجيد الفرنسية والإنجليزية، كونها تعلمت في المدارس الجنبية، ثم التحقت بالمدرسة السنية، وأصبحت أول فتاة مصرية تحصل على الشهادة الابتدائية عام 1900، وأكملت طريقها في التعليم حتى حصلت على الشهادة العليا، وعملت كمعلمة في المدرسة.
هواية ملك حفني ناصف كانت الكتابة والشعر، فكانت تنظم القصائد تعبيرا عن أفكارها، وأولى قصائدها كانت لرثاء الشاعرة عائشة التيمورية، وبدأت تنشر كتاباتها في الدوريات والجرائد المصرية، ومن خلال ذلك كانت أول الداعيات إلى تحرير المراة وإنصافها وإعطائها حقوقها.
اقرئي أيضا: سارة جمال المهندسة أول حكم دولي محجبة بكرة السلة
باحثة البادية
حصلت ملك حفني ناصف على لقبها بـ "باحثة البادية" بعد زواجها عام 1907 من أحد أعيان الفيوم عبد الستار الباسل، الذي كان رئيسا لقبيلة الرماح الليبية في الفيوم، فانتقلت لتعيش معه في قصر الباسل بإحدى ضواحي مركز إطسا، ومن البادية التي كانت عليها الفيوم، أصبحت ملك تُعرف بـ "باحثة البادية".
ظروف زواجها اضطرتها لاختبار مشاعر صعبة ومعقدة، جعلتها تؤمن بضرورة نصرة المراة في المجتمع ومنحها حقوقها، فكان الزوج ينتظر من ملك أن تنجب له، ولكنها ظلت لسنوات لم تُرزق بالأطفال، فعايرها المجتمع وقتها بأنها عاقر.
تعرفي على: حكاية مروة السلحدار أول قبطانة في مصر والوطن العربي
وقرر الزوج أن يعيد إلى عصمته زوجته الأولى التي كان قد طلقها بعد إنجابها لابنته، ولكن تكشف فيما بعد أن الزوج أصيب بمرض يمنع من الإنجاب مرة ثانية، بعد أن عاشت ملك لسنوات تتعرض للسخافات والتعليقات الجارحة بأن العيب فيها.
كتب ملك حفني ناصف
تجربتها مع الزواج، إلى جانب أفكارها التحررية، جعلت باحثة البادية تصبح من أول السيدات الداعيات إلى تحرير المرأة المصرية ونصرتها، وتحفيزها على نيل حقوقها، فأنشأت "اتحاد النساء التهذيبي"، الذي ضم كثير من السيدات المصريات والعربيات، يحثهن على الاهتمام بما فيه مصالحهن، وتوسيع مداركهن.
وكانت السبب في وجود الهلال الأحمر المصري، الذي كان جمعية للتمريض لإغاثة المنكوبين المصريين والعرب في أثناء أحداث الاحتلال الإيطالي لليبيا، ونظمت قوافل ترسل الأغطية والمعونات والأدوية لمتضرري هذه الأحداث، كما اهتمت بتعليم الفتيات التمريض، فحولت منزل لها في القاهرة إلى مقر للمدرسة، ومن مالها الخاص كانت تنتوي أن تُنشيء مشغل للفتيات وملجأ للمحتاجات، ولكن ظل مشروعا لم يكتمل.
اقرئي أيضا: معلومات عن أول سيدة مصرية تحصل على رخصة قيادة
انتشرت كتابات ملك المتعلقة بقضايا المرأة، وضرورة أن تلتحق الفتيات بالتعليم، كما ساهمت في إثراء الجدل والنقاش حول دور المرأة في المجتمع، وأهم ما يجب تغييره، وأصدرت في ذلك كتابها "النسائيات" في جزأين، تم نشر الجزء الول منه، ولكن ظل الجزء الثاني مجرد مخطوطات غير مكتملة، كما كانت تنتوي إصدار كتابها "حقوق النساء"، الذي لم يمهلها القدر الوقت لتكمله.
دعوة ملك حفني ناصف لا تتعلق فقط بالمرأة، ولكنها كانت تستهدف الإصلاح الاجتماعي، وكانت تمثل المرأة المصري في المؤتمر المصري الأول عام 1911، والذي كان يركز على سبل إصلاح الأوضاع المجتمعية، وكانت من وجهة نظر ملك، أهمها: تعليم البنات حتى المراحل الثانوية، وتخصيص عدد منهن لتعلم الطب والتدريس، إلى جانب تثقيفها بتعاليم الدين الصحيح.
شعر ملك حفني ناصف
إلى جانب الكاتابات النثرية، وإلقاء الخطابة والمشاركة في الفعاليات المجتمعية، كانت ملك قادرة على نظم الشعر، ونشر الخواطر، ومن القصائد التي انتشرت لها "أسلم أبي"، و"خير النساء"، و"قانون مطبوعات جائر"، كما نظمت ابيات تعبر عن رأيها في مسألة الحجاب والسفور، فقالت:
أيسوؤكم منا قيام نذيرة تحمي حماكم من بلاء محدق
أيسركم أن تستمر بناتكم رهت الإسار وجهل مطبق
فكانت ملك ترى أن التحرر وسعي المرأة لأن تكون عدوا فاعلا في المجتمع، لا يعني أن يكون ذلك عن طريق السفور والتشبه بالمجتمعات الأوروبية، التي أوضحت أن سفور نساءها لا يعني تقدم مجتمعاتها، فالأمر ليس له علاقة بالشكل، وعلى العكس، دافعت ملك عن الحجاب أمام الآراء الأخرى، خاصة التي وردت في كتب قاسم أمين، داعية غلى التخلي عن الحجاب.
اقرئي أيضا: معلومات عن نادية عبدة أول سيدة تتولى منصب محافظ
وقالت ملك حفني ناصف تداعف عن رأيها "إن الأمم الأوروبية قد تساوت في السفور، ولم يكن تقدمها في مستوى واحد، فمنها الأمم القوية، ومنها الأمم الضعيفة، فلماذا لم يسو السفور بينها جميعا في مضمار التقدم، إذا كان هو الأساس للرقي الحضاري كما يزعم هؤلاء".
وفي عمرها الـ 32، أصيبت ملك حفني ناصف بالحمى الإسبانية، وتوفيت في 17 أكتوبر 1918، مسيرتها كانت قصيرة، لكنها استطاعت أن تخلد اسمها وتترك إرثا استندت عليه سيدات جيلها في الحصول على حقوقهن، وتحقيق انتصارات أكبر للمرأة. وبأروقة الجامعة الأهلية (جامعة القاهرة)، تم إقامة أول حفل تأبين لسيدة في مصر لباحثة البادية، وحضره السيدات الرائدات، وأبرزهن هدى شعراوي.
اقرئي أيضا:
روز اليوسف فنانة اخلصت للصحافة فتركت مجلة تحمل اسمها
الكاتب
هدير حسن
الثلاثاء ١٩ فبراير ٢٠١٩
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا