فريدة سالم تعشق كرة القدم وتمكن الفتيات عبر الرياضة
الأكثر مشاهدة
"مش بعلمهم إزاي يعرفوا يشوطوا الكورة؟ لكن إزاي هما نفسهم يكونوا أحسن" تسعى فريدة سالم، عاشقة كرة القدم منذ لعبتها في عمر الـ 12، أن تصل بأكاديميتها لتعليم الفتيات والسيدات وتمكينهن عبر الكرة والرياضة إلى جميع محافظات مصر، وتمتد فروعها إلى بلاد مختلفة حول العالم.
تعرفي على: نادين الدولتلي بطلة تنس الطاولة التي احترفتها بالوراثة
البداية من السلة
في أسرتها، فريدة ذات الـ 26 عاما هي الابنة الكبرى، يصغرها شقيقان نشأوا جميعا على أن ممارسة أي رياضة هو أمر واجب وضروري، فوالدها كان بطلا في الكاراتيه، ووالدتها تهتم بتنميتهم بدنيا "أنا بحب الرياضة جدا، جربت ألعب حاجات كتير، السباحة والكاراتيه لغاية ما استقريت في الباسكت (كرة السلة)"، أحبت فريدة كرة السلة، وظلت تلعبها لثلاث سنوات، لكن كلمة واحدة كانت كفيلة بأن تجعلها تنصرف عنها وتنساها.
"المدرب قالي أنتي حمارة" كونها أضاعت فرصة جيدة للفريق، تأثرت فريدة بطريقة المدرب، وابتعدت تماما عن لعب كرة السلة، وبسبب محبتها للرياضات بشكل عام، وفي حين لم تكن مدرستها تتيح سوى لعبتين كرة السلة للبنات وكرة القدم للأولاد، قررت فريدة أن تشارك زملاءها الأولاد لعب كرة القدم، غير مكترثة بالنتائج، فكانت الفتاة الوحيدة ضمن فريق الأولاد بالكامل.
لم تواجه رغبتها باللعب معهم بالرفض أو الاستنكار، ولكن كانت تجربة جديدة لهم ولها، وتحكي فريدة لـ "احكي" كيف كانوا يساعدونها في تعلم لعبة جديدة عليها، "كانوا مخضوضين أنه بنت بتلعب معاهم، بس كانوا شايفينها حاجة جديدة ولذيذة"، ومع انتقالها لمدرسة جديدة، ألحت فريدة على مُدرستها لتأسيس فريق كرة قدم للبنات، وبسبب إصرارها تمكنت من تحقيق ما تريد.
إلى جانب اللعب مع فريق كرة القدم للبنات بالمدرسة، وفي حين كان عمرها 14 عاما، قررت فريدة أن تتعلم الكرة في أكاديميات خاصة، ولم تجد أكاديمية أو مدرسة كرة متخصصة لتعليم البنات، فاشتركت بأكاديمية لتعليم الأولاد، بحماس كبير من جانبها ودعم صادق من أسرتها.
أصبحت لعبة كرة القدم بالنسبة لفريدة جزء منها، فالأمر لا يقتصر على تمضية الوقت في لعبة تحبها، ولكنها سعت خلف تطوير نفسها وتتجه نحو الاحتراف لا الهواية وفقط، "أقنعت فريق المدرسة نشارك في الدورات الرمضانية، وقدرنا نلعب ونكسب وخدت أحسن لاعبة في الدورة"، وبسبب الدورة اشتركت فريدة بنادي وادي دجلة.
تعرفي على: سارة جمال المهندسة أول حكم دولي محجبة في كرة السلة
انضمت فريدة سالم لنادي وادي دجلة، واستطاعت بسبب موهبتها أن تصعد للفريق الأول بالنادي، ورغم صعوبة الأمر على والدتها، في ظل وفاة الأب، واحتياج أشقاء فريدة الأصغر لها، كانت تحرص على أن توصلها إلى مواعيد التمرين الممتدة على مدار الأسبوع في النادي، من البيت على طريق مصر إسكندرية الصحراوي، وحتى المعادي.
بسبب حماسها الشديد تجاه اللعب، تعرضت فريدة للإصابة بإحدى قدميها، مما اضطرها للخضوع للعلاج الطبيعي، ولكن فور التحسن كانت تهلك نفسها في التمرين واللعب دون التشافي بشكل تام، الأمر الذي أدى إلى إصابتها مرة أخرى، وكان ذلك خلال السنة الأخيرة لدراستها بالمدرسة "وكان ده الوقت اللي المفروض أبدأ أقدم فيه على جامعات بره مصر في التخصص اللي أنا عاوزاه".
سعت فريدة إلى دراسة كل ما يتعلق بالرياضة في جامعة أجنبية خارج مصر، ولكن الإصابة المتكررة منعتها من تحقيق ما أرادت، فكان لا بدّ من تصوير فيديو يُظهر مهاراتها في كرة القدم، ولكنها تمكنت من الحصول على منحة دراسية بالجامعة الأمريكية في عام 2011 للمتفوقين في الأنشطة المختلفة عن المواد الدراسية، وكانت تدرس integrated marketing communication وهو مجال متعلق بالأعلام والكتابة والتسويق، بعيد عن الرياضة والمجال، الذي أدركت أنها لن تجده في مصر.
شغفها بكرة القدم لم تستطع الدراسة بالجامعة الأمريكية أن تجعلها تغفل عنه، رغم تفوقها الدراسي وحرصها على أن توازن بين ممارسة الرياضة والتفوق الأكاديمي، فالتحقت بفريق كرة القدم بالجامعة الأمريكية، وسعت لأن يكون الفريق 11 لاعبة بدلا من خمسة فقط، واشتركت مع الفريق في بطولة الجمهورية للجامعات 2012/2013، واستطاعت أن تحصل على لقب أفضل لاعبة في البطولة.
ومع أواخر عام 2013، أتتها فرصة للالتحاق بمعسكر منتخب مصر، "لكن بسبب الدراسة في الجامعة، مقدرتش أحضر كل التدريبات، فأحُبطت وبعدت عن الكورة، وقلت خلاص مش هلعب تاني"، ولكنها قررت أن تقوم بتأجيل الدراسة لعلاج إصابتها بشكل كامل، وأعدت فيديو يوضح المهارات التي تتقنها وطريقة لعبها، دون أن تدري ما الذي قد تفعله به؟ وبسبب حبها للرياضة بشكل عام، شاركت بالعمل في إحدى الشركات في تنظيم الفعاليات والأحداث الرياضية، لتقودها الصدفة نحو حلمها.
في واحد من الفعاليات الرياضية التي شاركت في تنظيمها، قابلت فريدة ممثلين من واحدة من الجامعات الكندية "عرفت منهم أنهم عاوزين ناس تقدم على دراسة التربية البدنية والرياضة في الكلية"، حينها قررت أن تتفرغ لتحقيق حلمها، فقامت بتأجيل سنة دراسية بالجامعة الأمريكية، وأرسلت الفيديو الذي كانت أعدته من قبل، وبدأت في تجهيز الأوراق.
اقرئي أيضا: الشغف بالرياضة وقود ماريز دوس للجري نحو أحلامها
وسط استنكار الجميع وإيمان والدتها بحلمها، توجهت فريدة إلى كندا في سبتمبر 2014 لتدرس الصحة والرياضة والتربية البدنية في جامعة فانكوفر آيلاند، وإلى جانب الدراسة، اجتهدت في الانضمام لفريق كرة القدم بالجامعة، والعمل ضمن وظائف أخرى تعينها على مصاريفها وتساعدها في إزاحة العبء عن والدتها.
تجربة الدراسة في كندا، والتي متدت لأربع سنوات، أكسبت فريدة القدرة على الإلمام بكل التفاصيل التي كانت تتمنى أن تعلم بها، ولكم يقتصر الأمر على كرة القدم فقط، ولكن شملت المواد الدراسية ما يتعلق بكل الألعاب الرياضية، بداية من التدريب والتجهيز البدني وحتى الإدارة والتنظيم والأمور اللوجيستية ، وتنظيم الفعاليات الرياضية، إلى جانب فهم حركة وهيكل الجسم وعملية بناء العضلات.
رغم الصعوبات التي واجهت فريدة في أثناء الاشتراك بفريق الجامعة لكرة القدم، أصرت أن تثبت قدرتها على التحسن، فكانت اللياقة البدنية هي الفارق، ومع أول إجازة لها، كرست فريدة وقتها للعمل على تقوية عضلاتها "وقت إجازتي الأولى في مصر، فضلت أتدرب في الجيم من فبراير لأغسطس كل يوم، وقدرت أظبط أكلي ومواعيد نومي"، وتمكنت بعدها من التحسن بشكل ملحوظ في الفريق، ولعبت لنادي كندي في الدرجة الثالثة "نانيمو يونايتد"، وحققت معه إنجاز الصعود للدرجة الثانية.
طبقت فريدة ما تعلمته في الجامعة، فاستحدثت نشاط طلابي يجمع الطلاب المقيمين بالجامعة، "والنشاط استمر حتى بعد تخرجي من الجامعة، فهدفه كان تنمية الحاجات الحلوة في الرياضة"، لم يكن النشاط للسعي وراء المنافسة، ولكن لتعارف الطلاب وتقاربهم من بعضهم رغم اختلاف الثقافات والتقاليد والمفاهيم، وخلق علاقة طيبة تجمعهم ببعض.
في خلال سنوات الدراسة والسنة الإضافية التي مكثتها فريدة في كندا، عملت على التدرب على أنواع مختلفة من الوظائف، وخضعت لدروات مختلفة منها الإسعافات الأولية، وعلمت كرة القدم للأطفال، وعملت في مجال تقييم الوضع الصحي والبدني لأصحاب الوظائف التي تحتاج إلى مجهود عضلي، وفي سعيها نحو الاهتداء إلى قرار يوضح مستقبلها المهني، وهل تستمر في كندا أم تعود إلى مصر؟ وجدت فريدة في نفسها مدربة قادرة على أن تخلق علاقة جيدة مع اللاعبين ، وخاصة الأطفال.
اقرئي أيضا: تطبيقات تساعدك على ممارسة الرياضة
أكاديمية فريدة سالم
"الكورة في مصر للبنات محتاجة تطوير أكتر" لذلك كان مشروع تخرج فريدة من الجامعة هو "كيف تؤسس أكاديمية كرة قدم للفتيات How to build a girl's soccer academy"، وهو الحلم الذي كانت تسعى لتحقيقه، كونها عانت طوال فترة لعبها لكرة القدم من عدم توفر أماكن لتعليم البنات بشكل متخصص، وعادت لمصر لتنفذ حلمها.
سألت فريدة متابعيها على فيسبوك عن رغبتهم في وجود أكاديمية لتعليم البنات، فكانت الردود مشجعة للفكرة، وفي إجابات أولياء الأمور عن السبب الذي قد يعلمون انتهم كرة القدم لأجله، وضحت الإجابات أن الهدف هو جعل الفتيات أقوى وأكثر ثقة بأنفسهن وقادرات على تحقيق أحلامهن، ومن هنا جاءت أكاديمية فريدة سالم لتمكين الفتيات من خلال كرة القدم Empower Football Academy.
ومنذ يناير 2019 وحتى الآن، تمكنت الأكاديمية من تدريب ما يقرب من 60 بنت بأعمار مختلفة، ومن خلال خدمات مختلفة تقدمها الأكاديمية، من التدريب الخاص وتدريب الفرق والاهتمام بالأنشطة والفعاليات الرياضية، مع إصرار فريدة "مش هوقف شغل في الأكاديمية إلا لما تعدي على كل محافظة في مصر، وتكون أحسن أكاديمية في الشرق الأوسط".
اقرئي أيضا: مشوار شادية بسيسو من الراديو لـWWE
أهم ما تراه فريدة في ممارسة أي رياضة، هو الجانب المتعلق بالشخصية، وتعتبر أن الاستمتاع بالرياضة والقدرة على فهم حركة الجيم وعملية بناء العضلات، إلى جانب بناء الشخصية أهم من تحقيق البطولات "مع الوقت في تدريب البنات، لاحظت أنهم بقوا أحسن والتمرين قدر يخليهم مبسوطين أكتر وبيحسن حالتهم النفسية، فبقوا يتكلموا بصوت أوضح".
تتمنى فريدة عودة المنتخب المصري لكرة القدم النسائية إلى التصنيف العالمي، وأن تتمكن من المشاركة في معسكرتها وتدريباته، موضحة أن هناك بعض الخطوات التي تُظهر الاهتمام بكرة القدم النسائية "لكن محتاجين نشارك في مباريات دولية أكتر، ونتبادل خبرات مع فرق عالمية".
اقرئي أيضا:
سارة عبد المحسن بطلة حياتها بالرياضة والإرادة
الكاتب
هدير حسن
الأحد ٢٤ مارس ٢٠١٩
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا