شفيعة الوكيل تشكل حواديت فنية بالفضة والأحجار الكريمة
الأكثر مشاهدة
سيدة مصرية من نسل أولئك الذين بنوا المعابد وزينوها بنقوش دقيقة أعيت الفناء، وصاغوا المعادن كما لم يفعل من قبلهم أحدًا، هي فنانة صناعة الحُلي شفيعة الوكيل، التي سكن الفن شغاف قلبها منذ الطفولة، وتلاقت الأسباب والعوامل وروت موهبتها منذ كانت بذرة، حيث منزل والدها الفنان التشكيلي، ونشأتها في عروس البحر المتوسط بجذورها الضاربة في عمق الإبداع، إلى جانب صقلها الموهبة بدراسة "أم الفنون" الهندسة المعمارية.
الفنانة شفيعة الوكيل وصناعة الفضة
كانت كأي أم تساعد أبنائها في الأنشطة المدرسية المعتمدة على العمل اليدوي، تواظب على الذهاب لعملها كمهندسة معمارية، وتكتفي بتوظيف ما تجود به موهبتها في تصميمات المباني، قبل أن تتوقف عن العمل الهندسي بسبب ما تقتضيه الأمومة، والتي تراها شفيعة، مهمة مقدسة هي حجر الأساس لبناء عضو صالح في المجتمع.. وفي يوم ما، حصلت على هدية قيمة قوامها الأحجار الكريمة، ففكرت في استخدمها مع الفضة، وكانت النتيجة جيدة.
وبسرعة حازت قطع الحُلي التي صنعتها إعجاب الجميع، وتكاثرت طلبات صديقاتها على ما تصوغه يداها، وحينما كان زوجها مسافرًا إلى إيطاليا، طلب منها صُنع مجموعة حُلي فضية لتصبح هداياه في الرحلة، ومن هنا بدأت يداها تتعود على ملمس الفضة والأحجار، فكان تأسيس اسم "شفيعة الوكيل" في عالم فن صياغة الحُلي منذ 18 عامًا.
اقرئي أيضًا: أمينة أبو القاسم تبيع النوستالجيا في ماركت مصري
"واحدة واحدة بقيت ببتكر في طريقة اللضم، وكل قطعة تبقى شبه الشخص اللي هيشتريها"، تقول شفيعة التي اكتسبت خبرة في المجال بمرور الوقت، وأصبحت قادرة على التطوير وإضافة لمستها الخاصة، ولكنها لم تكتف بذلك، فدرست "كورس" تعليمي في أنواع الأحجار الكريمة وأشكالها، وكيفية تأثيرها على طاقة الإنسان ومراكز الشاكرات، لفظة باللغة السنسكريتية تعني مراكز القوة في الجسم.. "بحب الأحجار وبلبسها على حسب مود اليوم، بس أكتر حاجة مفضلة عندي، السترين الأصفر الشفاف اللي بيقوي الثقة بالنفس، وكمان حجر الروز كوارتز، رمز المحبة".
استمر التطوير الدائم رفيقًا لدربها، ولكي تصبح قادرة على التعامل مع "الصنايعية" ومجاراتهم في فهم خبايا وأسرار المهنة، تعلمت فنونها، من قص ونشر ولحام وتركيب، وعرفت أهم أماكن بيع الخامات الجديدة والفضة النقية التي تستخدمها في عمل قطع بعينها، "الصنايعي مبقاش يقدر يقولي على حاجة لأ أو ماينفعش تتعمل لأني بقيت فاهمة الصنعة".
ساعد السيدة شفيعة اطلاعها الدائم، وثقافتها البصرية التي كونتها من داخل وخارج مصر، "كنت باخد كورس مع إيطالية وإسبانية وسألتهم على قطع شفتها برا بس ماكنوش عارفين بتتعمل إزاي زي الورود وورق الشجر، فبدأت بنفسي أعملها بتكنيك خاص بيا".. وقبل ثلاث سنوات قررت ألا تستخدم في عملها أجزاءً جاهزة الصنع، "بطلت الحاجات الـ Ready Made علشان كل حاجة تبقى مميزة".
اقرئي أيضًا: نرمين النمر تتجه للعمل الحر بـ الحريفة
المنافسة في السوق لم تكن سهلة على الإطلاق، خصوصًا في جو تسوده ثقافة عدم احترام الملكية الفكرية ونسب الأعمال لأصحابها، ولهذه الأسباب "عرفت إن الحاجة اللي هتنافس لازم تكون مميزة جدًا، فقررت كل قطعة عندي يكون لها حدوتة"، واستغلت بنت الإسكندرية معرفتها المعمارية مع تنوع الثقافة المصرية من "بحري لـ النوبة"، إضافة إلى تأثرها "بكل شخص متواضع بيقدم فن"، وأنتجت قطعًا خلابة تعكس ذائقتها الفنية، مثل مجموعة "بنات مصر"، و"بنات بحري" المستوحاة من لوحة الفنان محمود سعيد التي تحمل نفس الاسم، "كل حاجة بتعمق فيها وأعرفها كويس بترجمها لقطع من الحلي".
وعطفًا على ما توصلت له من تميز، أضحت تعامل منتجاتها من باب الفن لا التجارة، "ببيع بالقطعة مش بالجرام"، وحافظت على روح الفنان الهاوي بداخلها ولم تجرفها أمواج الاحتراف نحو الإنتاج الغزير عديم المعنى والقيمة، وهي الآن على أعتاب افتتاح "جاليري" خاص به بطريقة الـ "Show Room" على غرار معارض الفنون، وفيه يأخذ الزائر موعدًا ويأتي لرؤية القطع واختيار ما يناسبه منها.
"المشاركة في المعارض الدولية كانت من الحاجات اللي عملتلي نقلة في شغلي"، وخصوصًا المعرض الدولي للصناعات اليدوية IHS، والمعرض الدولي للحرف اليدوية "كرافتي إيجيبت"، وفي هذه المعارض وجدت الجمهور المناسب لمنتجاتها، وهم من يعرفون قيمة الصناعات اليدوية، وكيف أنها تحمل جزءًا من روح وطاقة ووقت كل من عمل عليها، فتصبح قطعة مفعمة بالحياة.
اقرئي أيضًا: نوران إبراهيم مترجمة رافقت براندون في رحلته مع ناس مصر
تنصح السيدة صاحبة الخبرة الطويلة، كل من تقدم على بدأ مشروعها الخاص، أن تتحلى بالصبر والإصرار، كما شددت على الاستمرارية، "أهم حاجة الاستمرارية، لأن في مشاريع كتير بتبدأ ومع أول واقعة بتقف على طول"، وكذلك التعلم الدائم والمستمر، وعدم الارتكان إلى ما لديها من معرفة، لأن بحور الفن لا تنفد، "إنها تتعلم أسهل حاجة، في كورسات في كل مكان، ولو فتحت الإنترنت هتلاقي آلاف الطرق.. أنا بتعلم من الإنترنت كتير."، وأيضًا ألا تكون عرضة للاحباط بسبب سرقة الأفكار، وأهم شيء أن يكون لها السبق والريادة في الفكرة، ولا مشكلة في أن يقلدها الآخرون بعد ذلك، فهذا دليل نجاح.
تحلم شفيعة أن تعود لمصر مكانتها كحاضنة ومستودع لأمهر الصناع، وترى أنه لا ينقصنا الموهبة، ولا الحس الفني، فشوارع مصر ما هي إلا متحف مفتوح على عصور التاريخ المختلفة، وإنما نفتقد الرعاية الحكومية وتذليل العقبات ورعاية المواهب. كما يداعب خيالها أن تنقل فنها إلى العالم، لأنها ترى كل قطعة بمثابة لوحة فنية يحملها الشخص معه أينما ذهب، وبالتالي يمكن أن تساعد في تصدير ونشر الثقافة المصرية المحلية، " كل قطعة حدوتة، زي كأني بصنع إعلان متحركة عن هويتنا".
اقرئي أيضًا:
فريدة سالم تعشق كرة القدم وتمكن الفتيات عبر الرياضة
الكاتب
ندى بديوي
الخميس ٠٩ مايو ٢٠١٩
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا