نور النمر مصممة أقمشة تؤمن بقوة الفن على التغيير
الأكثر مشاهدة
منذ عام ونصف أو أكثر، كانت نور النمر تجلس في أحد المحاضرات، ذهبت بخيالها إلى فكرة مختلفة لتصميم الكراسي باستخدام رسومات أطفال، لينتهي بها الأمر تبيع أقمشة مزينة بخطوط الأطفال من مرضى السرطان، وتخصص ربع مبيعاتها للمساهمة في علاجهم، ومع تطور الفكرة، تغيرت نور.
تعرفي على: شفيعة الوكيل تشكل حواديت فنية بالفضة والأحجار الكريمة
دراسة نور النمر
"كنت بحب التصميم الداخلي، ومهتمة باي حاجة ليها علاقة بالقماش والعفش واختيار الديكور والألوان" ونظرا لدراستها الادبية في الثانوية العامة، لم تتمكن من الالتحاق بأقسام الديكور في الجامعات المصرية، ورغم قبولها لدراسة التصمبم الداخلي في واحدة من الجامعات العالمية، منعتها ظروف شخصية، فكان الاختيار الخير، هو دراسة الاقتصاد والعلوم السياسية بالجامعة الأمريكية.
قررت نور أن ترضي رغبة والديها بدراسة مجال يمكنها من إيجاد الوظيفة المناسبة، لكنها لم تنس اهتمامها وشغفها بالتصميم والديكور، فظلت تتابع وتهتم بالجديد في عالم تصميم الأثاث، حتى عرفت عن المصممة شيماء أبو الخير Shosha، التي استطاعت أن تنال الجائزة الأولى في مسابقة تصميم المنتجات الدولية بلندن لعام 2016.
منذ 4 سنوات، التحقت نور بتدريب قدمته شيماء عن التصميم كان عنوانه Design for Happiness التصميم من أجل السعادة "عرفت منها إزاي التصميم ممكن يغير حياتك، ويخليكي سعيدة، وإزاي ممكن تفرق لو صحيتي على ملمس سجادة ناعمة أو خشنة"، كانت نور أصغر المشاركين في تدريب شيماء، وهي بعمر الـ 17 عاما، ولكنها استطاعت أن تكون أفضلهم، وأدركت أنه يمكنها أن تعمل في ما تحب "حسيت ساعتها أنه ده أنا، ولو معرفتش أدرس اللي بحبه يبقى أقدر أشتغله".
شيماء أبو الخير تعد قدوة بالنسبة لنور "أي حاجة وصلت لها كانت بسبب شُوشَّا (لقب شيماء أبو الخير)"، فتعلمت منها أن التصميم علم وله قواعده، وليس مجرد موهبة وذوق، وآمنت أن تصميم أي شيء يجب أن يكون له هدف واضح ومحتواه محدد لدى المصمم، حتى يستطيع أن يقنع به الآخرون، وكانت أبو الخير تدمج نور كمتدربة في بعض المشروعات التي تعمل عليها شركتها.
أرادت نور أن يكون لها مشروعها الخاص، ولكن قبل أن تستقر على فكرته النهائية مرّ بكثير من المراحل، وبعد أن توصلت إلى فكرة الكراسي المزينة بأقمشة مخطوطة برسومات الأطفال، مكثت في البداية ما يقرب من ثلاثة أشهر تحاول الاستقرار على التصميم الذي سيكون عليه الكرسي، واختارت نسج رسومات أبناء شقيقتها بدلا من الطباعة، كونها لن تميز المشروع، ولكن ما الجهة التي يمكنها تنفيذ الرسومات بخيوط منسوجة بدقة؟
اقرئي أيضا: آية أشرف تشارك أصدقاءها تبسيط العلوم بموقع نيون
نسيج الأمل
قادتها الصدفة نحو إحدى الجمعيات التي تساعد النساء في منطقة اسطبل عنتر، وعلمت بإمكانية تنفيذ التصميم، وبعد الانتهاء منه، حاولت أن تتفق مع الجاليريهات وأماكن بيع الأثاث التي يمكنها عرضه للبيع، ولكن كان السؤال دوما يدور حول القماش والتصميم الذي استخدمته، فكانت الفكرة بأن تتخصص نور في تصميم الأقمشة "اقتنعت أنه التصميمات بالشكل ده توصل أسرع للناس، واستخداماتها تكون أكتر".
تطورت فكرة نور، وآمنت أنه يمكنها أن تستخدم المشروع ليحقق أهداف اجتماعية، إلى جانب الربح والتجارة أيضا، فكانت مستشفى 57357 لعلاج سرطان الأطفال هي وجهتها، وعلى مدى 7 أشهر، اختلطت بالأطفال مرضى السرطان، ولمست ما يعانونه واختبرت الألم الذي يعيشونه، ومن بين 100 طفل، حصلت نور على 80 رسمة يتم نسجها على أشكال مختلفة للقماش، ويذهب 25% من ربح شرائها إلى المساهمة في علاج هؤلاء الأطفال.
"قررت أن الرسومات تكون عن لوحات عالمية لبيكاسو وهنري ماتيس وكاندينسكي، ويحولها الأطفال بوجة نظرهم لخطوط وألوان"، وحتى تنتج أقمشة لها جودة عالية، حرصت نور على أن تجلب القطن والحرير الطبيعي من سوهاج، لتنسجه سيدات جمعية اسطنبل عنتر، وتضيف لها النحاس والزجاج اليدوي، من خلال حرفيين مهرة يتقنون هذه الصنعة، حتى يصل إلى منزل كل شخص يشتري المنتج في صورته النهائية، فيمنحه شعورا بالبهجة والراحة.
دائرة من الإيجابية تبدأ من الأطفال وحتى الشعور بالامتنان والسعادة الذي ينتاب كل شخص يقتني المنتج "ده هيكون هدفي من كل كوليكشن أشتغل عليه، واللي بيكون فيه عمالة كتير محتاجة الشغل ده". وحملت أول مجموعة من تصميمات نور اسم "نسيج الأمل Fabrics of Hope"، وأصدرتها في أبريل 2019، بهدف أن تشير إلى قدرة الفن على التغيير، مثل الطب والهندسة.
"من بنت كان أكبر هم عندها هتخرج فين، لست صاحبة مشروع وعندي كوليكشن وعاوزاه يبيع" لم يكن التغير الذي مرت به سهلا، ففي أسرتها، تعتبر نورهان مصطفى النمر، أو كما تُفضل "نور النمر Nour ElNemr" فتاة مدللة، منغلقة على أفكارها واحتياجاتها، ولم يكن والديها يتخيلا أن تكون قادرة على أن تدير مشروعها الخاص، لكن الاختلاط بالأطفال، والتواصل مع العمال والحرفيين، جعل منها شخصا آخر.
تعرفي على: فريدة سالم تعشق كرة القدم وتمكن الفتيات عبر الرياضة
كان الخوف على الفتاة الصغيرة من التعامل مع مجتمع وبيئة عمل تختلف عنها، يسيطر على مشاعر أسرتها تجاهها، غير مصدقين قدرتها على النجاح، ولكن القلق تحول إلى فخر "مبقتش بخاف، خرجت من القوقعة اللي كنت عايشة فيها، وحسيت بألم الأطفال في المستشقى وتعبت جدا، بس كملت، وقدرت النعم اللي عندي"، وارتبطت بالأطفال وما زالت تداوم على زيارتهم.
لم يزعج نور، سوى التعليقات التي تأتي من أصحاب شركات وأقارب وأصدقاء "كان قبل ما يتقال لي أنتي شاطرة، أسمع أنتي صغيرة جدا، أو أنتي بنت كأنه مرض أو إعاقة تمنعني أنجح"، فنور التي لم تتخط الـ 22 عاما، كان أصحاب الشركات يرفضون الاستثمار في فكرتها "واحد منهم قالي مينفعش اسمي يكون على حاجة عمرها ما هتكسب"، لم يكن يتوقع أحد أن تنفذ نور ما سعت وراءه، لتخلد أسماء أطفال يحاربون السرطان، وتجلب السعادة على كل مَن يشتري أقمشتها.
وإلى جانب حلمها بأن تقوم بتجهيز تصميمات سنوية، تحمل في كل مرة فكرة تحارب مرض وراثي أو تساهم في التوعية، استطاعت نور النمر أن تكون أول فتاة تصمم الزي الموحد للممرضات في مستشفى 57357، بعد أن جعلته يحمل رسائل إيجابية تُطمئن مخاوف الأطفال المرضى.
اقرئي أيضا:
هدير شلبي من تاكسي الساحل للمدير الإقليمي لكريم باص
الكاتب
هدير حسن
الخميس ٠٩ مايو ٢٠١٩
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا