الذكاء العاطفي وتأثيره على حياتك العملية والشخصية
الأكثر مشاهدة
في عام 1995، أصدر الكاتب والباحث دانيال جولمان كتاب بعنوان "الذكاء العاطفي"، أصدر الكتاب ضجة كبيرة في أميريكا والعالم بأكمله بسبب ما احتواه على مفاهيم جديدة تمامًا على المجتمع تعيد صياغة وفهم تصرفات الإنسان وردات فعله في المواقف المختلفة، سواء في العمل أو في الحياة الشخصية.
الكتاب يشرح مفهوم الذكاء العاطفي، ويوضح أن المقصود به هو وعي الشخص الذاتي بمشاعره وفهمه لها وكيفية التحكم فيها، وكيف لذلك الإدراك أن يوصل الأشخاص إلى مزيد من النجاح في حياتهم العملية، حيث فاجئ جولمان الجميع بإقرار أن المسئول عن النجاح في العمل ليس الذكاء العقلي فحسب بينما الذكاء العاطفي، فالذكاء العقلي أو الـ IQ مسئول عن 20% فقط من النجاح في الحياة، بينما النسبة المتبقية يكون المسئول عنها هو ذكائك العاطفي.
في هذا الموضوع، ستتمكن من معرفة ماهية الذكاء العاطفي ومكوناته وكيف يمكن أن تنمي ذكائك العاطفي في حياتك العملية والشخصية.
مكونات الذكاء العاطفي
حدد جولمان في كتابه، 5 مهارات للذكاء العاطفي، ثلاثة منها تتعلق بالذات، واثنان تتعلق بالعلاقات الاجتماعية من الآخرين، ومن خلال معرفتك لتلك المكونات يمكنك تقرير ما إذا كنت تمتلك ذكاءا عاطفيًا أم لا، وكيف يمكنك تنميته داخلك.
المهارات الشخصية للذكاء العاطفي
الوعي الذاتي
يعتبر الوعي الذاتي هو أهم المهارات التي يمتلكها أصحاب الذكاء العاطفي، وهو يعني أن تمتلك إدراك ووعي بمشاعرك وانفعالاتك بحيث يمكنك ترجمتها في عقلك لكلمات حتى يتمكن عقلك بدوره أن يترجمها إلى أفعال تنعكس على تصرفاتك، وتأخذك إلى المهارة الثانية، وهي التحكم في انفعالاتك.
من الخطأ أن تعتقد بأن المشاعر إما سلبية أو إيجابية، فبدلًا من ذلك يجب عليك التفكير بأن المشاعر مناسبة أو غير مناسبة، فمشاعر الغضب على سبيل المثال، يترجمها الناس على أنها مشاعر سلبية، على الرغم أن الحقيقة هو أن الغضب يمكن أن يكون عاطفة مناسبة في ظروف معينة، المهم هو أن تعرف كيف تتصرف تجاه تلك العاطفة.
التحكم الذاتي
بعد أن تدرك مشاعرك بشكل كامل، يأتي دور إدارة تلك المشاعر والانفعالات بحيث لا تؤثر سلبًا عليك أو على من حولك، فوفقًا لجولمان، فإن مشاعرنا هي المحرك الأساسي لكل تصرفاتنا وأفعالنا.
يوجد العديد من الجوانب والتعريفات التي يمكننا أن نصف بها التحكم الذاتي على حسب الموقف الذي تتواجد فيه، ولكن أهم جزء فيه هو "ضبط النفس" لأنه الأصعب، فكيف تتصرف في موقف تملكتك فيه مشاعر غضب، وهل تتحكم بك انفعالاتك في تلك اللحظة أم أنت من تتحكم بها؟
على سبيل المثال، عند التعرض لموقف مزعج من أحد الأشخاص مثل أن يقول لك شخص كلام يؤذيك، ماهو تصرفك في هذه الحالة؟ فإذا قمت بالانفعال وتشاجرت معه ستكون أنت المخطئ ولا شك، فهو في حقيقة الأمر لم يقم بإزعاجك ولم يتشاجر معك، هو فقط قال بعض الكلمات التي ازعجتك، لكنك أنت المسئول تمامًا عن انفعالك في تلك اللحظة، ومن الأفضل دومًا تعلم كيفية التحكم في انفعالك.
التحفيز الذاتي
التحفيز الذاتي يمكن تلخيصه في إمكانية الفرد على اكتساب نوع جديد من المشاعر وهو المشاعر التحفيزية، مشاعر إيجابية يمكنها تحفيزك ودفعك إلى الأمام بصورة مستمرة، واكتساب ذلك النوع من المشاعر يجب أن يأتي من الذات بشكل تام، فلا يجب أن تنتظر من أحد أن يقوم بتلك المهمة عنك.
وبإمكانك عمل خطة لتنفيذ التحكم الذاتي، فعليك أولًا مثلًا بتحديد مجموعة من الأهداف ووقت معين للالتزام بها وإنهاءها، ثانيًا عليك أن تكون متفائلًا بأنك تستطيع عمل هذا الشيء مهما وأن يكون لديك شغف تجاه ما تفعل، أما أهم ما في التحفيز الذاتي هو أن تمتلك استعداد دائم لاستغلال الفرص المختلفة في حياتك وأن تكون شخص مبادر طوال الوقت.
اقرئي أيضًا: نصائح تجعل الشخص الانطوائي أكثر انفتاحًا
المهارات الاجتماعية للذكاء العاطفي
إدراك مشاعر الآخرين
يترجمها البعض إلى "التعاطف" Empathy، ويُقصد بها الوعي باحتياجات ومشاعر الآخرين، سواء الأفراد أو الجماعات بهدف رؤية الأمور من وجهة نظرهم.
يساعدك التعاطف على بناء فهم عميق وعلاقات قوية مع الآخرين، فهو يتضمن تفهم الآخرين وتطويرهم وتوجيههم والاستفادة من اختلافهم واختلاف وعيهم، ولهذا فإن هذه المهارة تحديدًا هي سمة القادة الناجحين.
يشرح جولمان أن التعاطف هو أصعب المهارات التي يمكن للشخص اكتسابها، فهي تحتاج إلى الاستماع إلى الآخرين بطريقة فعّالة، الانتباه إلى مشاعرهم بما في ذلك ما يقولونه وما يحاولون إخفاءه، عن طريق ترجمة لغة الجسد الخاصة بهم. أن تقوم بإلقاء مجموعة من الأشئلة بهدف فهم أعمق لما يشعرون، وأن توضح لهم ما فهمت حتى تعرف ما إن كنت صحيحًا أم مخطئًا.
تحتاج كذلك إلى احترام مشاعر الآخرين حتى وإن كنت غير متفق معها، وأن تتجنب تمامًا الأحكام أو نظرات الاحتقار أو الرفض ردًا عما يقولون.
التحكم في العلاقات
مهارة التحكم في العلاقات تتعلق بتنمية بعض المهارات الاجتماعية الأخرى، مثل أن تكون شخص منفتح من السهل التحدث إليه، مستمع جيد، جدير بالثقة والمشاركة، ومن ثم تصبح تلقائيًا شخص جذاب للأخرين.
ويعود أصل الحصول على تلك المهارات إلى مهارتين أساستين يجب عليك العمل عليهم أولًا، وهم احترام الذات والثقة في النفس، فهذا يجعلك شخص إيجابي متحكم في انفعالاته ومتقبل ومتفهم لانفعالاته، وبالتالي أكثر تقبلًا وتفهمًا للأخرين.
الذكاء العاطفي في العمل
كما أسلفنا، أن امتلاك الذكاء العاطفي لا يعني النجاح في الحياة الشخصية، بل أنه يشكل الجزء الأكبر من النجاح في الحياة العملية، فلا يوجد قدر من الذكاء العقلي في العالم قد يكفيك بمفرده لتنجح دون امتلاك مهارات عاطفية واجتماعية.
وفي بحث أجراه عالما النفس جون ماير وبيتر سالوفي، استطعا من خلاله اكتشاف وجود علاقة طردية بين امتلاك موظفي الشركة للذكاء العاطفي وبين نجاحها وأوضحاها في ثلاث نقاط:
- الموظفين الذين يمتلكون نسبة مرتفعة من الذكاء الاجتماعي لديهم بطبيعة الحال قدر كبير من فهم الذات مما يساعدهم على تفهم زملائهم وإنجاز أعمالهم في الوقت المحدد
- الموظفين الذي لديهم ذكاء عاطفي لا يتأثرون بانتقادات العملاء لهم، فينصب تركيزهم على المنتج النهائي بشكل أكبر من التركيز على المشاعر السلبية أو الإحساس بالإهانة من العميل
- إذا تقدم شخصان لوظيفة بنفس نسبة الذكاء العقلي، فإن الشخص صاحب نسبة الذكاء الاجتماعي الأعلى سيكون دومًا هو الملائم للوظيفة
اقرئي أيضًا: ما الذي تحتاجينه من الحب والزواج مع اقتراب الثلاثين؟
أما جولمان فقد حدد بعض النقاط أو الملاحظات التي يمكنك من خلالها معرفة ما إذا هذا الشخص يمتلك ذكاء اجتماعي أم لا، وهي:
- يتقبل التغير، الشخص الذكي عاطفيًا لا يخاف من التغيير بل لديه القدرة على التأقلم
- يفهم ذاته، لديه وعي تام لما هو على علم به وما يحتاج إلى تعلمه فلا يشعرهم جهلهم بأمر ما بضعفهم، ويعلمون تمامًا أي نوع من بيئة العمل هو الملائم لهم
- متعاطفين، لديهم تفهم لمن حولهم من زملاء العمل والعملاء كذلك دون الشعور بالمأساة
- غير مثاليين، الأشخاص الأذكياء عاطفيًا يعلمون أن المثالية أمر مستحيل هو فقط يحاولون النجاح والتعلم من أخطائهم
- متوازنين، يعلمون قيمة إحداث توازن بين العمل والحياة الشخصية، فلا يطغى أحدهم على الآخر
- محبي للاستطلاع، فضولهم وحبهم للاستطلاع يجعلهم أشخاص منفتحين يبحثون عن حلول مبتكرة لمختلف المشكلات
- متفائلين، يفكرون بإيجابية دومًا وينظرون للنصف الممتلئ من الكوب ولا يدعون الأشخاص السيئين يؤثرون عليهم
أخيرًا، العمل على تنمية الذكاء العاطفي بداخل هو أهم خطوة في تطوير ذاتك، وهناك العديد والعديد من الدراسات التي أثبتت مدى نجاح واستمتاع الأشخاص أحصاب الذكاء العاطفي بحياتهم العملية والشخصية.
شاهدي أيضًا ..
اقرئي أيضًا:
6 حاجات البنات تقدر تعملهم لو الشوارع أمان
الكاتب
رضوى سمير
الأحد ٠٢ يونيو ٢٠١٩
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا