عارفة عبد الرسول الحكاءة بنت البقال بأداء سلس وبسيط
الأكثر مشاهدة
بهدوء وثقة وحب، تنطق كلاما ليسمعه الناس فيصير حكاية ينغمسون في تفاصيلها، لا يملون منها، بل يعيشون داخلها ويلمسون أشخاصها بقلوبهم، لتحظى عارفة عبد الرسول بلقب ملكة الأداء السهل الممتنع، فهي ليست في حاجة إلى انفعالات مبالغ بها لتكشف عن موهبتها، يكفي حضورها الصادق الواثق.
تعرفي على: مشوار سوسن بدر نفرتيتي العصر الحديث
الفنانة عارفة عبد الرسول
لاسم جدتها ولدت عارفة حسن سيد عبد الرسول، الابنة الكبرى لوالدها، في البداية لم تكن أن تُنادى بـ "عارفة"، فأصبحت عند المحيطين بها "ميرفت"، حتى اكتشفت التفرد والاختلاف الذي يمنحها إياه اسمها. ولأنها الكبير بين أشقائها الثمانية (6 بنات، وولدين) كان قدرها أن تعمل في سوق الحضرة بمحل البقالة مع والدها، حيث يقع خلفه المسجد الذي يحمل اسم جدها سيد عبد الرسول، نائب الطريقة العزمية بالإسكندرية.
داخل سوق الحضرة بالإسكندرية، عاشت عارفة أكثر من 20 عاما، فدخلته وهي طفلة لم تتعدَ الثلاثة أعوام، لتساعد والدها في محل البقالة، وخرجت منه وهي شابة عمرها 24 عاما، لتظل الحكايات والمشاهد والمواقف التي مرت بها في السوق محفورة في ذاكرتها، وعامل رئيسي في تشكيل وجدانها، ورؤيتها للعالم.
حكايا أهل السوق ومرتاديه، كانت وسيلة عارفة للتخفيف عن نفسها، فتتابع شخصيات الباعة وأهل المنطقة، وترصد بعيونها طريقة حديثهم، وتحفظ عن ظهر قلب تفاصيل حياتهم التي يبوحون بها، العيش داخل السوق، جعلها تحمل داخلها ثراء فكريا مختلفا، فتشبعت بعادات وطبائع المصريين في الأسواق الشعبية، واختزنتها، ومضت تقضي أوقات فراغها من العمل في البقالة، تحاول تقليدهم وحكي أحاديثهم، حتى تنسى قسوة والدها، الذي كثيرا ما كان يشد عليها وينهرها ويضربها، فلم تلعب يوما مع الأطفال "منطتش عمري الحبل ولا روحت المراجيح"، ولكنها كانت تنفث عن غضبها بالسخرية والفكاهة والضحك.
اقرئي أيضا: دينا الشربيني روح مرحة وابتسامة ساحرة لموهبة عظيمة
إلى جانب العمل مع الأب، اهتمت عارفة بدراستها، وحصلت على البكالوريوس في الفنون الجميلة، ولكنها علمت أن موهبتها في الحكي وقدرتها على أن تجذب من حولها ليستمعون إلى ما تقول، يمكنها أن تستغلها في الإذاعة أو التمثيل، وكانت على مدار سنوات دراستها بالمدرسة والجامعة، تكتب القصص القصيرة والشعر، وحصلت على جوائز من إذاعة الإسكندرية، وكانت ممثلة معتمدة من الإذاعة من عام 1976.
قدمت بالإذاعة عددا من المسلسلات والأعمال الدرامية، وأشهرها "من أرشيف المحاكم"، الذي كان ينتظره سكان منطقة الحضرة، فرحين بابنة منطقتهم، ومنحوها لقب "كابتن رأفت"، بسبب بدء المسلسل بجملة شهيرة "عملت إيه في تحرياتك يا كابتن رأفت".
عارفة بنت البقال
على مدار 30 عاما، اشتركت عارفة عبد الرسول في أعمال مسرحية وإذاعية في الإسكندرية، وحصدت جوائز عن الأدوار التي قدمتها، حتى جاءت مرحلة احتراف الحكي، الذي كانت تعتبره مجرد هواية تتسلى بها مع أصدقائها، لكن في أحد اختبارات الأداء، ولأنها لم تقم بتجهيز نص تؤديه، استعملت أحد حكاياتهت، وكانت بوابتها نحو عالم الحكي المسرحي، فقدمت مع الجيزويت عروض حكي مسرحية استوحتها من حياتها الشخصية، أخرحها زوجها مصطفى درويش وأسمتها "حكايات بنت البقال".
قدمت عروض الحكي في عدد من الدول العربية من لبنان إلى سوريا والأردن، واشتهرت كقاصة وحكاءة معتمدة، ولكن المركزية حرمتها من نجومية وشهرة استحقتها في وقت أبكر قليلا، وانشغالها بتربية أبنائها (حسن وحبيبة)، جعلها تؤجل قرار السفر إلى القاهرة، ولكن بعد رؤية المخرج حسن الجريتلي لها في أحد العروض، عرض عليها المشاركة في فرقة "الورشة" في القاهرة.
يؤمن زوج عارفة بموهبتها، ولذلك دعم سفرها إلى القاهرة، وقرر أن يعتني بأدولادهما، اللذين كانا قد تخرجا من الجامعة، واستضافتها صديقتها ميريت ميشيل في منزلها بالقاهرة، وبدأت ابنة البقال مشوارها في القاهرة منذ 12 عاما، تحاول أن تجتهد وتظهر موهبتها بخفة ورشاقة ودون تحايل، متعمدة أن يكون أي دور لها، وإن كان يبدو متواضعا، فيجب أن يحمل زاوية مختلفة بعيدة عن النمطية.
في فترة قصيرة، أثبتت عارفة موهبتها، وحازت ثقة الجمهور والنقاد، وشاركت في كثير من العمال الدرامية، التي تميزت فيها بأداء مختلف وسلس، ومنها: "البيوت أسرار"، و"الميزان"، و"أبو عمر المصري"، و"لا تطفيء الشمس"، و"موجة حارة"، كما قدمت الكوميديا في حلقات برنامج "البلاتوه" مع أحمد أمين.
أتت الشهرة والنجومية متأخرة، ولكن عارفة عبد الرسول لم تفقد يوما إيمانها بموهبتها وثقتها بنفسها.
اقرئي أيضا:
دنيا سمير غانم ممثلة ومغنية مجتهدة عشقها الأطفال
الكاتب
هدير حسن
الأحد ٠٢ يونيو ٢٠١٩
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا