هنا وأسماء أصحاب ديمبا صديقة البيئة ومعيلة السيدات
الأكثر مشاهدة
البداية كانت "أحمد" والرغبة في الحصول على حذاء جلدي، لتكون النتيجة ديمبا Dämpa التي أسستها هنا خالد، حتى شاركتها أسماء إيهاب الحلم والعمل، فاستطاعتا معا أن تحولا الأقمشة والقصاقيص إلى أقلام وشنط مدرسية وطعام شهي وبيوت مستورة تعيلها سيداتها.
هنا خالد وحلم ديمبا
اعتادت هنا خالد (29 سنة) على فكرة العمل في أي مجال منذ سنوات دراستها الأولى لعلم الاجتماع، فعملت في خدمة المبيعات بإحدى شكرت الدعاية، على مدار أربع سنوات، ثم كمدرسة سلوكيات في واحدة من دور الأيتام، ولفترة شاركت والدها العمل، كونه يمتلك مصنع أثاث، وكانت هنا تدير قسم المبيعات وتتابع عملية التشغيل، واكتسبت منه خبرة التعامل مع العمال.
وبالتزامن مع عمل والدها، جربت هَنا العمل كمدرسة علم نفس على مدار 3 سنوات، حصلت من قبلهم على شهادة دبلوم تربوي من جامعة عين شمس، ولكنها لم تستمر طويلا في مجال التدريس حتى انتقلت منه إلى العمل في تحليل البيانات بإحدى المبادرات.
خلال هذه الفترة، كانت هَنا تشارك في عدد من النشاطات التطوعية، وخلال حملة إطعام لمنطقة عزبة خير الله، صادفت طفل صغير "كان اسمه أحمد، سألته أنت في سنة كام، اكتشفت أنه مش بيروح المدرسة بسبب وفاة والده وهو اللي بيصرف على البيت بمساعدة والدته"، لم يكن أحمد وحده، ولكن كان هناك اطفال كثيرون مثله، فقررت حينها هنا أن تفكر في الطريقة التي تجعل حياة هؤلاء الأفراد أفضل. ولا يقتصر دورها على مجرد توفير طعام ومال سينتهوا.
تعرفي على: أمنية أبو القاسم فنانة بيع النوستالجيا في مصري ماركت
"من وقتها كنت عاوزة أعمل فكرة يكون ليها تأثير إيجابي على حياة الناس دي"، تذكرت حينها إمكانية استخدام القماش المهدر مرة أخرى في منتجات جديدة، وكيف استطاعت أن تقوم بذلك بنفسها، حين أرادت أن تمتكل حذاء جلدي شتوي "بوط"، ولكن وجدت ثمنه يصل إلى 7 آلاف جنبية، فقامت بتجميع الأقمشة الجلد المتبقية، واختارت التصميم الذي أرادته ونفذت الحذاء بنفسها بالتعاون مع أحد الورش بمبلغ لم يتخط الـ 300 جنيه.
وبعد عام من مصادفة "أحمد"، اشتركت هنا في مسابقة مؤسسة "إنجاز مصر" في 2017، بفكرة مشروع كان يحمل وقتها اسم "قصقوصة"، ويركز على تصنيع منتجات جديدة مرة أخرى من القماش الذي يتم هدره من مصانع الملابس، واستطاع مشروعها حينها أن يكون من بين أفضل 5 مشروعات ضمن 300 فكرة أخرى تم تقديمها، وكان المنتج عبارة عن حقيبة مصنوعة بالكامل من هدر الأقمشة.
تعلمت هنا في "إنجاز" كل ما يتعلق بريادة الأعمال ومفهومها، وكيف يمكن تحويل أي فكرة إلى مشروع مربح، والقدرة على التسويق والبيع وأتقنت مهارات الإدارة، ولكن ظروف أطاحت بفكرتها الوليدة "قصقوصة"، أنهت المشروع قبل بدايته، وبدأ المشاركون في الفكرة بالتخلي عنها، فقررت أن تبدأ وحدها من جديد.
مشروع ديمبا
عادت مرة أخرى رغبتها في أن تساهم في تغيير أوضاع كثيرين مِمَنْ يقطنون المناطق العشوائية، وخاصة، السيدات اللاتي تعيل أسرها، وتضطرهن الظروف للتخلي عن تعليم الأبناء، فاستعانت هنا بسيدات منطقة عزبة خير الله، موضحة لهن لتنفذ فكرتها من جديد من خلالهن، وعن طريق تعليمهن حرفة سهلة "روحت المنطقة وقولت لهم مفيش فلوس، في شغل وهيتحاسبوا عليه، وهيتعلموا حرفة جديدة"، فكانت تحضر لهن الماكينات الخاصة بالخياطة، وتوفر لهن المدربين.
وفي أحد المشاغل بعزبة خير الله، كانت بداية ديمبا Dämpa بمساعدة 4 سيدات، وكان أول إنتاج من الوسادات الصغيرة Cushions، التي جاء منها اسم المشروع، ففي مرحلة اختير الاسم، بحثت هنا عن معنى الوسادات الصغيرة بأكثر من لغة، حتى استقرت على اللغة السويدية ديمبا Dämpa.
اتضحت فكرة المشروع لدى هنا، وأصبح حلمها الذي تتمنى له التوسع والاستمرار، فهي الآن تملك فكرة قادرة على أن تساعد السيدات في إعالة أسرهن، وتحسين أوضاعهن المعيشية، كما أنه يعتمد في الأساس على فكرة تقديم منتجات صديقة للبيئة، فالمشروع قائم على الـ Upcyclying الذي يعني تحويل مخلفات أي منتج إلى منتج جديد وفي استخدام جديد، وحققت من خلاله مبيعات جيدة.
تعرفي على: حكاية ندى حسام الدين في عالم الموضة وتنسيق الأزياء
قصة أسماء إيهاب مع ديمبا
ومع ضرورة التوسع بفريق العمل، انضمت أسماء إيهاب (26 سنة) لتعمل في التسويق حتى أضحت شريكة تؤمن بدور ديمبا في جعل حياة السيدات المسئولات عن أسرهن في المناطق الفقيرة أفضل، وتمكنت هي وهنا من توسيع المشروع من 4 سيدات في منطقة واحدة إلى 200 سيدة في جزيرة الوراق والفيوم وإسطبل عنتر ومصر القديمة.
عاشت هنا الحلم من بدايته، ولكن أسماء لحقت بها، فبعد دراستها بكلية التجارة قسم اللغة الإنجليزية في 2015، عملت في عدد من الشركات بمجالات التسويق والإدارة والمبيعات، ووصلت إلى مديرة مكتب بإحدى شركات العقارات، وكانت دوما تفكر في اليوم الذي تمتلك فيه مشروعها الخاص .
في هذا الوقت، كانت هنا تبحث عن شخص يساعدها في التسويق، فأعجبت الفكرة أسماء، وانضمت لديمبا في فبراير 2018 "لقيت أنها (تقصد هنا) عندها رؤية، وبقينا أصحاب ولاقينا الأمان والثقة في بعض"، وبعد أشهر قليلة، آمنت أسماء أن إعالة السيدات عن طريق المشروع أمر ممكن، فقررت أن تكون شريكة وصاحبة حلم أيضا.
"المشروع بدأ بالكوشينز، لكن قدرنا بعد كده نزود منتجات تانية زي شنط للضهر واللاب توب والسجاد والبين باجز" وجميعها بأقشمة مهدرة يتم التخلص منها إما بالحرق أو الرمي، فاستغلتها ديمبا في أن تعيد استخدامها، وتنمي لدى كثيرين الوعي البيئي، "وكمان يقدر يساند أم ويخليها تعيل بيتها وتعلم أولادها، لان أساس الأسرة هي الأم".
تتولى أسماء الجزء المتعلق بالحسابات والمور المالية والتسويق، بينما هنا تعمل على متابعة عملية التشغيل نفسها بداية من التصميم وحتى تنفيذه والحصول على المنتج، "إحنا الاتنين إيد واحة، وفي أي ستارت آب (مشروع جديد) لازم كل واحد يكون فاهم في شغل التاني عشان يقدر يسند المكان لو أي حاجة حصلت".
التصميمات المميزة التي تنتجها ديمبا على كل منتجاتها وراءها هَنا، التي تبحث وتحاول أكثر من مرة حتى تحصل على النتيجة التي ترضيهان وذلك رغم عدم دراستها للتصميم، على العكس "من زمان ذوقي وحش جدا، وكل الناس تقولي ألوانك غريبة وبتلبسي حاجات مش متناسقة"، فذهبت هنا إلى والدها تريد منه الحل، فأوصلها بإحدى الفنانات التي تعلمت منها فكرة الألوان، وكيفية فهمها من خلال متابعة الطبيعة نفسها، وامتزاج ألوانها، "وعرفت منها كمان تقسيم الألوان، وذوقي اتغير 180 درجة، غير أني كنت بحضر معارض ديكور كتير، وكنت ببعت التصميمات لأكتر من حد متخصص في البداية وأعرف رأيهم واتعلم منهم".
كثيرا ما تمر أياما صعبة على هنا وأسماء، بداية من ما واجهنه مع أسرهن لإقناعهم بالفكرة والمشروع، والتخلي من أجلها عن عمل ثابت بمرتب مضمون، وحتى ساعات العمل الطويلة، والمرور بضوائق مادية مختلفة، حتى يصبح المشروع قادر على أن ينتشر ويستمر، ولكن دوما ما كان يعينهما "بنفتكر الناس والسيدات اللي معانا، وإزاي فيه منهم اللي جوزت بناتها، ورجعت ولادها للتعليم مرة تانية، وأنه حتى صحتهم وحياتهم اختلفت من ستات معدمات لستات قادرين كمان يحوشوا ويعيشوا أحسن".
اقرئي ايضا: آية أشرف تشارك أصدقاءها تبسيط العلوم بموقع نيون
تتمنى أسماء أن تكون ديمبا قادرة على ضم سيدات أخريات للمشروع، ليصلن إلى 1000 سيدة مع نهاية عام 2019، خاصة وأن المشروع يمتلك كثير من الميزات الخاصة به، بداية من جودة المنتجات التي تأتي بسعر مناسب، ومعها ضمان لمدة 6 أشهر، والتأثير المجتمعي من خلال تحقيق الربح والعمل مع سيدات معيلات، مع إنتاج منتجات صديقة للبيئة بتصميمات مميزة، مما يعني انتشار اكبر للوعي بضرورة الحفاظ على البيئة من خلال ديمبا.
أما هنا فتحلم ألا ترى سيدة معيلة تنتظر المال من الآخرين، بل تعمل بنفيها وتجد المهنة التي تناسبها حتى توفر قوت أسرتها، وأن يكون لديمبا دور واضح في مساعدة هؤلاء السيدات، كما ترى أن مواصفات المنتجات التي يتم إنتاجها بالكامل محليا، وبطابع يحمل رسالة مجتمعية، أن تنتشر في مدن أوروبا وأمريكا.
تأثير ديمبا لم يكن على حياة السيدات المعيلات فقط، فمع قدرة هنا وأسماء على توسيع فريق العمل، اكتسبتا صفات جديدة، فأسماء أصبحت مدركة أكثر لوجود فئات في حاجة إلى المساندة والمساعدة، والإيمان بالقدرة على إحداث تغيير وإن كان بسيطا طالما تبعه العمل والمجهود، كما أضحت هنا اكثر إلتزاما وإحساسا بالمسئولية.
اقرئي أيضا:
نادين الدولتلي بطلة تنس الطاولة التي احترفتها بالوراثة
الكاتب
هدير حسن
الأربعاء ٠٣ يوليو ٢٠١٩
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا