نوال المتوكل أول عربية وإفريقية تفوز بذهبية أولمبية
الأكثر مشاهدة
في الثامن من أغسطس لعام 1984، كان مكتوبا على كل فتاة تولد في المملكة المغربية هذا اليوم أن تحمل اسم "نوال"، تيمنا بالبطلة الرياضية نوال المتوكل، بطلة المغرب التي استطاعت أن تحصد في هذا اليوم الميدالية الذهبية في سباق الـ 400 متر حواجز في لوس أنجلوس، لتكون السيدة العربية والإفريقية الأولى التي تفوز بها.
اقرئي أيضا: فريدة سالم تعشق كرة القدم وتمكن الفتيات عبر الرياضة
نوال المتوكل السيرة الذاتية
نشأت نوال المتوكل في الدار البيضاء داخل بيت كانت الرياضة محور اهتمامه بصورة كبيرة، فقد ولدت في 15 أبريل عام 1962، واحدة ضمن خمسة أشقاء وشقيقات آخرين، يلعب والدهم الجودو، وتهوى والدتهم لعب كرة الطائرة، فكان الحديث دوما عن ما يمكنه أن تفعله ممارسة الألعاب والرياضات على اختلافها في حيواتهم.
في عمر الـ 15، بدأت نوال في ممارسة ألعاب القوى على اختلافها، وسط دعم من أسرتها ووالديها، وكانت تتميز بالسرعة والقدرة على الركض لمسافات طويلة، ومع مرور السينوات، كانت نوال تتدرب على يد مدرب فرنسي اسمه جون فرانسوا كوكو، وهو من ووجهها نحو التدرب لتجتاز في النهاية سباق الـ 400 متر حواجز.
من سمات جسدها، قصر القامة، الأمر الذي اعتقدت أنه قد يكون عائقا أمام طموح مدربها وثقته بها، فكانت تفضل الركض المعتمدة على السرعة، وهو الأمر الذي تتميز به، وفور مناقشتها لوالدها حتى أخبرها بضرورة أن تنصت لتوجيهات مدربها، ومن وقتها تعلمت نوال أن تحترم رؤية مدربيها.
تعرفي على: بشيرة بن مراد رائدة الحركة النسائية التونسية
مع عام 1979، بدأت نوال في خوض المافسات الدولية والوطنية في سباقات العدو، ففي المسابقة العربية عام 1981 بتونس نالت المركز الأول في سباقات 100 و200 متر، وفي البطولة الإفريقية بالقاهرة عام 1982، نالت المتوكل المركز الأول في سباقات الـ 100 متر، والـ 400 متر حواجز.
وفي مسيرة نوال المتوكل الرياضيةـ تعد مشاركتها في بطولة ألعاب القوى الدولية عام 1983، التي أقيمت في هلسنكي بفنلندا، هي نقطة الانطلاق نحو تحقيق الميدالية الذهبية، فرغم أنها لم تحصد مراكز بمشاركتها، ولكنها تعرفت بسببها من خلال صديقة لهاعلى إمكانية الدراسة بجامعة ولاية آيوا بالولايات المتحدة الأمريكية، من خلال منحة دراسية يتم قبولها بها بسبب إنجازاتها الرياضية.
واستطاعت نوال المتوكل بالفعل أن تنتقل للدراسة في الولايات المتحدة الأمريكية، وهناك كان انطلاقتها نحو التدرب على يد مدربيّن أمريكيّن، حتى تضمن التاهل لخوض منافسات الدورة الأولمبية بلوس أنجلوس لعام 1984، رغم أن الأمر في بدايته لم يكن سهلا، خاصة، عند تلقيها خبر وفاة والدها بعد أسبوع من سفرها، والذي كان أحد أكبر الداعمين لها ولقراراتها، واكثرهم إيمانا بمهاراتها.
رحيل الأب كان موجعا لنوال، ومؤثرا في فقدانه لأكثر شخص آمن بها، ولكنها استطاعت أن تحول هذا الشعور بالفقد والألم إلى طاقة تحفزها لمزيد من التدريب والتحمل، فكانت تخبر نفسها دوما "سأفوز بهذا السباق من أجل والدي.. سأتحمل المزيد حتى يشعر بالرضا"، وقد كان لهذا مفعوله في وصولها لما تريد، وأن تحقق له ما تمنى.
وقت ما حانت لحظة مشاركتها في أولمبياد لوس أنجلوس 1984، كانت نوال المتوكل الفتاة الوحيدة ضمن الوفد المغربي المسافر إلى الولايات المتحدة للمشاركة، من لاعبين وأطباء وفنيين، الجميع رجال وهي الوحيدة بينهم، وفي أثناء استقبال الملك الحسن الثاني بن محمد للوفد قبل السفر، تحكي نوال كيف أن كونها الوحيدة لم يجعله يغفل تواجدها، فقال في حضورهم "نتمنى أن يعود واحد منكم أو واحدة بميدالية ذهبية للمغرب"، فكان كمن تنبأ بفوزها.
في اليوم الذي سبق المنافسة، أصر مدرب نوال على أن يجتمع بها، وفي قاعة ملغقة طلب منها أن تصعد على أحد الكراسي، وتنشد النشيد الوطني للمغرب، كانت تشعر حينها بالخجل ، فنوال كانت ترى أن حلما بعيد المنال، فلن يمكنها الفوز وسط المنافسة مع أفضل عداءات العالم، ولكن شدة إيمان مدربها بها، جعلها تنصاع له، وتعتبرها عامل يحفزها للفوز.
في صبيحة يوم الثامن من أغسطس عام 1984، وقفت نوال المتوكل تستعد للمنافسة، مركزة على هدفها غير مستوعبة لهتافات الجمهور ونداءاتهم أو حتى لعدسات المصورين، واعتبرت أنها تجتاز سباق يشبه مدرسة الحياة، التي لا تستقر على حال، فالحواجز تشبه لحظات الصعود والهبوط، والوصول يتطلب دوما الإيمان بالنفس والثقة والاستماتة والقدرة على تحمل الأعباء.
"منبت الأحرار، مشرق الأنوار.. عشت في الأوطان للعلا عنوان" وقفت نوال المتوكل تشدو نشيد بلادها بفخر ودموع الفخر والاعتزاز لا تفارق عينيها، غير مصدقة أنها تحقق إنجازا سطر اسمها في تاريخ الرياضات العربية واففريقية، وهي ما زالت في الـ 22 من عمرها، لتكون العربية والإفريقية الأولى التي تنال ميدالية ذهبية في الأولمبياد، وتصبح رمز للفخر، ومثال وقدوة لفتيات عربيات أخريات.
اقرئي أيضا: نادين الدولتلي بطلة تنس طاولة التي احترفتها بالوراثة
نوال المتوكل وإنجازاتها
توقفت مسيرة نوال المتوكل الرياضية عام 1987 بعد اعتزالها، ولكن إنجازاتها استمرت في مجالات مختلفة، فبعد حصولها على بكالوريوس التربية الرياضية من جامعة ولاية آيوا عام 1988، عادت بعدها إلى المغرب، وتم تعيينها بوزارة الشباب والرياضة، كما عملت كمدربة وطنية لعدائي سباق الحواجز والعدو السريع.
في عام 1997، تولت نوال منصب وزيرة الدولة للشباب والرياضة حين كانت تابعة لوزارة الشئون الاجتماعية، ومن هنا بدأت خوض العمل الإداري والسياسي بعدد من المناصب، ففي عام 1995، صارت نوال عضوا في الرابطة الدولية لاتحادات ألعاب القوى، وكانت منذ عام 1998 عضوا في اللجنة الأولمبية الدولية، وظلت تتدرج في المناصب حتى أصبحت نائب رئيس اللجنة في عام 2012، كأول عربية وإفريقية تتولى هذا المنصب.
وفي عام 2007 تولت منصب وزيرة الشباب والرياضة بشكل مستقل حتى عام 2009، وعلى صعيد آخر، تولت نوال منصب المدير التنفيذي في مؤسسة البنك المغربي للتجارة الخارجية والتربية والبيئة، ومديرة لكاديمية صحاري الرياضية في الهند، وأسست وتولت رئاسة الجمعية المغربية "رياضة وتنمية".
تم اختيار نوال المتوكل عام 1999، لتكون سفيرة النوايا الحسنة للأمم المتحدة لرعاية الطفل، وفي عام 2011 أصبحت سفيرة نوايا حسنة للأهداف الإنمائية للألفية الجديدة التابعة للأمم المتحدة، اختارتها مجلة Young Africa Magazine في عام 2015، لتكون ضمن أكثر 50 شخصية مؤثرة في العالم، ومنحها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند وسام الشرف كسيدة عربية وإفريقية مؤثرة، وكما أشرفت على الأعمال التحضيرية لدورة الألعاب الأولمبية لعام 2016 في ريو دي جانيرو، ستكون نوال متوكل ضمن المشرفين على اختيار المدينة التي ستقام بها دورة الألعاب الأولمبية لعام 2024.
تزوجت نوال المتوكل من منير بنيس، ورزقت منها بطفلين، زينب بنيس الفنانة التشكيلية ورضا بنيس.
اقرئي أيضا:
أحلام مستغانمي شمس جزائرية تضيء الأدب العربي
توحيدة بالشيخ أول طبيبة في العالم العربي من تونس
الكاتب
هدير حسن
الإثنين ٠٨ يوليو ٢٠١٩
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا