سناء محيدلي أول لبنانية تفدي بلادها بنفسها
الأكثر مشاهدة
"أنا الشهيدة سناء محيدلي، أنا من جنوب لبنان، وجنوبي محتل ومقهور" هكذا بدأت وصيتها التي تركتها في شريط فيديو سجلته قبل تنفيذها لعمليتها الفدائية، حتى يكون شاهدا على رغبتها في محو الاحتلال الذي أنهك بلادها، وقتل الأطفال والنساء دون حياء.
في العام، الذي شنت فيه إسرائيل غارة على مطار بيروت مما أدى إلى تدمير 13 طائرة، ولدت سناء يوسف توفيق محيدلي، ففي 14 أغسطس عام 1968 ببلدة عتقون في صيدا، كانت الابنة الوحيدة لوالدتها فاطمة وابيها يوسف، ولكن بعد مرور ثلاث سنوات توفي والدتها، فتزوج الأب لترزق سناء بإخوة أربعة هم عبير وهيثم ومحمد ورامي.
تعرفي على: شدن نصار فلسطينية تعلم الاتزان والتعمق عبر شدانا يوجا
استقرت العائلة في بيروت، ورغم اضطراب الأوضاع في البلاد مع مرور السنوات، من نشوب الحرب الأهلية اللبنانية واحتلال إسرائيل للجنوب اللبناني، وتحول شوارعها إلى ساحة للحرب والمعارك الدائرة بين عديد من الأطراف المتنازعة، أوجد حالة عامة من السخط والرفض، فكانت سناء محيدلي التي لم تهنأ بسنوات طفولتها، كآلاف غيرها، ليست قادرة على القيام بدور المتفرج، والصراعات تهدد وجود بلدها، وتعكر أيامها.
لتمضية أوقات الفراغ في أثناء إجازة الدراسة، كانت سناء تعمل في أحد المحلات لبيع أشرطة الفيديو بمنطقة المصيطبة في غرب لبنان، وخلال هذا الوقت، ورغم أن عمرها لم ياعد الـ 17 عاما، وعت ابنة محيدلي إلى قضية بلادها، وسعت خلف الطريق الذي رأته مناصرا لهذه القضية.
لم تكتفِ سيناء بالشجب والرفض، ولكنها قررت أن تحمل على عاتقها مهمة القيام بدور فعلي وحقيقي، فانضمت إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي، ومنه عملت مع جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، وبدأت تستخدم عملها في أشرطة الفيديو بصورة أكثر إفادة لقضيتها، فعملت على تسجيل ما يقرب من 36 شريط فيديو لوجدي الصايغ، الذي قام بعملية فدائية قبلها بشهر واحد من عملية سناء، في منطقة عسكرية تابعة للاحتلال الإسرائيلي بطريق جزين.
كانت تعتبر سناء أن مناصرين قضية التخلص من الاحتلال الراحلين من فدائيين وشهداء هم وقود عزيمتها لفعل شيء يفخر به أهلها ووطنها، ويساهم في التخلص من الاحتلال الإسرائيلي، فقررت أن تتبع خطواتهم، وتحذو حذوهم، واستعدت بخطة منحتها لقب "عروس الجنوب".
اقرئي أيضا: نوال المتوكل أول عربية وغفريقية تفوز بميدالية ذهبية
وفاة سناء محيدلي
في محل أشرطة الفيديو، الذي عملت به سناء، سجلت شريط فيديو عنها، فجلست تستعد لما أقدمت عليه، متخلية عن الاستمتاع بسنوات شبابها، متمنية أن يكون لما قامت به دفعة في اتجاه التخلص من الاحتلال الإسرائيلي، تحدثت سناء محيدلي أمام الكاميرا باقتضاب، وهي ترتدي ما يشبه الزي العسكري، وخلفها شعار الحزب السوري القومي وشعارات المقاومة، لتترك قصتها للتاريخ قبل أن ترحل وتفدي بلدها بروحها.
وحتى تستعد لعمليتها الفدائية، رحلت سناء عن منزل أسرتها في 24 مارس 1985، بعد أن أخبرت عائلتها عن رغبتها في النزول لشراء بعض الحاجيات، لتنطلق نحو مصيرها مخلفة وراءها الأسئلة والخوف والقلق، حتى استيقظ الجميع في صباح يوم الثلاثاء 9 أبريل عام 1985، على خبر قيامها بعملية فدائية أدت إلى مقتل جنديين إسرائيليين وإصابة اثنين آخرين.
وكانت سناء حينها في عمر الـ 17 عاما، استقلت سيارة بيجو 504 ملأى بمئات الكيلوجرامات (التي قدرت ما بين 200 إلى 500) من مادة TNT شديدة الانفجار، واتجهت صوب منطقة باتر- جزين بجنوب لبنان، حيث تستعد قافلة عسكرية إسرائيلية إلى تفريغ شحنتها ضمن خطة الانسحاب من الجنوب اللبناني، ورغم ما واجهته أثناء التفتيش على هويتها لكنها تجاهلت محاولات حراس التفتيش بتوقيفها واستمرت نحو القافلة ونفذت عمليتها الفدائية.
اقرئي أيضا: عهد التميمي فتاة فلسطين المتمردة التي لا تخشى دروع إسرائيل
سناء محيدلي عروس الجنوب
ما زالت سناء محيدلي رمزا للمقاومة ورفض الاحتلال يجمع كل اللبنانين، وفي يوم استشهادها أعلنت القناة 7 بتلفزيون لبنان عن عمليتها، ونشرت وصيتها، التي تمنت بها أن تحمل لقب "عروس الجنوب"، وقالت فيها:
"أحبائي.. إن الحياة وقفة عز فقط.
أنا لم أمت، بل حية بينكم.. اتنقل.. أغني.. أرقص، أحقق كل أماني، كم أنا فرحة بهذه الشهادة البطولية التي قدمتها.. أرجوكم أقبل أياديكم فردا فردا لا تبكوني لا تحزنوا علي، بل افرحوا، واضحكوا للدنيا.. أنا الآن مزروعة في تراب الجنوب أسقيه من دمي وحبي.
إنني ذاهبة إلى مستقبل أكبر، إلى سعادة لا توصف"
احتفظت إسرائيل بأشلاء سناء محيدلي، ولم تتسلم لبنان رفاتها إلا مع مفاوضات لتبادل الأسرى وجثث المقاتلين بين حزب الله وحكومة إسرائيل في يوليو 2008، وتم دفنها في مسقط رأسها في عنقون.
اقرئي أيضا:
مطبخ إمي ينشر الثقافة الفلسطينية وينمي المجتمع المصري
الكاتب
هدير حسن
الخميس ١١ يوليو ٢٠١٩
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا