كيف تتجاوزين الفقدان والحزن وتتقبلين الواقع
الأكثر مشاهدة
عندما يذهب عنّا من نحب، نعتقد أن تجاوز الفقدان والتغلب على الحزن أمر لا يمكن أن نناله، فالوقت يمر ببطء، ولحظاته ثقيلة، والحياة تصبح عبء نريد التخلص منه، نتمنى لو أننا رحلنا معهم، ونفقد القدرة على تخيل حياتنا من دونهم.
إذا كنتِ قد فقدت عزيز، فتعلمين جيدا كيف هو الشعور بالألم عندما تتخيلين إنك عندما تنطقين باسمه، فلن يرد، وسيصعب عليكِ الاستماع إلى صوته، أو الضحك معه، او حتى الجدال والعراك على أتفه الأسباب، فهو لم يعد موجودا، وهو ما يبدو أن عليكِ تقبله، وحتى يحدث، يمكنك أن تتعرفين على السبيل لفهم مشاعرك والتعامل معها، وتجاوز الألم الذي ينغز قلبك بين الحين والآخر.
تعرفي على: طرق دعم الشريك في فترة نفسية سيئة
الحزن ومراحله
حتى تتمكنين من التعامل مع المشاعر التي تنتابك عند الفقد، عليك أن تفهمي حزنك، الذي يصفه كثيرون بأن "كل شيء يبدأ صغيرا ثم يكبر، إلا الحزن يبدأ كبيرا وصعبا ثم يصغر ويقل مع الأيام"، وفي علم النفس هناك خمس مراحل يمر بها الإنسان عند التعامل مع الحزن وفقدان شخص عزيز، أو عند حلول المصائب الكبرى والكوارث، وهذه المراحل هي:
مرحلة الإنكار
المرحلة الأولى، حين نعرف بما وقع، فيخبرنا أحدهم بأننا فقدنا "فلانا"، أو نعيش الأمر بأنفسنا ونراه بأعيينا، ولكننا نظل ننكر حدوثه، أوقات قد تجدين نفسك تقولين "كل هذا كابوس، وسأستيقظ منه أكيد"، أو تتعاملين مع الموقف ببلادة ومشاعر جامدة، وكأنه لا يخصك ولا يعنيك، ويتحرك الأشخاص من حولك وتراقبينهم بعين لا روح فيها، وكأنك تشاهدين مشهد من فيلم، أو وقائع من حياة أشخاص آخرين.
مرحلة الغضب
بعد أن يدرك الحزين أن الإنكار لا يمكنه أن يستمر طويلا، يبدأ في البحث على من يلقي اللوم عليه، وينتابه الغضب، ويتساءل "لماذا أنا؟"، أو يلقي باللوم على الشخص الذي فقده "لماذا تركتني؟"، أو نلعن الموت والمرض، ففي هذه المرحلة نريد أن نحما أحد المسئولية عن المرارة التي في حلوقنا.
مرحلة المساومة
يريد الشخص في هذه المرحلة أن يحصل على فرصة أخرى، يتمنى أن يعود الزمن حتى ينعم بوقت أطول مع من يحب، ويفكر في كثير من الأمور التي كان يمكنه أن يفعلها حتى يعود له من يحب، ويستغيث كأنه غريق، وتتردد السئلة على عقله "لو كنت اهتممت بصحته أكثر.. لو منعت عنه الأمور السلبية.. لو عبرت له عن حبي"، وغيرها من الأفكار والأسئلة التي تُدخله في دوامة.
اقرئي أيضا: مسببات الضغط النفسي فس العلاقة العاطفية
مرحلة الاكتئاب
عندما يتملكنا اليأس، ونتأكد أن الواقع لا يمكن تتغيره، يبدأ الاكتئاب في التهامنا، ونفقد الرغبة في استكمال الحياة، فقط نبكي بحرقة وننعزل عن العالم، ونتمنى أن نختفي ويختفي معنا كل شيء، ولا نرى أملا في الحياة، يسيطر السواد على نظرتنا للأمور، ونستصعب حتى أبسط الأفعال، ونراها ثقيلة، ولا طائل منها.
مرحلة التقبل
في حالة وجود أشخحاص داعمين، يعد الوصول إلى هذه المرحلة إنجاز حقيقي، عندما نعي أن ما حدث هو الطبيعة التي تتسم بها الحياة، وأن مقاومة الواقع ورفضه لن يلغيه، على العكس، الأفضل التعامل معه وتقبله حتى يكون أقل وطأة على نفوسنا، وتعتبر هذه المرحلة هي نهاية الصراع مع الحزن والفقدان، وينعم فيها الشخص بالشعور بالسلام، مع العلم أن التأثر من الفقد والحرمان من رؤية مَنْ نحب لن يختفي بالتأكيد.
هذه المراحل تختلف من شخص لآخر، حسب الموقف الذي يمر به، والناس المحيطين به، قد تطول بعض المراحل عند أحدهم، وقد يستقر شخص عند مرحلة ولا يستطيع تجاوزها، وفي كل الحالات، يجب أن يعي المحيطون أن عليهم دور كبير في تخلص الشخص من مشاعره السلبية وقدرته على تجاوزها، فيقدمون له كل الدعم والمساعدة.
اقرئي أيضا: كيف تتعامل مع شخص يقلل من قيمتك ولا يقدرك
شعور الفقد وتجاوزه
بعد أن عرفتِ الطريقة التي تتعامل بها أدمغتنا مع الحزن، والشعور نحو فقدان شخص عزيز وقريب، تعرفي كيف يمكنك أن تتجاوزين هذه المراحل، وتصلين إلى مرحلة التصالح مع الأمر الواقع وتقبله والتعايش معه.. ويمكن أن تساعدك هذه النصائح على تخطي الحزن والشعور بالألم والفقد:
- يعتقد كثيرون أن التغلب على الحزن يأتي بتجاهله، ولكن هذا يعني أنك تتجاهلين شعورك وتحاولين تجاوزه بطريقة خاطئة، وهو ما يعني أنه سيتضخم داخلك، وينفجر في وجهك يوما ما، لتجدين الوضع أسوأ.
- أهم ما يجب أن تفعليه، أن تتعاملي مع حزنك وتتقبليه، اسمحي لنفسك بالحزن والبكاء، ولا تنكري على نفسك أن تعبرين عن ضيقك، حتى لا تجدين نفسك عد مرور الوقت تعانين القلق والاكتئاب والإحباط، ولكن افرغي الطاقة السلبية الكامنة داخلك، وافصحي عن كل ما تشعرين به للأشخاص المقربين منك.
- اعتمدي على مَنْ يحبونك والأشخاص المقربين لكِ- وعلى استعداد لتقديم المساعدة- للحصول على الدعم، فلا تعتقدين أنه يمكنك تجاوز هذا الشعور وحدك، وطلب المساعدة منهم أمر طبيعي ولا تخجلي منه.
- احرصي على تذكر من فقدتيه، ولكن اهتمي أن يكون حديثك عنه بذكر الإيجابيات والأمور التي كان يحب القيام بها، والمواقف السعيدة التي جمعتكما.
- حاولي البحث عن أنشطة تملأين بها الفراغ الذي يسكن روحك، فتبحثين عن أشياء إيجابية تمنحك الشعور بالرضا، وتولد الحيوية داخلك، بالتأكيد، سيبدو الأمر في البداية صعب ومرهق، وسيكون حتى الاستيقاظ من النوم وترتيب غرفتك عمل مضني، ولكن مع الوقت سيتبدل الحال، ويصبح الوضع أفضل.
- من الممكن، أن تبدأين التطوع في مؤسسات خيرية، حتى يكون مساعدنك لاخرين طريقك للتخلص من المشاعر السلبية، وإدراك أن لحياتك أهمية وتأثير، أو تعملين على مساعدة مَنْ هم حولك.
- ضعي لنفسك هدف إيجابي على مدى زمني قصير، وهو الأمر الذي سيجعل من التجاوز فعل أسهل، فقد يكون من فقدتيه قد عانى من مرض ما، يصبح هدفك تقليل معاناة مَنْ هم مثلهم، أو إنشاء جمعية لرعايتهم، أو حتى هدف شخصي إيجابي، مثل تعلم لغة جديدة، أو السفر لمكان مختلف.
الفقدان والحزن مشاعر مؤلمة، ولكنها طبيعية وتدل على إنسانيتنا وتعاطفنا، وكغيرها من المشاعر يجب تجاوزها مع مرور الوقت، وتقبل الواقع والتعايش بشكل صحي، مع ذكرى الراحلين الذين نحبهم.
اقرئي أيضا:
دروس في العلاقات ألهمتنا بها أفلام هاري بوتر
الكاتب
هدير حسن
الثلاثاء ٢٧ أغسطس ٢٠١٩
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا