نعمات عبد الله أول سودانية وعربية تترأس القضاء
الأكثر مشاهدة
تقف وسط الجموع، معتلية سطح إحدى السيارات، مرتدية الزي السوداني باللون الأبيض، وتهتف مع صقفة بيدها "حبوبتي كنداكة"، ليردد الحاضرون وراءها "ثورة"، ليكون هذا المشهد واحد من أيقونات الاحتجاجات السودانية التي انتهت برحيل البشير عن الحكم، ويصبح تولي القاضية نعمات عبد الله رئاسة القضاء تتويج لدور المرأة في الحراك السوداني.
اقرئي أيضا: إحسان فخري الرائدة السودانية التي احتلت عالم القضاء لأول مرة
القاضية نعمات عبد الله
تعتبر نعملت عبد الله محمد خير واحدة من القضاء الذين ساندوا الاحتجاجات والثورة السودانية، وكنها كانت قليلة الظهور والتفاعل مع الإعلام، ويقال إنها من مواليد عام 1957 في العاصمة السودانية الخرطوم، درست المراحل الأساسية والثانوية في السودان، ثم التحقت للدراسة بجامعة القاهرة فرع الخرطوم في مصر، ودرست بها الحقوق.
بعد حصولها على شهادة البكالوريوس (الإجازة) في الحقوق، عادت إلى الخرطوم، ولكنها لم تسلك مسار المحاماة، واتجهت للقضاء، وكان بداية التحاقها للعمل في السلك القضائي كمساعدة قضائية عام 1983، وبدأت تتنقل للعمل في المحاكم الجنائية والمدنية، وكذلك محاكم الأحوال الشخصية.
واتسمت نعمات عبد الله بشجاعتها ومهنيتها، وأخذت تتدرج وتترقى من درجة ثانية إلى درجة أولى، وبعدها أصبحت قاضي استئنافات في عام 2003، وظلت تشغل المنصب حتى أثبتت جدارتها، لتكون قاضي محكمة الاستئنافات بالسلطة القضائية على مدار الفترة من 2009 إلى 2014، وكان آخر المناصب التي تولتها قاضي محكمة عليا في عام 2015.
منح الإعلام والمتابعون نعمات عبد الله لقب "امرأة من حديد"، فدوما ما كان مشهود لها بالنزاهة والقدرة على الحسم، وعدم إمكانية تعريضها لأي نوع من الضغوط، وتعتبر من أشهر المواقف التي انتصرت فيها للحق والقانون، حتى في ظل حكم الرئيس السوداني السابق عُمر البشير (1989- 2019)، حين رفضت طعن وزارة الأوقاف السودانية في 2016 ضد الكنيسة الإنجيلية وشكلت لجنة لإدراتها في 2013، وأصدرت المحكمة العليا قرارا بشطب الطعن برئاسة القاضية نعمات.
اقرئي أيضا: شيري ميخائيل قاضية مصرية في المحاكم الأمريكية
الثورة السودانية
ومع ما مرت به الاحتجاجات والثورة السودانية، التي اندلعت مع المظاهرات والمسيرات في 19 ديسمبر 2018، كتعبير عن الغضب من ارتفاع الأسعار وتدهور الحال سياسيا واقتصاديا في البلاد، لتتعرض الاحتجاجات لموجات من المد والجزر، وتستمر على مدار 6 أشهر تطالب بالتغيير، حتى رفعت شعار "تسقط بس" مطالبة برحيل الرئيس السوداني عُمر البشير، الذي تم عزله يوم الخميس 11 أبريل 2019.
ورغم رحيل البشير، استمرت الاحتجاجات والاعتصامات، ومع تولي المجلس العسكري الانتقالي مقاليد الأمور في الدولة السودانية، زادت حدة الاحتجاجات التي تطالب بالحفاظ على مكتسبات النجاح الذي حققته الثورة وضمان تحقيقها لأهدافها، حتى تم الوصول إلى فكرة تشكيل المجلس السيادي.
وفي ظل هذه الاحتجاجات، كان للمرأة السودانية دور كبير، وكن المشاركات يطلق عليهن لقب "كنداكة"، وهو لقب الملكات الحاكمات في حضارة كوش القديمة (الحضارة النوبية) ببلاد السودان، وشاركت نعمات عبد الله في اعتصام القيادة العامة بالسودان، كما شاركت في موكب القضاة إلى الساحة أمام مقر القوات المسلحة في 25 أبريل 2019.
وكانت نعمات عبد الله من مؤسسي نادي القضاة السوداني، الذي كان مشاركا للحراك الثوري ومساندا له، وأعلن معارضته لنظام البشير، وقالت نعمات في تصريح لها أن "السلطة القضائية لا تزال بخير، والتدهور لم يمسها كما مس الخدمة المدنية، ولا تزال محافظة على مهنيتها واستقلاليتها، في ظل وجود عدد كبير من القضاة النزيهين".
مولانا نعمات عبد الله محمد خير ، في موكب قضاة السودان إلي ساحة الإعتصام بالقيادة العامة . pic.twitter.com/yUTD8lMDMU
— NabeilShakoor (@NabeilShakoor) August 20, 2019
ونظرا لما تتمتع به من سمعة طيبة ونزاهة، كانت الاختيار الذي تم الاتفاق عليه بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير، لتتولى رئاسة القضاء في السودان، وتصبح نعمات عبد الله السيدة الأولى في السودان والعالم العربي التي تشغل منصب كهذا، بعد أن كان مقدر أن يتولاه عبد القادر محمد أحمد مرشح الحرية والتغيير.
تعرفي على: خلود الفقيه أول قاضية شرعية في فلسطين
وفي 20 أغسطس 2019، أدت مولانا (وهو لقب تبجيل يتم منحه للقضاة في السودان) نعمات عبد الله اليمين الدستورية أمام الفريق عبد الفتاح البرهان، رئيس المجلس العسكري الانتقالي في السودان، واعتلت أعلى منصب قضائي في البلاد، في سابقة سودانية وعربية، لتكون السودان أول بلد عربي يثق في سيدة لتولي مهمة القضاء.
وجود نعمات عبد الله على رأس القضاء، يجعلها ضمن تشكيل أعضاء المجلس السيادي السوداني الأحد عشر، الذي سيقود المرحلة الانتقالية في البلاد لمدة 39 شهرا، على أن تنتهي المرحلة بانتخابات رئاسية جديدة.
ورغم وجود بعض الاعتراضات على تولي نعمات عبد الله لهذا المنصب، كونها وجه غير مألوف، تتجاهل هي التعليق، وتتكيء على سمعتها الطيبة في الوسط القانوني، وسنوات عملها الطويلة بسلك القضاء.
اقرئي أيضا:
خلود الظاهري أول قاضية إماراتية والأصغر عربيا
فاطمة أحمد إبراهيم السودانية التي دخلت أروقة البرلمان لتمكن المرأة
الكاتب
هدير حسن
الأربعاء ٢٨ أغسطس ٢٠١٩
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا