هاجر عرابي بطلة إفريقيا في التجديف كانت تخاف النيل
الأكثر مشاهدة
في صغرها، كان المرور فوق الكباري والعبور قرب النيل يسبب لها الخوف، لم تكن حينها هاجر عرابي تتوقع أن تجد في التجديف هوايتها، ويمنحها التواجد وسط المياه الشعور بالأمان والسعادة، ولذلك قررت أن تتحدى عواقب البدايات المتأخرة، وتصبح بطلة إفريقيا للتجديف لعام 2019، منتظرة أن تحمل لها العوام القادمة ميداليات ذهبية أخرى.
تعرفي على: بسنت ماكسيموس مصممة أزياءتؤمن أن الاختلاف في البساطة
بداية هاجر عرابي مع التجديف
معرفة هاجر عرابي بالتجديف، كانت مع أولمبياد 2012، وقت كانت في الرابعة عشر من عمرها "كنت صغيرة، بس كنت مبهورة بألعاب المياه"، وكان الأمر مجرد إعجاب برياضة ممتعة، ولكن بعد أن تعرفت على صديق شقيقتها، الذي كان بطلا في التجديف بالهند، وتعرفت من خلاله على اللعبة بشكل أكبر، وأحبتها أكثر، قررت أن تحترفها.
جمعت المعلومات، وبدأت في متابعة اللعبة بصورة أكبر، وأعدت قائمة بالأندية التي يمكنها أن تتمرن بها، ولكن كان عمرها قد تخطى الـ 18 عاما "قالوا لي سنك كبير، ومينفعش تتدربي، وابتديت أستسلم"، لكن صدفة جعلتها تلتحق بالنادي المصري للتجديف، ومع أول يوم في التمرين "حسيت أني في مكان أعرفه ومألوف ليا، وقريب لقلبي".
لم يعد الأمر بالنسبة لهاجر مجرد هواية، بل أحبت اللعبة وحاولت أن تُشبع شغفها بالذهاب إلى التمرين كل يوم "كنت بروح النادي والتمرين كل يوم، وبحب أشوف اللعبة والمراكب والنيل، واللاعبات المحترفات"، رغم أن مشوارها لم يكن سهلا، فأسرتها لم تعلم في البداية، وكان يشاركها في التدريب أطفال اصغر منها سنا، كونها بدأت التمرن متأخرة "كنت باخد طاقة سلبية، بسبب أني مش عارفة أتحمل اللعبة والتمارين، وكنت بروح البيت بعيط وقولت أنه اللعبة دي مش بتاعتي".
التعليقات السلبية، وتثبيط العزيمة، وعدم قدرتها على التطور، ويأس المدرب منها واصفا إياها بـ "البسكوتة"، جعلها ترغب في أن تغير تلك النظرة، "أنا مش عاوزة أسيب المياه، رغم صعوبة التمرين"، ومع انتقالها للتدرب مع أعمار أكبر، وبعد أن اقنعت مدرب المنتخب بحضورها، بدأت خطواتها نحو الاحترافية، وقامت بالالتحاق بصالة للألعاب الرياضية (الجيم)، دون أن تخبر أحدا، حتى تُزيد من لياقتها البدنية، وتعمل كل يوم صباحا على التدرب وحدها.
لاحظت هاجر تبدل الأرقام التي تحققها، وبدأت تُحسن من لياقتها ومهاراتها، وفي التدرب على جهاز الأرجوميتر (وهو جهاز رياضي للتجديف) حققت أرقاما في أول اختبار لها لم يستطع متدربين منذ سنوات الوصول إليها، أخبرها المدرب حينها "عِندك في يوم هيوصلك، وهيخليكي بطلة"، وبدأت تُجبر نفسها على التمرين، وتشترك في البطولات لتصل إلى مستوى اللاعبات المحترفات.
ومع أول بطولة تشترك بها، نالت هاجر عرابي ميدالية برونزية عن سباق في الإسكندرية، ونوت الاشتراك في مسابقة الجمهورية لعام 2018، ولم يكن قد مرّ على بداية احترافها للتجديف سوى أشهر، وكانت في حاجة إلى خفض وزنها من 61 كيلوجرام إلى 75 كيلوجرام، حتى تتمكن من المنافسة "وكان قدامي وقتها من 13 إلى 15 يوم، وكنت محتاجة أنزل الوزن ده، وأقاوم حبي للسكريات والشيكولاتة".
اقرئي أيضا: فاطمة محمود استوصت بالنساء وواجهت الختان بمشروع تخرجها
اتبعت هاجر نظام غذائي صحي، وكانت تجري لساعات طويلة، ورغم ألم قدميها وتورمها، لم تتهاون حتى تنقص وزنها "مكنتش عارفة أنا بعمل كده ليه، بس المدرب لما لقى وزني وصل لـ 65 كيلو ونص، مكنش مصدق"، واشتركت بالفعل في سباق الجمهورية، ونالت ميداليتين فضيتين، الأولى زوجي، والأخرى مع فريق من ثمانية أفراد "يمكن مكنتش وقتها لسه بجدف صح، لكن قدرت أقدم على قد الخبرة اللي عندي، وكنت راضية عنها تماما".
بعد فوزها، وقدرتها على إثبات جديتها في التعلم والتطور، تلقت هاجر معاملة مختلفة من المدرربين واخبرها أحدهم "إزاي البسكوتة عملت كده؟"، واقتربت هاجر من اللاعبات المحترفات اللاتي كانت ترى فيهن القدوة، وكانت ترى قدرتهن على تحمل التمارين وصعوبتها، مما كان يمنحها طاقة أكبر "كنت بقلدهم وبنزل معاهم عشان أتعلم منهم، وكنت محظوظة بصحبتهم"، وتبدلت بذلك مهاراتها في التمرين، وأصبح التجديف جزء من حياتها.
بسبب حبها للعبة، ابتعدت عن كثير من الأمور التي كانت قد اعتادتها وتؤجل كل ما هو دون التمرين والدراسة، وركزت في أن تكون أفضل، وتقاوم أي انهيار أو ضغط نفسي تتعرض له، واستمرت مشاركاتها في البطولات الأهلية، وسباقات التتابع، محافظ على المركز الأول بها جميعا، وفي مشاركتها بسباق كاس مصر للتجديف في الإسماعيلية عام 2019، حصدت في السباقات الفردية الميدالية الفضية، وفي سباق الجمهورية لتحت عام 23، حصدت ميداليتين فضيتين في السباقين الجماعي والفردي، وفي السباق العمومي، نالت الذهبية في المجموعات، والفضية في الفردي، كما اشتركت في سباق الجامعات، ومثلت جامعة الأزهر التي تنتمي لها، واكتسبت ثقة أكبر في نفسها وفي قدراتها.
جاءت هاجر عرابي الفرصة حتى تلتحق بفريق المنتخب، في البداية ترددت "كنت خايفة اقيد نفسي أكتر، خاصة أنه اختبارات الدخول كانت مع وقت امتحاناتي"، كانت تنهي التمربن، ومنه إلى جامعتها لأداء الامتحانات، فهاجر صاحبة الـ 21 عاما تدرس اللغات والترجمة في جامعة الأزهر، وفور أن يهاجمها الشعور بالتعب، والبقاء لليالي تبكي الم التمرينات والضغط النفسي، كان تشجيع ودعم أهلها وصديقاتها يجعلها تبدأ من جديد، وتطورها من مرحلة إلى أخرى يجعلها تدرك أن التجديف قدرها.
تعرفي على: نادين الدولتلي بطلة تنس الطاولة التي احترفتها بالوراثة
ذهبية التجديف في إفريقيا
واستطاعت هاجر أن تتأهل لدورة ألعاب إفريقيا في أكتوبر الماضي (2019)، وتمكنت مع زميلتها ياسمين أن تعملان بجد، وتخلصان في التمرينات، "كنت متوافقين، وده كان مدينا ثقة، والتمرينات بدأت تاخد كل وقتي وتسحبني حتى من حياتي الاجتماعية وأصحابي"، وسافرت إلى تونس، وكانت تغيرات الطقس والتجديف في الأمواج، ولكن فور ركوب المركب، تلاشى الخوف والرعب الذي كانت تعيشه مع كل ساعات التمرين الطويلة.
"جولد جولد" صارت تردد هاجر وزميلتها في أثناء السباق لتشجع كل منهما الأخرى، "كان ربنا مدينا طاقة هدوء وثقة" تعتقد أنها نتيجة جهدهم الشاق لساعات طويلة في التمرين، وتعويض عن الضغوط النفسية والآلام الجسدية، تغلبتا على صعوبة الطقس، وتخطتا معا الجميع، وكان المركز الأول من نصيب هاجر وزميلتها.
"كنا بنبص لبعض ونضحك، مش مصدقين أننا عملنا كده أصلا، ومفتكرتش كل التعب اللي فات" فلم تتوقع هاجر أن تحمل علم مصر وتنال ذهبية التجديف في السباق الزوجي بالبطولة الإفريقية، وفضية في السباقات الجماعية، متذكرة كيف طورت من نفسها خلال عامين فقط، هما عمر احترافها للتجديف، وتنوي أن تكرّس جهدها لتلحق بأولمبياد 2024.
النجاح الذي حققته هاجر عرابي، كانت نتيجة إقناعها لوالديها ولمدربيها أنها جديرة بالثقة، وقادرة على التطور واكتساب المهارات "في 2017، انا كنت بسكوتة فعلا"، لم تكن تملك الطاقة والقدرة على التحمل، وحبها للتجديف غيّرمن طبيعة شخصيتها، وبعد أن كانت تعتمد في كل ما تريده على اخواتها وأسرتها "بقيت بعمل كل حاجة لوحدي، وأنتبه وأركز عشان حسيت أنه لي هدف وشغف في الحياة".
اقرئي أيضا:
شدن نصار فلسطينية تعلم الاتزان والتعمق عبر شدانا يوجا
الكاتب
هدير حسن
الأحد ٠٣ نوفمبر ٢٠١٩
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا