منة شلبي الساحرة التي تميزت أدوارها بالجرأة والنضج

كانت البداية بظهور جريء استطاع أن يلفت الأنظار للفتاة المراهقة او "البنت الشقية"، التي جسدت رغبات التمرد ببراعة، ليكون فيلم "الساحر" هو انطلاقة منة شلبي نحو احتراف التمثيل، على أن تكون التلقائية هي طريقتها التي تنفرد بها عن غيرها، وتتمكن بذكاء من نوع خاص أن تكون نجمة لها حضورها المميز والبسيط والمبهر أيضا، حتى منحها مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ 41 جائزة فاتن حمامة للتميز.

لأم تحب التمثيل، ولكنها تتقن الرقص واشتهرت به، ولدت منة الله محمد هشام الدين شلبي في 24يوليو  عام 1982، بعد زواج زيزي مصطفى الراقصة المصرية من رجل الأعمال محمد هشام، ولكن الانفصال كان سريعا بينهما بعد أن ظلت منة هي الرابط الذي يجمع علاقتهما، التي دائما ما توصف بالاحترام المتبادل.

اقرئي أيضا: عارفة عبد الرسول الحكاءة بنت البقال بأداء سلس وبسيط 

أن تعيش طفلة وحيدة، مع أم كانت تعمل راقصة في مصر يعني مواجهة كثير من التحديات، وتتذكر منة شلبي في طفولتها كيف واجهت التنمر من زملائها "كان في تنمر عليا عشان كنت تخينة، ولأن أمي راقصة"، ولكنها كانت تعلم أن عمل والدتها لا يعيبها "معندهاش حاجة مبتذلة تخليني أقولها ليه يا ماما عملتي كده".

تفتخر منة شلبي بوالدتها "وبحترمها جدا، وبعتبر أي حاجة كويسة في حياتي بسببها..هي ست جدعة واهتمت بيا جدا"، ورغم انفصالها عن والدها، خاصة، بسبب عمله خارج مصر، تجمعه به علاقة طيبة، فهو إما يزورها أو تزوره من وقت لآخر.

اقرئي أيضا: ياسمين عبد العزيز كوميدانية تمردت على الأدوار التقليدية 

بداية منة شلبي

آمنت أن العبرة ليست بأداء أدوار تحتل بها أكبر وقت ممكن على الشاشة، سواء في السينما أو التلفزيون، ولكن بأن تبرع وتتقن التعبير عن الشخصيات، وكان للبداية التي جاءتها مفاجئة وغير متوقعة، دور كبير في إكسابها الخبرة والانتشار، فكيف لفتاة ما زالت في التاسعة عشر من عمرها أن تؤدي أول أدوارها في السينما أمام محمود عبد العزيز في فيلم "الساحر" عام 2001.

وقبل الفيلم، اشتركت منة شلبي في مسلسل "سلمى يا سلامة" عام 2000، بترشيح من الفنانة سميحة أيوب، ولكن في "الساحر"، وقع الاختيار عليها من الفنان محمود عبد العزيز والمخرج رضوان الكاشف، لتؤدي دورا جريئا، واستطاعت من خلاله أن تلفت النظر إلى قدراتها التمثيلية، التي لم تكن قد تمكنت من استغلالها بعد، ولكنها أثارت الجدل بتجسيد مراحل انتقال الفتيات من الطفولة إلى المراهقة في ظل غياب الأم.

ظهورها في أعمال أخرى بعدها، أكد أن موهبتها لم تكن وقتية، فشاركت في مسلسل "حديث الصباح والمساء" بدور "شاكيرا"،  وكان تأديتها لشخصية "توحة" في مسلسل "أين قلبي" كان صادقا، للدرجة التي جعلت كثير من المشاهدين يطلقون عليها "توحة الشردوحة"، وتعتبر أن نجاحها في المسلسل كان نتيجة تشجيع الممثلة يسرا "ليها فضل كبير أوي عليا.. عرفتني أن الدور الحلو مش بالمساحة الكبيرة".

توالت نجاحات ومشاركات منة شلبي في الأعمال الدرامية التفزيونية، واستطاعت أن تقدم أدوار متنوعة، وأن تعبر عن النضج في اختياراتها مع مرور الوقت، ويعد أبرز الأعمال التي قامت المشاركة بها مسلسل "لدواعي أمنية" 2002، "حرب الجواسيس" 2009، و"الجماعة" 2010، و"نيران صديقة" 2013، و"حارة اليهود" 2015، و"واحة الغروب" 2017، الذي قدمت من خلاله شخصية "كاثرين" الإيرلندية التي تزوجت ضابط مصري، وعاشت معه ظروف صعبة، واضطرت أن تستعمل إضافات شعر لونها أحمر، وأدى إلى إصابة شعرها بالتلف، وعايشت ظروف طقس صعبة خلاله، ولكنها قدمت دورها ببراعة.

تعرفي على: هيفاء المنصور مخرجة سعودية متمردة وصلت إلى العالمية 

أفلام منة شلبي

في السينما، كان هناك مراحل مهمة، فكل خطوة كانت منة شلبي تنتقل بسلالسة واحترافية للخطوة الأخرى التي تليها، والبداية القوية مع واحد من أهم نجوم السينما المصرية، لم تمنعها من تأدية أدوار لم تكن راضية عنها بشكل تام، ولكنها كانت ضرورية للظهور والانتشار.

اشتركت منة شلبي في "فيلم هندي"، و"أوعى وشك"، و"كلم ماما"، و"شباب تيك اواي"، و"بحب السيما"، و"وويجا"، و"السيد ابو العربي وصل"، و"أحلى الأوقات"، و"وبنات وسط البلد" و"أحلام عمرنا"، حتى فيلم "أنت عمري" عام 2005، الذي اعتبرته أول عمل تشارك في بطولته، ولذلك كان مرحلة انتقال بالنسبة لها، وبدأت تحرص على اختياراتها من بعده.

لم تدرس منة شلبي التمثيل، ولكنها استطاعت أن تنمي موهبتها من خبراتها الشخصية، ومن الاستفادة من خبرات الممثلين الذين تعاملت معهم، فبدأت تتعلم منهم، فتمكنت من أداء الشخصيات بحرفية، فباتت تمسك بتفاصليها وتعبر عنها مهما بلغت صعوبة كل شخصية، ومن هذا المنطلق، توالت أعمالاً فنية أخرى قدمتها منة شلبي مع مخرجين كبار من بينهم يوسف شاهين ومحمد خان.

ومن أعمالها: "واحد من الناس"، و"في محطة مصر"، و"لعبة الحب"، و"بنات وسط البلد"، و"الأولة في الغرام" و"هي فوضى"، و"بدل فاقد"، و"نور عيني"، و"عن العشق والهوى"، و"إذاعة حب" و"بيبو وبشير"، و"حلم عزيز"، و"نوارة"، و"الأصليين"، و"تراب الماس"، و"خيال مآتة"، كما قدمت فيلم قصير "شوكة وسكينة" مع الفنان إياد نصار.

وعلى مدار المشوار الطويل، عايش الجمهور مع منة شلبي تطورات أدائها ونضج اختياراتها، واختلافها على المستوى الشخصي أيضا، وراقب كيف استطاعت أن تكون مختلفة ومتفردة عن النجمات اللاتي رافقنها المشوارمن بدايته، فاستحوذت على ثقة هذا الجمهور في اختياراتها، وضمنت مكانتها في قلبه.

نالت منة شلبي عن مشوارها الفني عدد من الجوائز والتكريمات، ويعد منها التكريم الذي منحها إياه مهرجان أسوان الدولي للمرأة 2019 عن مجمل أعمالها، ونالت قبلها عن أدوارها في فيلمي "عن العشق والهوى" و"بنات وسط البلد" جائزة أفضل ممثلة، الأولى من المهرجان القومي للسينما المصرية، والثانية من مهرجان جمعية الفيلم للسينما المصرية.

كان لمنة شلبي تجربة معلنة وحيدة مع الارتباط، عندما تمت خطبتها على المخرج خالد يوسف، ولكنها لم تستمر، وما زال لديها الكثير لتقدمه للجمهور، وتعتبر شخصيتها القوية الحاسمة، والقادرة على التعامل بذكاء هي كنزها الذي يمكنها من اختيار ما يناسبها.

اقرئي أيضا:

ريما مكتبي الشغوفة بالقصص الإنسانية والخطوط الأمامية 

داليدا أسطورة غنائية عالمية بدأت من شبرا 

نعيمة عاكف رحلة قصيرة لابنة السيرك اللهلوبة