نجوى قاسم إعلامية غطت الحروب واحترم الجمهور مهنيتها
الأكثر مشاهدة
"تحياتنا لنجوى قاسم" لم يستطع المراسل أن ينهي فقرته دون أن "يخرج عن المهنية" ويخبرها أن الشعب الثائر في لبنان ببلدانه من طرابلس وزحلة، كلما رأوا شعار قناة "العربية الحدث" يحمله في يده على الميكروفون يوصونه أن يوصل إلى مذيعة الأخبار المفضلة لهم "نجوى قاسم" سلامهم وحبهم واحترامهم لمهنيتها، فتغالبها الدموع على الهواء.
تعرفي على: هدى قطب مصرية في الإعلام الأمريكي وحكايتها مع التبني
حياة نجوى قاسم
في أوضاع صعبة عاشتها لبنان ومدنها مع الحرب الأهلية نشأت نجوى قاسم، وقد ولدت في السابع من يوليو لعام 1968، ببلدة جون في قضاء الشوف بمحافظة جبل لبنان، لتعاصر الحرب الأهلية اللبنانية مع فترات المراهقة والشباب، فتعلم كيف يمكن للعنف والتطرف أن يقضوا على فرص الحياة، ويغلقوا أبواب الأمل.
في سنوات دراستها ما قبل الجامعية، كانت دوما تخبرها والدتها أن تدرس الإعلام، ولكن حينها لم يكن للعمل الإعلامي فرصا واسعة متاحة، فقررت نجوى أن تدرس الهندسة، ولكن يبدو أن الأم دوما تعرف، فبعد التخرج من الجامعة اللبنانية، ومع رغبة نجوى في التقديم للحصول على الماجيستير، بحثت عن عمل يغطي مصاريف هذه الدراسة المكلفة، فعملت كمذيعة بواحدة من القنوات الخاصة، التي انطلقت حينها، ومن هنا بدأت رحلتها.
"لعبت الصدفة دور كبير في مشواري"، فاختيارها لقناة "نيو تي في" كان فقط لأنها قريبة من منزلها، خاصة، بعد أن شجعتها والدتها، التي اعتبرتها شريكة نجاحها الذي حققته فيما بعد، ولكنها انتقلت منها نحو تلفزيون المستقبل لتترك بصمتها باحترافية ومهنية عالية، وقدرة على التعاطف الإنساني وكسب ود الجماهير.
مع مطلع التسعينات، عملت نجوى قاسم في قناة تلفزيون المستقبل اللبنانية، وعلى شاشتها استطاعت أن تكتسب الخبرة، وتتعلم وتتطور وتعشق مهنة الصحافة، وتحترف الإعلام، فبدايتها كانت مذيعة رئيسية، وكانت أول من قدم نشرة الأخبار على القناة، ولكنها أرادت أن تختبر الاختلاط بالناس في الميادين والشوارع، ونقل الأحداث من بينهم، فسعت إلى العمل كمراسلة ميدانية.
اقرئي أيضا: ريما مكتبي الشغوفة بالقصص الإنسانية والخطوط الأمامية
على أرض الواقع، يختلف الأمر كليا عن استديوهات القنوات، ولكن هذا لم يثني نجوى قاسم رغم صعوبته، فعملت كمراسلة حربية لعدد من الأحداث الضخمة التي نالت من وطنها لبنان، ومن البلاد العربية أيضا، فغطت عمليات الانسحاب العسكري الإسرائيلي من الجنوب اللبناني، وانتقلت إلى الحدود الأفغانية الباكستانية لتنقل الحرب الدائرة هناك مع الإرهاب لمدة خمسة أسابيع، كما غطت واقعة اغتيال رفيق الحريري.
وفي عام 2003، ومن دون علم أهلها، انتقلت إلى العراق، لتبث للعالم أخبار الشعب الواقع تحت رحمة الطائفية وزحف القوات الأمريكية، واستطاعت نجوى قاسم أن تنتقل بعد 11 عاما من العمل في تلفزيون المستقبل إلى قناة العربية لتعمل داخل منصة إعلامية متخصصة بصورة أكبر على الأوضاع السياسية في مناطق الشرق الأوسط المختلفة.
انتقلت إلى دبي، واستمر مشوارها المهني والإعلامي مع قناة العربية بالتغطية الميدانية الحربية للأحداث في العراق، ولكن يظل مع تعرضت لها وفريق عمل القناة في بغداد، واحد من الأحداث التي لا تنساها، وذلك بعد أن استهدف تفجير انتحاري مقر قناة العربية في بغداد في أكتوبر 2005، وراح ضحيته خمسة أشخاص، وهو الموقف الذي كلما تذكرته تاهت من فمها الكلمات، غير متخيلة أنها كانت على بعد أمتار قليلة من الموت.
"صعب حتى بعد كل هالسنوات أن تعبر عن مشاعرك، فالاقتراب من الموت إلى هذا الحد، وتعي أن هناك شخص كنت تحدثه أصبح غارقا في دمائه وقُتل، شعور قاسي"، وكان مؤلما لها أن يستهدفها شخص ما وينوي التخلص منها بسبب عملها، مما جعل الأمور تأخذ أبعادا أخرى بالنسبة لها، وباتت مع كل تفجير أو حادث تعرف ما الشعور الذي ينتاب ضحاياه.
من الميدان، انتقلت نجوى قاسم إلى الاستديو "سعيدة أنني كنت جزء من تغطية تجارب وأحداث قوية في الوطن العربي"، وصارت تقدم على شاشة قناة العربية برنامجها "حدث اليوم"، الذي انطلقت منه قناة "الحدث العربية"، وكانت نجوى من أوائل مذيعات القناة التي بدأت بثها المباشر في عام 2014، "اعتبرت لحظة انطلاق القناة هي تتويج لكل المجهود اللي عملنا عليه".
اقرئي أيضا: كريستيان بيسري مذيعة العربية التي أصابتها لعنة الجمال
وداخل الاستديو، كان لها مواقفها أيضا، فهي محاورة بارعة وإنسانة حساسة تشعر بما يئن في صدور الضحايا والموجوعين، ليست آلة تقدم الأخبار، ولكنها إعلامية لها روح خاصة، وطلة مميزة، فلم تقبل أن يصفها أحد محللي السياسة الإسرائيلين بـ "سيدتي العزيزة" في أثناء مداخلة له ببرنامجها، وعبرت لها عن استيائها بشجاعة، فهي لم تنسَ ما فعلته إسرائيل ببلدها لبنان، وما مازال يفعله بالبلدان العربية، "لليوم، أول ما بسمع صوت طائرة على ارتفاع منخفض بجفل (أرتعب)، وبفكره طيران إسرائيلي، إسرائيل بكل شي عملته ما زال بذاكرتي وأنا طفلة وصبية، وبتذكرها في أصدقائي اللي فقدتهم واتعذبوا وفرقتنا الأيام".
ترى نجوى قاسم أن مهنتها "دون فلسفة" هو أن تكون "سفيرة المشاهد" تستفسر من أجل أن يفهم ويعلم ويلم بالحدث من تفاصيله كافة، وهو ما مكنها من بناء جسر من الثقة مع المشاهدين، حتى باتت شهرة برنامجها باسمها هي، كونها تخلص لعملها رغم ما يمنحه لها أحيانا من ألم وحزن "يمكن كتير روح على البيت ما أحكي مع حدا، بس أبكي".
نالت نجوى قاسم عن مشوارها المهني مجموعة من الجوائز والتكريمات، فمنحها المهرجان العربي للغعلام في بيروت عام 2006 جائزة أفضل مذيعة، وضمتها مجلة أرابيان بيزنس ضمن قائمة أقوى 100 سيدة في العالم العربي لعام 2011، وتم منحها في عام 2012 جائزة مؤسسة مي شدياق للإبداع التلفزيوني.
تهتم نجوى قاسم بأن تمنحها نفسها وقتا خاص، وتمارس خلاله اليوجا أو السباحة أو الرقص، لتزيح عن روحها ضغوط العمل وقلقه الدائم.
اقرئي أيضا:
هيفاء المنصور مخرجة سعودية متمردة وصلت إلى العالمية
الكاتب
هدير حسن
الإثنين ١١ نوفمبر ٢٠١٩
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا