إليف شافاق الروائية الأشهر التي منحت للأقلية صوتا
الأكثر مشاهدة
"اخترعت الحكايات لأني شعرت أن حياتي مملة، ولكنها في الخيال ملونة" فتمكنت بخيال الطفلة التي لم تتعد وقتها الثامن من عمرها، أن تكون إليف شافاق الروائية الأشهر في تركيا، وضمن أشهر الكاتبات على مستوى العالم، بعد أن ترجمت أعمالها ومؤلفاتها إلى أكثر من 42 لغة، ونالت عنهن كثير من الجوائز والتكريمات.
تعرفي على: الملكة رانيا زوجة وأم وإنسانة مهمومة بوطنها العربي
الروائية التركية إليف شافاق
تميزت إليف شافاق بشخصيتها المختلفة والمميزة، التي استطاعت أن تجمع ثقافات متنوعة وتعبر عنها بجرأة وحب ونعومة، فهي واحدة من أبناء شهر اكتوبر، فقد ولدت في الـ 25 منه عام 1971، في فرنسا، وتحديدا في مدينة ستراسبورج، لوالدها الفيلسوف التركي نوري بيلغين، ووالدتها الدبلوماسية شافاق أتيمان.
بعد عام من ولادتها، انفصل الأبوان، وبعودتها مع والدتها إلى تركيا، لتتربى كطفلة وحيدة، ما زالت امها في العشرين من عمرها، فكان الطبيعي حينها، أن تتزوج مرة أخرى، لكن الجدة ترفض، وتشجع ابنتها على أن تكمل تعليمها وتبحث عن عمل، ثم تقرر ما تريده بعدها، على أن تتولى مسئولية تربية إليف.
عملت والدة إليف كدبلوماسية، مما منحها فرصة أن أن تطوف كثير من البلاد، فقضت فترة مراهقتها في إسبانيا، بمدينة مدريد، كما أمضت بعض الوقت في عُمان، وكذلك ألمانيا والأردن، ومن أجل الدراسة انتقلت بين الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة.
حصلت إليف شافاق على شهادة البكالوريوس في العلاقات الدولية من اجامعة الشرق الأوسط التقنية بتركيا، كما كانت من ضمن الدفعة الأولى التي تدرس الجنسانية ودراسات المرأة في تركيا، وحصلت فيه على شهادة الماجيستير، وكان هذا المجال غير مالوف دراسته من قبل في وطنها، ثم نالت الدكتوراة في العلوم السياسية وفلسفة السياسة، ومدرس بكلية سانت آن في جامعة أوكسفورد.
"كنت يوميا أمضي ساعات وساعات وحدي، وكان الكتاب صديقي الوحيد" ففي سنوات عمرها الأولى، وكونها نشات كطفلة وحدة ربتها أمها وجدتها، كان لديها دوما ساعات طويلة تجلسها وحدها، فبدأت تؤلف وهي في عمر الثامنة الحكايات والقصص، وعندما بدأت والدتها تلحظ الأمر، جلبت لها مفكرة ترصد بها يومياتها.
يوميات إليف تطورت إلى تأليف القصص والحكايات، فلم كن مجرد رصد لمذكرات ياعات يومهان ولكنها كانت تخيلاتها، التي أصبحت قصص قصيرة، ثم روايات "أحب أكثر شيء الروايات، لأني أشعر معها بالألفة والراحة، رغم أني لست صبورة، والرواية تتطلب كثير من الصبر والإيمان"، وكانت وراياتها بالفعل هي أهم إنتاجاتها الأدبية التي حازت على شهرة واسعة في جميع أنحاء العالم.
اقرئي أيضا: نجوى قاسم إعلامية غطت الحروب واحترم الجمهور مهنيتها
مؤلفات إليف شافاق
"أنا روائية فضولية" فدائما تحاول إليف شافاق أن تمرر أفكارها المتعلقة بالسياسة وحثوث المهمشين في الكتابات التي تقدمها للقراء، كما سعت دوما أن تكون صوت الآخر، الذي لم يعبر عن وجهة نظره أحد، وظهر ذلك في كثير من أعمالها الروائية كـ "لقيطة إسطنبول" التي تناولت المجزرة التي تعرض لها الأرمن على يد الدولة التركية، وكذلك الأقليات من أصحاب الميول الجنسية المختلفة.
تقول إليف شافاق عن منتجها الأدبي إنها تسعى أن تكون معبرة عن من يعيشون على الهامش، وتمنح صوتا للمقموعين "أنا أهتم دوما بمن هم ليسوا في المركز أو نقطة الضوء، ومهتمة بقصة كل من يشعر أنه وحيد"، كما أنها مهتمة بحقوق المرأة وضرورة تحررها، وتؤمن بالمساواة بين الجنسين.
أصدرت إليف شافاق 17 عملا، من بينهم 11 رواية، وتعتبر "قواعد العشق الأربعون" الرواية التي اشتهرت بها إليف شافاق في الوطن العربي والعالم، ولكن سبقتها وتلتها كذلك كثير من الأعمال الأدبية، وتعتبر رواية "الصوفي" الصادرة عام 1997 هي أول عمل أدبي لإليف شافاق، ونالت عنه جائزة أفضل Rumi Prize عام 1998، وتلتها روايتها مدينة المرايا عام 1999، التي تناولت فيها قصص جمعت التصوف اليهودي والإسلامي عن طريق حياة عائلة إسبانية تحولت عن دينها.
روايتها الثالثة كانت "النظرة The Gaze"، الذي يتناول قضايا التنمر والخوف من معتقدات الآخرين، وكذلك رغبتنا في الصورة التي نريد لأجسادنا أن تكون عليها، من خلال قصة سيدة تعاني من زيادة الوزن وحبيبها قزم، وترتاب من نظرات الآخرين لهم كل مرة يخرجان فيها معا، وتقرر استبدال الأدوار.
توالت بعدها أعمل إليف شافاق الدبية من "قصر القمل" عام 2002، و"القديس" أو المطهر، ثم "مد وجزر"، و"لقيطة إسطنبول" التي واجته بسببها تهما قانونية، وتعرضت لمدة عام للمحاكمة على اعتبار أن روايتها التي تناولت المجزرة والمذابح التي حدث للأرمن، تنتقص من الذات التركية، وخلال عام هو مدة محاكمتها تضاعفت مبيعات الوراية، وكانت ضمن الأكثر مبيعا.
وتحدثت إليف عن الأمر معتبرة أن تناولها للأمر جاء لتعبر من خلاله عن الآخر، وليتم التعامل مع الماضي بواقعية، فلا هو صورة جميلة، أو صفحة يجب أن نطويها، بل هو يحمل التاريخ والثقافة، وكما أنه يوصف على أنه أفضل، فهو أيضا مؤلم.
واستكمالا لأعمالها الأدبية التي تتناول المحظور وتتطرق إلى الغريب، كسرت إليف شافاق الصورة النمطية و"الرومانسية" للام في كتابها حليب اسود، حين تحدثت عن اكتئاب ما بعد الولادة، وكيف رات أن هذا الاكتئاب، الذي مرت به بشكل شخصي، بعد أن جعلها غير قادرة على الكتابة لمدة 10 أشهر، "الاكتئاب تجربة ملفتة لأنها تعطينا فرصة لإعادة بناء أنفسنا، يعتبر كل اكتئاب فرصة تقدمها لنا الحياة لنتوقف نفكر ونتأمل دواخلنا، وربما نعيد إنشاء أنفسنا بشكل أفضل من السابق".
وكان آخر أعمالها، رواية "البنت التي لا تحب اسمها"، وهي الصادرة في 2019، واهتمت على مدار سنوات الكتابة الماضية أن تتحدث عن التصوف، كونها مهتمة به وبجميع أنواعه وفي مختلف الديانات، وترى المتصوف باحث في رحلة روحانية عن نفسه، ولذلك عبرت عن ذلك في كثير من أعمالها الأدبية.
بخلاف كتاباتها الإبداعية، تحمل إليف شافاق رؤي سياسية وأراء تستند إلى علم ودراسة أكاديمية قوية، وتقدمهما في مقالات مختلفة يتم نشرها في كثير من الصحف والمجلات العالمية، منها الفاينانشيال تايمز والجارديان ونيويورك تايمز وول ستريت جورنال.
آمنت إليف شافاق منذ كانت في الجامعة بحقوق المرأة وتحررها، فكانت لها ميول يسارية، وتنادي أيضا بحقوق البيئة، وترى أن النساء أخوات وعليهن أن يسندن بعضهن البعض، ولكن يفاجئها أنهن أصبحن أعداء وينكرن الحقوق على بعض، للدرجة التي جعلتهن يؤذين بعضهن، ورغم ذلك ما زالت تؤمن بروح الأخوة والتضامن النسوي.
أخذت الروائية التركية لقب والدتها، وعنون به كتبها وأعمالها وكتاباتها بشكل عام، فاصبحت "إليف شافاق"، لديها طفلان من زوجها الصحفي التركي أيوب خان، هما زيلدا والزاهر.
اقرئي أيضا:
منة شلبي الساحرة التي تميزت أدوراها بالجراة والنضج
الكاتب
هدير حسن
الأربعاء ٢٠ نوفمبر ٢٠١٩
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا