متى تتحول الفضفضة للمقربين إلى شعور بالندم
الأكثر مشاهدة
من وقت لآخر نحتاج لمشاركة دوائرنا المقربة تفاصيل حياتنا أو على الأدق بعض تفاصيل علاقاتنا العاطفية، وفي بعض الأوقات يكون الأمر ضرورة ملحة لتخفيف عبء نفسي خاصة في أوقات المرور بأزمات عاطفية أو مشكلات نفسية، فمشاركة بعض الأشخاص المحدودين لمشكلاتنا ربما يعمل على تخفيفها- وإن كانت في بعض الحالات يكون الأمر ما هو إلا زيادة للعبء النفسي- وإضافة شعور جديد على المشاعر السلبية الموجودة في الأساس وهو شعور الندم على الحكي.
مثلما قال فؤاد حداد "حمل الليالي خفيف لما يشيلوه اتنين"، ولكن في بعض الأوقات "حمل الليالي يزيد لما يشيلوه اتنين"، فأسباب كثيرة قد تزيد من المشكلات التي تحكين عنها، أو في أقل التقديرات تتسبب في شعورك بالندم على الحكي ربما لردود الأفعال غير المتوقعة أو للطريقة التي تعامل بها الطرف الآخر مع مشكلتك، فالأسباب الآتية قد تكون سببًا مهمًا في شعور الندم الذي تشعرين به بعد الحكي.
الدوائر المشتركة
بعض العلاقات تكون لها دوائر مشتركة، كأن يكون أصدقائك هم نفس أصدقاء شريكك، فتشعرين أن أبسط المشكلات يشعر بها المحيطون بكم من خلال الانطباعات أو ردود الأفعال أو تعمد اختفاء طرف منكما في أثناء وجود الآخر، وهو ما يفتح باب للأسئلة المختلفة، والتي قد تدفع أحد منكما في النهاية إلى الحكي أو ما نسميه "فضفضة".
هنا تبدأ المشكلة، فيظن البعض أن سعيه لإصلاح الموقف يتم بشكل منطقي، إلا أنه في أغلب الحالات يكون سببًا في زيادة المشكلة، خاصة إذا كانت رغبة أحد أطراف العلاقة في الحكي ضد رغبة الطرف الآخر، فطالما الأمر تعلق باثنين فمن المهم موافقتهم على أي خطوة تحدث فيه حتى في أوقات الخلاف.
المتابعات
"عملتي إيه؟" "لسة متخانقين" "ليه ما أخدتيش الخطوة الأولى" "ناوية على إيه".. أسئلة كثيرة قد تواجهينها من أصدقائك بعد الحكي معهم عن مشكلتك، والتي تحدث بدافع الطمأنينة منهم، ولكن في بعض الأوقات قد ترغبين في الحكي وعدم توجيه أي أسئلة لك بعد ذلك، إا لرغبتك في عدم تذكر المواقف واستحضارها من جديد، أو لسعيك لتجاهلها، أو لأي سبب آخر.
النصائح
لا يكون الشخص في حاجة إلى نصيحة بقدر حاجته إلا تفريغ الحمل الذي في داخله والتعبير عنه بالكلام، وتوجيه النصائح هنا يجعل من الأمر أكثر سوء، فهو لا يريد أن يشعر بأن هناك التزامات ينبغي عليه تنفيذها، أو أنه مقصر في أم رما، فقط كل ما يريد أن يستمع أحد إليه، وتوجيه النصائح في هذه الحالة يزيد من شعوره السلبي ولا يعمل على تخفيفه.
دور الرقيب
كم مرة لازمك شعور الندم بعد مشاركة مشكلتك مع أحد الأصدقاء؟ وهنا لا يتعلق الأمر بقرب الصديق أو بعده، وإنما ببعض التصرفات أو ردود الأفعال التي تحدث بعد خكيك عن مشكلتك، فكم مرة أوقفتك جميلة مثل "أنا حذرتك أكثر من مرة"، وقررت بعدها التراجع عن استكمال حديثك! من المؤكد أنك مررت على الأقل ولو لمرة واحدة بهذا الموقف، فيظن هنا المستمع لكِ بأنه يساعدك، ولكنه في حقيقة الأمر يزيد من العبء النفسي عليك.
المعايرة
ما تحكي عنه الآن في ساعة ود قد يؤخذ ضدك مع مرور الأيام، فتخيلي معي أن تشاركي أحد أصدقائك مشكلتك بكل تفاصيلها من ضعف أو ألم، لتفاجئي بعد مرور فترة ما بأنك تعايرين من قبل هذا الصديق أو الصديقة بما حكيتي عنه بكل إرادتك! الأمر بالطبع مزعج نفسيًا، ويجعل من شعور الندم يتزايد بل ويلازمك لوقت طويل بسبب مشاركتك مشكلتك مع آخر.
الاستهتار
"عادي ما هي كل الناس مرت باللي انتي يه" "انتي مش أول حد يحصل معاه كدة" "مكبرة الموضوع زيادة عن اللزوم".. مرة أو مرتين على الأقل ستكونين واجهتي رد الفعل بالجمل السابقة من أحد أصدقائك، فكثير من المحيطين بنا يتجاهلون فكرة أن صاحب المشكلة لا يحكي أو يشاركها لتقييمها، ولا يحتاج في أغلب الأوقات إلى ردود منطقية وإنما يريد فقط الاستماع! أن يسمع أحد إليه دون تعليق، فكثير من التعليقات السلبية تتسبب في زيادة الشعور بالألم وليس تخفيفه.
في النهاية فإن الحكي أمر مهم ومشاركة المشكلة مع أشخاص معينين قد يهون من الأمر، ولكن بعض الأشخاص سيتسببون في زيادة الشعور السلبي، لذلك فاختاري من تتحدثين معهم، وهناالأمر لا يرتبط بالدوائر المقربة أو البعيدة، وإنما يتعلق بمن سيسمعبالطريقة التي تهدئ من مشاعرك السلبية.
الكاتب
هبة حامد
الأحد ٢٢ ديسمبر ٢٠١٩
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا