أنجلينا جولي.. نجمة هوليوود التي حاربت المرض بالإنسانية
الأكثر مشاهدة
أنجلينا جولي ليست فقط رمزًا فنيًا لممثلات الغرب اللواتي يثرن إعجاب الكثيرين وانبهارهم، فحياة جولي ملهمة، تدفعك للتأمل كيف لامرأة أن تخلق حياة جديدة من العدم لكثيرين، فتبنت عدد من الأطفال من جنسيات مختلفة، فضلًا عن تدعيمها الكثير من اللاجئين في العديد من الدول التي تعاني ظروف معيشية صعبة.
"أنا لا أخاف من التقدم في العمر, ولكني أريد أن أكون امرأة عجوزاً مسنّة وتاركة وراءها حياة تنفع الآخرين".. ربما مقولتها السابقة كانت دافعًا لها لخلق حياة جديدة لكثير من اللاجئين. فلم تكتف جولي بكونها أصبحت من أهم وأشهر ممثلات هوليوود اللواتي قدمن أدوارًا مهمة ومؤثرة في أعمال سينمائية مبهرة، بل شاركت في عديد من الأنشطة الاجتماعية والخيرية حول العالم، وتمكنت من تقديم المساعدات المعنوية والمادية.
نشأة أنجلينا جولي
في الرابع من يونيو لعام 1975، ولدت أنجلينا جولي في لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا، ونشأت كابنة للممثل جون فويت، الذي نال جائزة أوسكار أفضل ممثل عام 1979، والممثلة وعارضة الأزياء مارشلين بورتراند، وانفصل والداها بعد عام واحد من ولادتها في عام 1976، وعلى مدار سنوات عمرها كانت دوما علاقتها بوالدها تشهد توتر ملحوظ وعدم استقرار، للدرجة التي جعلتها تقوم برفع دعوى لمحو اسمه من لقبها، وهو ما تمكنت منه في سبتمبر 2002، ليصبح لقبها هو "أنجلينا جولي"، رغم أنها شاركت معه قبلها في بطولة فيلم "لارا كروفت: تومب رايدر" في عام 2001.
بدأت أنجلينا جولي التمثيل في سن مبكرة، فبعد دراستها في معهد مسرح ستراسبرج، وكذلك التحاقها بمعهد السينما، انخرطت لفترة في عالم عروض الأزياء وهي ما زالت في الرابعة عشر من عمرها، كما ظهرت في عدد من الأغاني المصورة، وشاركت في أعمال مسرحية أيضا، ولكنها حققت شهرة واسعة، وأظهرت تمكن واضح من أدائها التمثيلي بعد بطولة فيلم "Gia" عام 1998، وهو فيلم تلفزيوني تناول الحياة المأساوية التي عاشتها عارضة الأزياء جيا ماري كارانجي، وتمكنت من أن تنال عن أدائها لهذا الدور جائزة جولدن جلوب كأفضل ممثلة، وكذلك جائزة إيمي، ليأتي دورها في فيلم "Girl, Interrupted" عام 1999 ليثبت موهبتها، فحصلت عنه على جائزة الأوسكار كأفضل ممثلة مساعدة.
وعلى مدار مسيرتها السينمائية، تنوعت الأدوار التي قدمتها أنجلينا جولي في أفلامها ومشاركاتها السينمائية، فأمتعت المشاهدين بالمساهمة في أفام الخيال العلمي والدراما والأكشن، فالجميع يتذكرون أدوارها في "Taking Lives" عام 2004، و"Mr &Mrs Smith" عام 2005، و"A Mighty Heart" عام 2008، و"The Tourist" عام 2010، و"Wanted" عام 2008، و"Maleificent" عام 2014، وفيلم "By The Sea" عام 2015، وسبقه فيلم "Changeling" في 2008، كما شاركت بالأداء الصوتي في سلسلة أفلام الرسوم المتحركة "Kong Fu Panda"، غير أنها عملت على إنتاج كثير من الأفلام وساهمت في كتابة السيناريو أحيانا ومراحل ما قبل الإنتاج.
ونالت أنجلينا جولي عن أعمالها السينمائية كثير من الجوائز والترشيحات والتكريمات، كان آخرها الترشيح لنيل الجولدن جلوب عن مشاركتها في الفيلم الكولومبي الأمريكي "First They Killed My Father"، وأوضحت في تصريحات صحفية من قبل عن نيتها اعتزال التمثيل بعد أن تؤدي دور الملكة كليوباترا، قائلة إنها تفضل أن تعمل في صناعة الأفلام أكثر من تأديتها، كما كان لها تجاربها الإخراجية كذلك، فكان فيلم "In The Land of Blood and Honey" هو أول تجاربها كمخرجة عام 2011، وأعقبه فيلم "Unbroken" عام 2014.
اقرئي ايضًا: نجوى قاسم إعلامية غطت الحروب واحترم الجمهور مهنيتها
النشاط الاجتماعي لجولي
"أينما أكون أجد نفسي دائمًا أنظر من خلال النافذة مُتمنية أن أكون في مكان آخر".. ربما تكون هذه الجملة التي قالتها جولي كانت دافعًا لها لاستكشاف عوالم أخرى غير الحياة التي تعيش فيها، فلم تقف انجازات جولي عند مجرد نجاحها الفني ومشاركتها في الكثير من الأدوار والأفلام التي تركت بصمة في السينما الغربية، وإنما حرصت جولي على أن يكون لها دور في المجتمع، ليس فقط بالظهور الذي يميل إلى الاستعراض دون تقديم مساهمة حقيقية وفعالة، أو من أجل جذب الأنظار فقط، ولكنها اهتمت أن يكون لها دور مجتمعي حتى وغن عرضها ذلك في كثير من الأحيان إلى الخطر، كونها كانت تحرص على مقابلة الأطفال في البيئات الفقيرة التي يعيشون بها، غير عابئة بما يمكن أن يطالها.
ونظرا للجهود التي سعت أنجلينا جولي لتحقيقها من أجل المهمشين والفقراء حول العالم، تم تعيينها في عام 2001 كسفيرة للنوايا الحسنة لدى مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين، ووفرت كثير من المساعدات للاجئي الأردن ودارفور وكمبوديا وأفغانستان وسوريا والبوسنة والعديد من الدول العربية الأخرى. وزارت مخيمًا للاجئين بعد ذلك في عام 2007 للتوعية بأزمة عشرات الآلاف من اللاجئين الهاربين من القتال الدائر في دارفور. لتحصل على جائزة العمل الإنساني العالمي في عام 2005 من جمعية الأمم المتحدة في الولايات المتحدة الأمريكية لنشاطها في الدفاع عن حقوق اللاجئين.
لم يقف الأمر عند مجرد الزيارات وحملات التوعية التي قادتها جولي، فأنشأت جولي مدرسة ابتدائية لفتيات تانجي في أفغانستان، وذلك بعد زيارتها للمدينة التي لاحظت عدم توافر فرص تعليم كافية فيها، كما تبرعت بما يقرب المليون دولار لمنظمة أطباء بلا حدود، ومليون دولار لمنظمة الطفل العالمي، وغيرها من التبرعات لمنكوبي دارفور ومؤسسة دانيال بيرل، وزارت أغلب الدول التي يعاني سكانها، فكرست كثير من وقتها من أجل الأعمال الخيرية والاجتماعية، وجعل حياة المهمشين أفضل بأقصى ما تملكه من طاقة.
اقرئي أيضا: خولة الكريع سعودية في هارفارد وصاحبة أول وسام ملكي
زواج أنجلينا جولي
تزوجت جولي 3 مرات، كانت الأولى من النجم جوني لي ميلر في 28 مارس عام 1996، لينتهي بالانفصال والطلاق في عام 1999، وفي عام 2000 تزوجت من الممثل بيلي بوب ثورنتون واستمرا لـ3 سنوات وانفصلا أيضا، لتأتي قصة زواجها الأشهر من النجم العالمي براد بيت وذلك في أثناء فيلمهما مستر آن ميس سميث، وتنشأ بينهما علاقة حب على الرغم من زواج براد بيت وقتها بالممثلة جينيفر أنستون، ولكن أدت خيانته إلى انفصالهما والطلاق في عام 2005، وتستمر علاقته بأنجلينا مستمرة كشريكين، حتى أعلنا زواجهما في 23 أغسطس 2014، ولكن لم تستمر هذه الزيجة طويلا، ففي 2016 أعلنا انفصالهما وحدوث الطلاق.
وعلى مدار سنوات ارتباط أنجلينا جولي وبراد بيت، كان يشاركها اهتماماتها وأعمالها الخيرية، ومرحب دوما بدورها الاجتماعي الريادي، وجمعهما حينها الحب وسبعة أطفال، تبنيا أربعة منهم، فكان مادوكس تشيفن هو أول أبنائها بالتبني، وتبنته من كمبوديا وعمره لم يتجاوز السبعة أشهر، ولحقته بالطفلة الثيوبية زهرا مارلي، التي تبنتها من ملجأ في أديس أبابا، وغيرت اسمها بقرار من المحكمة إلى جولي بيت، أما طفلها الثالث بالتبني فهو باكس ثين من فيتنام.
وفي 12 يوليو عام 2008، أنجبت أنجلينا جولي طفليها التوأم فيفيان ونوكس لين، في حيت تبنت طفلها السابع والأخير واسمه موسى من مخيم للاجئين السوريين في تركيا، وتمكنت من الحصول على قرار برعايته بعد أن توففي والديه في الحرب والصراع الدائر في سوريا، وتبدودوما أنجلينا جولي فخورة بقدرتها على أن تربي أبنائها رغم اختلافاتهم العرقية، وتحرص على الظهور معهم في كثير من المناسبات الاجتماعية، كما توفر لهم حياة آمنة مستقرة عوضا عن التشرذم الذي كانوا يعانون منه في بلدانهم.
وكانت السنوات الأربع الماضية تعد من أصعب الفترات التي مرت بها أنجلينا جولي نتيجة انفصالها عن براد بيت، واعتبرت أن نجاتها من هذه الفترة جعلتها أقوى، وتشعر بالامتنان تجاه أبنائها، كونهم استطاعوا أن يساندونها، كما ابتعدت عن السينما طوال السنوات الماضية، وكانت مشاركاتها متواضعة بسبب حاجتها للبقاء مع أطفالها، ولكنها عادت مؤخرا للمشاركة في الجزء الثاني من فيلم "Maleficent: Mistress of Evil"، وهو يدور حول عالم من السحرة ويكشف الروابط التيتجمع بينهم.
اقرئي أيضا: غادة المطيري باحثة سعودية حققت إنجازات عالمية
استئصلت ثدييها خوفًا من المرض
وفي أثناء سعي جولي لخلق عائلة جديدة وتبنيها مجموعة من الأطفال من دول مختلفة، فقدت أهم شخص في عائلتها وهي الأم بعد أن هاجمها مرض سرطان المبيض في عمر الـ 56، فقد كان السرطان ضيفًا ثقيلًا لعائلتهم، حيث توفيت جدتها به، وهو ما دفع جولي للإعلان عن استئصال ثدييها خوفًا من إصابتها بسرطان الثدي مستقبلًا، وكذلك استئصال قناتي فالوب، وهو القرار الذياستقبله الجميع بكثير من الاستنكار والرفض والتساؤل، ولكن إصرار أنجلينا جولي وشجاعته في تنفيذه أوضحا إلى مدى تؤمن الممثلة الأمريكية بالقرارات التي تتخذها.
وأعلنت جولي أنها معرضة للإصابة بمرض السرطان بنسبة تتجاوز الـ 60%، وذلك بعد أن أخبرها طبيبها بأنها تحمل جينًا يعرف بـ"BRCA1" والذي يرفع نسبة الإصابة بسرطاني الثدي أو المبيض. وهو ما علقت عليه قائلة: "قررت أن أتخذ إجراء احترازيًا لتقليل المخاطر قدر الإمكان"، وحرصت على أن تشجع كل سيدة على اتخاذ مثل هذا القرار لتقي نفسها كثير من المعاناة، وأوضحت في مقال منشور لها بعنوان "خياري الطبي" أن "العملية تركت فقط جرحين صغيرين، وعدا عن ذلك فكل شيء على ما يرام، ولا أزال أنا نفسي، وبالنسبة لأطفالي لا أزال أنا أمهم التي يعرفونها، وسأقوم بأي شيء في حياتي لأكون معهم لأطول وقت ممكن"
اقرئي أيضا: ريا أبي راشد مذيعة نجوم هوليوود عاشقة السينما
وصل وزنها لـ35 كيلوجرام بسبب مرض نفسي
ارتبط اسم انجلينا جولي دوما بإحداث الجدل وترديد الشائعات، فكانتدوما حياتها العاطفية مثار اهتمام لكل متابعيها ومحبيها، ففي البداية كانت تصريحاتها عن هذا الجانب دوما قادرة على أن تُحدث كثير من اللغط، فمرة تعلن أنها ارتبطت بصديق والدتها، وأشيع في إحدى الفترات وجود علاقة عاطفية حميمة مع أخيها، كونهما دوما ما كانا يظهران معا، وانتشرت لهما صور يقبلان بعضهما البعض كالمحبين، غير الحديث عن ميولها الجنسية المزدوجة، ولكن خفتت حدة هذه الأحاديث مع ارتباطها ببراد بيت.
وتظل أنجلينا جولي لكثيرين مثال للمرأة الجميلة الذكية، فمجرد ذكر اسمها كفيل بأن يرسم صورة عن سيدة لها جاذبيتها وحضورها المختلف بقوامها الممشوق، ولكنها مرت خلال سنوات مضت بوعكة صحية نفسية وبدنية، فأشيع عن إصابتها بمرض نادر أدى إلى فقدانها كثير من الكيلوجرامات وكان ملاحظ للجميع أنها أصبحت قريبة من النحافة، فقدر أن وزنها وصل إلى 35 كيلوجراما، وتم الاعتقاد حينها أن السبب هو وجود مشكلات بينها وبراد بيت وتأثرها بالانفصال، ويبدو أنها تأثرت نفسيا من وجود مشكلات أثرت على النظام الغذائي الخاص بها، وأنها أهملت صحتها وفقدت الرغبة في تناول الطعام، للدرجة التي نُقلت معها إلى إحدى المستشفيات.
لم تغفل أنجلينا ولي ما رأت أنه دورها تجاه المجتمع، وكانت رغم الأزمات النفسية والصحية التي مرت بها تصر على أن تشارك في أنشطتها وتمارس أعمالها الخيرية، فربما ما واجهته في الصغر بسبب انفصال والدها عن والدتها جعلها تشعر بالأزمات التي يشعر بها الأطفال، وهو ما كان دافعًا قويًا لها لبذل مجهود مضاعف، رغم كل ما تمر به، لمساعدة الأطفال اللاجئين في محتلف أنحاء العالم، لتثبت قوة شخصيتها وقدرتها على أن تصدر صورة مختلفة للعالم كله عن الفن والتمثيل والممثلات.
اقرئي أيضا:
حليمة مظفر كاتبة وشاعرة سعودية ميزتها الجرأة والشجاعة
الكاتب
هبة حامد
الجمعة ٢٤ يناير ٢٠٢٠
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا