بثينة العيسى كاتبة كويتية تتمرد على الواقع
الأكثر مشاهدة
الكتابات النسائية دائما ما يكون لها رؤية خاصة ومختلفة. فما تعيشه النساء في مجتمعاتنا العربية يجعلها تعكس ما تمر به إذا كان لديها وسيلة مثل الكتابة، بطريقة مختلفة. ومن أهم الكاتبات والروائيات في عالمنا العربي اليوم، الكاتبة الكويتية بثينة العيسى، وهى كاتبة تشتهر بتمردها على القيود، خاصةً تلك التي تُفرض على العقل والإبداع الأدبي والفني. كاتبة من طراز خاص، تتحدى التابوهات والأوضاع السائدة وتُعبر عن وجهة نظرها بجرأة وشجاعة. فمن هى بثينة العيسى وما هى أشهر كتاباتها التي عرضتها للانتقاد؟ تعرفي عنها عن قُرب وعن حكايتها في السطور التالية...
بثينة العيسى السيرة الذاتية
هى بثينة وائل العيسى، كاتبة وروائية كويتية وُلدت في 3 سبتمبر عام 1982. وُلدت وتربت في الكويت وحصلت على ماجستير في إدارة الأعمال في تخصص التمويل من كلية العلوم الإدارية بجامعة الكويت عام 2011. وبالرغم من أن فترة احتلال الكويت عام 1990 كانت بالنسبة لبثينة هى فترة الطفولة والبراءة، إلا أن هذه الحرب غيرت نظرتها للعالم تماما. فتقول أنها تحولت من طفلة تعيش في عالم من السلام والحب والمثالية وحالة تُشبه أفلام الكارتون وتعشق الأرانب، إلى إنسان يُفكر ويُحلل ما يحدث حوله، منذ أن شاهدت الدبابات وآثار الحرب حولها في كل مكان.
هذا ما تركته الحرب في نفسية بثينة، فقد جعلتها ترى العالم بنظرة أخرى، عالم مُخيف ومُشوش ومُعقد لدرجة كبيرة. وهذا ما جعلها تبدأ في الكتابة عن الأشياء التي تُخيفها ظنا منها أن هذا هو الحل للسيطرة والتحكم في مخاوفها. كان عمرها 9 سنوات عندما بدأت تكتب، وبعد تحرير الكويت بدأت تستوعب وتُحلل الأمور بشكل أوضح بالرغم من صغر سنها، وبدأت في كتابة مذكراتها ومنذ ذلك الحين لم تترك القلم.
اقرئي أيضا: وجيهة الحويدر كاتبة ناصرت السعوديات بأول عريضة للملك
روايات بثينة العيسى
تعترف بثينة بالرغم من أنها إنسانة تعشق الضحك والدُعابة، بأن الطابع المُسيطر على رواياتها هو السودوية والكآبة. فهى ترى أنه لا يوجد طريقة غير وحشية أو طريقة غير مؤلمة للكتابة عن الألم والوحشية في الكثير من قضايا العالم. وربما يعود ذلك لأن الموضوعات التي تستفذها لتكتب عنها هى أكثر الموضوعات ألما وصعوبة في الواقع الاجتماعي والسياسي.
وتقول بثينة عن تكوين ونشأة شخصيات رواياتها إنها تُحاول دائما أن تكون هى مكان الشخصية لا أن تكون الشخصية مكانها، بمعنى أنها تُحاول أن تتسائل دائما "ماذا لو؟" ماذا لو كانت هى مكان الشخصية كيف ستتصرف بناءا على طبيعة الشخصية التي تكتبها وليس طبيعتها هى. ذلك حتى لا تكون الشخصيات كلها متشابهة ونسخة من بعضها البعض.
أما عن حبها للشعر وكتاباتها الشعرية تقول بثينة العيسى في أحد اللقاءات أيضا إن الشعر كان بدايتها مع القراءة، فأول ما بدأت تقرأ كانت تقرأ كتب الشعر وليس الروايات. ولكنها تخاف من الشعر أحيانا لأنها تعتقد أنه شفاف وعاكس للحقيقة بشكل أكبر، فهى عندما تكتب الشعر تكون هى وتُعبر بكلماتها عن نفسها وعن ما تعتقد فيه، أما الروايات فتستطيع أن تستتر خلف مجموعة من الشخصيات وتقول على لسان كل شخصية ما تُريد. أن تُخفي شخصيتها الحقيقية وتذوب في شخصيات الرواية التي تُعبر من خلالهم عن أفكارها. وتعتقد بثينة أنه لهذا السبب لم تنشر ديوان شعري حتى الآن.
وتؤمن بثينة بنظرية أينشاتين وإديسون بأن الموهبة تكون 1% و99% عمل جاد، فهى ترى أن الكاتب صحيح يحتاج للموهبة ولكنه يحتاج أيضا لثلاث عناصر مُهمة من وجهة نظرها وهم القراءة والكتابة كثيرا والعُزلة أحيانا. وأن هذا ما يصنع الكاتب الجيد، أن يعمل لتطوير نفسه وتطوير كتاباته.
اقرئي أيضا: ثريا قابل صاحبة أول ديوان نسائي في المملكة
بدأت بثينة الكتابة على المواقع والمنتديات الإلكترونية، ثُم أصدرت أول رواية لها بعنوان "ارتطام... لم يُسمع له دوي" عام 2005. وتوالت بعد ذلك رواياتها وأعمالها الأدبية التي تنوعت بين القصص القصيرة وكتابات للأطفال أيضا.
كانت أولى رواياتها "ارتطام... لم يُسمع له دوي" والتي تتدور أحداثها عن فتاة كويتية تذهب للسويد لاستكمال أبحاثها ودراستها في علم الأحياء، لتُقابل هناك شخصا يُغير حياتها ويفتح الكثير من التساؤلات أمامها عن الوطن والغربة والحب.
أما روايتها "سعار" التي صدرت عام 2005، فتطرح الكثير من الأسئلة الوجودية في قالب من السخرية والجد أيضا. أما رواية "عروس المطر" التي صدرت عام 2006 فتتحدث عن الحالات النفسية المُختلفة التي قد تُصيب المرء، وكيف يُمكن أن يهرب لعوالم مختلفة تجعله قادرا على الاستمرار في مواصلة الحياة بدلا من الاستسلام للاكتئاب.
وفي عام 2009 قدمت بثينة روايتها "تحت أقدام الأمهات" التي تُناقش فيها فكرة المجتمع الذكوري، وكيف يخدم المجتمع الرجل على حساب المرأة أحيانا كثيرة. وفي عام 2011 قدمت بثينة مجموعة قصصية تحت عنوان "قيس وليلى والذئب" وهى مجموعة من القصص الأدبية والأشعار أيضا. أما روايتها "عائشة تنزل إلى العالم السُفلي" والتي تتحدث عن قصة أم تفقد ابنها في حادث مأسوي، فتُقرر النزول لما تُسميه "العالم السُفلي".
وعادت بثينة في عام 2013 لتقوم بنشر روايتها "كبرت ونسبت أن أنسى" والتي تُدافع فيها عن حقوق المرأة التي ضاعت بسبب العادات والتقاليد وأحيانا الفتاوى الدينية المغلوطة. أما في 2015 فقد أصدرت بثينة واحدة من أهم رواياتها وهى "خرائط التيه" والتي تحكي عن قصة صبي صغير فقد أهله في مكة المُكرمة أثناء موسم الحج، فتبدأ رحلة البحث عن هذا الطفل، ولكنها رحلة بحث أيضا عن الكثير من إجابات الأسئلة الوجودية.
وأخيرا وليس آخرا أصدرت بثينة روايتها الأخيرة "كل الأشياء" والتي أثارت الجدل بسبب منع نشرها في دولة الكويت وهى مسقط رأسها. من خلال صراع بين جيلين، الأب والابن، تُحاول بثينة البحث عن أسباب لتسمية كل شىء بمسمياتها، ومن خلال الأحداث تتناول الكثير من الأحداث السياسية المُحيطة. ومنع الرواية من النشر في الكويت آثار الكثير من التساؤلات وأكّد فكرة أن بثينة العيسى كاتبة مُثيرة للجدل.
اقرئي أيضا: زها حديد ملكة المنحنى وسيدة المعمار في العالم
إنجازات بثينة العيسى
تُشارك بثينة العيسى في العديد من معارض القراءة والنشر، والعديد من ورش الكتابة، بالإضافة للكثير من الندوات والأحداث الأدبية عموما. إلى جانب لك هى عضو رابطة الأدباء الكويتية، وعضو إتحاد كتاب الإنترنت العرب. إلى جانب ذلك فبثينة العيسى هى مؤسسة مشروع "تكوين" وهو مشروع ثقافي أدبي متخصص في الكتابة الإبداعية. هذا المشروع يُعتبر منصة لتحفيز الكتاب والأدباء على مواصلة مشاريعهم الأدبية، بالإضافة لتدعيم سُبل التواصل بينهم. في محاولة لدعم المواهب الحقيقية في عالم الكتابة الإبداعية. وبثينة هى مسئولة برنامج التدريب وبرنامج الترجمة والنشر في هذا المشروع.
أما عن الجوائز، فقد حازت بثينة على جائزة الدولة التشجيعية في مجال الرواية لعام 2006 عن روايتها "سعار". وفازت بالمركز الثالث في مسابقة الشيخة باسمة الصباح، فرع القصة، والمركز الأول في مسابقة هيئة الشباب والرياضة عام 2003 فرع القصة القصيرة. كما حازت على جائزة الدولة التشجيعية في مجال الرواية عام 2014 عن روايتها "كبرت ونسيت أن أنسى".
وبشكل عام تنتقد بثينة الطريقة التي يتم بها مراقبة الأعمال الأدبية والروايات في بلدها الكويت، وتتحدث كثيرا عن ضرورة فتح الآفاق للإبداع. فهى ضد وجود قانون يمنع النشر أو تداول الكتب وضد الطريقة التي بتم بها مراجعة الكتب وأخذ المصطلحات والكلمات من سياقها الأدبي.
اختلفنا أو اتفقنا معها، لا شك أن بثينة العيسى تُقدم نموذج مختلفا من الكتابة الإبداعية والروايات، وتُناقش الكثير من الموضوعات الشائكة التي تُعتبر تابوهات في عالمنا العربي. وربما لذلك ستظل مثيرة للجدل طالما تتمرد دائما على الواقع.
اقرئي أيضا: حليمة مظفر كاتبة وشاعرة سعودية ميزتها الجرأة والشجاعة
الكاتب
دينا خليل
الثلاثاء ٠٧ يناير ٢٠٢٠
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا