فريدة عثمان فراشة فرعونية حطمت الأرقام القياسية
الأكثر مشاهدة
ارتبط اسمها بالأساطير، وتحقيق إنجازات تفردت بها كأول مصرية، لتنال من اسمها نصيب، وتصبح فريدة عثمان السباحة المصرية صاحبة أفضل إنجاز رياضي مصري على مدى 100 عام مضت، لتكمل مسيرة بدأتها قبلها رانيا علواني، وتُظهر التفاني والسعي الدائم لأن تحقق لمصر دوما الوجود والفوز في محافل الرياضة العالمية.
من هي فريدة عثمان
منذ طفولتها وهي فراشة حرة تؤمن بقدراتها إلى أبعد الحدود، وتملك قدرا كبير من العند والرغبة في التجربة جعلاها مميزة ومغامرة وقوية، ولادة فريدة هشام أحمد عثمان كانت في الولايات المتحدة الأمريكية، تحديدا في ولاية إنديانا في 18 يناير 1995.
"كنت بعلمهم السباحة عشان ميغرقوش" لم يكن ليخطر على بال والدة فريدة طبيبة الأسنان راندا السلاوي، أنه يمكن لهواية أرادت بها أن تحسن من لياقة طفليها (أحمد وفريدة)، وتحميهما من احتمالات الغرق في مياه البحر في أثناء التنزه بأحد المصايف، أن تجعل من طفلتها بطلة عالمية وملكة متوجة على عرش رياضة السباحة في مصر.
بدأت فريدة التدرب على السباحة بنادي الجزيرة الرياضي وهي بعمر الرابعة، دون وجود خطة لأن تشارك في فرق أو بطولات محلية، ولكنها أظهرت مهارة جيدة جعلت المدربين يعملون على إقناع والديها بضرورة إلحاقها بفريق السباحة لنادي الجزيرة.
كانت فريدة عثمان تميل في طفولتها للسباحة التوقيعية (الباليه المائي)، ولكن دوما ما كان فريق فتيات السباحة ما يحتاج لها بتكمل تتابع الفريق ويتمكن من المشاركة في البطولات، فتشارك معهن ليأتي دوما دورها فارقا، مما جعل والداها يلحظان قدرتها على التفوق في هذه الرياضة، حتى أخبرهم مدرب روماني "فريدة بتضيع وقتها في البياليه المائي، أنا شايفاها سباحة".
أصبحت السباحة جزء من روتين فريدة اليومي، تتمرن لساعات قبل بدء اليوم الدراسي وبعده، ومع بلوغها الـ 11 عاما بدأت المشاركة في بطولات محلية وأخرى على مستوى الجمهورية، وفي أول بطولة التحقت بها تمكنت من الحصول على خمس ميداليات ذهبية، تتنوع ما بين سباقات 50 و100 متر حرة وفراشة، وكانت أفضل سباحة في البطولة.
بعمر الـ 12 عاما، تم ضم فريدة عثمان للمنتخب لتستعد حينها للمشاركة في دورة الألعاب العربية الحادية عشر، والتي كانت مقامة في مصر، وكانت أصغر رياضية مشاركة في الدورة، وتمكنت من تحقيق رقم قياسي بما يتوافق مع عمرها، فحصدت المركز السادس في سباقات 50 متر فراشة، لتكون أصغر مصرية وعربية تفوز بهذا المركز، واشتركت في سباقات 50 و100 متر حرة محققة أرقاما قياسية، كما شاركت في دورة الألعاب الإفريقية في نفس العام (2007)، واستطاعت ان تحقق المركز الخامس في سباق 50 متر فراشة برقم 28.95 ثانية.
توالت مشاركات فريدة في كثير من البطولات الإقليمية والدولية، ففي عام 2009، اشتركت في بطولة العالم للسباحة، وهي بعمر الـ 14 عاما، ورغم أنها لم تحقق مراكز أولى، ولكنها استطاعت أن تكسر أرقاما جعلت منها أسرع سباحة في العالم في عمرها، بعد أن تمكنت من تحقيق رقم 26.77 ثانية في سباق 50 متر حرة، و27.78 ثانية في سباق 50 متر فراشة.
وفي نفس العام (2009)، استمرت فريدة عثمان في كسر الأرقام القياسية، بعد أن اشتركت في البطولة الإفريقية للناشئين في موريشيوس، لتحقق إنجازا وصل إلى الحصول على 3 ميداليات ذهبية و4 ميداليات فضية وميداليتين برونزيتين، بخلاف تحطيم 3 أرقام قياسية بـ 26.36 ثانية في سباق 50 متر حرة، ورقم 27.60 ثانية في سباق 50 متر فراشة، وحققت 31.04 ثانية في سباق 50 متر ظهر.
وفي مشاركتها في البطولة الإفريقية في الدار البيضاء بالمغرب عام 2010، كالعادة تمكنت فريدة عثمان من أن تثبت أقدامها كسباحة وبطلة عالمية، وتمكنت من لفت الأنظار لها باستكمالها لمسيرتها المعتادة من تحقيقي الميداليات، واستهداف كسر رقم قياسي جديد، فخلال هذه البطولة، تمكنت فريدة من نيل ميدالية ذهبية في سباق 50 متر فراشة وتحقيق رقم قياسي بـ 27.28 ثانية، كما نالت ميداليتن فضيتين، وميداليتين برونزيتين.
في بيرو، بدأت خطوات فريدة عثمان نحو العالمية، بعد مشاركات وإنجازات تمكنت من تحقيقها على مستوى البطولات الإقليمية والقارية، ففي بطولة العالم للناشئين في 2011، أهدت "الفراشة" بلدها مصر فخرا وشرفا بأن يُعزف النشيد الوطني المصري في محفل دولي عالمي، بعد أن حطمت الرقم القياسي لسباق 50 متر فراشة محققة 26.69 ثانية، ونالت عنه الميدالية الذهبية، لتكون أول ميدالية تحصل عليها مصر في بطولة العالم للناشئين في السباحة.
اشتركت بعدها فريدة عثمان في دورة الألعاب الإفريقية 2011 في موزمبيق، ونالت ميدالية ذهبية عن سباق 50 متر فراشة، وكسرت الرقم القياسي بـ 27.08 ثانية، كما جاءت مشاركتها في دورة الألعاب العربية 2011 في قطر، لتنال في جميع سباقاتها الميدالية الذهبية، وتخرج من هذه البطولة حاملة 7 ميداليات ذهبية.
عُرف عن فريدة حبها الشديد للمنافسة، وكيف يجعلها ذلك ترغب في التفوق، فرغم انشغالها المستمر بالتمارين، التي قد تستقطع ساعات طوال من يومها، حرصت على أن تكون متفوقة في دراستها وطوال مراحل تعليمها، ففي البداية، التحقت فريدة في مراحل التعليم الأساسي بواحدة من المدارس الفرنسية في مصر، ثم قررت أن تستعد للانتقال إلى الولايات المتحدة الأمريكية في مرحلة الدراسة الجامعية، فكانت وجتها الكلية الأمريكية في القاهرة CAC خلال مرحلة التعليم الثانوي.
كان قرار فريدة بالدراسة في أمريكا واضحا، فتمكنت بسبب إنجازاتها الرياضية عالميا وإقليميا أن تنال منحة لدراسة في جامعة كاليفورنيا بيركلي، المعروفة بتفوق السباحة بها، ودرست التسويق والدعاية في الجامعة إلى جانب المشاركة في فريق السباحة، وتمكنت من أن تكون قائدة الفريق.
استمر مشوار فريدة عثمان مع المشاركة في البطولات العالمية، مع دراستها الأكاديمية، فاشتركت في أولمبياد لندن، وحصلت على المركز 42 بوقت قدره 26.34 ثانية، كما حققت أفضل تصنيف لسباح مصري في سباق عالمي، من خلال مشاركتها عام 2013 في بطولة الألعاب المائية في إسبانيا، فاحتلت المركز السابع في سباق 50 متر فراشة بـ 26.17 ثانية.
وفي عام 2017، حققت فريدة عثمان واحد من أهم الإنجازات الرياضية على مستوى الجمهورية، فاستطاعت أن تفوز بالميدالية البرونزية في بطولة العالم في المجر في سباق 50 متر فراشة، لتعود بنصر رياضي شعر معه المصريون جميعا وكأنه يخصهم، وانهال الجميع يهنئونها على صفحات مواقع التواصل الاجتماعين ويعتبرون الإنجاز مصدر فخر لهم.
"الميدالية تساوي أهم إنجاز رياضي مصري في مائة عام" هكذا رأى الناقد الرياضي حسن المستكاوي ما حققته فريدة، فقد منحها بعده لقب "الملكة فريدة" الذي بات مفضلا لها، وتم تسمية حمام السباحة المطور داخل مركز شباب الجزيرة باسمها، واعتبر المهندس خالد عبد العزيز، وزير الشباب والرياضة السابق، وقتها أن إنجاز فريدة غير مسبوق، وقال " يمكن لمصر أن تحقق إنجازات رياضية عالمية أكثر، إذا انصب الاهتمام على الفتاة والبنت المصرية".
أعقب هذا الإنجاز الرياضي الفريد، تحقيق أرقام قياسية وميداليات أخرى، ففي بطوالة العاب البحر المتوسط لعام 2018، تمكنت من تحقيق ميداليتين ذهبيتين وميدالية فضية، بعد تحقيق رقم قياسي بلغ 24.83 في سباق 50 متر حرة، وعادت فريدة عثمان لتحقق رقم قياسي جديد في منافسة عالمية أخرى عام 2019 في بطولة العالم التي أقيمت في كوريا الجنوبية، فحصلت على الميدالية البرونزية بسباق 50 متر فراشة بزمن قدره 25.47 ثانية.
إنجازات فريدة عثمان
شكرا على دعمكم. ???????????????????? pic.twitter.com/fHWJnsJAas
— Farida Osman (@FaridaOsman) July 27, 2019
مشوار العالمية الذي بدأته فريدة عثمان، لم يكن يوما سهل التحقق، فمنذ طفولتها كان التمرين اليومي، والحرص على التمتع بلياقة بدنية عالية هو أهم ما يشغلها ويمنعها عن ممارسة كثير من الأنشطة التي انخرط بها زملاؤها، فيومها محاصر من التدريب الصباحي للمدرسة أو الجامعة، وعودة مرة أخرى للتدريب المسائي.
كانت فريدة عثمان تعتبر السباحة المصرية رانيا علواني مثلها الأعلى، ولذلك تسعى أن تستمر في مشوارها الرياضي محققة مزيد من الإنجازات، فهي تتدرب يوميا لما يقترب من الأربع ساعات في سبيل الحفاظ على لياقتها البدنية، فالسباحة تعد من الألعاب الرياضية القاسية، للدرجة التي جعلت الناقد حسن المستكاوي يقول عنها "صناعة بطل عالمي تساوي صناعة سيارة" مشيرا إلى صعوبة التدريبات، والحاجة دوما إلى نظام غذائي صارم وقدرة كبيرة على التحمل.
وصول فريدة لإنجاز رياضي لم يأتِ غيرها بمثله، كانت نتيجة بذل كثير من الجهد، ودعم والديها رغم انشغالهما وعملهما كأطباء أسنان، وخاصة، والدتها، التي رافقتها في كثير من مراحل تطورها، وعاشت معها حلمها، وضحت بعملها كعميدة لكلية طب أسنان في جامعة القاهرة، حتى تراعي طموح ابنتها وتلازمها وتقدم لها الدعم الكافي، فتشعر دوما أنها صنعت معها الإنجاز، ومع كل نصر رياضي يعبر والدها عن سعادته "فرحت أنها قدرت تفرح المصريين كلهم".
نالت فريدة عثمان كثير من الجوائز والتكريمات عن مشوارها الرياضي الحافل، فمؤخرا، اختارتها منظمة UCSA لتكون أفضل شخصية رياضية إفريقية لعام 2019، كما ضمتها هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) ضمن قائمتها لأكثر 100 شخصية ملهمة لعام 2019، كما منحتها جمعية اللجان الأولمبية الوطنية لقب أفضل لاعبة رياضية من إفريقيا عام 2017، واختارتها مجلة Swim World كأفضل لاعبة في إفريقيا عام 2017، وحصلت على جائزة محمد بن راشد آل مكتوم للإبداع الرياضي عام 2017.
أصبحت فريدة عثمان شخصية ملهمة، تملك روحا تنافسية قادرة على أن تجعلها تتفوق في مجالها، لقبها الجميع بـ "فراشة من ذهب" و"فراشة السباحة المصرية" ولكنها تحب "الملكة فريدة"، وتستعد حاليا لتحقيق إنجاز رياضي مميز بالمشاركة في أولمبياد طوكيو 2020.
اقرئي أيضا:
هاجر عرابي بطلة إفريقيا في التجديف كانت تخاف النيل
الكاتب
هدير حسن
الأربعاء ٢٢ يناير ٢٠٢٠
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا