الأميرة فاطمة إسماعيل صاحبة الفضل المؤمنة بالتعليم
الأكثر مشاهدة
كان اسم الأميرة فاطمة إسماعيل حاضرًا بعد 98 عامًا على وفاتها، وتحديدًا في المؤتمر الوطني للشباب عام 2018، حينما وجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي التحية والتقدير لروح الأميرة التي قدمت الكثير من أجل بناء الجامعة المصرية الأولى، وآمنت أن التعليم هو الطريق الوحيد لنهضة هذه الأمة.
من هي الأميرة فاطمة إسماعيل؟
الأميرة المعنية هي فاطمة بنت الخديو إسماعيل بن إبراهيم بن محمد عليّ باشا، التي يقترن اسمها مع العطاء والأعمال الخيرية وحب العلم والخير لتلك البلاد. أحبت الأميرة المولودة في يونيو عام 1853، العلم والثقافة ودرست في أروقة القصر وتعودت على تذوق الفنون المختلفة وبعد إتمام المرحلة التعليمية الأولى كانت تحلم بالانضمام إلى الجامعة لكنها لم تتمكن من ذلك لمنع الفتيات من الالتحاق بالجامعات وقتها. وبدلًا من أن تجلس في مقاعد الدراسة جلست بجوار زوجها الأمير طوسون بن محمد سعيد باشا والى مصر، عام 1871، وكان حفل زفافها ضخمًا للغاية وقد ارتدت سليلة أسرة محمد علي، تاجًا من الألماس وكان فستانها من الحرير الأبيض الفرنسي مرصعًا بأغلى أنواع اللؤلؤ وله ذيل طوله يصل إلى 15 مترًا.
اقرئي أيضًا: الملكة إليزابيث الثانية الأطول عمرًا على عرش بريطانيا
أنجبت الأميرة فاطمة إسماعيل من الأمير طوسون، ولد هو الأمير جميل وبنت هي الأميرة عصمت، ثم توفي الزوج فتزوجت من جديد من الأمير محمود سري باشا عام 1876 وأنجبت منه ثلاثة أولاد وبنتًا.
الأميرة فاطمة إسماعيل وإنشاء جامعة القاهرة
في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، كانت بعثات الطلاب المصريين تعود بهم من أوروبا محملين بالعلم والمعرفة والانبهار بالجامعات الأوروبية التي لم يكن لها مثيل في مصر المحروسة بالشكل المتعارف عليه في الغرب، وكانت فكرة إنشاء جامعة مصرية وطنية، فكرة صعبة تحتاج الكثير من العمل والمجهود والأموال من أجل الإنفاق على الأراضي والمباني.
فقد كان هناك كليات تم تأسيسها في عهد محمد علي باشا الكبير مثل المهندسخانة والمدرسة الطبية لكنها أغلقت في عهد الخديو سعيد عام 1850، وبعدها بسنوات قامت الحركة الوطنية بالتحرك من أجل إنشاء جامعة مصرية رغم رفض الاحتلال الإنجليزي، وبالفعل تأسست الجامعة المصرية في ديسمبر عام 1908 لتكون ثاني أقدم الجامعات المصرية والثالثة عربيًا بعد الأزهر والقرويين.
اقرئي أيضًا: الملكة نازلي صاحبة الجلالة التي جردت من لقبها
وقتها كانت الصحف تعلن مكان إقامة المحاضرات لأنه لم يكن هناك مبنى خاص بالجامعة يرتاده الطلاب، فوبدلًا من ذلك كانت الدروس تعقد في مجلس شورى القوانين ونادي المدارس العليا وغيرها من الأماكن، حتى تم استئجار مبنى من شخص يدعى الخواجة جناكليس بملغ كبير وصل إلى 400 جنيه في العام، وهو نفس المبنى الذي تشغله حاليًا الجامعة الأمريكية بميدان التحرير وسط القاهرة.
ارتفاع الإيجار ورغبة الخواجة في بيع المكان بدلًا من تأجيره، كانتا سببًا كافيًا لوقف مشروع الجامعة، لكن القدر تدخل وأشرك محبة العمل الأميرة فاطمة إسماعيل في الأمر، وحدث ذلك حينما علمت الأميرة من طبيبها الخاص محمد علوي باشا بما يواجه الجامعة، فتنازلت من أجل المشروع عن مساحة 6 أفدنة في بولاق الدكرور - مقر وزارة الزراعة الحالي لتُبنى عليها الجامعة، إلى جانب وقفها ريع ٣٣٥٧ من الأفدنة و١٤ قيراطًا و١٤ سهمًا من الأرض الزراعية في مديرية الدقهلية بمنطقة الدلتا حتى يتم الإنفاق على هذا الحلم الوطني.
اقرئي أيضًا: الملكة ناريمان.. الزوجة الثانية لفاروق وآخر ملكات مصر
وبعد ذلك بلغ الأميرة فاطمة إسماعيل أنباء توقف بناء كلية الآدب والمشروع ككل بسبب تكلفته الضخمة والتي وصلت إلى 26 ألف جنيه وهو مبلغ خيالي بمعايير وقتها، فقررت الأميرة السخية المعطاءة التخلي عن مجوهراتها الملكية النفيسة، التي كانت تراثًا للأسرة العلوية، فبعضها ورثته الأميرة من الوالي سعيد باشا عمها ووالد زوجها الأول، وإحداها كانت هدية من الخليفة العثماني السلطان عبد العزيز لأبيها الخديوي، وجميع تلك المجوهرات صيغت من مختلف أنواع الأحجار الكريمة النادرة.
وضعت الأميرة مجوهراتها تحت تصرف هيئة الجامعة التي لم توفق في بيعها داخل القطر المصري في مقابل ما يُمكن من إتمام المشروع، فوقع اختيار الهيئة على محمد علوي باشا حتى يسافر ويبيع تلك التحف النادرة خارج البلاد، وقد وفق في المهمة المطلوبة منه وعاد بما وصل إلى 70 ألف جنيه مصري، وتم استكمال بناء كلية الآداب التي تحمل جدرانها إلى الآن لوحة تذكارية تخلد ما فعلته الأميرة فاطمة منقوش عليها عبارة "ذكرى عطرة للأميرة فاطمة إسماعيل التي أسهمت فى بناء هذه الكلية".
وبعد سنوات من العمل الدؤوب والمساهمات الوطنية من كل الأبناء المخلصين، تم وضع حجر الأساس لجامعة القاهرة في احتفال مهيب تحملت الأميرة فاطمة إسماعيل تكلفته، وذلك في عصر يوم الإثنين الموافق ٣ جمادى الأول ١٣٢٢، الموافق ٣١ مارس ١٩١٤.
كما أن عطاء الأميرة فاطمة إسماعيل لم يتوقف بعد تأسيس الجامعة، فقد أوقفت حوالي 100 فدانًا من أجل تقديم منح دراسية لتعليم ضباط الحربية والبحرية أو تلامذة المدارس الحاصلين على الشهادات النهائية، كما تكفلت بعدد من الأطفال اليتامى وأمنت لهم الكسوة والمأكل والتعليم.
وقبيل وفاتها تنازلت الأميرة عن السراي الخاصة بها والتي قدرت مساحتها بـ 125 ألف متر مربع، وتوفيت الأميرة فاطمة إسماعيل في نوفمبر 1920، وتم تحويل قصرها إلى المتحف الزراعي فيما بعد، كذلك منحت الحكومة ما تبقى من أملاكها لتكون بذلك منطقة الدقي.
وللأسف فضريح هذه الشخصية العظيمة لم يدخل ضمن الآثار، ويعاني من إهمال شديد لدرجة تحوله إلى "عشة" يسكن فيها أبقار وماشية وكأنها ليست ثراثًا مهمًا يجب الحفاظ عليه للأجيال القادمة.
اقرئي أيضًا:
برلنتي عبد الحميد مسيرة فنانة بين السياسة والتمثيل
الكاتب
ندى بديوي
الأربعاء ١٢ فبراير ٢٠٢٠
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا