بدرية البشر كاتبة سعودية سماتها الجرأة والشجاعة
الأكثر مشاهدة
في صغرها، كانت تخلق لنفسها عالم افتراضي ملأته بالقراءة والمعرفة والموسيقى والكتابة، والتساؤلات أيضا، لتنسج الكاتبة والروائية السعودية بدرية البشر خيالات وتساؤلات الماضي، وحولتها إلى أفكار ناقشتها مع المجتمع بجرأة وتحدي ورغبة حقيقية في التغيير، وفي داخلها دوما أمل يجعلها تكمل مشوارها.
تعرفي على: انتصار الشراح سيدة الكوميديا الخليجية الأولى
بدرية عبد الله البشر
في الرياض، عاصمة المملكة العربية السعودية، ودخل منزل كبير قد يفوق عدد ساكنيه العشرة، ولدت بدرية عبد الله البشر عام 1965، كانت منذ سنوات عمرها الأولى طفلة مختلفة، لا تعرف كسائر البنات اللعب بالعرائس والاكتفاء بعالم صغير محدود فكريا وجغرافيّا، ولكن كانت ترغب دوما في التعرف أكثر واختبار الحياة والتعامل مع الواقع، ولذلك اعتادت اللعب مع الأولاد، وهي ما زالت بعمر الثامنة، واختلطت بهم.
يبدو أن فضولها في الصغر، كان مسببا لكثير من المشكلات "كان في قسوة بالطبع، فكنت ما أحب العاب البنات المملةن وأختلط بالأولاد، وأجرب أقفز، وأتعرف على ناس كتير"، الأمر الذي كان يواجه بالرفض والمنع، وهو ما جعلها تخلق لنفسها عالما خاصا تنفرد به، ويغنيها عن كل ما يحيط بها، كما يملك القدرة على أن يسليها ويسعدها.
"الكتاب هو رحلة ممتعة تجدد النفس، وهو صديق لا يعرف المقاطعة" إيمانها بأن الكتابة قد يكون رفيق جيد، جعل بدرية البشر تخلق عالمها الافتراضي، الذي يقوم على التخيل والموسيقى "كنت أسر في البيت حاملة المسجل على يدي، وأسمع عبد الحليم ووردة، ومعي القلم والدفتر"، لا تكترث لشيء، فقط تستمتع وتدندن، ولا ترغب في اهتمام من أحد، ويبدو أن لا أحد كان مهتما حينها.
ومع بلوغها العاشرة من العمر، بدأت تعبر عن نفسها مستخدمة الكتابة لتخترق أسوار وقيود فُرضت عليها وغيرها من بنات السعودية، فكانت كلماتها الأولى شعرا أو ما اعتبرته "حكي مقفى"، وكثير من الأسئلة "كل ما عليك أن تتعلمه هو فن صناعة السؤال، تعلم كيف تسأل ثم انتظر.. انتظر بوعي وصبر ويقظة وسيأتيك الجواب" ليبدو أن هذا ما اتبعته، فالعقل الذي كان يضج بالأسئلة ويبحث عن مخرج، وجد في الكتابة والعمل الصحفي طريقا لإيجاد الجواب.
مسيرتها التعليمية والأكاديمية كانت تشير إلى رغبة حقيقية في نشر المعرفة وكسر كل ما هو نمطي وشائع عن المرأة السعودية، فخلال دراستها الجامعية للدراسات الاجتماعية بجامعة الملك سعود، والتي تخرجت عنها في عام 1989، كانت تحرص مع زميلاتها على تنظيم أنشطة فنية ومسرحية (تعرفت من خلالها على زوجها الممثل السعودي ناصر القصبي)، كما لم تكتفِ بأن تكون جامعية، ولكنها استمرت في الدراسة حتى حصلت على درجة الماجيستير في فلسفة الآداب من نفس الجامعة عام 1994، ونالت الدكتوراة في علم الاجتماع من الجامعة اللبنانية عام 2005، عن رسالتها التي حملت عنوان "العولمة في متمعات الخليج دراسة مقارنة بين دبي والرياض".
عملت في جامعة الملك سعود لمدة أربع سنوات كأستاذة ومحاضرة منذ عام 1996، وبين عامي 2010 و2011، التحقت بجامعة الجزيرة في الإمارات العربية المتحدة لتعمل أستاذ مساعد، بينما اخترقت العمل الصحفي فور تخرجها من الجامعة، وبدأته بالعمل كمحررة في صحيفة الرياض، واستمرت في كتابة مقالات الرأي والموضوعات المتعلقة بالمرأة والوضع السياسي السعودي والخليجي لأكثر من 20 عاما في عدد من الجرائد والمجلات، منها: جريدة اليوم، والشرق الأوسط، والحياة، ومجلة اليمامة، التي كان لها زاوية أسبوعية وشبه دورية بكل منها.
برنامج بدرية البشر
كانت آخر حلقات برنامجها "بدرية" في يونيو 2016، بعد أن استمر عرضه لثلاث مواسم على قناة mbc الفضائية، تناولت من خلال حلقاته كثير من الموضوعات الاجتماعية التي تخص المجتمع السعودي والخليجي والعربي أيضا، فتعرض الأفكار المثارة على مواقع التواصل الاجتماعي، وتناقشها، وتثير المسكوت عنه، مع استضافة المهتمين وأصحاب الشأن.
وبعيدا عن العمل الصحفي والإعلامي، كان لبدرية البشر حسها الأدبي، وذائقتها الفنية الخاصة، ليس فقط لأنها تحب الرسم وتبهرها زيارة المتاحف، ولكنها أيضا قاصة وروائية وأديبة استطاعت أن تثير الجدل، وتعبر في كتاباتها عن ما تؤمن به، ورؤيتها للمرأة السعودية، واستطاعت عام 2012 أن تنال جائزة دبي للصحافة العربية- العمود الصحفي، واعتبرتها حينها جائزة تشير إلى أن "المرأة شريك أساسي في الكتابة وكذلك الاقتراب من الشأن العام والمشاركة فيه وتقديم اقتراحات حوله".
أول أعمالها الأدبية، كانت قصة قصيرة بعنوان "نهاية اللعبة" أصدرتها عام 1992، واتبعتها بمجموعة "مساء الأربعاء" عام 1996، و"حبة الهال" عام 1999، بينما لها روايات هي "هند والعسكر"، و"غراميات شارع الأعشى"، التي كانت ضمن القائمة الطويلة لجائزة البوكر عام 2014، و"زائرات الخميس"، التي تسبب نشر أحد مرتادي موقع تويتر لفقرة منها في قرار وزارة الثقافة والإعلام السعودية بسحبها من الأسواق، وفتح التحقيق حول محتواها.
السادة مكتبة جرير@JarirBookstore
— نواف المهدي #السعودية_العظمى (@almahdinawaf) October 31, 2017
كيف لكتاب بهذا المحتوى يباع في قسم كتب الأطفال
أخطأت بعدم تدقيقي لمحتوى الكتاب قبل شراءه ولكن خطأكم أفدح!! pic.twitter.com/1jFxYOmxNe
وألفت أيضا رواية "الأرجوحة"، غير الدراسات الاجتماعية والنقدية التي أصدرتها، فعن تقبل المجتمع السعودي للأعمال الكوميدية الساخرة، أصدرت دراسة "معارك طاش ما طاش.. قراءة في ذهنية التحريم في المجتمع السعودي"، و"نجد ما قبل النفط..دراسة سيوسيولوجية تحليلية للحكايات الشعبية"، وكتاب "تزوج سعودية"، كما كتبت مقدمة النسخة المترجمة لرواية "حليب أسود" للكاتبة التركية إليف شافاق.
وكانت دوما بدرية البشر لديها اهتمام واسع ومُلم بقضايا المرأة السعودية، خاصة، القضايا المتعلقة بالتعامل معها وكأنه درجة ثانية والتي تفرض عليها التهميش في الحقوق والواجبات أيضا، وتميزت بالجرأة في الإفصاح عن وجهة نظرها، فاعترضت لسنوات طويلة على منع المرأة من قيادة السيارات، وتدخل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمملكة في حياة المواطنين، وكانت ضد خطاب المتشددين.
ومع صدور القرار بالسماح للنساء في السعودية بقيادة السيارة في 27 سبتمبر 2017، صرحت بدرية البشر في مداخلة هاتفية بإحدى القنوات الفضائية "ألف مبروك للسعودية، ليس فقط السعوديات، اعتقد أنه خبر أثلج صدورنا.. الدولة السعودية ماضية في إصلاح في رعاية سليمة بحق النساء"، واعتبرت أن القيادة السعودية تمر بمرحلة جديدة، وتحاول أن تتعامل مع التغيرات الحالية، وأن تكون فعل ناجح "ما حدث هو نظرة جديدة ومعاصرة، ويدعم المرأة ويمكنها من حقوقها وممارسة دورها بشكل إيجابي، ويقدره داخل المجتمع".
تزوجت بدرية البشر من الفنان السعودي الكوميدي ناصر القصبي، وأنجبت منه ثلاثة أبناء هم: هالة ومهند وراكان، وتعتبر زواجهما ناجحا وقادرا على تخطي كثير من التحديات، ويعتبرها القصبي "نعمة عظيمة.. إن ربنا يرزقك بامرأة تسعدك وتملى حياتك".
اقرئي أيضا:
عائشة الشنا المغربية التي ناصرت قضايا المرأة العربية
الكاتب
هدير حسن
الجمعة ٢٧ مارس ٢٠٢٠
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا