هنا السادات تزرع العطاء في ”نية” أول منصة للعمل الخيري
الأكثر مشاهدة
في طفولتها كان فضولها تجاه الناس هو ما يثير لديها كثير من التساؤلات "كنت بشوف الناس اللي محتاجة في الشارع، واسال نفسي ليه أنا راكبة عربية وهما بره؟"، حتى قادها الفضول نحو التطوع ومساعدة الآخرين، ومنه إلى "نيّة" مشروع هنا السادات الذي تجمع من خلاله المتطوعين والجمعيات والأفكار التي يمكنها أن تجعل حياة الآخرين أفضل، وتزرع العمل الخيري في نفوس الناس عن طريقه.
تعرفي على: "ناريا وأهارا" مشروع نورهان وهنا لمساعدة الغارمات
هنا السادات والتطوع
اعتادت هنا السادات على العطاء، فكانت دوما ما تحاول أن تجمع التبرعات لمحتاجين أو مشروعات تتعرف على أصحابها وتجد في حاجتهم طريق لتغيير حياتهم "كنت بنزل ألف في الشارع وأتكلم مع الناس، وابتديت أدور على طرق تخليني أساعدهم"، غير أن فكرة مراعاة الآخرين والانشغال بتقديم وقت أو مجهود أو مال لمن يحتاجون، هو أمر نشأت عليه "والدي دايما كان يقولي لو قادرة تساعدي حد متفكريش، نفذي علطول".
مع مرور السنوات، التي كانت تسعى هنا خلالها على أن تكون قادرة دوما على مساعدة غيرها بأي طرق متاحة، اكتشفت عدم وجود طريقة منظمة وفعالة يمكن للراغبين في التطوع أو التبرع أن يقوموا باستخدامها، ففي اثناء دراستها العلاقات الدولية في جامعة نورث إيسترن في بوسطن بالولايات المتحدة الأمريكية، كانت تبحث عن شبكة أو موقع إلكتروني يجمع كل المنافذ والأماكن التي تحتاج إلى التبرع.
"الفكرة بدأت في 2012، كنت بدرس في أمريكا وبدور أونلاين لو عاوزة أعرف مكان للتطوع، وملقتش حاجة" حينها شعرت هنا أن الأمر كان ليبدو أسهل كثيرا إذا توفرت شبكة تربط المتطوعين والأماكن التي تحتاج للتبرع وتعرض المشروعات والأنشطة التي يمكن المشاركة بها، خاصة، عندما وجدت أن هناك كثيرين يرغبون في مساعدة غيرهم بوسائل مختلفة، ولكنهم لا يجدون الطريق أو الآلية التي تعينهم على ذلك.
رغم وضوح الفكرة في ذهنها، لم تبدأ هنا في تنفيذها على الفور "كنت مترددة أبدأ المشروع، عشان عارفة أنه الواحد لازم يكون عارف مشروعه من كل الزوايا"، فقررت أن تسلح نفسها بالمعرفة والقدرة على إدارة مشروع بالكامل، واتجهت نحو بناء خبرتها المهنية، وبعد إنهاء دراستها الجامعية، حصلت على بكالوريوس الشئون الدولية والعلوم السياسية، وتولت العمل في اللوجيستيات وإدارة الأعمل بمجموعة السادات، المملوكة لأسرتها.
وفي وزارة التعاون الدولي، كانت تعمل كباحث اقتصادي في مكتب الوزيرة، في الفترة من أبريل وحتى ديسمبر 2016، وتولت ملفات اقتصادية متعلقة بالخارج تحت إشراف الوزيرة السابقة الدكتورة سحر نصر، والتحقت في 2018 بالبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة UNDP، وكانت مسئولة عن التطوير وتقديم حلول لتعزيز التنمية المحلية في مصر، ولم تتوقف طوال هذه الفترة عن تقديم المساعدات، فأوجدت مكان يقدم الملابس للمشردين مجانا، واشتركت في عدد من المبادرات التطوعية.
اقرئي أيضا: الشيف منى الصباحي والشغف بلمسات الابتكار في الطهي
مشروع نية
وفي أواخر عام 2018، أطلقت هنا السادات مشروعها "نية Neya" لتكون أول منصة للعمل الخيري في مصر، وتعمل هذه المنصة من خلال موقع إلكتروني وتطبيق على الهواتف الذكية، ليكون بمثابة Hub مركز رئيسي أو مجتمع للاعمال الخيرية، ويعمل كبديل عن البحث عن مكان مناسب للتطوع والتبرع، فيقدم خدمات للأفراد من خلال عمل حساب على التطبيق، يتتبعون من خلاله الماكنة التي يمكنهم التبرع لها، ونتيجة التبرع الذي قدموه، وكذلك فرص التطوع في فعاليات وخلافه.
لم يقتصر "نية" على الأشخاص، ولكن قدمت هنا السادات من خلاله فرصة للشركات التي تراعي مسئوليتها المجتمعية بان تنشيء حياي للموظفين وللشركة نفسها، يساعد على التعرف على الفرص التطوعية والمبادرات المجتمعية التي يمكن المشاركة بها، ويمكن لصحاب الأفكار والجمعيات أن يقومون من خلال التطبيق بعرض الأنشطة التي يحتاجون للتبرع لها، سواء كانت حملات إفطار للصائمين، أو تبرع لبناء مدرسة أو فصول مجتمعية، وكذلك، توفير احتياجات أطفال، أو شراء أجهزة طبية.
من السهل استخدام التطبيق وتحميله على الهواتف الذكية من هنا، كونه يوضح للمستخدم الفرص التي يمكنه المشاركة بها، سواء من جمعيات وأشخاص عاديين، أو الفعاليات التي تطلقها نيّة والتي قد تكون متعلقة بزيارات لدور الأيتام، ونشاطات للمدارس ودور المسنين، وتنظيف لمياه النيل أو العمل مع مبادرات متعلقة بالبيئة والتنمية المستدامة، كمبادرة "صفر مخلفات"، التي تنقل مخلفات الأقمشة من مصممي الأزياء إلى ورش تعلم السيدات تحويلها إلى منتجات أخرى جديدة، لتكون دخل إضافي لهذه السيدات.
وتعمل نيّة خلال الفترة القادمة على توفير مستلزمات المدارس للأطفال من مواد معاد تدويرها، حتى تخفف عبء شرائها عن الأسر المحتاجة، كما تسعى هنا السادات من خلال المشروع على بناء فصول مجتمعية في المناطق التي تعاني من الأمية والتسرب من التعليم، كالفيوم، معتبرة أن وجود جيل متعلم هو أكثر الأمور إفادة لأي منطقة.
إمكانية تتبع الأفراد أو الشركات لقدراتهم على التبرع، والأماكن التي توجهت لها، مع التعرف على التطورات التي أحدثتها هذه التبرعات من خلال تطبيق، أمر يوفر كثير من الوقت والجهد، ويعمل على أن يكون حافزا ليستمروا في التبرع والتطوع، كما يعمل التطبيق على تسهيل بيع منتجات لأسر وجمعيات من خالا Marketplace متوفر على التطبيق.
تعتبر هنا أن "نيّة" منصة هدفها الأول هو أن تنشر فكرة فعل الخير والعطاء للغير دون وجود مناسبات معينة لذلك، سواء في رمضان أو العياد، ولكن ان يكون العمل الخيري طوال العام، "وبتمنى لو نقدر نزرع في الناس والأطفال أنهم يعملوا حاجة لغيرهم، الناس هيكونوا اطيب وطريقة تفكيرهم هتتغير"، رغم أن البداية كانت صعبة، كما تصفها، فتقبل الجمعيات لعرض مشروعاتهم وأعمالهم على التطبيق لم يكن هينا، واحتاج إلى الوقت وإظهار العائد، متمنية أن يتغير أسوب العمل الخيري في مصر بوجه عام.
تضم نية قاعدة من المتطوعين وصلت إلى 5 آلاف متطوع، كما تمكنت من العمل على ما يقرب من 100 حملة من أفراد وجهات مختلفة، ويعمل بالمشروع 30 شخصا لكل منهم مهامه المختلفة، التي تمكنت من جعل الفكرة أكثر انتشارا، ليكون حلم هنا السادات أن يثق المستحخدمون في إمكانية التطبيق على إيصالهم ببعض "ونقدر نكون خارج مصر في إفريقيا والشرق الأوسط، ونقدر نجلب متطوعين من الخاراج لمصر، والعكس" ليكون نية وسية تقلل المسافات بين البشر بشكل عام.
قيامها بأول مشروع لها، وهي ما زالت في الثامنة والعشرين من عمرها، وقدرتها على إنجاحه، وحصولها في فبراير 2020 على جائزة مجلة أموال الغد لأكثر 50 سيدة مصرية مؤثرة، كانت هي الصغر من بين القائمة، كان كفيلا بأن يغير في شخصيتها الكثير، ففي ظل دراستها بجامعة SOAS في لندن لنيل درجة الماجيستير حول التنمية المستدامة، استطاعت أن تدير مشروع وتختار فريق عملها، وتتابع كل كبيرة وصغيرة كأنها تعمل يوميا دون راحة.
"طبيعة شغلي صعبة، والكلام مع الناس والاحتكاك بيهم، وتشوفي متاعبهم مش سهل، لكن نجاح نية بيخليني متأكدة أني أقدر أساعدهم أكتر، وأنه الناس تقدر تعمل خير لغيرها دي أكتر حاجة بتسعدني في الدنيا" علمت هنا السادات من البداية أن شغفها هو مساعدة من حولها، وأن ترى الخير يتحقق.
"مهم تخرجي بره الدايرة اللي عايشة فيها، وتفتحي عنيكي على نيا تانية من حواليكي وتقربي لها" فتجاهلت هنا كل العقبات التي اعتبرتها صغيرة السن لا يمكنها التحمل أو أنها فتاة لن يمكنها الإدارة والنجاح، واستمرت بثقة معتبرة أن قدرتها على أن تكون ملمة بما تقوم هي وسيلتها للنجاح، ليكون أكبر حافز لها هو مساعدة غيرها، والرهان على المعرفة السليمة والدراسة الواعية.
اقرئي أيضا:
شغف هبة العفيفي بالكتابة الساخرة يأخذها إلى "ونسني"
الكاتب
هدير حسن
الإثنين ١٨ مايو ٢٠٢٠
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا