شيماء طنطاوي تنشر الخير بمدارس ”من أحياها” المجتمعية
الأكثر مشاهدة
كان من الممكن أن تختار شيماء طنطاوي الاستمرار في العمل في البنك، دون مزيد من المسئوليات أو المهام، والخوض في مجالات وصل الأمر أن تغامر فيها بحياتها، ولكنها علمت أنها تملك الكثير لتعطيه، فكانت "من أحياها" وسيلتها التي استغنت بها عن كل شيء، لينفع المجتمع نفسه، ويؤسس لاحتياجاته، مع يقينها "الجمعية والفكرة أدتني أكتر بكتير من ما أديتها (منحتها)".
بالنسبة لشيماء، كان التطوع والرغبة في مساعدة الأخرين بالتبرعات وجمع النقود لأجل بناء أسقف، أو توفير احتياجات يومية أو "شنط رمضان"، جزء من روتين يومها، ويشغل بالها دوما أن تكون قادرة على تنمية مجتمعها بصورة أو بأخرى، أو بالطريقة المتاحة، بداية من سنوات الجامعة، وحتى العمل.
تعرفي على: هنا السادات تزرع العطاء في "نية" أول منصة للعمل الخيري في مصر
تخرجت شيماء طنطاوي من جامعة عين شمس، بعد دراستها للتجارة، التحقت للعمل في أحد البنوك، وتزامن ذلك مع رغبتها في أن تكون قادرة هي وأصدقائها على أن يقدموا عمل تطوعي خيري تنموي مستقر، فكانت فكرة إنشاء جمعية قُدر أن تحمل اسم "من أحياها" في 2007.
جمعية من أحياها
استمر النشاط الخيري للجمعية، بعد أن تم إشهارها بشكل رسمي في وزارة التضامن الاجتماعي، وكانت شيماء مع أصدقائها مستمرين في تقديم المساعدات والمشروعات الخيرية، مع استمرار عملها في البنك أيضا، حتى قرروا التركيز على مناطق بعينها، ودراسة احتياجات أهالي هذه المناطق، والعمل على توفيرها وكانت منطقة بطن البقرة بمصر القديمة.
في 2009، بدأت جمعية "من أحياها" تتبنى مجهودات النهوض بمجتمع منطفة بطن البقرة، وتعمل بشكل واضح على توفير المساعادات وتقديم الورش، فأصبح للجمعية مقر بالمنطقة، وتم توفير حضانة لصغار الأطفال، أو الكبار ممن تسربوا من التعليم، إلى جانب مشغل يدوي للسجاد، عملت الجمعية على تمكين السيدات من أجل التعلم به، وإيجاد فرص عمل، وإقامة مشروعات صغيرة.
قررت شيماء أن تقدم استقالتها من العمل في البنك في عام 2010، في خطوة قد يعدها كثيرون مخاطرة غير محسوية "مكنتش بحب شغل البنوك، وكنت حاسة أني أشطر من كده، وأقدر أقدم أكتر من كده"، فعملت في مجالات التنمية وتطوير المشروعات في عدد من المنظمات والمؤسسات العالمية من بينها مفوضية اللاجئين في القاهرة UNHCR، ومؤسسة AFP الأمريكية والتي عملت بها كمدير للمشروعات وعمليات التطوير، إلى جانب العمل الحر في مجالات اختصاصها، حتى تفرغت تماما في عام 2019 لجمعية من أحياها.
مرت شيماء بتجربة قاسية في بطن البقرة مع أحداث ما بعد ثورة يناير، ففي ظل الانفلات الأمني الذي أعقبها، كانت وجود الجمعية واستمرار عملها واحد من التحديات والصعوبات التي واجهتها شيماء، حتى اضطرت في عام 2012 أن توقف مشروعات الجمعية داخل منطقة بطن البقرة، بسبب الصراعات ورفض وجود المشروع "في يوم بعد التنحي بـ 10 أيام، اقتحم بلطجية المقر، وكنت حاسة أني لوحدي وقتها.. وكان بيجيلي تهديدات على المويابل بحرق عربيتي"
كان لا مفر من الخروج من بطن البقرة، والاتجاه لمكان آخر، ولكن كان السؤال الذي يشغل بال شيماء هو "لماذا لم ينصرنا أهالي المنطقة، رغم المساعدات التي حاولنا تقديمها"، وكان يبدو أن الأمر لا يتوقف على المساعدة، فما استنتجته أن عدم إشراك المجتمع في المشروعات، والظهور بشكل مقدم الخدمة، لا يمنح للمجتمع المدني ظهير شعبي يشعر أنه يمتلك ما حصل عليه.
اتجهت شيماء بجمعيتها إلى مساعدة المناطق المحرومة على أطراف محافظة الجيزة، ولكن بآلية عمل واستراتيجية مختلفة، فداخل قرية البحاورة النائية بمركز العياط، الذي يبعد عن القاهرة 55 كيلومتر، بدأت "من أحياها" في 2014، وكان التركيز على تنمية مهارات الأطفال، والعمل إلى جانب المدارس الحكومية على تشجيعهم وتحفيزهم بأنشطة فنية ومسرحية.
اقرئي أيضا: الأم تريزا رائدة العمل الخيري والتطوعي وصديقة الفقراء
المدارس المجتمعية
"طول وجودنا في البحاروة كانت الناس بتطالبنا بمدرس، وكنت شايفة الأمر صعب، لغاية ما شجعني حاجتهم ليها فعلا، بعد وفاة طفلين وهما بيحاولوا يروحوا المدرسة"، كانت المدارس الحكومية الأقرب لأهالي البحاروة تبعد عنهم مسافة 5 كيلومتر، ولكن حتى يحقق المشروع هدف إشراك المجتمع "سألنا الناس، انتوا هتقدموا إيه، فاتبرعوا بالأرض".
وبالفعل، مع جمع التبرعات من خلال عرض مسرحي للأطفال، ومجموعة من الأنشطة الأخرى، تمكنت شيماء طنطاوي وفريقها من جمعية من أحياها على إنشاء أول مدرسة مجتمعية في قرية البحاروة مع نهاية عام 2016، وأصبحت كيان له أسس، وقادر على أن يخدم 50 طفل، ويطور نفسه، ويعمل على تقديم سبل تعليم أفضل مع مرور السنوات.
ومع بداية 2020، صارت المدارس المجتمعية اثنتين، الأولي في البحاروة، وقادرة على استيعاب150 طفل، وتوفر لهم النشاط الطلابي والمكتبة والعيادة والفصول وغرف المدرسين، والمدرسة الثانية في قرية بهبيت بالعياط أيضا، التي طالب أهلها بتوفير ندرسة مجتمعية تبرعوا بمساحة الأرض لينائها، وصارت تستوعب 200 طفل.
تعمل المدرسة بتمويل وإدارة من جمعية "من أحياها"، ولكن مدرسيها جميعهم من المكان نفسه "اعتبرنا أنه المدرسة اداة تصل بيها للمجتمع نفسه، فوفرنا الأنشطة، وأهلنا المدرسات بورش تدريبية عميقة تأهلهم يعملوا في مدارس دولية"، فإلى جانب المنهج الحكومي، تعمل المدرسة المجتمعية على توفير منهج متطور يعلي من استعدادية الطلاب لتلقي المعلومة ويساهم في تحسبن طريقة التفكير، ويغطي كافة تفاصيل حياتهم اليومية.
تعتبر شيماء أن مدارس "من أحياها" المجتمعية يمكنها أن تكون نموذج أو دليل لأي راغب أو ساعي لإنشاء مدرسة مجتمعية، "وبعتبره صدقة جارية حقيقية" فاستطاعت من خلال عملها مع فريقها على تغطية كل الأمور المتعلقة بالمدرسة، بداية من الموارد والأمور اللوجيتسية وعمال مشرفين والمدرسين، وكذلك توفير القوافل الطبية بصورة دورية، ووجود روتين يومي للأطفال بالمدرسة يبدأ من اتباع تعليمات النظافة وغسل الأيدي، وزي موحد، مع نادي للقراءة يتم التناقش خلاله في الروايات والأعمال الأدبية المختلفة.
"من أحياها رصيد حقيقي ليا، ومنحتني قيمة وتقدير وشعور بالفخر، أكتر ما أديتها" وتعتبر شيماء أن استمرار عملها التنموي حتىالآن يأتي من القدرة اختيار فريق عمل جيد مؤمن بالفكرة "كنت محظوظة وقدرت أضم ناس شاطرة وفريق تربوي مميز"، كما اعتبرت "أن الشخص يكون مصدق فعلا ومش بيدعي" هو السبيل الأهم للنجاح والاستمرار.
تشعر شيماء بالفخر لقدرتها على المساهمة في إنشاء كيان بحمل داخله الحياة، وقادر على أن يكمل مشواره وحده دون وجود لشخص معين، متمنية أن تتمكن من عمل وقف خيري يساهم في تمويل المدارس المجتمعية، لتضمن استمرارها.
اقرئي أيضا:
ماريا كوري المثابرة التي أعطت العلم كل ما تملك
الكاتب
هدير حسن
الخميس ٢١ مايو ٢٠٢٠
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا