شروق مصطفى تقود ”مستورة” لمساعدة 9 جنسيات مختلفة
الأكثر مشاهدة
في فبراير بداية العام الجاري، كان العالم في وضع صعب بسبب تداعيات فيروس كورونا الذي بدأ يزحف على مختلف دول العالم، وقتها كانت الشابة شروق مصطفى تخسر عملها في أحد المنظمات الدولية بسبب الظروف الطارئة تلك، وقد اختبرت الشعور بالتهديد بعد أن كانت تقف على أرض صلبة بفضل أمانها الوظيفي. هذا الشعور حرك بداخلها التعاطف مع الآخرين ممن يمرون بنفس ظروفها لكنهم في أوضاع أصعب وقد لا يجدون المال الذي يكفي حاجاتهم اليومية الأساسية، ومن هنا جاءت فكرة تنفيذ مبادرة مستورة لدعم الأسر المتضررة من وباء كورونا، والتي كبرت ونمت في خلال الشهور الماضية حتى أصبحت تخدم 9 جنسيات مختلفة وأكثر من 3 آلاف شخص.
حلم مبادرة مستورة
درست شروق مصطفى، ذات الخمسة وعشرين عامًا، البيزنس وإدارة الأعمال، وبعد تخرجها اهتمت بالعمل في قطاع التنمية، فعملت مع أكثر من شركة ومؤسسة دولية مثل إنجاز مصر وCare وأخيرًا مؤسسة Save the children، وكونت خبرة كبيرة في تنمية المجتمع والاهتمام بأفراده وكذلك شبكة علاقات واسعة. وبعدما تركت عملها في فبراير 2020، بدأت تهتم بأخبار الناس من حولها، خصوصًا من تضرروا بسبب الإغلاق وفقدوا وظائفهم ومصدر رزقهم، فحاولت المساعدة عن طريق تجميع الأموال مع أصدقائها ومعارفها وتقديمها إلى المحتاجين، وكذلك التبرع "بشنطة غذائية" كمساعدات عاجلة.
ظل الأمر مقتصرًا على المبادرة الفردية لفترة إلى أن "حلمت إن المبادرة بتكبر وكلمت صاحبتي إسراء قولتلها أنا حلمت إن الموضوع كبر وبقى اسمه مستورة، فشجعتني وقالتلي يلا نبدأ" ومن هنا بدأت مبادرة مستورة في مارس الماضي بمجموعة من الأصدقاء المتطوعين بالوقت والمجهود والمال أيضًا وأصبح العدد يكبر مع الوقت، وهدفهم تقديم مساعدات عاجلة سواء كانت مادية أو طبية أو غذائية للأسر التي فقدت مصدر رزقها بسبب الوباء.
اعتمدت شروق وأصدقائها على علاقاتهم بالجمعيات والمؤسسات المختلفة لتوفير أماكن يمكنهم استخدامها في تجهيز المواد وكذلك تعريفهم بالأسر المحتاجة والتأكد من الحالات من أجل وصول المساعدات لمستحقيها، والمبادرة التي كانت مقتصرة على دوائر المعارف والمحيطين، أصبحت تخدم أسر وأفراد في 7 مناطق مختلفة، هي 6 أكتوبر، والبراجيل، وفيصل، وعين شمس، وبولاق الدكرور، وأرض اللواء، والمعادي. والمستفيدين منها 9 جنسيات مختلفة من المصريين والمقيمين على أرض مصر (من أثيوبيا وإرتريا والسودان وجنوب السودان واليمن وسوريا والصومال وجنوب إفريقيا).
وتعمل مبادرة مستورة على عدة خطوط بالتوازي، فتوفر وجبات طعام صحية وسلات غذائية للأسر غير المقتدرة من خلال مطبخ مستورة الذي تم إنشاءه منذ 3 أشهر بالتعاون مع جمعية أجيال المستقبل، وكذلك توفر خدمات طبية لمرضى الكورونا بالتعاون مع مؤسسات أخرى مثل مرسال، وتقدم مساعدات مادية لسداد الإيجارات المتأخرة وتعسرات السداد لبعض الأسر المحتاجة، وتوفير احتياجات الأطفال الرضع والأدوية لبعض الحالات الخاصة منهم.
العمل خلال هذه الشهور الست المنقضية لم يكن سهلًا على الإطلاق، وسط الإغلاق الكبير وزيادة أعداد المتعسرين والمحتاجين، بالإضافة لخطورة التنقل وخدمة حالات مصابة بكوفيد-19 أو فيروس كورونا عن طريق توصيل الأجهزة والأدوية والوجبات.. تقول شروق: "بنبقى خايفين جدًا بس لازم نعمل كده علشان نساعد الناس"، مضيفة أنهم اعتمدوا على المحافظة على الإجراءات الوقائية، "بنلبس بدل وقائية كاملة زي الدكاترة وماسكات قبل ما بنتعامل مع الحالة"، وكذلك فرضوا نظام تباعد بين الفرق النوعية داخل مستورة حتى لا يكون هناك خطر على الجميع "مقسمين الفرق، ناس بتتعامل مع مرضى كورونا وناس بتوصل وناس مسؤولة عن المطبخ وهكذا"
.
واليوم المبادرة التي بدأت بحلم رأته شروق وشاركته مع صديقة لها، أصبحت تضم أكثر من 65 متطوع في ثلاث محافظات هي القاهرة والجيزة وبني سويف مع خطة للتوسع أكثر وأكثر مع الوقت، وفي خلال تلك الشهور خدموا أكثر من 3 آلاف شخص، وقدموا 1550 شنطة غذائية، وأكثر من 400 حالة من مرضى الكورونا، ووزعوا 430 كيلو لحوم في عيد الأضحى الماضي، وعيديات لأكثر من 700 طفل، وكذلك دعم بعض الأطفال بمنح جزئية لتكملة المصاريف الدراسية وأدوات الدراسة لهم. كما تهتم المبادرة دائمًا بقيم خدمة الإنسان دون تفرقة أو تمييز، وإحداث فرق وبصمة في حياة الآخرين، وأن خصوصية المريض أولوية.
"أكتر حاجة بتميزنا عن أي مبادرة تانية إننا بنساعد كل الناس من كل الجنسيات مابنقولش لحد لأ" هكذا تقول شروق عن مستورة، التي أصبحت ملجأ للكثير من اللاجئين والمقيمين في مصر بعد إغلاق الكثير من الأنشطة والبرامج بسبب تداعيات فيروس كورونا. وتحلم شروق أن تكبر المبادرة وتمد جذور أعمق بين الناس وتنتشر كفكرة بسيطة يمكن تنفيذها في كل شارع ومنطقة ومدرسة حتى لا يوجد شخص محتاج.
الكاتب
ندى بديوي
السبت ١٥ أغسطس ٢٠٢٠
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا