مي مجدي تشجع على القراءة وتلخص الكتب ”من الآخر”
الأكثر مشاهدة
في الغالب تبدو ميولنا في الطفولة هي الأكثر صدقا، لنكتشف بعد سنوات من التخبط والسعي أن الطريق بدأ منذ كنا صغارا، ومي مجدي اختصرت الطريق وأصغت منذ اللحظة الأولى لأحلامها الصغيرة، واستطاعت في النهاية أن توجه جهدها نحو شغفها الأساسي وهو الكتابة والقراءة لتكون قناتها "من الاخر" على يوتيوب منصة تشجع من خلالها قراء جدد، وتستمتع باستعراض عشقها للكتب.
مي مجدي
كانت صغيرة تدرس خلال المرحة الإعدادية، ولكن معلمتها لاحظت حبها للغة العربية وإتقانها لكتابة موضوعات التعبير بصورة ميزتها عن زميلاتها، نمى داخلها الشعور بأنها يوما ستصير كاتبة، وعرفت أن دراسة الإعلام والصحافة هو السبيل لذلك، فرسمت المستقبل وهي ما زالت في الثانية عشرة من عمرها.
لم تكن الكتابة وحدها هي ما برعت فيه مي، فكانت على مدار سنوات الدراسة الطويلة، يسعدها التحضير للإذاعة المدرسية، فتنظم الفقرات وتكتب المحتوى، وتقوم بإذاعته أيضا، فعرفت مبكرا مخاطبة الجمهور ومواجهته، حتى تحققت لها الخطوة الأولى في الحلم بعد التخرج من كلية الإعلام جامعة القاهرة.
ومنذ عامها الأول في الجامعة، سعت مي أن تكتب في مجلة "صوت الجامعة"، كما تعرفت على مجلة كلمتنا، ونشرت بها عدد من مقالات الرأي الاجتماعية، التي حملت طابعا ساخرا، وحتى بعد التخرج استمر بحثها، فخلال الفترة من 008 إلى 2012، تدربت في جرائد أسبوعية ومجلات ومواقع إلكترونية، كما عملت في شركة للاستشارات الإعلامية، وكمترجمة بمركز حوار الحضارات والترجمة.
الخبرات المختلفة التي مرت بها مي، لم تكن تؤدي بها نحو ما تريده "طول الوقت بحاول أتدرب في جورنال كبير، وأقدر أثبت نفسي وأتعلم الصحافة، لكن الموضوع كان معقد والفرص قليلة"، لكن بدا أن البحث عن فرصة حقيقية تشبع رغبتها في التعلم وتسكن شغفها بالكتابة ، لم يُكلل بما طانت تطمح له، غير أنها أدركت "اكتشفت في النهاية أني بحب الكتابة مش الصحافة".
بعد أن اتضحت الرؤية أمام مي، ما كان منها إلا أن ركزت على هدفها بالكتابة "وقررت خلاص مفيش صحافة تاني"، وإلى جانب مهاراتها المختلفة بدأت تركز على تنمية الإمكانيات الأساسية التي تمتلكها من صوت جيد يصلح للإذاعة أو تسجيل الكتب والمقالات، خضعت لتدريب براديو مباشر الاقتصادي من أجل تطويره، وقدرة على تعليم الآخرين من خلال إعطاء المحاضرات والتدريبات المتعلقة بمهارات الشخصية، حصلت على مجموعة من الدورات التي تساعدها على احترافها.
وفي عام 2012، عملت مي كمعلق صوتي Narrator في منصة "اقرأ لي"، التي تقدم كتب وروايات ومقالات مسموعة مجانا، واستطاعت أن تترقي في عملها، من تسجيل المقالات والكتب إلى إدارة المحتوى واختيار الكتب، ثم توظيف المذيعين والمعلقين الآخرين، لتجتهد في عملها على مدار 6 سنوات، حتى اللحظة التي أدركت معها أن المشوار انتهى هنا.
قناة "من الآخر"
"كنت بحس أني بكبر في مكان مش بتاعي، لكن أنا مش موجودة، وبعد فترة مش حاسة أني عملت حاجة لنفسي"، فقررت أن تستغل شغفها وحبها للقراءة الذي ظلت منتظمة عليه منذ كانت في عمر السادسة عشر وتعتبرها مكمل أساسي لحياتها، كي تبدأ مشروع تضع فيه الجهد الذي يترك أثرا يحكي عنها، حتى مع مرور سنوات طويلة، دون أن تغفل عشقها للكتابة.
تابعت مي مجدي قنوات اليوتيوب التي تقدم محتوى متعلق بمراجعة الكتب، ولاحظت غياب محتوى معتدل متوازن يخاطب الجميع من القراء الجدد ومن لا يفضلون القراءة وحتى أصحاب الخبرة "لقيت أنه لو في حد أول مرة يقرأ في حياته في الغالب لو شاف القنوات دي هيتعقد.. بعضهم أسلوبه صعب ومتفذلك أو بيكلم الناس من نظرة فوقية"، فقررت أن تقدم المحتوى الذي يشجع الناس على القراءة.
وأطلقت قناتها "من الآخر" في 4 مايو 2018، لتقدم خلاصة الكتب ومراجعاتها وتشارك في القعاليات المتعلقة بالقراءة في فيديو قصير غير ممل وموجز، ورغم أن البداية لم تكن سهلة، لم تتوقف مي مجدي عن نشرها لفيديو جديد أسبوعي يضم محتوى قوي عن كتاب جديد أو قائمة بكتب مختلفة.
بدأت مي نشر الفيديوهات من خلال شركة إنتاج عرضت عليها في البداية أن تنتج لها الحلقات، ولكنها تخلت عنها فجأة بعد أشهر قليلة، فاضطرت أن تستعين بأصدقاء ومعارف، ثم مساحات عمل، حتى استقرت في النهاية إلى التصوير في منزلها وداخل مكتبتها بعد أن تمكنت من تعلم المونتاج وأساسيات التصوير، وسعت إلى شراء هاتف يساعدها على ذلك بسهولة، ومعدات متعلقة بالإضاءة وإخراج المحتوى.
أدركت مي بعد عامين من العمل على قناتها، يتخللها أوقات عمل حر في التدريب أو الكتابة، أن أهم درس تعلمته هو أن تعتمد على نفسها بشكل تام "كل أزمة مريت بيها وحلتها لوحدي، كانت بتزود ثقتي في نفسي، وأني أقدر أعمل كده دايما" فبعد أن كانت تعتمد على آخرين من أجل تصوير الحلقات وتعديلها، ساعية أن تطور دوما من المحتوى الذي تقدمه وتحسن من جودته.
في خلال عامين، ومع منافسة محتدمة على اليوتيوب، استطاعت مي أن تجتذب 21 ألف مشترك وأكثر من 500 ألف مشاهدة بـ 154 حلقة، معتبرة أن ما حققته ناتج من أنها تصدق ما تقوم به، ولا تفتعل، كما انها جعلت النشر أمر إجباري لا عملية اختيارية، فهي على موعد مع المتابعين كل يوم جمعة بفيديو جديد "بالإضافة إلى أني بحب اللي بعمله جدا، ومصدقة أنه هيكون صدقة جارية من العلم اللي ينتفع بيه غيري".
لم تربح من نشرها للفيديوهات حتى الآن، ولكنها تؤمن أن سعيها واجتهادها لن يضيع، وستلقى التقدير المعنوى والمادي الذي تستحقه، والذي منحها ميزة كونها "حقيقية مش مزيفة" للدرجة التي جعلت المتابعين يثقون بها ويشعرون بأنها قريبة منهم، فيرسلون لها لسؤالها عن اقتراحات لكتب، ويخبرونها بأنها "أول شخص يجعلهم مقبلين على القراءة".
ترغب مي أن تكون قناتها وجهة كل باحث عن الكتب، وتراعي تفضيلات القراء على اختلافها من السياسة إلى القانون وحتى الأدب وإدارة الأعمال، رغم ميلها للروايات والتاريخ والسير الذاتية بصورة أكبر، فهي تسعى أن تقدم محتوى مناسب لكل القراء، متمنية أن يصل عدد مشتركي القناة إلى 50 ألفا نع نهاية هذا العام (2020).
"الكتابة حلم بيراودني، وعارفة أني مش هكتب إلا لو عندي حاجة كويسة أقولها، وعشان تكتب لازم تقرأ بشكل واسع وكبير" ولأن القراءة والكتابة مرتبطان بصورة ما، تنوي مي إصدار أول كتاب لها قريبا، متأملة فرص أكبر لقناتها وشراكات تساهم في إثراء المحتوى.
الكاتب
هدير حسن
الإثنين ٣١ أغسطس ٢٠٢٠
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا