نانسي الدرويش أسست ”كراكيب” لتقريب الدين للأطفال
الأكثر مشاهدة
نكرر دائمًا عبارات محفوظة مثل العلم في الصغر كالنقش على الحجر، ونعرف أنه من شب على شيء شاب عليه، وكلنا نرغب في اتباع أساليب "التربية الإيجابية" مع أطفالنا في المستقبل، ونعتفد أننا سنهتم بكل تفاصيلهم ونجيب عن كل أسئلتهم ليكونوا أفضل منا، لكن المعضلة تبدأ حينما نواجه تلك الأسئلة بشكل فعلي ولا يكن لدينا الإجابات المقنعة والمناسبة لعمرهم، ومع تكرار الأسئلة وتعقيدها كلما كبروا، يصبح الأمر أصعب على الآباء الذين يريدون حقًا تأسيس أبنائهم منذ الصغر ومنحهم إجابات منطقية وتعويدهم على طرق تفكير سليمة. ولأن الدين ركيزة أساسية في الحياة، وتدور حوله الكثير من أسئلة الأطفال، ويترتب عليه جزء كبير من معتقداتهم وسلوكهم، ولا يوجد محتوى ديني تعليمي للأطفال يقدم المعلومات بشكل سلس وممتع، ويربي فيهم ثقافة السؤال والبحث ولا يقمعها، فقد أسست نانسي الدرويش "كراكيب" كجمعية أهلية ومركز لتعليم الدين والأخلاق للأطفال، يقوم بتطوير منتجات تعليمية للآباء والأطفال تحت إشراف شيوخ من الأزهر الشريف.
بداية كراكيب
كانت نانسي تدرس الاقتصاد والسياسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، وكان الإسلام السياسي جزءًا من المنهج المقرر عليها، وقتها انتبهت أن معلوماتها الدينية محدودة للغاية في الموروثات لكن لا توجد معرفة حقيقية، فبدأت في القراءة عن الدين بشكل أكبر بجانب الدراسة على يد مشايخ من الأزهر الشريف، وفي نفس الوقت قررت عام 2005 بدء نشاط مع الأطفال في ساقية عبد المنعم الصاوي، لتعليمهم أساسيات الدين والأخلاق من خلال قصص الأنبياء.
تخرجت الشابة العشرينية من الجامعة، وبدأت عملها في مجال البنوك، واستمرت في نشاطها مع الأطفال، لكنها وجدت أن الأمر أكبر كثيرًا مما تخيلت، وأن أسئلتهم تحتاج دراسة وعلم حقيقي، وهناك فقر في المحتوى الديني المقدم للأطفال كما أن هناك الكثير من المعلومات المغلوطة التي تؤثر في سلوكهم وتعاملاتهم الحياتية فيما بعد، وتقول: "الغلط إني افتكرت وقتها إن الموضوع سهل، لكن لما ابتديت أنزل مع الأطفال لقيت في معلومات كتير مغلوطة ولقيت إن أنا نفسي محتاجة أتعلم أكتر."
بدأت نانسي في تحضير رسالة الماجيستير في الاقتصاد الإسلامي من جامعة الأزهر، وفي نفس الوقت انفصلت "كراكيب" عن ساقية الصاوي، وأصبحت مركزًا تعليميًا مستقلًا بذاته، يقوم على تعليم الدين والأخلاق للأطفال والآباء ويقدم مناهج تعليمية ممتعة تجيب عن أسئلتهم وتساعد الآباء والمعلمين في هذا الشأن.
"في الأول ماكناش مخططين للإصدارات والكتب، لكن لما كنا بنقعد مع الأطفال وبنشوف أسئلتهم، بدأنا نفكر إزاي نطور محتوى يرد على الأسئلة دي ومن هنا بدأت الإصدارات"، تقدم كراكيب مجموعة من الورش التعليمية للأطفال والمراهقين والآباء والمعلمين كذلك، بالإضافة إلى سلسلة كتب بعنوان "لو ابنك سألك" الحاصلة على اعتماد الأزهر وهي مجموعة كتب ورقية وصوتية للإجابة عن أسئلة الأطفال والمراهقين من سن 7 سنوات وحتى 12 سنة فأكثر، وسلسلة قصص الأنبياء والواقع وهي مجموعة للشباب تربط قصص الأنبياء مع مشاكل العالم المعاصر وحكاياته، وكذلك سلسلة صلاح والعوالم السبعة والتي تحكي عن الحياة الممتدة من الميلاد وحتى الخلود في الجنة وفقًا للتفسيرات الإسلامية، بالإضافة إلى خدمة اسأل للآباء والمعلمين والشباب والأطفال.
حساسية المحتوى تجعل هناك رغبة حقيقية من القائمين عليه لتحري الدقة وتقديم عمل متكامل، ولذلك جميع إصدارات وخدمات "كراكيب" يشرف عليها الشيخ محمد عوض المنقوش، أحد علماء الأزهر الشريف، والذي تقول نانسي عنه: "الشيخ محمد هو المشرف بتاعنا وهو اللي بيدربنا وبيراجع كل المحتوى اللي بنقدمه وبنستشيره في كل التفاصيل، وهو مكرس وقت كبير جدًا لكراكيب وبيراجع كلمة كلمة من وقت ما بقى معانا من 2014"، وهناك مراجعة تربوية لبعض إصدارات كراكيب من مدربة المونتسوري المعتمدة هاجر أسامة، وكل الإصدارارت مسجلة بدار الكتب المصرية، وهناك اهتمام خاص بجودة تقديم المعلومات ورسمها بأفضل طريقة توفر المتعة البصرية بجانب المعرفة العلمية.
هذه الدقة والمجهود يبرز أكثر حينما كانوا بصدد الإجابة عن سؤال "إيه الفرق بين المسلم والمسيحي؟" فقرر فريق كراكيب أن يشرح العقيدة المسيحية من خلال اللجوء إلى قس متخصص حتى تكون المعلومات المقدمة صحيحة وموثوقة، وتقول نانسي عن الأمر: "كان لازم نعرّف العقيدة من أصحابها ماتبقاش وجهة نظرنا في العقيدة دي، لأن ده جزء حساس جدًا وفيه معلومات كتير مغلوطة الأهل بيقولوها لأطفالهم".
التعامل مع المفاهيم الخاطئة عن الدين ليس أمرًا سهلًا على الإطلاق، وخصوصًا مع الآباء لأن "مش كل الناس عندها طاقة تتعلم وتصحح الأفكار اللي عندها"، كما أن تلك المفاهيم المغلوطة لها صلة وثيقة التأثير على سلوكيات الأطفال وخصوصًا مع المختلفين عنهم، ولذلك تهتم "كراكيب" بتطوير محتواها بشكل دائم وتبحث عن طرق جديدة للتواصل مع الأطفال بشكل أفضل.
وتحكي نانسي بفخر عن مجموعة من "أبناء كراكيب" فتقول:"فيه مجموعة بدأت معانا وهم في إعدادي ودلوقتي بيتخرجوا من الجامعة"، وعن أسعد لحظاتها: "يوم ما الشيخ محمد المنقوش بقى معانا، وكمان لما الأطفال بيحبوا المحتوى وبيكملوا بتبقى لحظة سعيدة." وتحلم أن تصبح "كراكيب" مكتبة متكاملة للأطفال والمراهقين تجيب عن كافة أسئلتهم.
اقرئي أيضًا:
الكاتب
ندى بديوي
الجمعة ٢٨ أغسطس ٢٠٢٠
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا